الفرق بين المراجعتين لصفحة: «القرآن والحديث والعلماء: محمد والجهاد في سبيل الله»

لا يوجد ملخص تحرير
[مراجعة منقحة][مراجعة منقحة]
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٣٨٧: سطر ٣٨٧:
وحاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أهْلَ خَيْبَرَ فِي حِصْنَيْهِمْ الوَطِيحِ والسُّلالِمِ، حَتّى إذا أيْقَنُوا بِالهَلَكَةِ، سَألُوهُ أنْ يُسَيِّرَهُمْ [١] وأنْ يَحْقِنَ لَهُمْ دِماءَهُمْ، فَفَعَلَ. وكانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ حازَ الأمْوالَ كُلَّها: الشَّقَّ ونَطاةَ والكَتِيبَةَ وجَمِيعَ حُصُونِهِمْ، إلّا ما كانَ مِن ذَيْنِكَ الحِصْنَيْنِ. فَلَمّا سَمِعَ بِهِمْ أهْلُ فَدَكَ قَدْ صَنَعُوا ما صَنَعُوا، بَعَثُوا إلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْألُونَهُ أنْ يُسَيِّرَهُمْ، وأنَّ يَحْقِنَ دِماءَهُمْ، ويُخَلُّوا لَهُ الأمْوالَ، فَفَعَلَ. وكانَ فِيمَن مَشى بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وبَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ مُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، أخُو بَنِي حارِثَةَ، فَلَمّا نَزَلَ أهْلُ خَيْبَرَ عَلى ذَلِكَ، سَألُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يُعامِلَهُمْ فِي الأمْوالِ عَلى النِّصْفِ، وقالُوا: نَحْنُ أعْلَمُ بِها مِنكُمْ، وأعْمَرُ لَها، فَصالَحَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلى النِّصْفِ، عَلى أنّا إذا شِئْنا أنْ نُخْرِجَكُمْ أخْرَجْناكُمْ، فَصالَحَهُ أهْلُ فَدَكَ عَلى مِثْلِ ذَلِكَ، فَكانَتْ خَيْبَرُ فَيْئًا بَيْنَ المُسْلِمِينَ، وكانَتْ فَدَكُ خالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لِأنَّهُمْ لَمْ يَجْلِبُوا عَلَيْها بِخَيْلِ ولا رِكابٍ.}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.345.|(إسْلامُهُ واسْتِشْهادُهُ):
وحاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أهْلَ خَيْبَرَ فِي حِصْنَيْهِمْ الوَطِيحِ والسُّلالِمِ، حَتّى إذا أيْقَنُوا بِالهَلَكَةِ، سَألُوهُ أنْ يُسَيِّرَهُمْ [١] وأنْ يَحْقِنَ لَهُمْ دِماءَهُمْ، فَفَعَلَ. وكانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ حازَ الأمْوالَ كُلَّها: الشَّقَّ ونَطاةَ والكَتِيبَةَ وجَمِيعَ حُصُونِهِمْ، إلّا ما كانَ مِن ذَيْنِكَ الحِصْنَيْنِ. فَلَمّا سَمِعَ بِهِمْ أهْلُ فَدَكَ قَدْ صَنَعُوا ما صَنَعُوا، بَعَثُوا إلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْألُونَهُ أنْ يُسَيِّرَهُمْ، وأنَّ يَحْقِنَ دِماءَهُمْ، ويُخَلُّوا لَهُ الأمْوالَ، فَفَعَلَ. وكانَ فِيمَن مَشى بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وبَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ مُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، أخُو بَنِي حارِثَةَ، فَلَمّا نَزَلَ أهْلُ خَيْبَرَ عَلى ذَلِكَ، سَألُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يُعامِلَهُمْ فِي الأمْوالِ عَلى النِّصْفِ، وقالُوا: نَحْنُ أعْلَمُ بِها مِنكُمْ، وأعْمَرُ لَها، فَصالَحَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلى النِّصْفِ، عَلى أنّا إذا شِئْنا أنْ نُخْرِجَكُمْ أخْرَجْناكُمْ، فَصالَحَهُ أهْلُ فَدَكَ عَلى مِثْلِ ذَلِكَ، فَكانَتْ خَيْبَرُ فَيْئًا بَيْنَ المُسْلِمِينَ، وكانَتْ فَدَكُ خالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لِأنَّهُمْ لَمْ يَجْلِبُوا عَلَيْها بِخَيْلِ ولا رِكابٍ.}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.345.|(إسْلامُهُ واسْتِشْهادُهُ):
قالَ ابْنُ إسْحاقَ: وكانَ مِن حَدِيثِ الأسْوَدِ الرّاعِي، فِيما بَلَغَنِي: أنَّهُ أتى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهُوَ مُحاصِرٌ لِبَعْضِ حُصُونِ خَيْبَرَ، ومَعَهُ غَنَمٌ لَهُ، كانَ فِيها أجِيرًا لِرَجُلِ مِن يَهُودَ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، اعْرِضْ عَلَيَّ الإسْلامَ، فَعَرَّضَهُ عَلَيْهِ، فَأسْلَمَ- وكانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لا يَحْقِرُ أحَدًا أنْ يَدْعُوَهُ إلى الإسْلامِ، ويَعْرِضَهُ عَلَيْهِ- فَلَمّا أسْلَمَ قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي كُنْتُ أجِيرًا لِصاحِبِ هَذِهِ الغَنَمِ، وهِيَ أمانَةٌ عِنْدِي، فَكَيْفَ أصْنَعُ بِها؟ قالَ: اضْرِبْ فِي وُجُوهِها، فَإنَّها سَتَرْجِعُ إلى رَبِّها- أوْ كَما قالَ- فَقالَ الأسْوَدُ، فَأخَذَ حَفْنَةً مِن الحَصى [١]، فَرَمى بِها فِي وُجُوهِها، وقالَ: ارْجِعِي إلى صاحبك، فو الله لا أصْحَبُكَ أبَدًا، فَخَرَجَتْ مُجْتَمَعَةً، كَأنَّ سائِقًا يَسُوقُها، حَتّى دَخَلَتْ الحِصْنَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ إلى ذَلِكَ الحِصْنِ لِيُقاتِلَ مَعَ المُسْلِمِينَ، فَأصابَهُ حَجَرٌ فَقَتَلَهُ، وما صَلّى للَّه صَلاةً قَطُّ، فَأُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوُضِعَ خَلْفَهُ، وسُجِّيَ بِشَمْلَةٍ كانَتْ عَلَيْهِ، فالتَفَتَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ومَعَهُ نَفَرٌ مِن أصْحابِهِ، ثُمَّ أعَرَضَ عَنْهُ، فَقالُوا:
قالَ ابْنُ إسْحاقَ: وكانَ مِن حَدِيثِ الأسْوَدِ الرّاعِي، فِيما بَلَغَنِي: أنَّهُ أتى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهُوَ مُحاصِرٌ لِبَعْضِ حُصُونِ خَيْبَرَ، ومَعَهُ غَنَمٌ لَهُ، كانَ فِيها أجِيرًا لِرَجُلِ مِن يَهُودَ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، اعْرِضْ عَلَيَّ الإسْلامَ، فَعَرَّضَهُ عَلَيْهِ، فَأسْلَمَ- وكانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لا يَحْقِرُ أحَدًا أنْ يَدْعُوَهُ إلى الإسْلامِ، ويَعْرِضَهُ عَلَيْهِ- فَلَمّا أسْلَمَ قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي كُنْتُ أجِيرًا لِصاحِبِ هَذِهِ الغَنَمِ، وهِيَ أمانَةٌ عِنْدِي، فَكَيْفَ أصْنَعُ بِها؟ قالَ: اضْرِبْ فِي وُجُوهِها، فَإنَّها سَتَرْجِعُ إلى رَبِّها- أوْ كَما قالَ- فَقالَ الأسْوَدُ، فَأخَذَ حَفْنَةً مِن الحَصى [١]، فَرَمى بِها فِي وُجُوهِها، وقالَ: ارْجِعِي إلى صاحبك، فو الله لا أصْحَبُكَ أبَدًا، فَخَرَجَتْ مُجْتَمَعَةً، كَأنَّ سائِقًا يَسُوقُها، حَتّى دَخَلَتْ الحِصْنَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ إلى ذَلِكَ الحِصْنِ لِيُقاتِلَ مَعَ المُسْلِمِينَ، فَأصابَهُ حَجَرٌ فَقَتَلَهُ، وما صَلّى للَّه صَلاةً قَطُّ، فَأُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوُضِعَ خَلْفَهُ، وسُجِّيَ بِشَمْلَةٍ كانَتْ عَلَيْهِ، فالتَفَتَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ومَعَهُ نَفَرٌ مِن أصْحابِهِ، ثُمَّ أعَرَضَ عَنْهُ، فَقالُوا:
يا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ أعَرَضْتُ عَنْهُ؟ قالَ: إنّ مَعَهُ الآنَ زَوْجَتَيْهِ مِن الحُورِ العِينِ. قالَ ابْنُ إسْحاقَ: وأخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبِي نَجِيحٍ أنَّهُ ذُكِرَ لَهُ: أنَّ الشَّهِيدَ إذا ما أُصِيبَ تَدَلَّتْ (لَهُ) [٢] زَوْجَتاهُ مِن الحُورِ العِينِ، عَلَيْهِ تَنْفُضانِ التُّرابَ عَنْ وجْهِهِ، وتَقُولانِ: تَرَّبَ اللَّهُ وجْهَ مَن تَرَّبَكَ، وقَتَلَ مَن قَتَلَكَ.}}
يا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ أعَرَضْتُ عَنْهُ؟ قالَ: إنّ مَعَهُ الآنَ زَوْجَتَيْهِ مِن الحُورِ العِينِ. قالَ ابْنُ إسْحاقَ: وأخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبِي نَجِيحٍ أنَّهُ ذُكِرَ لَهُ: أنَّ الشَّهِيدَ إذا ما أُصِيبَ تَدَلَّتْ (لَهُ) [٢] زَوْجَتاهُ مِن الحُورِ العِينِ، عَلَيْهِ تَنْفُضانِ التُّرابَ عَنْ وجْهِهِ، وتَقُولانِ: تَرَّبَ اللَّهُ وجْهَ مَن تَرَّبَكَ، وقَتَلَ مَن قَتَلَكَ.}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.371.|(ارْتِجازُ ابْنِ رَواحَةَ وهُوَ يَقُودُ ناقَةَ الرَّسُولِ):
قالَ ابْنُ إسْحاقَ: وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبِي بَكْرٍ: أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ فِي تِلْكَ العُمْرَةِ دَخَلَها وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَواحَةَ آخِذٌ بِخِطامِ، [٤] ناقَتِهِ يَقُولُ:
