القرآن والحديث والعلماء: العنصرية
تدعو العديد من آيات القرآن والأحاديث النبوية إلى المساواة بين جميع الشعوب في الإسلام. ومع ذلك ، في الوقت نفسه ، تحتوي الكتب الإسلامية على تحريضٍ ضد اليهود، ما يعتبر اليوم معاداة للسامية (تمت تغطيته في مقال منفصل) ، ويتم إعطاء العرب ولغتهم مكانة أعلى في نظر الله والتقليد الإسلامي. يمكن العثور على أوصاف مهينة للسود والإثيوبيين على وجه الخصوص في الأحاديث الصحيحة. علاوة على ذلك ، تم العثور على العنصرية العلنية ضد السود وادّعاء تفوق العرب في أعمال العديد من العلماء المسلمين المرموقين. بالنتيجة، فإنّ صورة العرق وما يمكن أن يسمى "العلاقات العرقية" معقدة في التقاليد الإسلامية.
مناهذضة العنصرية في التقليد الإسلامي
هذه المواورد تقوم بموضع العنصرية بشكل عام وبعضها مناهضة للعنصرية بشكل عام, أما كره اليهود فله مقالة خاصة.
قال ابن عباس: نزلت في ثابت بن قيس وقولِهِ في الرجل الذي لم يفسح له: ابن فلانة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من الذَّاكِرُ فلانة؟ فقام ثابت فقال: أنا يا رسول الله، فقال: انظر في وجوه القوم، فنظر فقال: ما رأيت يا ثابت؟ فقال: رأيت أبيض وأحمر وأسود، قال: فإنك لا تَفْضُلُهم إلا في الدين والتقوى، فأنزل الله تعالى هذه الآية. وقال مقاتل: لما كان يوم فتح مكة، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً حتى أذّن على ظهر الكعبة، فقال عَتَّاب بن أَسِيد بن أبي العِيس: الحمد لله الذي قَبَض أبي حتى لم ير هذا اليوم. وقال الحارث بن هشام: أما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذناً! وقال سُهَيل بن عَمْرو: إن يرد الله شيئاً يغيره. وقال أبو سفيان: إني لا أقول شيئاً أخاف أن يخبر به رب السماء. فأتى جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم، وأخبره بما قالوا، فدعاهم وسألهم عما قالوا: فأقروا، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وزجرهم عن التفاخر بالأنساب، والتَّكَاثُر بالأفوال والإزْرَاءِ بالفقراء. أخبرنا أبو حسان المُزَكِّي، قال: أخبرنا هارون بن محمد الإسْتَرَاباذَي، قال: حدَّثنا أبو محمد إسحاق بن محمد الخُزَاعي، قال: حدَّثنا أبو الوليد الأزْرَقي قال: حدثني جدي، قال: أخبرنا عبد الجبر بن الورد المكي، قال: أخبرنا ابن أبي مُلَيْكَة، قال: لما كان يوم الفتح رقي بلال [على] ظهر الكعبة [فأذن] فقال بعض الناس: يا عباد الله، أهذا العبد الأسود يؤذن على ظهر الكعبة؟ فقال بعضهم: إِن يَسْخَطِ الله هذا يُغَيِّره، فأنزل الله تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ}.
وقال يزيد بن شَجَرَة: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ببعض الأسواق بالمدينة، وإذا غلام أسود قائم ينادي عليه: بياع فيمن يزيد، وكان الغلام يقول: من اشتراني فعلى شَرْط، قيل: ما هو؟ قال: لا يمنعني من الصلوات الخمس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاشتراه رجل على هذا الشرط، وكان يراه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند كل صلاة مكتوبة، ففقده ذات يوم فقال لصاحبه: أين الغلام؟ فقال: محموم يا رسول الله، فقال لأصحابه: قوموا بنا نعوده، فقاموا معه فعادوه، فلما كان بعد أيام قال لصاحبه: ما حال الغلام؟ فقال: يا رسول الله إن الغلام لِمَا بِهِ، فقام ودخل عليه وهو في بُرَحَائه فقبض على تلك الحال، فتولى رسول الله صلى الله عليه وسلم غسله وتكفينه ودفنه، فدخل على أصحابه من ذلك أمر عظيم، فقال المهاجرون: هجرنا ديارنا وأموالنا وأهلينا فلم ير أحد منا في حياته ومرضه وموته ما لقي هذا الغلام. وقالت الأنصار: آويناه ونصرناه وواسيناه بأموالنا فآثر علينا عبداً حبشياً. فأنزل الله تبارك وتعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ} يعني أنكم بنو أب واحد وامرأة واحدة. وأراهم فضل التقوى بقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.في حديث متدرج صحيح من قبل الألباني[١] قال النبي محمد هكذا بخطبة حجة الوداع:
في حديث صحيح ينتقد النبي سب النسل والاستكبار بالنسل, وقد يعني هذا القول ان حتى الإستكبار بالقبيلة والجنسية حرام.
للأسف كما يروى ببقية المقالة تقوض هذه الأفكار فبعض الأحاديث الصحيحة الأخرى تميز ضد بعض الجماعات العرقية العربية تصف الناس السود بشكل سيء. بالإضافة إلى ذلك, هناك الكثير من النصوص الإسلامية الكلاسيكية والمعاصرة التي ترفع أفكار عنصرية للغاية.
