الفرق بين المراجعتين لصفحة: «القرآن والحديث والعلماء: محمد والجهاد في سبيل الله»

لا يوجد ملخص تحرير
[مراجعة منقحة][مراجعة منقحة]
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٣٨٢: سطر ٣٨٢:
قالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ: ثُمَّ بَعَثُوا إلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّ، فَقالَ: يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إنِّي قَدْ رَأيْتُ ما يَلْقى مِنكُمْ مَن بَعَثْتُمُوهُ إلى مُحَمَّدٍ إذْ جاءَكُمْ مِن التَّعْنِيفِ وسُوءِ اللَّفْظِ، وقَدْ عَرَفْتُمْ أنَّكُمْ والِدٌ [١] وإنِّي ولَدٌ- وكانَ عُرْوَةُ لِسُبَيْعَةَ بِنْتِ عَبْدِ شَمْسٍ- وقَدْ سَمِعْتُ بِاَلَّذِي نابَكُمْ، فَجَمَعْتُ مَن أطاعَنِي مِن قَوْمِي، ثُمَّ جِئْتُكُمْ حَتّى آسَيْتُكُمْ [٢] بِنَفْسِي، قالُوا: صَدَقْتُ، ما أنْتَ عِنْدَنا بِمُتَّهَمٍ. فَخَرَجَ حَتّى أتى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّد، أجمعت أو شاب [٣] النّاسِ، ثُمَّ جِئْتَ بِهِمْ إلى بَيْضَتِكَ [٤] لِتَفُضَّها [٥] بِهِمْ، إنّها قُرَيْشٌ قَدْ خَرَجَتْ مَعَها العُوذُ المَطافِيلُ. قَدْ لَبِسُوا جُلُودَ النُّمُورِ، يُعاهِدُونَ اللَّهَ لا تَدْخُلُها عَلَيْهِمْ عَنْوَةً أبَدًا. واَيْمُ اللَّهِ، لِكَأنِّي بِهَؤُلاءِ قَدْ انْكَشَفُوا عَنْكَ غَدًا. قالَ: وأبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قاعِدٌ، فَقالَ: امصص بظر اللات، أنَحْنُ نَنْكَشِفُ عَنْهُ؟ قالَ: مَن هَذا يا مُحَمَّدُ؟ قالَ:
قالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ: ثُمَّ بَعَثُوا إلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّ، فَقالَ: يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إنِّي قَدْ رَأيْتُ ما يَلْقى مِنكُمْ مَن بَعَثْتُمُوهُ إلى مُحَمَّدٍ إذْ جاءَكُمْ مِن التَّعْنِيفِ وسُوءِ اللَّفْظِ، وقَدْ عَرَفْتُمْ أنَّكُمْ والِدٌ [١] وإنِّي ولَدٌ- وكانَ عُرْوَةُ لِسُبَيْعَةَ بِنْتِ عَبْدِ شَمْسٍ- وقَدْ سَمِعْتُ بِاَلَّذِي نابَكُمْ، فَجَمَعْتُ مَن أطاعَنِي مِن قَوْمِي، ثُمَّ جِئْتُكُمْ حَتّى آسَيْتُكُمْ [٢] بِنَفْسِي، قالُوا: صَدَقْتُ، ما أنْتَ عِنْدَنا بِمُتَّهَمٍ. فَخَرَجَ حَتّى أتى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّد، أجمعت أو شاب [٣] النّاسِ، ثُمَّ جِئْتَ بِهِمْ إلى بَيْضَتِكَ [٤] لِتَفُضَّها [٥] بِهِمْ، إنّها قُرَيْشٌ قَدْ خَرَجَتْ مَعَها العُوذُ المَطافِيلُ. قَدْ لَبِسُوا جُلُودَ النُّمُورِ، يُعاهِدُونَ اللَّهَ لا تَدْخُلُها عَلَيْهِمْ عَنْوَةً أبَدًا. واَيْمُ اللَّهِ، لِكَأنِّي بِهَؤُلاءِ قَدْ انْكَشَفُوا عَنْكَ غَدًا. قالَ: وأبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قاعِدٌ، فَقالَ: امصص بظر اللات، أنَحْنُ نَنْكَشِفُ عَنْهُ؟ قالَ: مَن هَذا يا مُحَمَّدُ؟ قالَ:
هَذا ابْنُ أبِي قُحافَةَ، قالَ: أما واَللَّهِ لَوْلا يَدٌ كانَتْ لَكَ عِنْدِي لَكافَأْتُكَ بِها، ولَكِنْ هَذِهِ بِها، قالَ: ثُمَّ جَعَلَ يَتَناوَلُ لِحْيَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهُوَ يُكَلِّمُهُ.
هَذا ابْنُ أبِي قُحافَةَ، قالَ: أما واَللَّهِ لَوْلا يَدٌ كانَتْ لَكَ عِنْدِي لَكافَأْتُكَ بِها، ولَكِنْ هَذِهِ بِها، قالَ: ثُمَّ جَعَلَ يَتَناوَلُ لِحْيَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهُوَ يُكَلِّمُهُ.
قالَ: والمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ واقِفٌ عَلى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الحَدِيدِ.}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.316-315.|قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي بكر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال حين بلغه أن عثمان قد قتل: لا نبرح حتى نناجز القوم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة. فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة، فكان الناس يقولون: بايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت، وكان جابر بن عبد الله يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبايعنا على الموت، ولكن بايعنا على أن لا نفر. فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، ولم يتخلف عنه أحد من المسلمين حضرها، إلا الجد بن قيس، أخو بني سلمة، فكان جابر بن عبد الله يقول: والله لكأني أنظر إليه لاصقا بإبط ناقته. قد ضبأ [1] إليها، يستتر بها من الناس. ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذي ذكر من أمر عثمان باطل.}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.319-318.|فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يا أبا جَنْدَلٍ، اصْبِرْ واحْتَسِبْ، فَإنَّ اللَّهَ جاعِلٌ لَكَ ولِمَن مَعَكَ مِن المُسْتَضْعَفِينَ فَرَجًا ومَخْرَجًا، إنّا قَدْ عَقَدْنا بَيْنَنا وبَيْنَ القَوْمِ صُلْحًا، وأعْطَيْناهُمْ عَلى ذَلِكَ، وأعْطَوْنا عَهْدَ اللَّهِ، وإنّا لا نَغْدِرُ بِهِمْ، قالَ: فَوَثَبَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ مَعَ أبِي جَنْدَلٍ يَمْشِي إلى جَنْبِهِ، ويَقُولُ: اصْبِرْ يا أبا جَنْدَلٍ، فَإنَّما هُمْ المُشْرِكُونَ، وإنَّما دَمُ أحَدِهِمْ دَمُ كَلْبٍ. قالَ: ويُدْنِي قائِمَ السَّيْفِ مِنهُ. قالَ: يَقُولُ عُمَرُ: رَجَوْتُ أنْ يَأْخُذَ السَّيْفَ فَيَضْرِبُ بِهِ أباهُ، قالَ: فَضَنَّ الرَّجُلُ بِأبِيهِ، ونَفَذَتْ القَضِيَّةُ.}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.321.|ثُمَّ قالَ تَعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ، فَأنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ، وأثابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا. ومَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها، وكانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا. وعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ، وكَفَّ أيْدِيَ النّاسِ عَنْكُمْ، ولِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ويَهْدِيَكُمْ صِراطًا مُسْتَقِيمًا. وأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أحاطَ اللَّهُ بِها، وكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ٤٨: ١٨- ٢١.}}
قالَ: والمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ واقِفٌ عَلى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الحَدِيدِ.}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.316-315.|قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي بكر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال حين بلغه أن عثمان قد قتل: لا نبرح حتى نناجز القوم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة. فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة، فكان الناس يقولون: بايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت، وكان جابر بن عبد الله يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبايعنا على الموت، ولكن بايعنا على أن لا نفر. فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، ولم يتخلف عنه أحد من المسلمين حضرها، إلا الجد بن قيس، أخو بني سلمة، فكان جابر بن عبد الله يقول: والله لكأني أنظر إليه لاصقا بإبط ناقته. قد ضبأ [1] إليها، يستتر بها من الناس. ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذي ذكر من أمر عثمان باطل.}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.319-318.|فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يا أبا جَنْدَلٍ، اصْبِرْ واحْتَسِبْ، فَإنَّ اللَّهَ جاعِلٌ لَكَ ولِمَن مَعَكَ مِن المُسْتَضْعَفِينَ فَرَجًا ومَخْرَجًا، إنّا قَدْ عَقَدْنا بَيْنَنا وبَيْنَ القَوْمِ صُلْحًا، وأعْطَيْناهُمْ عَلى ذَلِكَ، وأعْطَوْنا عَهْدَ اللَّهِ، وإنّا لا نَغْدِرُ بِهِمْ، قالَ: فَوَثَبَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ مَعَ أبِي جَنْدَلٍ يَمْشِي إلى جَنْبِهِ، ويَقُولُ: اصْبِرْ يا أبا جَنْدَلٍ، فَإنَّما هُمْ المُشْرِكُونَ، وإنَّما دَمُ أحَدِهِمْ دَمُ كَلْبٍ. قالَ: ويُدْنِي قائِمَ السَّيْفِ مِنهُ. قالَ: يَقُولُ عُمَرُ: رَجَوْتُ أنْ يَأْخُذَ السَّيْفَ فَيَضْرِبُ بِهِ أباهُ، قالَ: فَضَنَّ الرَّجُلُ بِأبِيهِ، ونَفَذَتْ القَضِيَّةُ.}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.321.|ثُمَّ قالَ تَعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ، فَأنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ، وأثابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا. ومَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها، وكانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا. وعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ، وكَفَّ أيْدِيَ النّاسِ عَنْكُمْ، ولِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ويَهْدِيَكُمْ صِراطًا مُسْتَقِيمًا. وأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أحاطَ اللَّهُ بِها، وكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ٤٨: ١٨- ٢١.}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.324.|(اجْتِماع المُحْتَبَسِينَ إلى أبِي بِصَيْرِ وإيذاؤُهُمْ قُرَيْشًا وإيواءُ الرَّسُولِ لَهُمْ):
ثُمَّ خَرَجَ أبُو بَصِيرٍ حَتّى نَزَلَ العِيصَ، مِن ناحِيَةِ ذِي المَرْوَةِ، عَلى ساحِلِ البَحْرِ، بِطَرِيقِ قُرَيْشٍ الَّتِي كانُوا يَأْخُذُونَ عَلَيْها إلى الشّامِ، وبَلَغَ المُسْلِمِينَ الَّذِينَ كانُوا اُحْتُبِسُوا بِمَكَّةَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأبِي بِصَيْرِ: «ويْلُ أُمِّهِ مِحَشَّ حَرْبٍ لَوْ كانَ مَعَهُ رِجالٌ!، فَخَرَجُوا إلى أبِي بِصَيْرِ بِالعِيصِ، فاجْتَمَعَ إلَيْهِ مِنهُمْ قَرِيبٌ مِن سَبْعِينَ رَجُلًا، وكانُوا قَدْ ضَيَّقُوا عَلى قُرَيْشٍ، لا يَظْفَرُونَ بِأحَدِ مِنهُمْ إلّا قَتَلُوهُ، ولا تَمُرُّ بِهِمْ عِيرٌ إلّا اقْتَطَعُوها، حَتّى كَتَبَتْ قُرَيْشٌ إلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَسْألُ بِأرْحامِها إلّا آواهُمْ، فَلا حاجَةَ لَهُمْ بِهِمْ. فَآواهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَدِمُوا عَلَيْهِ المَدِينَةَ.
قالَ ابْنُ هِشامٍ: أبُو بِصَيْرِ ثَقَفِيٌّ.}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.337.|(مُصالَحَةُ الرَّسُولِ أهْلَ خَيْبَرَ):
وحاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أهْلَ خَيْبَرَ فِي حِصْنَيْهِمْ الوَطِيحِ والسُّلالِمِ، حَتّى إذا أيْقَنُوا بِالهَلَكَةِ، سَألُوهُ أنْ يُسَيِّرَهُمْ [١] وأنْ يَحْقِنَ لَهُمْ دِماءَهُمْ، فَفَعَلَ. وكانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ حازَ الأمْوالَ كُلَّها: الشَّقَّ ونَطاةَ والكَتِيبَةَ وجَمِيعَ حُصُونِهِمْ، إلّا ما كانَ مِن ذَيْنِكَ الحِصْنَيْنِ. فَلَمّا سَمِعَ بِهِمْ أهْلُ فَدَكَ قَدْ صَنَعُوا ما صَنَعُوا، بَعَثُوا إلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْألُونَهُ أنْ يُسَيِّرَهُمْ، وأنَّ يَحْقِنَ دِماءَهُمْ، ويُخَلُّوا لَهُ الأمْوالَ، فَفَعَلَ. وكانَ فِيمَن مَشى بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وبَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ مُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، أخُو بَنِي حارِثَةَ، فَلَمّا نَزَلَ أهْلُ خَيْبَرَ عَلى ذَلِكَ، سَألُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يُعامِلَهُمْ فِي الأمْوالِ عَلى النِّصْفِ، وقالُوا: نَحْنُ أعْلَمُ بِها مِنكُمْ، وأعْمَرُ لَها، فَصالَحَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلى النِّصْفِ، عَلى أنّا إذا شِئْنا أنْ نُخْرِجَكُمْ أخْرَجْناكُمْ، فَصالَحَهُ أهْلُ فَدَكَ عَلى مِثْلِ ذَلِكَ، فَكانَتْ خَيْبَرُ فَيْئًا بَيْنَ المُسْلِمِينَ، وكانَتْ فَدَكُ خالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لِأنَّهُمْ لَمْ يَجْلِبُوا عَلَيْها بِخَيْلِ ولا رِكابٍ.}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.345.|(إسْلامُهُ واسْتِشْهادُهُ):
قالَ ابْنُ إسْحاقَ: وكانَ مِن حَدِيثِ الأسْوَدِ الرّاعِي، فِيما بَلَغَنِي: أنَّهُ أتى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهُوَ مُحاصِرٌ لِبَعْضِ حُصُونِ خَيْبَرَ، ومَعَهُ غَنَمٌ لَهُ، كانَ فِيها أجِيرًا لِرَجُلِ مِن يَهُودَ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، اعْرِضْ عَلَيَّ الإسْلامَ، فَعَرَّضَهُ عَلَيْهِ، فَأسْلَمَ- وكانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لا يَحْقِرُ أحَدًا أنْ يَدْعُوَهُ إلى الإسْلامِ، ويَعْرِضَهُ عَلَيْهِ- فَلَمّا أسْلَمَ قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي كُنْتُ أجِيرًا لِصاحِبِ هَذِهِ الغَنَمِ، وهِيَ أمانَةٌ عِنْدِي، فَكَيْفَ أصْنَعُ بِها؟ قالَ: اضْرِبْ فِي وُجُوهِها، فَإنَّها سَتَرْجِعُ إلى رَبِّها- أوْ كَما قالَ- فَقالَ الأسْوَدُ، فَأخَذَ حَفْنَةً مِن الحَصى [١]، فَرَمى بِها فِي وُجُوهِها، وقالَ: ارْجِعِي إلى صاحبك، فو الله لا أصْحَبُكَ أبَدًا، فَخَرَجَتْ مُجْتَمَعَةً، كَأنَّ سائِقًا يَسُوقُها، حَتّى دَخَلَتْ الحِصْنَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ إلى ذَلِكَ الحِصْنِ لِيُقاتِلَ مَعَ المُسْلِمِينَ، فَأصابَهُ حَجَرٌ فَقَتَلَهُ، وما صَلّى للَّه صَلاةً قَطُّ، فَأُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوُضِعَ خَلْفَهُ، وسُجِّيَ بِشَمْلَةٍ كانَتْ عَلَيْهِ، فالتَفَتَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ومَعَهُ نَفَرٌ مِن أصْحابِهِ، ثُمَّ أعَرَضَ عَنْهُ، فَقالُوا:
يا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ أعَرَضْتُ عَنْهُ؟ قالَ: إنّ مَعَهُ الآنَ زَوْجَتَيْهِ مِن الحُورِ العِينِ. قالَ ابْنُ إسْحاقَ: وأخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبِي نَجِيحٍ أنَّهُ ذُكِرَ لَهُ: أنَّ الشَّهِيدَ إذا ما أُصِيبَ تَدَلَّتْ (لَهُ) [٢] زَوْجَتاهُ مِن الحُورِ العِينِ، عَلَيْهِ تَنْفُضانِ التُّرابَ عَنْ وجْهِهِ، وتَقُولانِ: تَرَّبَ اللَّهُ وجْهَ مَن تَرَّبَكَ، وقَتَلَ مَن قَتَلَكَ.}}
Editor، محررون، recentchangescleanup
٢٨٨

تعديل