الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مجزرة بني قريظة»

[مراجعة منقحة][مراجعة منقحة]
سطر ٩: سطر ٩:


==الروايات في السيرة==
==الروايات في السيرة==
بدأت سلسلة الأحداث التي أدت إلى تدمير بني قريظة خلال معركة الخندق. فلعدم قدرة المكيين على كسر دفاعات المسلمين المدينيين، أرسل المكّيون مبعوثًا من حلفائهم اليهود، "عَدُوُّ اللَّهِ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ النَّضْرِيُّ"<ref>[https://shamela.ws/book/23833/957 كتاب سيرة ابن هشام ت السقا، عبد الملك بن هشام، ج 2، ص 220]</ref>، إلى بني قريظة في محاولة لجلب مساعديهم وإنهاء الجمود من خلال مهاجمة محمد والمسلمين. وفقاً لابن إسحاق، في البداية لم يسمح زعيم بنو قريظة كعب بن أسعد القريظي حتّى لحيي بن أخطب بدخول المجمع، ولكن تم إجباره على القيام بذلك حين اتّهمه حيي بأنه لم يرغب في مشاركة طعامه. ولا يوضح ابن إسحاق كيف يعرف ذلك، لكنه يدعي أن المفاوضات لم تسفر عن أيّ شيء بسبب إصرار قريظة على أن يقدّم المكيون رهائن من أجل التأكد من أنهم لن يغادروا ميدان المعركة حتى يُهزم محمد (على الرغم من أنهم فعلوا ذلك، لكن في الواقع انتهى بهم الأمر بالمغادرة من دون هزيمة محمد). وبحسب ابن إسحاق، فإن بنا قريظة بعد الكثير من «التملّق» وافقوا على عدم مساعدة المسلمين أو عرقلة أو محاربة الحلفاء فحسب. ويقدّم ابن إسحاق كدليل على غدر بني قريظة سلسلة إسناد من يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير بقصة أن امرأة مسلمة، صفية بنت "عبد المطلب، شاهدت كشاف يهودي من بني قريظة يستكشف حصناً للمسلمين تحضيراً لهجوم. وأخبرت قائد الحصن حسن بذلك وطلبت منه قتل الكشاف، وعندما رفض أخذت هراوةً وخرجت وضربت الرجل حتى الموت<ref>ibid, 458</ref>. بخلاف هذا، لا يقدم ابن إسحاق أي دليل على أن يهود بني قريظة كانوا متحالفين مع الحلفاء. لكنه يروي أن الله «زرع الفتنة» بين الحلفاء وبني قريظة، مما أدى إلى انسحاب المكيين دون هزيمة محمد أو الانخراط في هجوم منسق على المسلمين مع بني قريظة.
بدأت سلسلة الأحداث التي أدت إلى تدمير بني قريظة خلال معركة الخندق. فلعدم قدرة المكيين على كسر دفاعات المسلمين المدينيين، أرسل المكّيون مبعوثًا من حلفائهم اليهود، "عَدُوُّ اللَّهِ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ النَّضْرِيُّ"<ref>[https://shamela.ws/book/23833/957 كتاب سيرة ابن هشام ت السقا، عبد الملك بن هشام، ج 2، ص 220]</ref>، إلى بني قريظة في محاولة لجلب مساعديهم وإنهاء الجمود من خلال مهاجمة محمد والمسلمين. وفقاً لابن إسحاق، في البداية لم يسمح زعيم بنو قريظة كعب بن أسعد القريظي حتّى لحيي بن أخطب بدخول المجمع، ولكن تم إجباره على القيام بذلك حين اتّهمه حيي بأنه لم يرغب في مشاركة طعامه. ولا يوضح ابن إسحاق كيف يعرف ذلك، لكنه يدعي أن المفاوضات لم تسفر عن أيّ شيء بسبب إصرار قريظة على أن يقدّم المكيون رهائن من أجل التأكد من أنهم لن يغادروا ميدان المعركة حتى يُهزم محمد (على الرغم من أنهم فعلوا ذلك، لكن في الواقع انتهى بهم الأمر بالمغادرة من دون هزيمة محمد). وبحسب ابن إسحاق، فإن بنا قريظة بعد الكثير من «التملّق» وافقوا على عدم مساعدة المسلمين أو عرقلة أو محاربة الحلفاء فحسب. ويقدّم ابن إسحاق كدليل على غدر بني قريظة سلسلة إسناد من يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير بقصة أن امرأة مسلمة، صفية بنت "عبد المطلب، شاهدت كشاف يهودي من بني قريظة يستكشف حصناً للمسلمين تحضيراً لهجوم. وأخبرت قائد الحصن حسن بذلك وطلبت منه قتل الكشاف، وعندما رفض أخذت هراوةً وخرجت وضربت الرجل حتى الموت<ref>ibid, 458</ref>. بخلاف هذا، لا يقدم ابن إسحاق أي دليل على أن يهود بني قريظة كانوا متحالفين مع الحلفاء. لكنه يروي أن الله «زرع الفتنة» بين الحلفاء وبني قريظة، مما أدى إلى انسحاب المكيين دون هزيمة محمد أو الانخراط في هجوم منسق على المسلمين مع بني قريظة<ref>ibid, 459</ref>.