العنصر والقبيلة في التقليد الإسلامي
في القرآن
لماذا خلق الله الإنسان قبيلة وقوما
النسل المختار
ذُرِّيَّةًۢ بَعْضُهَا مِنۢ بَعْضٍ ۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
البدو
اليهود
وَقَالُوا۟ قُلُوبُنَا غُلْفٌۢ ۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَّا يُؤْمِنُونَ وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَٰبٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا۟ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُوا۟ كَفَرُوا۟ بِهِۦ ۚ فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَٰفِرِينَ بِئْسَمَا ٱشْتَرَوْا۟ بِهِۦٓ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُوا۟ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بَغْيًا أَن يُنَزِّلَ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِۦ ۖ فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٍ ۚ وَلِلْكَٰفِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ءَامِنُوا۟ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُوا۟ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَآءَهُۥ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ ۗ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنۢبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُممُّؤْمِنِين
في الحديث والسرة
أخمية الأصل
الأصول العنصرية
المساوة العنصرية
التخصص العنصري
تفوق العرب, القريش, وبني هاشم
" مَنْ غَشَّ الْعَرَبَ لَمْ يَدْخُلْ فِي شَفَاعَتِي وَلَمْ تَنَلْهُ مَوَدَّتِي "
. قَالَ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ حَدِيثِ حُصَيْنِ بْنِ عُمَرَ الأَحْمَسِيِّ عَنْ مُخَارِقٍ . وَلَيْسَ حُصَيْنٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ بِذَاكَ الْقَوِيِّ .أخبرنا عارم بن الفضل السدوسي ويونس بن محمد المؤدب قالا: أخبرنا حماد ابن زيد عن عمرو. يعني ابن دينار. عن محمد بن علي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
، إن الله اختار العرب فاختار منهم كنانة أو النضر بن كنانة ثم اختار منهم قريشا ثم اختار منهم بني هاشم ثم اختارني من بني هاشم، (٣).القريش
البدو
الاثيوبيين
السود
، لخمس ليال بقين من شهر رمضان (سنة ٨ هـ) ليهدمها، وكانت بنخلة، وكانت لقريش وجميع بني كنانة، وهي أعظم أصنامهم، وكان سدنتها بني شيبان، فخرج إليها خالد في ثلاثين فارسا حتى انتهى إليها، فهدمها، ولما رجع سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم «هل رأيت شيئا؟» قال: لا قال:
فإنك لم تهدمها» ، فارجع إليها فاهدمها، فرجع خالد متغيظا قد جرد سيفه، فخرجت إليه إمرأة عريانة سوداء ناشزة الرأس، فجعل السادن يصيح بها، فضربها خالد فجزلها باثنتين، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: نعم، تلك العزى، وقد أيست أن تعبد في بلادكم أبدا.، وكانت بالمشلل عند قديد للأوس والخزرج وغسان وغيرهم، فلما انتهى سعد إليها قال له سادتها:
ما تريد؟ قال: هدم مناة، قال: أنت وذاك، فأقبل إليها سعد، وخرجت امرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس تدعو بالويل، وتضرب صدرها، فقال لها السادن: مناة دونك بعض عصاتك، فضربها سعد فقتلها، وأقبل إلى الصنم فهدمه وكسره، ولم يجدوا في خزانته شيئا.حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالاَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْحَرُورِيَّةَ لَمَّا خَرَجَتْ وَهُوَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رضى الله عنه - قَالُوا لاَ حُكْمَ إِلاَّ لِلَّهِ . قَالَ عَلِيٌّ كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَفَ نَاسًا إِنِّي لأَعْرِفُ صِفَتَهُمْ فِي هَؤُلاَءِ
" يَقُولُونَ الْحَقَّ بِأَلْسِنَتِهِمْ لاَ يَجُوزُ هَذَا مِنْهُمْ - وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ - مِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْهِ مِنْهُمْ أَسْوَدُ إِحْدَى يَدَيْهِ طُبْىُ شَاةٍ أَوْ حَلَمَةُ ثَدْىٍ "
. فَلَمَّا قَتَلَهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رضى الله عنه - قَالَ انْظُرُوا . فَنَظَرُوا فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا فَقَالَ ارْجِعُوا فَوَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلاَ كُذِبْتُ . مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا ثُمَّ وَجَدُوهُ فِي خَرِبَةٍ فَأَتَوْا بِهِ حَتَّى وَضَعُوهُ بَيْنَ يَدَيْهِ . قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَأَنَا حَاضِرُ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ . وَقَوْلِ عَلِيٍّ فِيهِمْ زَادَ يُونُسُ فِي رِوَايَتِهِ قَالَ بُكَيْرٌ وَحَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنِ ابْنِ حُنَيْنٍ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ ذَلِكَ الأَسْوَدَ .التسلسلات الهرمية الأخرى والقبائل والعناصر
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
" خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ دُورُ بَنِي النَّجَّارِ ثُمَّ دُورُ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ ثُمَّ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ ثُمَّ بَنِي سَاعِدَةَ وَفِي كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ "
. فَقَالَ سَعْدٌ مَا أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلاَّ قَدْ فَضَّلَ عَلَيْنَا . فَقِيلَ قَدْ فَضَّلَكُمْ عَلَى كَثِيرٍ . قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ . وَأَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ اسْمُهُ مَالِكُ بْنُ رَبِيعَةَ . وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم . وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ." أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَضْعَفُ قُلُوبًا وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ "
. وَفِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي مَسْعُودٍ . وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .العنصر والقبيلة في الشريعة الإسلامية
الكفاءة في الزواج
آراء الأصحاب
آراء السلف
الآراء الكلاسيكية
الآراء الحديثة
فمذهب الحنفية على اعتبار النسب في الكفاءة، حيث يعتبرون أن قريشا ليسوا أكفاء غيرهم من العرب، فالقرشية ليست كفئا لعربي غير قرشي، أما العرب فبعضهم أكفاء بعض كما أن قريشا أكفاء فيما بينهم. ففى بدائع الصنائع للكاساني الحنفي:
فما تعتبر فيه الكفاءة أشياء: منها النسب, والأصل فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: قريش بعضهم أكفاء لبعض, والعرب بعضهم أكفاء لبعض, حي بحي, وقبيلة بقبيلة, والموالي بعضهم أكفاء لبعض, رجل برجل.
