الفرق بين المراجعتين لصفحة: «علم الكونيات في القرآن»

يتضمّن الكون القرآني "ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا". تتوسّع أكثر من آية في ما يتعلّق بالعناصر المختلفة لهذا المخطط من دون التطرّق إلى التفاصيل الدقيقة. وبشكلٍ عامّ، تظهر صورة عن أرض مسطّحة (وربّما سبعٌ من هذه)، فوقها سبع سماوات شكلها غير مؤكّد (من المفترض عادةً أنّها على شكل قبب؛ قال بعض المؤرخين في الآونة الأخيرة إنّ السماوات القرآنيّة مسطّحة) وترفعها أعمدة غير مرئية. وتزيّن المصابيح السماء الأكثر انخفاضاً من بينها. تسير الشمس والقمر فيها بشكلٍ غامضٍ جزئياً. يقيم الله في السماء فوق الخلق، جالساً على عرش. عيّن العمل الأكاديمي مكاناً لهذه الصورة في سياق المفاهيم الكونيّة الأوّليّة لبلاد ما بين النهرين والتوراة، مع الإشارة إلى هويّتها المميزة الخاصّة.

وقام بعض الأكاديميين الحديثين بمحاولات مخصصة لجمع الكون القرآني بشكلٍ كاملٍ أو جزئيّ. والدراسة الأكثر شمولاً في هذا المجال قادها محمد علي الطباطبائي وسيدة مرصادري من جامعة طهران سنة 2016^[١]. هما يشيران إلى أنّ النشاط الجديد في المجال هذا بدأ بعمل كيفين فان بليدل الذي يخصّ عناصر فرديّة من الصورة في سياق رحلات ذو القرنين^[٢] والأسباب السماوية التي ارتحل بواسطتها حول العالم والتي حاول فرعون الوصول إليها مثلاً، عبر بناء برج^[٣].

باتّخاذ الوصف القرآنيّ بحدّ ذاته وفي سياق علوم الكونيات الأقدم في بابل والإنجيل، لكن من دون التطرّق إلى الأعمال اللاحقة من التفسير أو الحديث اللذين يبيّنان التأثّر بالأفكار الهلنستية (الإغريقيّة) التي اكتسبها المسلمون بعد حلول الإسلام، يقول الطباطبائي ومرصادري إنّ علم الكونيات القرآني له خصائصه المميّزة بعدّة أشكال، بالإضافة إلى مفاهيم موروثة، فهو يتفاعل مع أيديولوجيات بيئته فيتقبّل بعضها ويرفض البعض الآخر. يتم الاستشهاد بملاحظاتهما في هذه المقالة على وجه الخصوص.

علم الكونيات في القرآن

السماوات والأرض

على أيّ رواية لعلم الكونيات في القرآن أن تبدأ بفكرة أنّ الكون الإسلاميّ شديد البساطة. فهو يتألّف من ثلاثة عناصر: "ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا" (راجع مثلاً القرآن ‏سورة قٓ:38)، والأخير يتضمّن أشياء كالسحاب (القرآن ‏سورة البَقَرَةِ:164)، والطيور (القرآن ‏سورة النُّورِ:41). في معظم الحالات، تكون السماوات والأرض اختزالاً للخلق بأكمله.

وما من تحديد لأيّ من ميزات الكون التي يعتبرها الناس أمراً مفروغاً منه. فما من مفاهيم لأنظمة شمسيّة، أو للمجرّات، أو "للفضاء". ما من إشارة إلى أنّ الأرض كوكبٌ كالكواكب المرئيّة منها، أو أنّ النجوم هي شموسٌ أخرى بعيدة عنّا. فعلم الكونيات القرآنيّ محدود بِما هو مرئيّ للعين المجرّدة، وحينما يحاول الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك، يضلّ دائماً عمّا تمّ اكتشافه من خلال التحقيق العلميّ.

وقد أكّد القرآن مراراً وتكراراً على المكانة الأساسيّة "للسماوات والأرض" باعتبارهما المكوّنين الأساسيين للخلق، وإنّ "الفصل" ما بينهما هو عمل الخلق المبدئي الذي قام به الله.

بالإضافة إلى ذلك، إنّ القرآن واضح في إشارته إلى أنّ الأرض جاءت أوّلاً حين خلق الله السماوات والأرض.