أنزل محمد ورجاله بعد كسبهم معركة الخندق أدوات الحفر وأسلحتهم كي يعودوا  إلى منازلهم. لكن حسب السيرة، كان لدى الله خطط أخرى. فظهر الملاك جبريل لمحمد تمامًا عندما أنزل سلاحه، وأبلغه أن المعركة لم تنته بعد بالنسبة ليهود بني قريظة الذين ما زالوا بحاجة إلى التعامل معهم بسبب خيانتهم المذكورة أعلاه. فأبلغ محمد رجاله أنهم لن يصلّوا صلاة العصر حتى يصلوا إلى مجمع بني قريظة، مما يعني أنه يريدهم أن يذهبوا إلى هناك بسرعة. وحاصر المسلمون المجمع لفترة زمنية مختلفة حسب المصدر (يدعي ابن إسحاق أنّها دامت 25 يومًا حتّى «ألقى الله الرعب في قلوبهم»). وطُلب من بني قريظة الاستسلام وقبول الإسلام، وهو أمر أقسموا أنهم لن يفعلوه أبدًا. ويأساً من موقفهم، وفقًا لابن إسحاق، تمّت مناقشة ثلاثة خيارات: قبول الإسلام، أو قتل زوجاتهم وأطفالهم و الانخراط في هجوم على غرار هجمة بانزاي ضد القوى الإسلامية المتفوّقة عليهم في العدد (ربما أضاف المعلقون المعاصرون، في محاكاة للصامدين من ديانتهم في مسعدة في فلسطين)، أو الانخراط في هجوم تسلل في السبت اليهودي. لم يجد يهود بني قريظة أيًا من هذه الخيارات مقبولة.
أنزل محمد ورجاله بعد كسبهم معركة الخندق أدوات الحفر وأسلحتهم كي يعودوا  إلى منازلهم. لكن حسب السيرة، كان لدى الله خطط أخرى. فظهر الملاك جبريل لمحمد تمامًا عندما أنزل سلاحه، وأبلغه أن المعركة لم تنته بعد بالنسبة ليهود بني قريظة الذين ما زالوا بحاجة إلى التعامل معهم بسبب خيانتهم المذكورة أعلاه. فأبلغ محمد رجاله أنهم لن يصلّوا صلاة العصر حتى يصلوا إلى مجمع بني قريظة، مما يعني أنه يريدهم أن يذهبوا إلى هناك بسرعة. وحاصر المسلمون المجمع لفترة زمنية مختلفة حسب المصدر (يدعي ابن إسحاق أنّها دامت 25 يومًا حتّى «ألقى الله الرعب في قلوبهم»). وطُلب من بني قريظة الاستسلام وقبول الإسلام، وهو أمر أقسموا أنهم لن يفعلوه أبدًا. ويأساً من موقفهم، وفقًا لابن إسحاق، تمّت مناقشة ثلاثة خيارات: قبول الإسلام، أو قتل زوجاتهم وأطفالهم و الانخراط في هجوم على غرار هجمة بانزاي ضد القوى الإسلامية المتفوّقة عليهم في العدد (ربما أضاف المعلقون المعاصرون، في محاكاة للصامدين من ديانتهم في مسعدة في فلسطين)، أو الانخراط في هجوم تسلل في السبت اليهودي. لم يجد يهود بني قريظة أيًا من هذه الخيارات مقبولة.




لم يتمكن بنو قريظة من التوصل إلى قرار وبقوا تحت الحصار لأسابيع، وطلبوا التحدث مع أبو لبابة، وهو رجل من قبيلة الأوس، حلفائهم. وعندما سئل أبو لبابة عما ينبغي أن بفعله بنو قريظة، نصحهم بالاستسلام للنبي، لكنه رفع يده في الوقت نفسه إلى رقبته، مشيرا إلى أنهم سيذبحون على يد المسلمين. وبعد مغادرته، شعر أن فعله في إخبار بنا قريظة بمصيرهم كان خيانة للنبي، وربط نفسه بعمود لطلب مغفرة الله، وهو عمل وافق عليه محمد. ورغم هذا التحذير، استسلمت قبيلة بني قريظة للمسلمين في اليوم التالي.
لم يتمكن بنو قريظة من التوصل إلى قرار وبقوا تحت الحصار لأسابيع، وطلبوا التحدث مع أبو لبابة، وهو رجل من قبيلة الأوس، حلفائهم. وعندما سئل أبو لبابة عما ينبغي أن بفعله بنو قريظة، نصحهم بالاستسلام للنبي، لكنه رفع يده في الوقت نفسه إلى رقبته، مشيرا إلى أنهم سيذبحون على يد المسلمين<ref>ibid, 462</ref>. وبعد مغادرته، شعر أن فعله في إخبار بنا قريظة بمصيرهم كان خيانة للنبي، وربط نفسه بعمود لطلب مغفرة الله، وهو عمل وافق عليه محمد. ورغم هذا التحذير، استسلمت قبيلة بني قريظة للمسلمين في اليوم التالي<ref>ibid, 463</ref>.