لأن التفاخر, والتعيير يقعان بالأنساب, فتلحق النقيصة بدناءة النسب, فتعتبر فيه الكفاءة, فقريش بعضهم أكفاء لبعض على اختلاف قبائلهم حتى يكون القرشي الذي ليس بهاشمي كالتيمي, والأموي والعدوي, ونحو ذلك كفئا للهاشمي لقوله صلى الله عليه وسلم : قريش بعضهم أكفاء لبعض، وقريش تشتمل على بني هاشم, والعرب بعضهم أكفاء لبعض بالنص, ولا تكون العرب كفئا لقريش لفضيلة قريش على سائر العرب. انتهى.
ومذهب الحنفية على أن الكفاءة معتبرة للزوم النكاح وفي رواية لصحته وهو حق للأولياء فلو أسقطها ولي المرأة الأحق بولايتها جاز ذلك، ومضى النكاح ولا يفسخ. قال السرخسى الحنفى فى المبسوط:
وإذا تزوجت المرأة غير كفء فرضي به أحد الأولياء جاز ذلك, ولا يكون لمن هو مثله في الولاية أو أبعد منه أن ينقضه إلا أن يكون أقرب منه فحينئذ له المطالبة بالتفريق. انتهى. وراجع للفائدة الفتوى رقم 19166.جرم الخطأ المتعمد بالتعريف العنصري
الإمام مالك
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا قَالَ لِفَارِسِيٍّ يَا رُومِيُّ أَوْ يَا حَبَشِيُّ أَوْ نَحْوَ هَذَا فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى قَائِلِ هَذَا. وَقَدْ اخْتَلَفَ عَنْ مَالِكٍ فِي الَّذِي يَقُولُ لِلرُّومِيِّ أَوْ لِلْبَرْبَرِيِّ يَا حَبَشِيُّ أَنَّ عَلَيْهِ الْحَدَّ أَوْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَأَرَى أَنْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ يَا ابْنَ الْأَسْوَدِ وَهُوَ أَبْيَضُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ آبَائِهِ أَسْوَدُ ضُرِبَ الْحَدَّ. فَأَمَّا إنْ نَسَبَهُ إلَى حَبَشِيٍّ فَيَقُولُ يَا ابْنَ الْحَبَشِيِّ وَهُوَ بَرْبَرِيٌّ فَالْحَبَشِيُّ وَالرُّومِيُّ فِي هَذَا سَوَاءٌ إذَا كَانَ بَرْبَرِيًّا، وَهُوَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْت مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ. وَثَبَتَ عِنْدِي إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ يَا ابْنَ الْأَسْوَدِ، فَيَكُونُ قَذْفًا بَيْنَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ آبَائِهِ أَحَدٌ أَسْوَدُ.
قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ الْفُرْسِ أَوْ الْبَرْبَرِ: يَا عَرَبِيُّ؟ قَالَ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي هَذَا.
قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ الْعَرَبِ: يَا قُرَشِيُّ، أَوْ لِرَجُلٍ مِنْ مُضَرَ: يَا يَمَانِيُّ، أَوْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ الْيَمَنِ: يَا مُضَرِيّ قَالَ: أَرَى هَذَا كُلَّهُ قَطْعًا لِلنَّسَبِ، وَأَرَى فِيهِ الْحَدَّ كَمَا قَالَ مَالِكٌ فِي قَطْعِ الْأَنْسَابِ، لِأَنَّ الْعَرَبَ إنَّمَا نَسَبَتْ إلَى الْآبَاءِ، فَمَنْ نَسَبَهَا إلَى غَيْرِ آبَائِهَا فَقَدْ أَزَالَ النَّسَبَ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ قَيْسٍ يَا كَلْبِيُّ، أَوْ لِرَجُلٍ مِنْ كَلْبٍ يَا تَمِيمِيُّ، فَقَدْ أَزَالَ النَّسَبَ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ.