و

الأرض ومياهها

يقول الطباطبائي ومرصادري إنّ القرآن يرى أنّ الأرض مسطّحة كأنّه أمر مفروغ منه من دون "ولا حتى تلميح واحد إلى الأرض الكروية"^[٤]، وهي فكرة كانت سائدة في ما بين الأشخاص الساذجين علمياً آنذاك. وذلك في حين أنّ بعض العلماء المسيحيين المتأثرين بالإغريق في القرن السادس آمنوا بكرويّة الأرض بعكس نظرائهم في الشرق، كما أشار فان بلايدل^[٥]. وفي دراسة أخرى عن علم الكونيات في القرآن، يشير داميين جانوس إلى أنّه بينما لا يتمّ الوصف الدقيق لحدودها، إلّا أنّه "من الواضح أن القرآن والتقاليد الإسلامية القديمة لا يؤيدان مفهوم الأرض الكروية والكون الكروي. وقد سادت هذه النظرة فيما بعد في الأوساط المتعلمة من المجتمع الإسلامي نتيجة تسلل علم الفلك البطلمي"^[٦].

مرارًا وتكرارًا، يستخدم القرآن مصطلحات مختلفة تنقل الأرض المسطحة مثل السجادة. لتجميع أكثر شمولاً للآيات، راجع مقال وجهات النظر الإسلامية حول شكل الأرض.

في الواقع، يؤكد القرآن في مرحلة ما على مدى تملق الأرض لولا الجبال التي تشوش المنظر.

وكما يشير الطباطبائي ومرصادري^[٧]، الجبال هي كتل ضخمة توصف على أنّها أوتاد تمنع الأرض من الاهتزاز.

أحد الجوانب غير الواضحة لعلم الكونيات الإسلامي هو أن القرآن يشبه خلق الأرض بالسماوات السبع:

لاحظ طبطبائي ومرصادري أن صيغة الجمع لكلمة الأرض لم تُستخدم أبدًا في القرآن، على الرغم من أن معظم المفسرين المسلمين فسروا هذه الآية على أنها تعني سبع أراضٍ. بدلاً من ذلك، اعتبروا أن الآية تشبه الأرض بالسماء من حيث الشكل والمدى (أي امتداد مسطح) كجزء من حجة أوسع في دراستهم بأن القرآن يصف مجموعة من سبع سماوات مسطحة مكدسة (انظر أدناه)^[٨].

في الأحاديث، فكرة الأراضي السبعة، واحدة فوق الأخرى، واضحة بالفعل.

يلاحظ جانوس أن التعويذات السومرية التي يعود تاريخها إلى الألفية الأولى ما قبل الميلاد تذكر كلاً من السماوات السبع والأراض السبع^[٩]. يلاحظ طباطبائي ومرصادري بالمثل من هورويتز أن هذا التقليد كان شائعًا في الشرق الأدنى في الألفية الأولى ما قبل الميلاد، على الرغم من أن السماوات السبعة فحسب وجدت طريقها إلى الأدب العبري، وليس الأراضي السبعة^[١٠].

أثناء مقارنة النظرة التوراتية للمياه العذبة والمالحة بالبحرين الموجودين في بعض الآيات القرآنية (عذبة ومالحة - انظر على سبيل المثال القرآن ‏سورة الفُرۡقَانِ:53 وسعي موسى لإيجاد ملتقاهم في القرآن ‏سورة الكَهۡفِ:60) ، لاحظوا اختلاف آخر عن علم الكونيات في الكتاب المقدس وبلاد ما بين النهرين، وهو أن القرآن لم يذكر محيطًا يحيط بقرص الأرض المسطح^[١١].

البحران موجودان على سطح الأرض.

السماوات السبعة والمقيمون فيها

شكل السماوات

في حين أنّ الكثير من العلماء المسلمين والأكاديميين الحديثين (بسبب تفسيرهم لعلوم الكونيات القديمة الأخرى) يميلون إلى الافتراض بأنّ السماوات القرآنية مقببة، يلاحظ الطباطبائي ومرصادري إنّه ما من دليل في القرآن على أنّها تلامس حدود الأرض. الشمس والقمر موضوعان في السماوات (القرآن ‏سورة نُوحٍ:16 والقرآن ‏سورة النَّبَإِ:13)، وفي أدنى السماوات مصابيح القرآن ‏سورة فُصِّلَتۡ:12. يناقش جانوس الآيات القرآن ‏سورة الأَنبِيَاءِ:30 والقرآن ‏سورة يسٓ:40 وفيهما تتحرك الشمس والقمر في "فلك"، ويلاحظ إنّه لم يتم اعتبار هذا متطابقًا من الناحية اللغوية مع كلمة السماوات، ولم يتم تصورها بالضرورة على أنهما على الشكل نفسه^[١٢].  

في ما يلي نرى ملخصاً للحجج التي يستخدمها الطباطبائي ومرصادري لدعم فكرة أنّ السماوات القرآنيّة مسطّحة^[١٣]:

·       يفسّران القرآن ‏سورة الذَّارِيَاتِ:47 ("وَٱلسَّمَآءَ بَنَيْنَٰهَا بِأَيْي۟دٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ") لتعني أنّ السماوات تتوسّع باستمرار، ما يعزّز اتّساعاً مسطّحاً بدلاً من مقبّب (يمكن الإضافة في هذه الحالة إنّ الآية التالية عن توسيع الأرض التي تحمل الشكل النحويّ نفسه تناسب هذا المنظور كذلك). وهما يعتبران أيضاً إنّ الآيات التي تقوم على ذكر الأوتاد غير المرئية (انظر أدناه) تعزّز فكرة سماءٍ مسطّحة كالسقف.

·       الآيات التي تُشبّه فيها السماوات السبعة بالأرض (وقد ذكر تفسيرهما لالقرآن ‏سورة المُلۡكِ:12 أعلاه)، بما فيه في ما يخصّ عرضها. على سبيل المثال: في القرآن ‏سورة الحَدِيدِ:21 "وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلْأَرْضِ".

·       هذه السماوات مرتّبة في طبقات (القرآن ‏سورة المُلۡكِ:3، القرآن ‏سورة نُوحٍ:15)، وذلك يقترح بوضوح فكرة سطحيّة الأرض، وكلمة "طباقاً" تشبه الكلمة البابلية "طبوقات"، مما يشير إلى أنّ السماوات السبع المسطّحة المتراكبة هي إيمان مشترك بينهما.

·       في حين أنّ الاهتمام بالسماوات (على عكس مضامينها) غائب بشكل كبير في الشعر ما قبل الإسلام، إلّا أنّ قصائد أمية بن أبي الصلت شبّه السماوات إلى سبع أرضيات فوق بعضها، وشبّه الأرض (وهي كالسجادة) بالسماء العالية.

·       على الرغم من الاحتمال الواضح لإمكانية استخدام الخيم كتشبيه للسماوات، إلّا أنّ القرآن لا يفعل ذلك. إنّ الجبال تعمل كأوتاد لتثبّت الأرض بدل أن تثبّت قبّة خيمة سماوية.

·       إنّ فكرة السماء المسطّحة كانت شائعة في بلاد ما بين النهرين القديمة والشرق القريب (كما لاحظ جانوس، مقتبساً هورويتز^[١٤]) بالرغم من أنّ بعد العلماء يقولون بدلاً من ذلك إنّ الإيمان الكونيّ للشعوب الساذجة علمياً هو أنّ السماء مقببة. أمّا أولئك الذين يفترضون إنّ العرب كان لهم تصوّراً للسماء المقببة بسبب مساكنهم في الخيم يتجاهلون فكرة أنّ مكّة كانت منطقة مدنيّة ذات أسطح مسطّحة.

·       يجادلان قائلان إن كراهية القرآن الإيديولوجية للبدو لكانت قد امتدت لتشمل استخدامهم للخيام للممارسات الوثنية، ولهذا السبب ربما رفض أي تشابهات محتملة مع السماوات.