خَلُّوا بَنِي الكُفّارِ عَنْ سَبِيلِهِ … خَلُّوا فَكُلُّ الخَيْرِ فِي رَسُولِهِ
يا رَبِّ إنِّي مُؤْمِنٌ بِقِيلِهِ [٥] … أعْرِفُ حَقَّ اللَّهِ فِي قَبُولِهِ
نَحْنُ قَتَلْناكُمْ عَلى تَأْوِيلِهِ … كَما قَتَلْناكُمْ عَلى تَنْزِيلِهِ [٦]
ضَرْبًا يُزِيلُ الهامَ عَنْ مَقِيلِهِ … ويُذْهِلُ الخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ
قالَ ابْنُ هِشامٍ: «
نَحْنُ قَتَلْناكُمْ عَلى تَأْوِيلِهِ}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.386-385.|(شِعْرُ كَعْبٍ فِي بُكاءِ قَتْلى مُؤْتَةَ):
وقالَ كَعْبُ بْنُ مالِكٍ:
نامَ العُيُونُ ودَمْعُ عَيْنِكَ يَهْمُلُ … سَحًّا كَما وكَفَ [٣] الطَّبابُ المُخْضَلُ [٤]
فِي لَيْلَةٍ ورَدَتْ عَلَيَّ هُمُومُها … طَوْرًا أحِنُّ [٥] وتارَةً أتَمَلْمَلُ [٦]
واعْتادَنِي حُزْنٌ فَبِتُّ كَأنَّنِي … بِبَناتِ نَعْشٍ والسِّماكِ مُوَكَّلُ [٧]
وكَأنَّما بَيْنَ الجَوانِحِ والحَشى … مِمّا تَأوَّبَنِي شِهابٌ مُدْخَلُ [٨]
وجْدًا عَلى النَّفَرِ الَّذِينَ تَتابَعُوا … يَوْمًا بِمُؤْتَةَ أُسْنِدُوا لَمْ يُنْقَلُوا
صَلّى الإلَهُ عَلَيْهِمْ مِن فِتْيَةٍ … وسَقى عِظامَهُمْ الغَمامُ المُسْبِلُ [٩]
صَبَرُوا بِمُؤْتَةَ لِلْإلَهِ نُفُوسَهُمْ … حَذَرَ الرَّدى ومَخافَةً أنْ يَنْكُلُوا [١٠]
فَمَضَوْا أمامَ المُسْلِمِينَ كَأنَّهُمْ … فُنُقٌ عَلَيْهِنَّ الحَدِيدُ المُرْفَلُ [١١]
إذْ يَهْتَدُونَ بِجَعْفَرٍ ولِوائِهِ … قُدّامَ أوَّلِهِمْ فَنِعْمَ الأوَّلُ
حَتّى تَفَرَّجَتْ الصُّفُوفُ وجَعْفَرٌ … حَيْثُ التَقى وعْثُ الصُّفُوفِ مُجَدَّلُ [١]
فَتَغَيَّرَ القَمَرُ المُنِيرُ لِفَقْدِهِ … والشَّمْسُ قَدْ كَسَفَتْ وكادَتْ تَأْفِلُ [٢]
قَرْمٌ [٣] عَلا بُنْيانُهُ مِن هاشِمٍ … فَرْعًا أشَمَّ وسُؤْدُدًا ما يُنْقَلُ [٤]
قَوْمٌ بِهِمْ عَصَمَ الإلَهُ عِبادَهُ … وعَلَيْهِمْ نَزَلَ الكِتابُ المُنْزَلُ
فَضَلُوا المَعاشِرَ عِزَّةً وتَكَرُّمًا … وتَغَمَّدَتْ أحْلامُهُمْ مَن يَجْهَلُ [٥]
لا يُطْلِقُونَ إلى السَّفاهِ حُباهُمْ … ويُرى خَطِيبُهُمْ بِحَقٍّ يَفْصِلُ [٦]
بِيضُ الوُجُوهِ تُرى بُطُونُ أكُفِّهِمْ … تَنْدى إذا اعْتَذَرَ الزّمان الممحل [٧]
وبهداهم رضى الإلَه الخلقَة … وبِجَدِّهِمْ نُصِرَ النَّبِيُّ المُرْسَلُ [٨]}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.397-395.|(ذَهابُ ابْنِ ورْقاءَ إلى الرَّسُولِ بِالمَدِينَةِ شاكِيًا وتَعَرُّفُ أبِي سُفْيانَ أمْرَهُ):
ثُمَّ خَرَجَ بُدَيْلُ بْنُ ورْقاءَ فِي نَفَرٍ مِن خُزاعَةَ حَتّى قَدِمُوا عَلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ، فَأخْبَرُوهُ بِما أُصِيبَ مِنهُمْ، وبِمُظاهَرَةِ [٧] قُرَيْشٍ بَنِي بَكْرٍ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ انْصَرَفُوا راجِعِينَ إلى مَكَّةَ، وقَدْ قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلنّاسِ:
كَأنَّكُمْ بِأبِي سُفْيانَ قَدْ جاءَكُمْ لِيَشُدَّ العَقْدَ، ويَزِيدَ فِي المُدَّةِ. ومَضى بُدَيْلُ بْنُ ورْقاءَ وأصْحابُهُ حَتّى لَقُوا أبا سُفْيانَ بْنَ حَرْبٍ بِعُسْفانَ [٨]، قَدْ بَعَثَتْهُ قُرَيْشٌ إلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لِيَشُدَّ العَقْدَ، ويَزِيدَ فِي المُدَّةِ، وقَدْ رَهِبُوا الَّذِي صَنَعُوا. فَلَمّا لَقِيَ أبُو سُفْيانَ بُدَيْلِ بْنَ ورْقاءَ، قالَ: مِن أيْنَ أقْبَلْتُ يا بُدَيْلُ؟
وظَنَّ أنَّهُ قَدْ أتى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قالَ: تَسَيَّرْتُ فِي خُزاعَةَ فِي هَذا السّاحِلِ، وفِي بَطْنِ هَذا الوادِي، قالَ: أوَ ما جِئْتُ مُحَمَّدًا؟ قالَ: لا، فَلَمّا راحَ بُدَيْلِ إلى مَكَّةَ، قالَ أبُو سُفْيانَ: لَئِنْ جاءَ بُدَيْلِ المَدِينَةَ لَقَدْ عَلَفَ بِها النَّوى، فَأتى مَبْرَكَ راحِلَتِهِ، فَأخَذَ مِن بَعْرِها فَفَتَّهُ، فَرَأى فِيهِ النَّوى، فَقالَ: أحْلِفُ باللَّه لَقَدْ جاءَ بُدَيْلِ مُحَمَّدًا.
(خُرُوجُ أبِي سُفْيانَ إلى المَدِينَة الصُّلْح وإخْفاقُهُ):
ثُمَّ خَرَجَ أبُو سُفْيانَ حَتّى قَدِمَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ، فَدَخَلَ عَلى ابْنَتِهِ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أبِي سُفْيانَ، فَلَمّا ذَهَبَ لِيَجْلِسَ عَلى فِراشِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَوَتْهُ عَنْهُ، فَقالَ: يا بُنَيَّةُ، ما أدْرِي أرَغِبْتُ بِي عَنْ هَذا الفِراشِ أمْ رَغِبْتُ بِهِ عَنِّي؟ قالَتْ: بَلْ هُوَ فِراشُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأنْتَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ نَجَسٌ، ولَمْ أُحِبَّ أنْ تَجْلِسَ عَلى فِراشِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قالَ: واَللَّهِ لَقَدْ أصابَكَ يا بُنَيَّةُ بَعْدِي شَرٌّ. ثُمَّ خَرَجَ حَتّى أتى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَلَّمَهُ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا، ثُمَّ ذَهَبَ إلى أبِي بَكْرٍ، فَكَلَّمَهُ أنْ يُكَلِّمَ لَهُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقالَ: ما أنا بِفاعِلِ، ثُمَّ أتى عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ فَكَلَّمَهُ، فَقالَ: أأنا أشْفَعُ لَكُمْ إلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ فو اللَّهِ لَوْ لَمْ أجِدْ إلّا الذَّرَّ لَجاهَدْتُكُمْ بِهِ. ثُمَّ خَرَجَ فَدَخَلَ عَلى عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ رِضْوانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وعِنْدَهُ فاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ورَضِيَ عَنْها، وعِنْدَها حَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، غُلامٌ يَدِبُّ بَيْنَ يَدَيْها، فَقالَ: يا عَلِيُّ، إنّكَ أمَسُّ القَوْمِ بِي رَحِمًا، وإنِّي قَدْ جِئْتُ فِي حاجَةٍ، فَلا أرْجِعَنَّ كَما جِئْتُ خائِبًا، فاشْفَعْ لِي إلى رَسُولِ اللَّهِ، فَقالَ: ويْحَكَ يا أبا سُفْيانَ! واَللَّهِ لَقَدْ عَزَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلى أمْرٍ ما نَسْتَطِيعُ أنْ نُكَلِّمَهُ فِيهِ. فالتَفَتَ إلى فاطِمَةَ فَقالَ: يا بْنَةَ مُحَمَّدٍ، هَلْ لَكَ أنْ تَأْمُرِي بُنَيَّكَ هَذا فَيُجِيرَ بَيْنَ النّاسِ، فَيَكُونَ سَيِّدَ العَرَبِ إلى آخِرِ الدَّهْرِ؟ قالَتْ: واَللَّهِ ما بَلَغَ بُنَيَّ ذاكَ أنْ يُجِيرَ بَيْنَ النّاسِ، وما يُجِيرُ أحَدٌ عَلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: يا أبا الحَسَنِ، إنِّي أرى الأُمُورَ قَدْ اشْتَدَّتْ عَلَيَّ، فانْصَحْنِي، قالَ: واَللَّهِ ما أعْلَمُ لَكَ شَيْئًا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا، ولَكِنَّكَ سَيِّدُ بَنِي كِنانَةَ، فَقُمْ فَأجِرْ بَيْنَ النّاسِ، ثُمَّ الحَقْ بِأرْضِكَ، قالَ: أوَ تَرى ذَلِكَ مُغْنِيًا عَنِّي شَيْئًا؟ قالَ: لا واَللَّهِ، ما أظُنُّهُ، ولَكِنِّي لا أجِدُ لَكَ غَيْرَ ذَلِكَ. فَقامَ أبُو سُفْيانَ فِي المَسْجِدِ، فَقالَ: أيُّها النّاسُ، إنِّي قَدْ أجَرْتُ بَيْنَ النّاسِ. ثُمَّ رَكِبَ بَعِيرَهُ فانْطَلَقَ، فَلَمّا قَدِمَ عَلى قُرَيْشٍ، قالُوا:
ما وراءَكَ؟ قالَ: جِئْتُ مُحَمَّدًا فكلّمته، فو الله ما رَدَّ عَلَيَّ شَيْئًا، ثُمَّ جِئْتُ ابْنَ أبِي قُحافَةَ، فَلَمْ أجِدْ فِيهِ خَيْرًا، ثُمَّ جِئْتُ ابْنَ الخَطّابِ، فَوَجَدْتُهُ أدْنى العَدُوِّ.
قالَ ابْنُ هِشامٍ: أعْدى العَدُوِّ.
قالَ ابْنُ إسْحاقَ: ثُمَّ جِئْتُ عَلِيًّا فَوَجَدْتُهُ ألْيَنَ القَوْمِ، وقَدْ أشارَ عَلَيَّ بِشَيْء صَنعته، فو الله ما أدْرِي هَلْ يُغْنِي ذَلِكَ شَيْئًا أمْ لا؟ قالُوا: وبِمَ أمَرَكَ؟ قالَ: أمَرَنِي أنْ أُجِيرَ بَيْنَ النّاسِ، فَفَعَلْتُ، قالُوا: فَهَلْ أجازَ ذَلِكَ مُحَمَّدٌ؟ قالَ: لا، قالُوا:
ويْلَكَ! واَللَّهِ إنْ زادَ الرَّجُلُ عَلى أنْ لَعِبَ بِكَ، فَما يُغْنِي عَنْكَ ما قُلْتُ. قالَ:
لا واَللَّهِ، ما وجَدْتُ غَيْرَ ذَلِكَ.}}
Editor، محررون، recentchangescleanup
٢٨٨

تعديل