قُلْت: فَإِنْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ: يَا عَرَبِيُّ؟ قَالَ: لَا يُضْرَبُ الْحَدَّ لِأَنَّ الْعَرَبَ مُضَرُهَا وَتَمِيمُهَا وَقُرَيْشٌ مَعَهَا يَجْمَعُهَا هَذَا الِاسْمُ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: ١٩٥] سُورَةُ الشُّعَرَاءِ. وَقَالَ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: ٤] . فَسَمَّى قُرَيْشًا هَهُنَا عَرَبًا.
قُلْت: فَإِنْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ الْعَرَبِ: لَسْت مِنْ الْعَرَبِ. أَلَيْسَ يُحَدُّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ الْمَوَالِي: لَسْت مِنْ الْمَوَالِي أَيُحَدُّ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَأَرَى عَلَيْهِ الْحَدَّ إنْ كَانَ لَهُ أَبٌ مُعْتَقٌ، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ مَوَالِي بَنِي فُلَانٍ لَسْت مِنْ مَوَالِي بَنِي فُلَانٍ.
قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ مُعْتَقٍ: لَيْسَ مَوْلَاك فُلَانٌ؟ قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي رَأْيِي. قُلْت: فَإِنْ كَانَ لَهُ أَبٌ وَإِنَّمَا أَعْتَقَ فُلَانٌ جَدَّهُ فَقَالَ لَهُ: لَسْتَ مِنْ مَوَالِي فُلَانٍ؟ أَتَرَى هَذَا قَطَعَ نَسَبَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ الْحَدُّ. قُلْت: فَإِذَا قَالَ لِلْمُعْتَقِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ فَقَالَ لَهُ: لَسْتَ مِنْ مَوَالِي فُلَانٍ؟ قَالَ: هَذَا لَيْسَ لَهُ أَبٌ يَقْطَعُ نَسَبُهُ فَلَا أَرَى عَلَيْهِ الْحَدَّ. قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ هَذَا مِنْ مَالِكٍ.
[الرَّجُلِ يَقْذِفُ وَلَدَهُ أَوْ وَلَدَ وَلَدِهِ]
فِي الرَّجُلِ يَقْذِفُ وَلَدَهُ أَوْ وَلَدَ وَلَدِهِ قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَقْذِفُ وَلَدَهُ أَوْ وَلَدَ وَلَدِهِ بِالزِّنَا مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ، أَتَحُدُّهُ
لَهُمْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: أَمَّا ابْنُهُ فَإِنَّ مَالِكًا كَانَ يَسْتَثْقِلُ أَنْ يَحُدَّهُ فِيهِ وَيَقُولُ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْبِرِّ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ أَقَامَ عَلَى حَقِّهِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَعَفْوُهُ عَنْهُ جَائِزٌ عِنْدَ الْإِمَامِ. قَالَ: وَأَمَّا وَلَدُ وَلَدِهِ، فَإِنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ، وَأَرَى أَنْ يَكُونَ مِثْلَ وَلَدِهِ
قُلْت: أَرَأَيْت الْأَبَ، أَيُقْتَصُّ مِنْهُ لِوَلَدِهِ أَوْ لِوَلَدِ وَلَدِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يَقْتُلُ ابْنَهُ أَيُقْتَلُ بِهِ؟ قَالَ: أَمَّا مَا كَانَ مِنْ الْعَمْدِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْقِصَاصُ مِنْ غَيْرِ الْأَبِ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ، مِثْلَ أَنْ يَضْرِبَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ بِالْعَصَا أَوْ يَرْمِيَهُ بِالْحِجَارَةِ أَوْ يَحْذِفَهُ بِالسَّيْفِ أَوْ بِالسِّكِّينِ فَيَمُوتَ مِنْهُ، فَيَكُونُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فِيهِ الْقِصَاصُ، فَإِنِّي لَا أَرَى أَنْ يُقْتَصَّ مِنْ الْأَبِ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا إلَّا أَنْ يَعْمِدَ الْأَبُ لِقَتْلِ ابْنِهِ، مِثْلَ أَنْ يُضْجِعَهُ فَيَذْبَحَهُ ذَبْحًا أَوْ يَشُقَّ جَوْفَهُ، فَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا يَعْلَمُ النَّاسُ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ الْقَتْلَ بِعَيْنِهِ عَامِدًا لَهُ، فَهَذَا يُقْتَلُ بِابْنِهِ إذَا كَانَ هَكَذَا. وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ هَذَا مِمَّا وَصَفْتُ لَك، مِمَّا لَوْ فَعَلَهُ غَيْرُ الْأَبِ بِهِ كَانَ فِيهِ الْقِصَاصُ أَوْ الْقَتْلُ فَإِنَّ ذَلِكَ مَوْضُوعٌ عَنْ الْأَبِ وَعَلَيْهِ فِيهِ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ، وَأَرَى الْجِرَاحَ بِمَنْزِلَةِ الْقَتْلِ مَا كَانَ مِنْ رَمْيَةٍ أَوْ ضَرْبَةٍ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْأَبِ فِيهِ، وَتُغَلَّظُ عَلَيْهِ فِيهِ الدِّيَةُ مِثْلَ النَّفْسِ. وَمَا كَانَ مِمَّا تَعَمَّدَهُ مِثْلَ أَنْ يُضْجِعَهُ فَيُدْخِلَ إصْبَعَهُ فِي عَيْنِهِ أَوْ يَأْخُذَ سِكِّينًا فَيَقْطَعَ أُذُنَهُ أَوْ يَدَهُ، فَأَرَى أَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي النَّفْسِ وَالْجَدِّ فِي وَلَدِ وَلَدِهِ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ فِي وَلَدِهِ. وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ فِي الْجَدِّ وَهُوَ رَأْيِي.