سطر ٢٠: سطر ٢٠:
{{اقتباس|1=[https://st-takla.org/Bibles/BibleSearch/showChapter.php?book=5&chapter=20 سفر التثنية 20: 12-14]|2=وَإِنْ لَمْ تُسَالِمْكَ، بَلْ عَمِلَتْ مَعَكَ حَرْبًا، فَحَاصِرْهَا. وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالْبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي الْمَدِينَةِ، كُلُّ غَنِيمَتِهَا، فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ، وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ الَّتِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ.}}على الرغم من أن المسلمين المعاصرين يستشهدون بهذه الآية لتبرير حكم معاذ، إلا أنّ تجدر الإشارة إلى أنه لا التقليد اليهودي ولا المسيحي يفهم هذه الآية كقاعدة شاملة للحرب، بل كأمر محدد لليهود، تحت قيادة يشوع، الذين كانوا يقاتلون الشعوب الوثنية في الأرض المقدسة. لم يستخدمه أي من الدينين بشكل عام لتبرير نوع المذبحة التي وقعت في المدينة المنورة في سياقات تاريخية أخرى.
{{اقتباس|1=[https://st-takla.org/Bibles/BibleSearch/showChapter.php?book=5&chapter=20 سفر التثنية 20: 12-14]|2=وَإِنْ لَمْ تُسَالِمْكَ، بَلْ عَمِلَتْ مَعَكَ حَرْبًا، فَحَاصِرْهَا. وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالْبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي الْمَدِينَةِ، كُلُّ غَنِيمَتِهَا، فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ، وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ الَّتِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ.}}على الرغم من أن المسلمين المعاصرين يستشهدون بهذه الآية لتبرير حكم معاذ، إلا أنّ تجدر الإشارة إلى أنه لا التقليد اليهودي ولا المسيحي يفهم هذه الآية كقاعدة شاملة للحرب، بل كأمر محدد لليهود، تحت قيادة يشوع، الذين كانوا يقاتلون الشعوب الوثنية في الأرض المقدسة. لم يستخدمه أي من الدينين بشكل عام لتبرير نوع المذبحة التي وقعت في المدينة المنورة في سياقات تاريخية أخرى.


وهكذا، احتُجز السجناء في منزل أو مجمع امرأة مسلمة من عائلة الحارث من قبيلة بنو النجار. وفي الصباح، تمّت قيادتهم إلى خندق حُفر في سوق المدينة، وأُعدموا بقطع الرأس. وبحسب سيرة ابن إسحاق، كانت امرأة واحدة بينهم. فتم إعطاء النساء والأطفال الآخرين كعبيد جنسيين وعماليين للمسلمين، مع السماح للأولاد الذين لم يصلوا إلى سن البلوغ بالعيش فحسب. وبحسب السيرة، كانت غنائم الأسلحة والنهب كبيرةً، لكن محمد أرسل بالرغم من ذلك بعض النساء والأطفال ليتم بيعهم في نجد مقابل المزيد من الخيول والأسلحة. وتلقى محمد كما كانت العادة اختياره من الغنائم بما في ذلك اختياره للإناث، وهي يهودية جميلة تُدعى ريحانة تم قطع رأس زوجها، والباقيات ذهبن إلى جميع المسلمين، وكلّ مسلم فارس يتلقى 3 أضعاف غنائم الجندي الذي يمشي على قدميه.
وهكذا، احتُجز السجناء في منزل أو مجمع امرأة مسلمة من عائلة الحارث من قبيلة بنو النجار. وفي الصباح، تمّت قيادتهم إلى خندق حُفر في سوق المدينة، وأُعدموا بقطع الرأس<ref>ibid, 465</ref>. وبحسب سيرة ابن إسحاق، كانت امرأة واحدة بينهم. فتم إعطاء النساء والأطفال الآخرين كعبيد جنسيين وعماليين للمسلمين، مع السماح للأولاد الذين لم يصلوا إلى سن البلوغ بالعيش فحسب. وبحسب السيرة، كانت غنائم الأسلحة والنهب كبيرةً، لكن محمد أرسل بالرغم من ذلك بعض النساء والأطفال ليتم بيعهم في نجد مقابل المزيد من الخيول والأسلحة<ref>ibid, 466</ref>. وتلقى محمد كما كانت العادة اختياره من الغنائم بما في ذلك اختياره للإناث، وهي يهودية جميلة تُدعى ريحانة تم قطع رأس زوجها، والباقيات ذهبن إلى جميع المسلمين، وكلّ مسلم فارس يتلقى 3 أضعاف غنائم الجندي الذي يمشي على قدميه<ref>ibid, 466<br /></ref>.<br />
<br />


==الروايات في التفسير==
==الروايات في التفسير==
سطر ٥٦: سطر ٥٥:
==وجهات نظر حديثة==
==وجهات نظر حديثة==


في المقطع أعلاه، يقول العالم المسلم ياسر قاضي، الذي يحظى باحترام كبير لشهاداته من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وكذلك من جامعة ييل، إن محمد كان يتعامل مع الخيانة وأنه اتخذ أقصى الإجراءات العقابية ضدها. يجادل القاضي بأن النبي كان له ما يبرره في كل خطوة وأظهر قدرًا كبيرًا من ضبط النفس حسب الضرورة، مدفوعًا فقط بالمخاوف بشأن فن الحكم والتطبيق العملي، وليس بالحقد. كما يقول، من الممكن اتهام النبي بأنه «قاسي» ولكن ليس بالتصرف بخبث تجاه بني قريظة أو اليهود بشكل عام، لأن هذا لن يكون «صحيحًا أكاديميًا». ويقول ياسر قاضي إن العقوبة كانت «قاسية» ومع ذلك من الضروري أحيانًا أن تكون قاسية. ويقول عالم معهد يقين أبو أمينة الياس (جاستن باروت) إن قتل أسرى بني قريظة «المقاتلين» كان «عملاً من أعمال الدفاع عن النفس» من جانب المجتمع المسلم ويستشهد بالتثنية 20: 12-14 لتبرير تصرفات المسلمين، متفقًا مع قانون ابن إسحاق. كما يدعي أن النبي أرسل رجاله فقط بأذرعهم «للدفاع عن أنفسهم» وأن نساء وأولاد بني قريظوير أخذوا «في الأسر» لحمايتهم لأن جميع رجالهم قد ذبحوا<ref>"Did the Prophet commit genocide against Jews?" Faith in Allah There is no god but Allah and Muhammad is his messenger <nowiki>https://abuaminaelias.com/prophet-genocide-banu-qurayza/</nowiki>  April 8, 2013</ref>. وبالمثل، تدعي كارين أرمسترونغ، في كتابها "تاريخ قصير للإسلام"، أن "النضال لم يشر إلى أي عداء تجاه اليهود بشكل عام، ولكن تجاه القبائل المتمردة الثلاث فحسب. واستمر القرآن في تبجيل الأنبياء اليهود وحث المسلمين على احترام أهل الكتاب<ref>Islam:A Short History Karen Armstrong Modern Library 2002


 
↑</ref>. "هذه الحجج كلها أصداء للحجج الأصلية الموجودة في المادة أعلاه. ويدّعي ابن إسحاق أن يهود بني قريظة يشكلون تهديدًا للمسلمين من خلال خيانتهم ويصورون محمد على أنه متردد في تقرير مصيرهم. حتى أن ابن إسحاق يروي مدى «قسوة» العقوبة:
في المقطع أعلاه، يقول العالم المسلم ياسر قاضي، الذي يحظى باحترام كبير لشهاداته من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وكذلك من جامعة ييل، إن محمد كان يتعامل مع الخيانة وأنه اتخذ أقصى الإجراءات العقابية ضدها. يجادل القاضي بأن النبي كان له ما يبرره في كل خطوة وأظهر قدرًا كبيرًا من ضبط النفس حسب الضرورة، مدفوعًا فقط بالمخاوف بشأن فن الحكم والتطبيق العملي، وليس بالحقد. كما يقول، من الممكن اتهام النبي بأنه «قاسي» ولكن ليس بالتصرف بخبث تجاه بني قريظة أو اليهود بشكل عام، لأن هذا لن يكون «صحيحًا أكاديميًا». ويقول ياسر قاضي إن العقوبة كانت «قاسية» ومع ذلك من الضروري أحيانًا أن تكون قاسية. ويقول عالم معهد يقين أبو أمينة الياس (جاستن باروت) إن قتل أسرى بني قريظة «المقاتلين» كان «عملاً من أعمال الدفاع عن النفس» من جانب المجتمع المسلم ويستشهد بالتثنية 20: 12-14 لتبرير تصرفات المسلمين، متفقًا مع قانون ابن إسحاق. كما يدعي أن النبي أرسل رجاله فقط بأذرعهم «للدفاع عن أنفسهم» وأن نساء وأولاد بني قريظوير أخذوا «في الأسر» لحمايتهم لأن جميع رجالهم قد ذبحوا. وبالمثل، تدعي كارين أرمسترونغ، في كتابها "تاريخ قصير للإسلام"، أن "النضال لم يشر إلى أي عداء تجاه اليهود بشكل عام، ولكن تجاه القبائل المتمردة الثلاث فحسب. واستمر القرآن في تبجيل الأنبياء اليهود وحث المسلمين على احترام أهل الكتاب. "هذه الحجج كلها أصداء للحجج الأصلية الموجودة في المادة أعلاه. ويدّعي ابن إسحاق أن يهود بني قريظة يشكلون تهديدًا للمسلمين من خلال خيانتهم ويصورون محمد على أنه متردد في تقرير مصيرهم. حتى أن ابن إسحاق يروي مدى «قسوة» العقوبة:


{{اقتباس|[https://shamela.ws/book/23833/973 كتاب سيرة ابن هشام ت السقا، ج 2، ص 236]|ثُمَّ إنَّهُمْ بَعَثُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ ابْعَثْ إلَيْنَا أَبَا لُبَابَةَ [٤] بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، أَخَا بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَكَانُوا حُلَفَاءَ الْأَوْسِ، لِنَسْتَشِيرَهُ فِي أَمْرِنَا، فَأَرْسَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَيْهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامَ إلَيْهِ الرِّجَالُ، وَجَهَشَ [٥] إلَيْهِ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ يَبْكُونَ فِي وَجْهِهِ، فَرَقَّ لَهُمْ، وَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا لُبَابَةَ! أَتَرَى أَنْ نَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ مُحَمَّدٍ [٦] ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى حَلْقِهِ، إنَّهُ الذَّبْحُ}}
{{اقتباس|[https://shamela.ws/book/23833/973 كتاب سيرة ابن هشام ت السقا، ج 2، ص 236]|ثُمَّ إنَّهُمْ بَعَثُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ ابْعَثْ إلَيْنَا أَبَا لُبَابَةَ [٤] بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، أَخَا بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَكَانُوا حُلَفَاءَ الْأَوْسِ، لِنَسْتَشِيرَهُ فِي أَمْرِنَا، فَأَرْسَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَيْهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامَ إلَيْهِ الرِّجَالُ، وَجَهَشَ [٥] إلَيْهِ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ يَبْكُونَ فِي وَجْهِهِ، فَرَقَّ لَهُمْ، وَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا لُبَابَةَ! أَتَرَى أَنْ نَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ مُحَمَّدٍ [٦] ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى حَلْقِهِ، إنَّهُ الذَّبْحُ}}


ومع ذلك، أشار منتقدو وجهات النظر المؤيدة للإسلام إلى أن الآية التي استشهد بها المسلمون المعاصرون من التثنية لتبرير إبادة بني قريظة لم يتم النظر إليها بهذه الطريقة من خلال الدراسات المسيحية التقليدية أو اليهودية بشكل خاص. وفقًا للمذهب اليهودي، تم الكشف عن هذه الآيات لموسى قبل دخول الإسرائيليين إلى الأرض المقدسة، وإرشادهم على وجه التحديد إلى كيفية التعامل مع الأشخاص الذين يعيشون هناك. بالإضافة إلى ذلك، الادعاء بأنه لم يكن هناك عداء واضح تجاه يهود بني قريظة من جانب محمد يتناقض مع رواية ابن إسحاق:
ومع ذلك، أشار منتقدو وجهات النظر المؤيدة للإسلام إلى أن الآية التي استشهد بها المسلمون المعاصرون من التثنية لتبرير إبادة بني قريظة لم يتم النظر إليها بهذه الطريقة من خلال الدراسات المسيحية التقليدية أو اليهودية بشكل خاص. وفقًا للمذهب اليهودي، تم الكشف عن هذه الآيات لموسى قبل دخول الإسرائيليين إلى الأرض المقدسة، وإرشادهم على وجه التحديد إلى كيفية التعامل مع الأشخاص الذين يعيشون هناك<ref>"Muhammad’s atrocity against the Qurayza Jews" James M. Arlandson Answering Islam <nowiki>https://www.answering-islam.org/Authors/Arlandson/qurayza_jews.htm</nowiki></ref>. بالإضافة إلى ذلك، الادعاء بأنه لم يكن هناك عداء واضح تجاه يهود بني قريظة من جانب محمد يتناقض مع رواية ابن إسحاق:


{{اقتباس|[https://shamela.ws/book/23833/971 كتاب سيرة ابن هشام ت السقا، ج 2، ص 234]|فَلَمَّا دَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُصُونِهِمْ. قَالَ: يَا إخْوَانَ الْقِرَدَةِ، هَلْ أَخْزَاكُمْ اللَّهُ وَأَنْزَلَ بِكُمْ نِقْمَتَهُ؟ قَالُوا:
{{اقتباس|[https://shamela.ws/book/23833/971 كتاب سيرة ابن هشام ت السقا، ج 2، ص 234]|فَلَمَّا دَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُصُونِهِمْ. قَالَ: يَا إخْوَانَ الْقِرَدَةِ، هَلْ أَخْزَاكُمْ اللَّهُ وَأَنْزَلَ بِكُمْ نِقْمَتَهُ؟ قَالُوا:
سطر ٦٨: سطر ٦٧:
يَا أَبَا الْقَاسِمِ، مَا كُنْتُ جَهُولًا.}}
يَا أَبَا الْقَاسِمِ، مَا كُنْتُ جَهُولًا.}}


في سخرية محمد منهم ونعتهم بالقرود، يعيد محمد هنا ما ورد في القرآن، الذي يدعي أن (بعض) اليهود تحولوا إلى قرود لانتهاكهم السبت (القرآن 50: 60). ويسجل ابن إسحاق أيضًا أن محمد أخذ إحدى النساء اليهوديات في بني قريظة، واسمها ريحانة، لنفسه. وفي الواقع، وفقًا لهذه الرواية، فإن تدمير هذه القبيلة سمح لمحمد بمكافأة مقاتليه بشكل جيد (وأخذ محمد نفسه خمس غنائم). ورأى أبو أمينة الياس أن المسلمين أخذوا نساء وأطفالًا مثل ريحانة أسرى لمجرد حمايتهم لا يمكن أن يكون صحيحًا أيضًا، حيث يروي ابن إسحاق أيضًا أن بعضهم نُقل إلى منطقة نجد البعيدة ليتم بيعه مقابل الأسلحة والخيول. يشير ياسر قاضي نفسه إلى أن بني قريظة مُنحوا حرية العيش إذا قبلوا الإسلام، ووفقًا للسيرة، فإن قلوبهم القاسية التي رفضت محمد على الرغم من علمهم أنه نبي للرب منعتهم من السماح لأنفسهم أن يخلصوا عبر اعتناق الإسلام. لذلك من الواضح، على الأقل في نظر السيرة، أن دينهم اليهودي، في الواقع، له علاقة بعدم الشفقة الذي تعامل به محمد معهم، مخالفًا وجهة نظر قاضي بأن النبي تصرف من دون حقد أو عداء ديني وفقًا للمصادر لدينا. ويذكر البخاري أيضًا أن النبي أمر رجاله بإساءة معاملة بني قريظة بالشعر، الذي كان في العصور العربية القديمة أحد الطرق الرئيسية لتعزيز العداوة مع عدو (أمر محمد الشعراء الذين فعلوا ذلك به بالقتل):<br />
في سخرية محمد منهم ونعتهم بالقرود، يعيد محمد هنا ما ورد في القرآن، الذي يدعي أن (بعض) اليهود تحولوا إلى قرود لانتهاكهم السبت (القرآن 50: 60). ويسجل ابن إسحاق أيضًا أن محمد أخذ إحدى النساء اليهوديات في بني قريظة، واسمها ريحانة، لنفسه<ref>"The Apostle had chosen one of the women for himself, Rayḥāna d. ʿAmr b. Khunāfa, one of the women of B. ʿAmr b. Qurayẓa, and she remained with him until she died, in his power."
 
Ibn Hisham, Ibn Ishaq, Alfred Guillaume (translator), The life of Muhammad: a translation of Isḥāq's Sīrat rasūl Allāh Oxford Universite Press 2005, p.466</ref>. وفي الواقع، وفقًا لهذه الرواية، فإن تدمير هذه القبيلة سمح لمحمد بمكافأة مقاتليه بشكل جيد (وأخذ محمد نفسه خمس غنائم). ورأى أبو أمينة الياس أن المسلمين أخذوا نساء وأطفالًا مثل ريحانة أسرى لمجرد حمايتهم لا يمكن أن يكون صحيحًا أيضًا، حيث يروي ابن إسحاق أيضًا أن بعضهم نُقل إلى منطقة نجد البعيدة ليتم بيعه مقابل الأسلحة والخيول. يشير ياسر قاضي نفسه إلى أن بني قريظة مُنحوا حرية العيش إذا قبلوا الإسلام، ووفقًا للسيرة، فإن قلوبهم القاسية التي رفضت محمد على الرغم من علمهم أنه نبي للرب منعتهم من السماح لأنفسهم أن يخلصوا عبر اعتناق الإسلام. لذلك من الواضح، على الأقل في نظر السيرة، أن دينهم اليهودي، في الواقع، له علاقة بعدم الشفقة الذي تعامل به محمد معهم، مخالفًا وجهة نظر قاضي بأن النبي تصرف من دون حقد أو عداء ديني وفقًا للمصادر لدينا. ويذكر البخاري أيضًا أن النبي أمر رجاله بإساءة معاملة بني قريظة بالشعر، الذي كان في العصور العربية القديمة أحد الطرق الرئيسية لتعزيز العداوة مع عدو (أمر محمد الشعراء الذين فعلوا ذلك به بالقتل):<br />
{{اقتباس|{{البخاري|5|59|449}}|حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، قَالَ أَخْبَرَنِي عَدِيٌّ، أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاءَ ـ رضى الله عنه ـ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِحَسَّانَ ‏
{{اقتباس|{{البخاري|5|59|449}}|حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، قَالَ أَخْبَرَنِي عَدِيٌّ، أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاءَ ـ رضى الله عنه ـ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِحَسَّانَ ‏


سطر ٧٥: سطر ٧٦:
‏‏.‏}}
‏‏.‏}}


== مشاكل في الرواية التقليديّة ==
==مشاكل في الرواية التقليديّة==
إن رواية بني قريظة جزء مقبول من الشريعة الإسلامية، وقد استشهد بها الكثير من الفقهاء الإسلاميين، بما في ذلك عند الحكم على ذبح بعض السكان اليهود وغيرهم من غير المؤمنين. على هذا النحو، ليس هناك شك بين المسلمين السنّة في حدوث ذلك. ومع ذلك، فإن تأريخ الموضوع لا يخلو من مشاكله الخاصة.
إن رواية بني قريظة جزء مقبول من الشريعة الإسلامية، وقد استشهد بها الكثير من الفقهاء الإسلاميين، بما في ذلك عند الحكم على ذبح بعض السكان اليهود وغيرهم من غير المؤمنين. على هذا النحو، ليس هناك شك بين المسلمين السنّة في حدوث ذلك<ref>"Extended Interview: The legacy of Islamic Antisemetism" Andrew Bostom andrewbostom.org  13 June 2008</ref>. ومع ذلك، فإن تأريخ الموضوع لا يخلو من مشاكله الخاصة.


في إطار التقاليد الإسلامية، تعرض ابن إسحاق لانتقادات متكررة لإعطائه وزنًا كبيرًا للقصص اليهودية ولكونه متحيزًا بشكل عام في روايته لأحداث معينة. فمالك بن أنس يتهم ابن إسحاق بأنه «كاذب» لاستماعه إلى «القصص اليهودية».
في إطار التقاليد الإسلامية، تعرض ابن إسحاق لانتقادات متكررة لإعطائه وزنًا كبيرًا للقصص اليهودية ولكونه متحيزًا بشكل عام في روايته لأحداث معينة. فمالك بن أنس يتهم ابن إسحاق بأنه «كاذب» لاستماعه إلى «القصص اليهودية».<ref>"New Light on the Story of Banu Qurayza and the Jews of Medina", W.N Arafat 2001 p. 100-107</ref>


ألقت الدراسات الإسلامية الحديثة شكوكًا أكثر جدية على ما قاله العلماء الإسلاميين في القرن الثامن (القرن الإسلامي الثاني) مثل ابن إسحاق. كما يشير فريد دونر، فإن أحد أقدم الوثائق الموجودة لدينا من الحركة الإسلامية الأولية الناشئة هو صحيفة مدينة المعروف أيضًا باسم صحيفة الأمة. وهذه الوثيقة الرائعة، التي حفظها المؤرخ الإسلامي الطبري، تضع ميثاقًا لـ «مؤمني» المدينة المنورة،وهي «أمة» أو مجتمع وطني يضم اليهود كـ«مؤمنين» على نفس مستوى المؤمنين العرب. ويعتقد فريد دونر أن هذه الوثيقة تشير في الواقع إلى تاريخ مبكر ومغلف للإسلام انضم فيه الموحدون العرب مع اليهود ليشكّلوا «أمة» واحدة تحت قيادة محمد. من المثير للقلق بالنسبة للسرد التاريخي، أن هذه الوثيقة تشير إلى الكثير من القبائل اليهودية المختلفة، لكن القبائل 3 الرئيسية في السيرة، بنو قريظة، بنو قينقاع، وبنو النضير غائبة بشكل واضح. في الواقع، فإن غياب هذه القبائل هو الذي يقنع العلماء بأن الوثيقة يجب أن تكون قديمة جدًا على الرغم من الحفاظ عليها في أعمال الطبري فحسب في القرن التاسع، حيث من المفترض أن يتم تغيير وثيقة أصغر للاتفاق مع السرد التاريخي الراسخ. يذكر دونر أن العديد من المساجد في أوائل القرن السابع لا تشمل القبلة التي تواجه مكة المكرمة، ويستنتج أن قصة مذبحة بني قريظة هذه ربما تكون قد اخترعت أو زينت من أجل تفسير انقطاع لاحق بين الجاليتين اليهودية والمسلمة.
ألقت الدراسات الإسلامية الحديثة شكوكًا أكثر جدية على ما قاله العلماء الإسلاميين في القرن الثامن (القرن الإسلامي الثاني) مثل ابن إسحاق. كما يشير فريد دونر، فإن أحد أقدم الوثائق الموجودة لدينا من الحركة الإسلامية الأولية الناشئة هو صحيفة مدينة المعروف أيضًا باسم صحيفة الأمة. وهذه الوثيقة الرائعة، التي حفظها المؤرخ الإسلامي الطبري، تضع ميثاقًا لـ «مؤمني» المدينة المنورة،وهي «أمة» أو مجتمع وطني يضم اليهود كـ«مؤمنين» على نفس مستوى المؤمنين العرب. ويعتقد فريد دونر أن هذه الوثيقة تشير في الواقع إلى تاريخ مبكر ومغلف للإسلام انضم فيه الموحدون العرب مع اليهود ليشكّلوا «أمة» واحدة تحت قيادة محمد. من المثير للقلق بالنسبة للسرد التاريخي، أن هذه الوثيقة تشير إلى الكثير من القبائل اليهودية المختلفة، لكن القبائل 3 الرئيسية في السيرة، بنو قريظة، بنو قينقاع، وبنو النضير غائبة بشكل واضح. في الواقع، فإن غياب هذه القبائل هو الذي يقنع العلماء بأن الوثيقة يجب أن تكون قديمة جدًا على الرغم من الحفاظ عليها في أعمال الطبري فحسب في القرن التاسع، حيث من المفترض أن يتم تغيير وثيقة أصغر للاتفاق مع السرد التاريخي الراسخ. يذكر دونر أن العديد من المساجد في أوائل القرن السابع لا تشمل القبلة التي تواجه مكة المكرمة، ويستنتج أن قصة مذبحة بني قريظة هذه ربما تكون قد اخترعت أو زينت من أجل تفسير انقطاع لاحق بين الجاليتين اليهودية والمسلمة<ref>Muhammad and the Believers: At the Orgins of Islam, Fred Donner, Harvard University Press 2010, p. 72-73</ref>.


تبلغ باتريشيا كرون ومايكل كوك في عملهما الرائد "هاجرية" عن مؤرخ أرمني كتب في القرن السابع المعروف باسم سيبيوس(pseudo-Sebeos). يعزو هذا المؤرخ الغزوات العربية إلى اتحاد من اليهود والعرب بقيادة محمد نفسه، متناقضًا مع الرواية الإسلامية بأن محمد مات قبل غزو فلسطين والشرق الأوسط. وبالمثل، ينسب سيبيوس التوحيد المشترك والأخوة إلى العرب واليهود من خلال أسلافهم المشتركين إبراهيم وزوجته هاجر. فإذا تم تصديق هذه الرواية، فلن يكون هناك أي مذبحة كبيرة لليهود من قبل محمد فهو عمل معهم عندما غزا فلسطين. ويضيف ستيفن شوميكر في عمله "موت نبي" دليلًا إضافيًا إلى أطروحة كرون وكوك، حيث حشد الأدلة من مجموعة متنوعة من المصادر، وكلها تقريبًا سبقت المصادر الإسلامية الأولى، على أن محمد نفسه كان في الواقع زعيم المؤمنين عندما دخلوا فلسطين ولم يمت إلا بعد غزوها. وعلى وجه الخصوص، يلفت الانتباه إلى نهاية العالم اليهودية من القرن السابع، أسرار الحاخام بن شيمون، والتي يبدو أنها تصور محمد على أنه فادي اليهود من اضطهاد الرومان في الأرض المقدسة. وإذا كان هذا مصدقا، وهذا المصدر يسبق كل مصدر إسلامي لدينا، فإن مذبحة بني قريظة ما كان يمكن أن تقع، لأن محمد، زعيم غزو فلسطين، كان يُنظر إليه على أنه منقذ للشعب اليهودي. ويبدو أن هذا يشير إلى أن الانفصال بين المسلمين واليهود حدث بعد وفاته، ويشير إلى أن قصصًا مثل مذبحة بني قريظة اختلقت من أجل «إعادة تاريخ» الانفصال عن اليهود إلى حياة النبي.<references />
تبلغ باتريشيا كرون ومايكل كوك في عملهما الرائد "هاجرية" عن مؤرخ أرمني كتب في القرن السابع المعروف باسم سيبيوس(pseudo-Sebeos). يعزو هذا المؤرخ الغزوات العربية إلى اتحاد من اليهود والعرب بقيادة محمد نفسه، متناقضًا مع الرواية الإسلامية بأن محمد مات قبل غزو فلسطين والشرق الأوسط. وبالمثل، ينسب سيبيوس التوحيد المشترك والأخوة إلى العرب واليهود من خلال أسلافهم المشتركين إبراهيم وزوجته هاجر<ref>Hagarism: Making of the Islamic World, Patricia Crone and Michael Cook, Cambridge University Press 1977, p. 6-8</ref>. فإذا تم تصديق هذه الرواية، فلن يكون هناك أي مذبحة كبيرة لليهود من قبل محمد فهو عمل معهم عندما غزا فلسطين. ويضيف ستيفن شوميكر في عمله "موت نبي" دليلًا إضافيًا إلى أطروحة كرون وكوك، حيث حشد الأدلة من مجموعة متنوعة من المصادر، وكلها تقريبًا سبقت المصادر الإسلامية الأولى، على أن محمد نفسه كان في الواقع زعيم المؤمنين عندما دخلوا فلسطين ولم يمت إلا بعد غزوها. وعلى وجه الخصوص، يلفت الانتباه إلى نهاية العالم اليهودية من القرن السابع، أسرار الحاخام بن شيمون، والتي يبدو أنها تصور محمد على أنه فادي اليهود من اضطهاد الرومان في الأرض المقدسة. وإذا كان هذا مصدقا، وهذا المصدر يسبق كل مصدر إسلامي لدينا، فإن مذبحة بني قريظة ما كان يمكن أن تقع، لأن محمد، زعيم غزو فلسطين، كان يُنظر إليه على أنه منقذ للشعب اليهودي<ref>The Death of a Prophet, Stephen Shoemaker, University of Pennsylvania Press 2012, p. 27-33<br /></ref>. ويبدو أن هذا يشير إلى أن الانفصال بين المسلمين واليهود حدث بعد وفاته، ويشير إلى أن قصصًا مثل مذبحة بني قريظة اختلقت من أجل «إعادة تاريخ» الانفصال عن اليهود إلى حياة النبي.<references />
Editor، recentchangescleanup، مراجعون
٤٨٣

تعديل