يلاحظان أنّ جانوس يؤيد أيضاً تفسير السماوات المسطّحة. فبالنسبة إليه، كان من الكافي أنّ السماء القرآنية مشبّهة ببناء أو سقف (القرآن ‏سورة البَقَرَةِ:22، القرآن ‏سورة الأَنبِيَاءِ:32، القرآن ‏سورة غَافِرٍ:64). فكلمة سقف (وهو مسطّح) وردت في القرآن القرآن ‏سورة النَّحۡلِ:26 والقرآن ‏سورة الزُّخۡرُفِ:33، وهما يلاحظان ذلك بالإضافة إلى أنّ السماوات مكدّسة في طبقات كما هو مذكور أعلاه – هما يتفقان معه على قوة هذه النقطة الأخيرة، على الرغم من أنه منفتح أيضًا على وجهة النظر التي تدعم شكل قبة، وذلك بناءً على مصادر التفسير بدلاً من أي دليل داخلي، بينما يعتمد فان بلاديل بشكل أساسي على مصادر ما قبل القرآنية في مناقشته حول ما إذا كانت السماوات القرآنية قبة أو خيمة أو سقف^[٣].

ومن الأدلّة التي لا يتحدّثون عنها التي ترد في القرآن في القرآن ‏سورة الأَنبِيَاءِ:104 والقرآن ‏سورة الزُّمَرِ:67، وهي تشير إلى أنّ السماوات ستطوى في يوم القيامة.

من الجهة الأخرى، إنّ القمر، والشمس على الأغلب، موجودان ضمن السماوات السبعة بحسب الآيات القرآنية ‏سورة نُوحٍ 15 إلى 16، ما قد يدعم الافتراض الذي تشاركه بعض صحابة محمد بالإضافة إلى بعض العلماء التقليديين بأنّ السماوات مقببة بما أنّ هذه الأجرام السماوية، بالإضافة إلى الليل والنهار، تسبح في الفلك (أنظر أعلاه). هذه الآية ذكرها طباطبائي ومرصادري دون تعليق على الصعوبة المحتملة^[١٥]. في تحليل فان بلاديل للكون القرآني، للسماء بوابات^[٣]، وهي ربما تقدم حلاً (في أسطورة الإسكندر السرياني ، الشمس تمر عبر البوابات ، ولكن في قبة بدلاً من السماء المسطحة^[٢]).

سماوات صلبة وأعمدة غير مرئية

لاحظ طبطبائي وميرسادري، كما هو الحال في علوم الكونيات القديمة الآخرى، أن السماء القرآنية هي جسم صلب^[١٦]. على عكس الأعمدة السماوية في الكتاب المقدس، ترتفع السماوات القرآنية بواسطة أعمدة غير مرئية^[١٧] (انظر أيضًا القرآن ‏سورة لُقۡمَانَ:10 ؛ يشير ابن كثير في تفسيره إلى وجهتي نظر حول الصياغة الغامضة إلى حد ما، كما لو أن كان المؤلف يراهن على رهانه: وَقَوْلُهُ: ﴿بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ: أَنَّهُمْ: قَالُوا: لَهَا عَمَد وَلَكِنْ لَا تُرَى. وَقَالَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: السَّمَاءُ عَلَى الْأَرْضِ مِثْلُ الْقُبَّةِ، يَعْنِي بِلَا عَمَدٍ^[١٨].

ولاحظا أن آيات مختلفة تصف السماء بأنها بناء أو صرح بدون شقوق، على الرغم من أن أجزاء منها قد تسقط على الأرض.

وتتضح حقيقة أن السماء صلبة من خلال مفهوم القطع المتساقطة والتي من المحتمل أن تصيب سكان الأرض.

توصف السماوات على أنّها قويّة.

في الواقع، إنها كبيرة جدًا لدرجة أنه من الممكن حتى الصعود إليها باستخدام سلم.

إنه سقف محمي (يُفترض أنه إشارة إلى الشهب التي تطارد الشياطين في آيات أخرى):

لمزيد من الشرح عن طبيعة السماوات السبع، فإن أدب الحديث مفيد. هنا نتعلم المسافات بين كل سماء وأخرى، وكذلك ما هو على الجانب الآخر من أبعد سماء بينها.

وبغض النظر عن الماعز الجبلي العملاق الذي لم يرد ذكره قط في القرآن نفسه، تقع السماء الأبعد تحت بحر عميق مثل المسافة بين السماوات المجاورة. وكون "عرش الله" فوق هذه المياه مذكور في القرآن كما ورد في الحديث.

ومع ذلك، لا يوجد أي ذكر للمجرات أو الكويزارات أو مجموعات المجرات أو الفضاء الفارغ. ببساطة: الماء والعرش والله نفسه.

تم العثور على تفاصيل إضافية تتعلق بكلّ سماء لوحدها في روايات "رحلة محمد الليلية". بدلاً من الاقتباس مطولاً، تتم إحالة القراء إلى صحيح البخاري 9:93:608 للنسخة الطويلة. ولكن هذه هي النقاط الرئيسية.

كل من السماوات السبع يسكنها عدة ملائكة وعدد قليل من الناس أيضًا. يتم دخول هذه السماوات من خلال أبواب في قباب صلبة، ولكل منها حارس ملائكي ويسكن كل منها نبي مقيم. على سبيل المثال، مباشرة فوق قبة السماء الأولى، هو المكان الذي التقى فيه محمد بآدم، واكتشف (في غياب المعرفة الجغرافية الحقيقية) مصادر نهري دجلة والفرات. الجنة الثانية هي بيت النبي إدريس. هارون في السماء الرابعة، وإبراهيم في السادسة، وموسى في السابعة.

النجوم والشمس والقمر

تقع النجوم داخل السماء الأقرب، والقرآن واضح تمامًا فيما يخصّ هذه النقطة.

موقع الشمس والقمر أكثر غموضًا بقليل، فكل ما نعرفه أنهما في السماء، وليسا في الأقرب من بين السماوات بشكلٍ واضح.

يطفو هذان الضوءان، بالإضافة إلى الليل والنهار في مسار دائري / كروي / نصف كروي (فلك).

وفي نهاية مسارها اليومي عبر السماء، تمر الشمس (وربما القمر والنجوم أيضًا) عبر سطح الأرض المسطح، بالقرب من الحافة الغربية البعيدة، وذلك باستخدام فتحات مملوءة بالماء.

بمجرد أن تغيب الشمس عن نظر البشر الذين يملؤون أعلى القرص الأرضي، تتوقف حركتهم، ويستريحون ليلاً في أماكن معينة للراحة.

ولكن في وقت ما أثناء الليل (وهنا ننتقل مرة أخرى إلى الحديث للحصول على التفاصيل)، يجب أن تفاوض الشمس على إعادتها في اليوم التالي مع مناشدة مباشرة لإذن الله.

كما ورد الحديث في صحيح البخاري 4:54:421 حيث قدم كتفسير لالقرآن ‏سورة يسٓ:38 المذكور أعلاه.

بعد الحصول على إذن بالشرق، تمر الشمس مرة أخرى عبر الأرض المسطحة بالقرب من حافتها الشرقية لتبدأ باليوم التالي. في حين أنه لم يتم ذكر "حمّامات موحلة" على وجه التحديد لشروق الشمس، فإن وصف الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من نقطة الخروج يعكس وصف المكان الذي تغرب فيه الشمس.

الكسوف والخسوف

يُظهر القرآن عدم فهم للخسوف على الإطلاق. ربما هذا أمر مفهوم. يزعم الحديث أن محمدًا اختبر كسوف واحد فقط للشمس في خلال حياته، وهي تجربة أخافته وأدخلته في عمل تقوى مذهل. لكن القرآن يشير فقط إلى الخسوف مرّة واحدة فحسب، وهو خسوف للقمر سيحدث في نهاية العالم.

في الواقع، يصدر القرآن في الواقع بيانًا يجعل الخسوف والكسوف مستحيلان.

من أجل حدوث، يجب على الشمس والقمر في الواقع (من منظور الأرض) "إدراك" بعضهما البعض في "مداريهما". ولكن بما أن القمر نفسه لم يكن مرئيًا في ذلك الوقت، فإن مؤلفي القرآن لم يلاحظوا ذلك أبدًا.

ولكن بعد ذلك، عند مناقشة نهاية الزمان، يفترض القرآن أن خسوف القمر (الذي يمكن أن يحدث فقط عندما تكون الشمس والقمر على جانبين متقابلين من الأرض) يمكن أن يحدث في نفس الوقت الذي "يدرك" الشمس والقمر أخيرًا بعضها البعض فيه.

لا يُظهر "اتحاد" الشمس والقمر حالة واحدة فحسب "يلحقان" عندها ببعضهما البعض، بل إنّه  يشير أيضاً إلى أن مؤلف القرآن افترض التصور الشائع بأن الشمس والقمر لهما نفس الحجم ونفس المسافة عن الأرض.

النجوم والكواكب والنيازك

نظرًا لأن الشعوب القديمة كانت تعلم عمومًا أن الكواكب مختلفة عن النجوم العادية (فهي تتحرّك)، فإن الافتراض الآمن هو أن المسلمين الأوائل كانوا على دراية بنفس القدر.

لكن الاعتقاد الخاطئ (إذا كان مفهومًا) بأن النجوم هي أشياء صغيرة جدًا وقريبة لا ينعكس بمجرّد وضعها في السماء الأقرب. كما هو الحال مع معظم القدماء الآخرين، اعتقد مؤلفو القرآن أن النيازك هي حرفياً "نجوم ساقطة". تخبرنا القرآن ‏سورة المُلۡكِ:5 أنها أسلحة ضد الشياطين والجن.

يبدو أن هذا جزء من الدور الوقائي للسماء.

عرش الله

لاحظ طبطبائي ومرصادري أنه يبدو إنّ الله يسكن في السماء القرآنية، بينما يمتد كرسيه فوق السماوات والأرض، ويحمل الملائكة عرشه (القرآن ‏سورة الزُّمَرِ:75 والقرآن ‏سورة غَافِرٍ:7). وهذا يشبه إلى حد كبير وجهة النظر اليهودية-المسيحية^[١٩].

موقع الجنّة وجهنّم

لاحظ طبطبائي ومرصادري أنه بالنسبة للقرآن لا توجد أي إشارة تقريبًا إلى ما هو تحت الأرض، إلا على أنه ليس أكثر من موقع جغرافي. لا يوجد مفهوم للعالم السفلي، على عكس أساطير بلاد ما بين النهرين، وكذلك أساطير مصر واليونان^[٢٠].

وصف القرآن أكثر من مرّة الجنّة على أنّها "جَنَّٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ". وهذا ما لاحظه أيضًا توماسو تيسي ، الذي أوضح بالتفصيل كيف "تؤكد المصادر أنه خلال العصور القديمة المتأخرة ، كان يُعتقد على نطاق واسع أن الجنة كانت مكانًا ملموساً يقع على الجانب الآخر من المحيط الذي يحيط بالأرض. ووفقًا لهذا المفهوم، افترض بشكل عام أن الأنهار التي تنساب من الجنة تمرّ تحت هذا المحيط لتصل إلى الجزء المأهول من العالم ". إن فكرة وجود أربعة أنهار تتبع مسارًا جوفيًا من الجنة إلى العالم المأهول تحدث أيضًا في المصادر الشرقية القريبة والسريانية المعاصرة^[٢١].

يظهر المفهوم أيضًا في العديد من الأحاديث الصحيحة حول رحلة محمد الليلية التي تذكر النيل والفرات، على سبيل المثال:

يتخذ علم الكونيات الإسلامي اللاحق موقعًا مبتذلًا تمامًا من حيث الجنة والنار، ويضعهما بحزم داخل الكون الذي يتكون من السماء والأرض. نوقش هذا الأمر في العديد من الروايات في مقال على موقع Islamqa.info^[٢٢]. يُظهر وصف "الرحلة الليلية" لمحمد أن كل من السماوات السبعة مأهولة بالأنبياء الراحلين في الجنة. وهذا يتفق مع الوصف القرآني لحجم الجنة.

إذا كانت السماوات (لتشمل السابعة والأكبر) مأهولة بالفعل بسكان الجنة، فسيكون عرض الجنة بالضبط عرض السماء والأرض.

وبما أن الجنة على الجانب الآخر من الجنة الأولى، فقد يبدو من المعقول أن تكون الجحيم على مستوى أدنى الأرض، كما يظهر في الحديث. وهذا يتفق مع الأوصاف القرآنية للجحيم على أنها مكان مغلق تمامًا.

اتجاه الجحيم في يوم القيامة أو من منظور أولئك الذين في الجنة على الأقل ، عندما يتم ذكره ، يكون دائمًا "أسفل".

وفي مرجع آخر، يتم توجيه المراقب إلى "النظر إلى أسفل" ليشهد أحد سكان الجحيم.

وهكذا، يكون قد اكتمل الكون الإسلامي.

المراجع