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ لِابْنِهِ: يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ. فَقَامَ بِحَدِّ أُمِّهِ، أَيُحَدُّ لَهُ الْأَبُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: نَعَمْ يُحَدُّ لَهُ، لِأَنَّ الْحَدَّ هَهُنَا لَيْسَ لَهُ، إنَّمَا الْحَدُّ لِأُمِّهِ، وَإِنَّمَا قَامَ هُوَ بِالْحَدِّ لِأُمِّهِ قَالَ: وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْأُمُّ مَيِّتَةً، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْأُمُّ حَيَّةً فَلَيْسَ لِلْوَلَدِ أَنْ يَقُومَ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ تُوَكِّلَهُ. قَالَ: وَلَقَدْ سَمِعْتُ مَالِكًا، وَسَأَلَهُ قَوْمٌ عَنْ امْرَأَةٍ كَانَتْ لِرَجُلٍ فَفَارَقَهَا وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ فَتَزَوَّجَتْ رَجُلًا فَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا فَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهِ مِنْهَا كَلَامٌ فَقَالَ: أُشْهِدُكُمْ أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِوَلَدِي. فَقَامَ إخْوَتُهُمْ لِأُمِّهِمْ - بَنُو الْمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِهِ - فَقَالُوا: نَأْخُذُك بِحَدِّ أُمِّنَا لِأَنَّك قَذَفْتَهَا وَقَامَتْ الْأُمُّ بِذَلِكَ. قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا أَرَادَ قَذْفًا، وَمَا قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ إلَّا كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ لِوَلَدِهِ: لَوْ كُنْتُمْ وَلَدِي لَأَطَعْتُمُونِي وَمَا يُشْبِهُ هَذَا مِمَّا يَقُولُهُ الرَّجُلُ لِوَلَدِهِ، فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْلِفْ جُلِدَ الْحَدَّ.
قُلْت: أَرَأَيْت إذَا قُذِفَتْ الْمَرْأَةُ وَهِيَ مَيِّتَةٌ أَوْ غَائِبَةٌ فَقَامَ بِحَدِّهَا وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ أَوْ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ أَوْ ابْنُ أَخٍ أَوْ عَمٌّ أَوْ أَبٌ، أَيُمَكَّنُ هَؤُلَاءِ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ أَمَّا فِي الْمَوْتِ فَنَعَمْ وَأَمَّا فِي الْغَيْبَةِ فَلَا.
[فِي الرَّجُلِ يَقْذِفُ الرَّجُلَ عِنْدَ الْقَاضِي]
قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَقْذِفُ الرَّجُلَ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي وَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ شَاهِدٌ إلَّا
الْقَاضِي، أَيَحُدُّهُ الْقَاضِي أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُقِيمُ الْحُدُودَ الْقَاضِي إذَا لَمْ يَكُنْ شَاهِدٌ غَيْرَهُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ شَاهِدٌ آخَرُ أَيْضًا لَمْ يُقِمْ الْحَدَّ، وَلَكِنْ يَرْفَعُ ذَلِكَ إلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَيُقِيمُ الْحَدَّ.
قُلْت: أَرَأَيْت الْقَاضِي إذَا نَظَرَ إلَى رَجُلٍ اغْتَصَبَ مَنْ رَجُلٍ مَالًا وَلَمْ يَرَهُ غَيْرُهُ، أَيَحْكُمُ لَهُ عَلَيْهِ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يَحْكُمَ بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ شَاهِدٌ فَلِيَرْفَعْ إلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّ مَالِكًا لَمَّا سُئِلَ عَمَّا يَخْتَصِمُ النَّاسُ فِيهِ فِيمَا بَيْنَهُمْ عِنْدَ الْقَضَاءِ فَيُقِرُّ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ثُمَّ يَجْحَدُونَ وَلَا يَحْضُرُ ذَلِكَ أَحَدٌ إلَّا الْقَاضِي، أَتَرَى أَنْ يَقْضِيَ بِمَا أَقَرُّوا بِهِ وَيَمْضِي ذَلِكَ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: لَا، وَمَا أَقَرُّوا بِهِ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْهُ غَيْرُهُ بِمَنْزِلَةِ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْ حُدُودِ النَّاسِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ فِي إقْرَارٍ بِحَقٍّ وَلَا حَدٍّ يَشْهَدُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ إلَّا بِشُهُودِ غَيْرِهِ، أَوْ بِشَاهِدٍ يَكُونُ مَعَهُ فَيَرْفَعُهُ إلَى مَنْ فَوْقَهُ. وَذَلِكَ أَنَّ نَاسًا ذَكَرُوا عَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ الْحُدُودِ وَالْإِقْرَارِ فَقَالُوا: يُنَفِّذُ الْإِقْرَارَ فِي وِلَايَتِهِ وَلَا يُنَفِّذُ مَا أُقِرَّ بِهِ عِنْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَلِيَ أَوْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ وَمَنْ كَانَ شَهِدَ عَلَيْهِ، فَسُئِلَ مَالِكٌ، فَلَمْ يَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَّا وَاحِدًا.
[فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ يَا ابْنَ الزَّانِيَيْنِ أَوْ يَنْفِي الْوَلَدَ مِنْ أُمِّهِ]
ِ قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: يَا ابْنَ الزَّانِيَيْنِ. كَمْ يُضْرَبُ؟ أَيُضْرَبُ حَدًّا وَاحِدًا أَوْ حَدَّيْنِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: حَدًّا وَاحِدًا.
أَرَأَيْت إنْ قَالَ: لَسْتَ لَفُلَانَةَ - لِأُمِّهِ - أَيَكُونُ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ.
قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ فِي وَلَدِهَا مِنْهُ: لَمْ تَلِدِي هَذَا الْوَلَدَ مِنِّي. وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: بَلْ قَدْ وَلَدْته؟ قَالَ: إنْ كَانَ أَقَرَّ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ وَلَدَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ فِيهِ وَلَيْسَ بِقَاذِفٍ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: لَسْتَ لِأُمِّك. لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ. قُلْت: وَلَا تَرَاهُ قَدْ قَطَعَ نَسَبَ ابْنِهِ هَذَا حِينَ قَالَ لَهُ: لَسْتَ لِأُمِّك؟
قَالَ: لَا، لَيْسَ فِيهِ قَذْفٌ وَلَا قَطْعُ نَسَبٍ، وَلَوْ كَانَ هَذَا يَكُونُ فِي ابْنِهِ قَاطِعًا لِنَسَبِ ابْنِهِ كَانَ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ: لَسْتَ لِأُمِّك قَاطِعًا لِنَسَبِهِ مِنْ أَبِيهِ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْأَجْنَبِيِّ لَا يَكُونُ قَاطِعًا لِنَسَبِهِ مِنْ أَبِيهِ وَلَا قَاذِفًا لِأُمِّهِ إذَا قَالَ لَهُ: لَسْتَ لِأُمِّك، فَكَذَلِكَ الْأَبُ فِي وَلَدِهِ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ كَانَ لَمْ يُقِرَّ بِهِ قَطُّ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْحَبَلِ. فَلَمَّا وَلَدَتْهُ قَالَ: لَيْسَ هَذَا وَلَدَكِ وَلَمْ تَلِدِيهِ. وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: الْوَلَدُ وَلَدِي، وَلَدْته عَلَى فِرَاشِكَ؟ قَالَ: الْوَلَدُ وَلَدُهُ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ مِنْهُ، لِأَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فَالْوَلَدُ وَلَدُهُ، فَإِنْ نَفَاهُ الْتَعَنَ. وَإِنْ نَكَلَ عَنْ اللِّعَانِ كَانَ الْوَلَدُ وَلَدَهُ وَلَمْ يُجْلَدْ الْحَدَّ، وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا وَصَفْت لَك فِي الَّذِي قَالَ لِرَجُلٍ: لَسْت لِأُمِّك.
قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَطِئَ أَمَتَهُ فَأَقَرَّ بِوَطْئِهَا، ثُمَّ إنَّهَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ. فَقَالَ لَهَا سَيِّدُهَا. لَمْ تَلِدِيهِ، وَلَيْسَ هَذَا الْوَلَدُ وَلَدَك. وَقَالَتْ الْأَمَةُ: بَلَى، قَدْ وَلَدْته مِنْك وَهُوَ مِنْ وَطْئِكَ إيَّايَ وَأَنْتَ مُقِرٌّ لِي بِالْوَطْءِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَالْوَلَدُ لَازِمٌ لِلسَّيِّدِ، وَلَا يَسْتَطِيعُ
أَنْ يَنْفِيَهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ قَبْلَ الْحَمْلِ. فَأَمَّا إذَا قَالَ: لَمْ تَلِدِيهِ. وَلَمْ يَدَّعِ الِاسْتِبْرَاءَ، لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ مُصَدَّقَةٌ فِي الْوِلَادَةِ حِينَ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِالْوَطْءِ، لِأَنَّ وَلَدَهُ فِي بَطْنِهَا. فَلَمَّا قَالَتْ: هُوَ هَذَا قَدْ وَلَدْتُهُ كَانَ وَلَدَهُ، لِأَنَّ كُلَّ مَنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ فَالْوَلَدُ وَلَدُهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي الْوِلَادَةِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ قَبْلَ الْحَمْلِ.
قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ امْرَأَةً نَظَرَتْ إلَى رَجُلٍ فَقَالَتْ: هَذَا يَا ابْنِي - وَمِثْلُهُ يُولَدُ لِمِثْلِهَا - فَقَالَ: صَدَقَتْ هِيَ أُمِّي. أَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي لَا أَرَى أَنْ يَثْبُتَ نَسَبُهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ هَهُنَا أَبٌ يُلْحَقُ بِهِ. وَهَذَا خِلَافُ مَسْأَلَتِك الْأُولَى، لِأَنَّ مَسْأَلَتَك الْأُولَى، هُنَاكَ أَبٌ يُلْحَقُ بِهِ وَوَطْءٌ يَثْبُتُ فِيهِ النَّسَبُ، هَهُنَا لَيْسَ أَبٌ وَإِنَّمَا يَدَّعِي وَلَدًا بِغَيْرِ أَبٍ فَلَا يُصَدَّقُ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهَا.
[قَالَ لِرَجُلٍ يَا ابْنَ الْأَقْطَعِ أَوْ يَا ابْنَ الْأَسْوَدِ]
فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا ابْنَ الْأَقْطَعِ أَوْ يَا ابْنَ الْأَسْوَدِ قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَجُلٍ: يَا ابْنَ الْأَقْطَعِ - وَوَالِدُهُ لَيْسَ بِأَقْطَعَ - أَيُحَدُّ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا قَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ فِي آبَائِهِ أَقْطَعُ ضُرِبَ الْحَدَّ، وَإِنْ كَانَ فِي آبَائِهِ أَقْطَعُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ لَهُ: يَا ابْنَ الْحَجَّامِ أَوْ يَا ابْنَ الْخَيَّاطِ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ مِنْ الْعَرَبِ ضُرِبَ الْحَدَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ آبَائِهِ أَحَدٌ عَمِلَ ذَلِكَ الْعَمَلَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَوَالِي رَأَيْتُ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا أَرَادَ بِهِ قَطْعَ نَسَبِهِ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ التَّعْزِيرُ. قُلْت لِمَ فَرَّقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْعَرَبِ. وَالْمَوَالِي قَالَ: لِأَنَّهَا مِنْ أَعْمَالِ الْمَوَالِي. قُلْت: فَإِنْ قَالَ لَهُ: يَا ابْنَ الْأَسْوَدِ قَالَ: يُضْرَبُ الْحَدَّ عِنْدَ مَالِكٍ عَرَبِيًّا كَانَ أَوْ مَوْلًى إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي آبَائِهِ أَسْوَدُ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ لَهُ: يَا ابْنَ الْمُقْعَدِ أَوْ يَا ابْنَ الْأَعْمَى؟ قَالَ: هَذَا وَقَوْلُهُ يَا ابْنَ الْأَقْطَعِ سَوَاءٌ.
قَالَ: وَسَمِعْت مَالِكًا، وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا ابْنَ الْمُطَوَّقِ، يَعْنِي الرَّايَةَ الَّتِي تُجْعَلُ فِي الْعُنُقِ؟
قَالَ مَالِكٌ: مِمَّنْ هُوَ؟ قَالُوا: مِنْ الْمَوَالِي - فَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ الْحَدَّ - وَكَأَنِّي رَأَيْتُهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ يَرَى أَنْ لَوْ كَانَ مِنْ الْعَرَبِ لَضَرَبَهُ الْحَدَّ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا قِيلَ لَهُ إنَّهُ مِنْ الْمَوَالِي قَالَ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَسَكَتَ عَنْ الْعَرَبِ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ لَهُ: يَا ابْنَ الْأَحْمَرِ أَوْ يَا ابْنَ الْأَزْرَقِ أَوْ يَا ابْنَ الْأَصْهَبِ أَوْ يَا ابْنَ الْآدَمِ - وَلَيْسَ أَبُوهُ كَذَلِكَ - قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ مَالِكٍ إلَّا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي آبَائِهِ أَحَدٌ كَذَلِكَ ضُرِبَ الْحَدَّ.
[فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَبْيَضَ يَا أَسْوَدُ أَوْ يَا أَعْوَرُ وَهُوَ صَحِيحٌ]
ٌ قُلْت: أَرَأَيْت رَجُلًا نَظَرَ إلَى رَجُلٍ أَبْيَضَ فَقَالَ لَهُ: يَا حَبَشِيُّ؟ قُلْت: إنْ كَانَ مِنْ الْعَرَبِ ضُرِبَ الْحَدَّ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ الْحَبَشَةَ جِنْسٌ. قُلْت: فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَوَالِي قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الْمَوَالِي كُلِّهِمْ: مَنْ قَالَ لِبَرْبَرِيٍّ يَا فَارِسِيُّ أَوْ يَا رُومِيُّ أَوْ يَا نَبَطِيُّ أَوْ دَعَاهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ مِنْ الْبِيضِ كُلِّهِمْ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِيهِ، أَوْ قَالَ يَا بَرْبَرِيُّ وَهُوَ حَبَشِيٌّ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. وَقَدْ أَخْبَرْتُك قَبْلَ هَذَا بِالِاخْتِلَافِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْحَبَشِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِبَرْبَرِيٍّ يَا حَبَشِيُّ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي رَأْيِي.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ: يَا أَعْوَرُ - وَهُوَ صَحِيحٌ - أَوْ يَا مُقْعَدٌ - وَهُوَ صَحِيحٌ - عَلَى وَجْهِ الْمُشَاتَمَةِ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ عَلَيْهِ فِي هَذَا شَيْءٌ إلَّا الْأَدَبَ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: مَنْ آذَى مُسْلِمًا أُدِّبَ.
قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَقُولُ لِلْعَرَبِيِّ: يَا مَوْلًى. أَيُحَدُّ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَقُولُ لِلْعَرَبِيِّ: يَا عَبْدُ. أَيُحَدُّ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْت: فَإِنْ قَالَ لِمَوْلًى: يَا عَبْدُ؟ أَيُجْلَدُ الْحَدَّ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ إلَّا أَنِّي أَرَى أَنْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ.
قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: يَا بُنَيَّ أَوْ يَا أَبِي؟ قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
[قَالَ لِرَجُلٍ يَا يَهُودِيُّ أَوْ يَا مَجُوسِيُّ أَوْ يَا نَصْرَانِيُّ]
فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا يَهُودِيُّ أَوْ يَا مَجُوسِيُّ أَوْ يَا نَصْرَانِيُّ قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: يَا يَهُودِيُّ أَوْ يَا نَصْرَانِيُّ أَوْ يَا مَجُوسِيُّ أَوْ يَا عَابِدَ وَثَنٍ؟ قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إلَّا أَنَّ هَذَا يُنَكَّلُ. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِيمَا هُوَ أَدْنَى مِنْ هَذَا النَّكَالُ أَيْضًا.
قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: يَا ابْنَ الْيَهُودِيِّ أَوْ يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ أَوْ يَا ابْنَ الْمَجُوسِيِّ أَوْ يَا ابْنَ عَابِدِ وَثَنٍ؟ قَالَ: أَرَى فِيهِ الْحَدَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَانَ أَحَدٌ مِنْ آبَائِهِ عَلَى مَا قِيلَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ آبَائِهِ كَذَلِكَ نُكِّلَ.
قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: يَا حِمَارُ أَوْ يَا ابْنَ الْحِمَارِ؟ قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ إلَّا النَّكَالُ. قُلْت: فَهَلْ كَانَ يَحُدُّ لَكُمْ مَالِكٌ فِي هَذَا النَّكَالِ كَمْ هُوَ؟
قَالَ: لَا.
[فِيمَنْ قَالَ جَامَعْتُ فُلَانَةَ فِي دُبُرِهَا أَوْ بَيْنَ فَخِذَيْهَا]
قُلْت: أَرَأَيْت إذَا قَالَ الرَّجُلُ: جَامَعْت فُلَانَةَ بَيْنَ فَخِذَيْهَا أَوْ فِي أَعْكَانِهَا؟ قَالَ: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ وَجْهِ التَّعْرِيضِ الَّذِي يُضْرَبُ فِيهِ حَدَّ الْفِرْيَةِ كَامِلًا، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَتِرَ بِفَخِذَيْهَا أَوْ بِالْأَعْكَانِ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا بِعَيْنِهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا حَدَّ عِنْدَنَا إلَّا فِي نَفْيٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ تَعْرِيضٍ، يُرَى أَنَّ صَاحِبَهُ أَرَادَ بِهِ قَذْفًا، فَلَا تَعْرِيضَ أَشَدَّ مِنْ هَذَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَأَرَى فِيهِ الْحَدَّ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ غَيْرُهُ، لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِمَا رَمَاهُ بِهِ. وَقَدْ تَرَكَ عُمَرُ زِيَادًا الَّذِي قَالَ: رَأَيْتُهُ بَيْنَ فَخِذَيْهَا.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ: فَعَلْت بِفُلَانَةَ فِي دُبُرِهَا فَقَامَتْ تَطْلُبُ بِحَدِّهَا؟ قَالَ: ذَلِكَ لَهَا. قُلْت: فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا عَلَى إقْرَارِهِ حَدَدْتَهُ أَيْضًا حَدَّ الزِّنَا؟
قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
ِ قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَذَفْتُ رَجُلًا فَارْتَدَّ الْمَقْذُوفُ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ فَطَلَبَنِي بِالْحَدِّ، أَتَضْرِبُنِي لَهُ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ قَذَفَهُ ثُمَّ ارْتَدَّ، أَوْ قَذَفَ وَهُوَ مُرْتَدٌّ، أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي حَالِ ارْتِدَادِهِ، وَإِنْ تَابَ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَيْضًا. وَإِنْ قَذَفَهُ أَحَدٌ وَهُوَ مُرْتَدٌّ ثُمَّ تَابَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَذَفَهُ أَحَدٌ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ ثُمَّ ارْتَدَّ فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ إنْ تَابَ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ قُذِفَ بِالزِّنَا فَلَمْ يُؤْخَذْ لَهُ بِحَدِّهِ حَتَّى زَنَى فَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَذَفَهُ.