إذا تحب ويكي إسلام فيمكنك التبرع هنا الرجاء ان تدعم المسلمين السابقين في أمريكا الشمالية فهي المنظمة التي تستضيف وتدير هذا الموقع تبرع اليوم

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «علم الأجنّة في القرآن»

من ویکی اسلام
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
[مراجعة منقحة][مراجعة منقحة]
(أنشأ الصفحة ب'يدّعي مفهوم '''علم الأجنّة في القرآن''' وجود رواية صحيحة علمياً عن نموّ الجنين في القرآن. وينظر...')
 
لا ملخص تعديل
سطر ٢: سطر ٢:


بدأ التفسير الدفاعيّ لهذه الآيات بشكل جدّي حين تمّ نشر كتب من قِبل خبراء طبّيين غير مسلمين كالدكتور موريس بوكاي<ref>Bucaille, M., ''La Bible, le Coran et la Science : Les Écritures Saintes examinées à la lumière des connaissances modernes'', Paris:Seghers, 1976, (<nowiki>ISBN 978-2221501535</nowiki>)</ref> والدكتور كيث مور<ref>Keith L. Moore and Abdul-Majeed A. Zindani, ''The Developing Human With Islamic Additions'', 3rd ed. Philadelphia: Saunders with Jeddah:Dar al-Qiblah for Islamic Literature, 1983</ref><ref>Later, Dr. Moore wrote a similarly popularised article for an Islamic journal:
بدأ التفسير الدفاعيّ لهذه الآيات بشكل جدّي حين تمّ نشر كتب من قِبل خبراء طبّيين غير مسلمين كالدكتور موريس بوكاي<ref>Bucaille, M., ''La Bible, le Coran et la Science : Les Écritures Saintes examinées à la lumière des connaissances modernes'', Paris:Seghers, 1976, (<nowiki>ISBN 978-2221501535</nowiki>)</ref> والدكتور كيث مور<ref>Keith L. Moore and Abdul-Majeed A. Zindani, ''The Developing Human With Islamic Additions'', 3rd ed. Philadelphia: Saunders with Jeddah:Dar al-Qiblah for Islamic Literature, 1983</ref><ref>Later, Dr. Moore wrote a similarly popularised article for an Islamic journal:
Dr. Moore, K., ''A Scientist's Interpretation of References to Embryology in the Qur'an'', Journal of the Islamic Medical Association, 1986, vol.18(Jan-June):15-17</ref> في ما بعد (في نسخة مميزة من كتابه الذي حمل العنوان الفرعيّ "مع إضافات إسلاميّة"، إلى جانب المؤلّف المشارك عبد المجيد الزنداني، وهو رجل ديم وهابي). لكنّ بعض النقّاد يعتقدون أنّ مور لم يكن يحاول إلّا أن يبيّن إخلاصه لمستضيفيه والمستثمرين، فهو كان يعمل مع لجنة علم الأجنّة في جامعة الملك عبد العزيز في جدّة<ref>Keith L. Moore and Abdul-Majeed A. Zindani, ''The Developing Human With Islamic Additions'', 3rd ed., Philadelphia: Saunders with Jeddah:Dar al-Qiblah for Islamic Literature, 1983, page viii insert c.</ref>. إنّ مدح مور للادّعاءات الإسلاميّة قد تكرّر في محادثات للدكتور ذاكر نائك، وهارون يحيى وغيرهم من المدافعين. أمّا النقّاد ومنهم الدكتور بول زكاري مايرز يظنّون أنّ الآيات القرآنيّة التي تأتي على ذكر علم الأجنّة لا تقارن بالمعايير العلميّة وليست مقبولة منها<ref>Dr. P.Z. Myers ''Islamic embryology: overblown balderdash'', Pharyngula blog - Scienceblogs.com, 2011, accessed 4 Jan 2019</ref>.  
Dr. Moore, K., ''A Scientist's Interpretation of References to Embryology in the Qur'an'', Journal of the Islamic Medical Association, 1986, vol.18(Jan-June):15-17</ref> في ما بعد (في نسخة مميزة من كتابه الذي حمل العنوان الفرعيّ "مع إضافات إسلاميّة"، إلى جانب المؤلّف المشارك عبد المجيد الزنداني، وهو رجل ديم وهابي). لكنّ بعض النقّاد يعتقدون أنّ مور لم يكن يحاول إلّا أن يبيّن إخلاصه لمستضيفيه والمستثمرين، فهو كان يعمل مع لجنة علم الأجنّة في جامعة الملك عبد العزيز في جدّة<ref>Keith L. Moore and Abdul-Majeed A. Zindani, ''The Developing Human With Islamic Additions'', 3rd ed., Philadelphia: Saunders with Jeddah:Dar al-Qiblah for Islamic Literature, 1983, page viii insert c.</ref>. إنّ مدح مور للادّعاءات الإسلاميّة قد تكرّر في محادثات للدكتور ذاكر نائك، وهارون يحيى وغيرهم من المدافعين. أمّا النقّاد ومنهم الدكتور بول زكاري مايرز يظنّون أنّ الآيات القرآنيّة التي تأتي على ذكر علم الأجنّة لا تقارن بالمعايير العلميّة وليست مقبولة منها<ref>Dr. P.Z. Myers ''Islamic embryology: overblown balderdash'', Pharyngula blog - Scienceblogs.com, 2011, accessed 4 Jan 2019</ref>.  


سطر ٩: سطر ٨:
<br />
<br />


== المصطلحات القرآنية ==
==المصطلحات القرآنية==
القرآن مكتوب اللغة العربيّة الفصحى. لذلك، ليست كلّ المصطلحات سهلة الترجمة كما هو حال اللغة العربيّة الفصحى الحديثة. فلغاية التوضيح:
القرآن مكتوب اللغة العربيّة الفصحى. لذلك، ليست كلّ المصطلحات سهلة الترجمة كما هو حال اللغة العربيّة الفصحى الحديثة. فلغاية التوضيح:


سطر ٢١: سطر ٢٠:
<br />
<br />


== اقتباسات متعلّقة بالموضوع ==
==اقتباسات متعلّقة بالموضوع==
{{اقتباس|{{الآيات القرآنية|23|12|14}}|وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلْإِنسَٰنَ مِن سُلَٰلَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَٰهُ نُطْفَةً فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَٰمًا فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَٰمَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَٰهُ خَلْقًا ءَاخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَٰلِقِينَ}}{{اقتباس|{{القرآن|22|5}}|يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مِّنَ ٱلْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِى ٱلْأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰٓ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوٓا۟ أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰٓ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنۢ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْـًٔا ۚ وَتَرَى ٱلْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنۢبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍۭ بَهِيجٍ}}{{اقتباس|{{القرآن|40|67}}|هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوٓا۟ أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا۟ شُيُوخًا ۚ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ ۖ وَلِتَبْلُغُوٓا۟ أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}}
{{اقتباس|{{الآيات القرآنية|23|12|14}}|وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلْإِنسَٰنَ مِن سُلَٰلَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَٰهُ نُطْفَةً فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَٰمًا فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَٰمَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَٰهُ خَلْقًا ءَاخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَٰلِقِينَ}}{{اقتباس|{{القرآن|22|5}}|يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مِّنَ ٱلْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِى ٱلْأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰٓ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوٓا۟ أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰٓ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنۢ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْـًٔا ۚ وَتَرَى ٱلْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنۢبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍۭ بَهِيجٍ}}{{اقتباس|{{القرآن|40|67}}|هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوٓا۟ أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا۟ شُيُوخًا ۚ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ ۖ وَلِتَبْلُغُوٓا۟ أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}}


== النقد العلمي لعلم الأجنّة القرآني ==
==النقد العلمي لعلم الأجنّة القرآني==
غالباً ما يُنتقد علم الأجنّة في القرآن من وجهة نظر العلم الحديث. تُعطى المزيد من التفاصيل مع مصادرها في هذا المقال، لكنّ الانتقادات الأساسيّة هي التالية:
غالباً ما يُنتقد علم الأجنّة في القرآن من وجهة نظر العلم الحديث. تُعطى المزيد من التفاصيل مع مصادرها في هذا المقال، لكنّ الانتقادات الأساسيّة هي التالية:


1.      يوضّح عدد من الآيات بشكل جماعيّ إنّ مرحلة النّطفة الأوّليّة من النموّ مكوّنة من المني، وهو ربّما ممزوج بسائل نسائيّ، ويوضعان في الرحم لفترة معروفة حيث تخضع النطفة لعددٍ من مراحل النموّ (كما علّم جالينوس والتلمود اليهودي). بالإضافة إلى ذلك، ما من إشارة على أنّ كاتب القرآن كان مدركاً لوجود البويضة النسائيّة.  
1.      يوضّح عدد من الآيات<ref>{{القرآن|23|13}}، و{{الآيات القرآنية|70|20|22}}، {{الآيات القرآنية|80|18|19}}</ref> بشكل جماعيّ إنّ مرحلة النّطفة الأوّليّة من النموّ مكوّنة من المني، وهو ربّما ممزوج بسائل نسائيّ، ويوضعان في الرحم لفترة معروفة حيث تخضع النطفة لعددٍ من مراحل النموّ (كما علّم جالينوس والتلمود اليهودي). بالإضافة إلى ذلك، ما من إشارة على أنّ كاتب القرآن كان مدركاً لوجود البويضة النسائيّة.  
 
ففي الحقيقة، حيوان منويّ واحد يخترق ويندمج مع البويضة. وهذه البويضة المخصّبة، التي تسمّى كذلك باللاقحة، تُدفع إلى قناة الرحم لبضعة أيّام. في طريقها إلى القناة، يبدأ انقسام الخليّة، وتُزرع كتلة الخلايا هذه التي أصبحت تسمّى بالكيسة الأريمية في الرحم.<ref>"Conception: How it Works", University of California San Francisco - Center for Reproductive Health.</ref>
 
 
2.      يُقال من ثمّ إنّ الجنين يصبح علقة<ref>{{القرآن|23|14}}، {{القرآن|22|5}}، {{القرآن|40|67}}</ref>. وفهمت جميع التفسيرات التقليديّة معنى كلمة "علقة" على أنّها تعني " قطعة من دمٍ غليظ جامد"، وهذا هو تعريف الكلمة في القواميس العربيّة التقليديّة. وبغضّ النظر عن المعاني البديلة لهذه الكلمة، إلّا أنّه ليس من المنطقيّ محاولة تفسير كلمةٍ تفسيرها الأساسيّ يتضمّن معنىً بيولوجياً واضحاً (دم جامد) في وصفٍ لعمليّة بيولوجيّة (علم الأجنّة)؛ فمن المؤكّد أنّ معنى غير دقيق كهذا قد يثير الشكّ في ادّعاء القرآن ذي التأليف الإلهي بأنّه "واضح". وإنّ اختيار هذه الكلمة يسبّب الآن شكّاً مبرّرا في عدم الدّقّة، كما أنّه ضلّل الناس لقرون فكانوا يطنّون أنّ الجنين يكون دماً جامداً في أحد مراحل نموّه (فإنّ الجنين الفعليّ ليس دماً ولا كتلة دمٍ في أيّ مرحلة من مراحل نموّه<ref>Dr Mark Hill, "Timeline human development", University of New South Wales.</ref>). وبشكل مشابه، ومن وجهة نظر التأليف الإلهي والوضوح التامّ، ليس من المنطقيّ أن يتمّ استخدام هذه الكلمة وقصدها (كتلة دم جامد) كمجرّد تشبيه بصري.  
 
3.      يدّعي القرآن إنّ العظام تتكوّن ثمّ تُلَبّس باللحم<ref>{{القرآن|23|14}}</ref>. لكنّ الحقيقة هي أنّ نماذج غضروفية للعظام تبدأ بالتكوّن في الوقت آنه وبشكل موازي للعضلات المحيطة، وإنّ هذا الغضروف يُستبدل حرفياً بالعظم.
 
 
لقد وصف كاتب القرآن سلسلة من المراحل، وحين يتمّ تفحّصها من دون التعاريف الخاطئة والافتراضات التعسفيّة التي قدّمها المدافعون، فمن الواضح أنّ هذه المراحل لا تشبه عمليّة نموّ الطفل الفعليّة في الرحم بحسب النقّاد. فبدلاً من ذلك، يمكن لأيّ شخص يملك معرفة علميّة حديثة بعلم الأجنّة أن يتعجّب من التعقيد الرائع الناتج عن عمليّتي تمايز الخلايا وتأشيرها المنسّقتين الموضوعة في جيناتنا التي حددتها ملايين السنين من التطوّر، والخالية من أيّ تصميم إلهيّ ظاهر.
 
<br />
 
== وجهات نظر تعديلية حديثة ==
 
=== الخلق أساساً من تراب/طين/صلصال ===
تُحدث التصريحات عن التراب والحَمَإٍ والطين والصلصال في الآيات القرآنية عن علم الأجنّة المذكورة أعلاه بعض الحيرة أحياناً. ويوفّر توضيح في آيات أخرى أنّ ذلك يشير إلى خلق آدم فحسب، وأنّ التصريحات التالية عن المراحل المختلفة تشير إلى نموّ البشر منذ ذلك الحين<ref>{{الآيات القرآنية|32|7|8}}</ref><ref>{{القرآن|3|59}}</ref><ref>{{القرآن|15|26}}</ref>. كان هذا رأي العلماء التقليديين مثل ابن كثير.
 
تشير آيات كتلك إلى آدم بشكلٍ خاصّ، وإلى أنّ الإنسان صُنع من طين، وإلى أنّ الطين هو مادّة بناء تُصبّ وتُعطى أشكالاً، وليس مركّباً محفّزاً كما يدّعى بعض المدافعين بهدف ربط القرآن بنظريّة عن مصدر كلّ الحياة على الأرض.  
 
وفي حين أنّ ذلك لا علاقة وطيدة له بعلم الأجنّة، يوجد ادّعاء آخر على بعض المواقع الإسلاميّة يقول إنّ تكويني الطين والإنسان متشابهين. وإنّ العناصر الأساسية في الطين هي السيليكون والألمنيوم والهيدروجين والأكسجين. وإنّ السيليكون والألمنيوم دورهما في الحفاظ على الحياة محدود إن كان موجوداً<ref>Fenchel, Tom 2003. The origin and Early Evolution of Life. Oxford University Press. Page 27.</ref>. أمّا العناصر الأخرى الضرورية للإنسان (كالنيتروجين والصوديوم إلخ.) فهي موجودة بكميات ضئيلة في الطين ويمكن النظر إليها على أنّها ملوّثات. ما من تشابه بين تكويني الطين والإنسان.
<br />
 
=== مرحلة النُّطفة ===
أوّل مرحلة في علم الأجنّة القرآني هي مرحلة النُّطفة. ويعطي قاموس لسان العرب التعاريف التالية لكلمة "نُطفة":


ففي الحقيقة، حيوان منويّ واحد يخترق ويندمج مع البويضة. وهذه البويضة المخصّبة، التي تسمّى كذلك باللاقحة، تُدفع إلى قناة الرحم لبضعة أيّام. في طريقها إلى القناة، يبدأ انقسام الخليّة، وتُزرع كتلة الخلايا هذه التي أصبحت تسمّى بالكيسة الأريمية في الرحم.


'''''القليل من الماء؛ الماء القليل يَبقى في القِربة؛ الماء القليل يبقى في الدَّلْو؛ هي الماء الصافي، قلَّ أَو كثر؛ ماء الرجل؛ سمي المنيُّ نُطفة لقلته'''''


2.      يُقال من ثمّ إنّ الجنين يصبح علقة. وفهمت جميع التفسيرات التقليديّة معنى كلمة "علقة" على أنّها تعني " قطعة من دمٍ غليظ جامد"، وهذا هو تعريف الكلمة في القواميس العربيّة التقليديّة. وبغضّ النظر عن المعاني البديلة لهذه الكلمة، إلّا أنّه ليس من المنطقيّ محاولة تفسير كلمةٍ تفسيرها الأساسيّ يتضمّن معنىً بيولوجياً واضحاً (دم جامد) في وصفٍ لعمليّة بيولوجيّة (علم الأجنّة)؛ فمن المؤكّد أنّ معنى غير دقيق كهذا قد يثير الشكّ في ادّعاء القرآن ذي التأليف الإلهي بأنّه "واضح". وإنّ اختيار هذه الكلمة يسبّب الآن شكّاً مبرّرا في عدم الدّقّة، كما أنّه ضلّل الناس لقرون فكانوا يطنّون أنّ الجنين يكون دماً جامداً في أحد مراحل نموّه (فإنّ الجنين الفعليّ ليس دماً ولا كتلة دمٍ في أيّ مرحلة من مراحل نموّه). وبشكل مشابه، ومن وجهة نظر التأليف الإلهي والوضوح التامّ، ليس من المنطقيّ أن يتمّ استخدام هذه الكلمة وقصدها (كتلة دم جامد) كمجرّد تشبيه بصري.  
''النُّطفة في قاموس لسان العرب''




يمكن إيجاد استخدام لكلمة نطفة في شعرٍ ممّا قبل الإسلام حيث كانت تعني "كمية صغيرة من النبيذ بقيت في قربة"<ref>Irfan Shahid, “Byzantium and the Arabs in the sixth century. Volume 2, Part 2”, p.145, Washington, D.C.: Dumbarton Oaks, 2009</ref>.


3.      يدّعي القرآن إنّ العظام تتكوّن ثمّ تُلَبّس باللحم. لكنّ الحقيقة هي أنّ نماذج غضروفية للعظام تبدأ بالتكوّن في الوقت آنه وبشكل موازي للعضلات المحيطة، وإنّ هذا الغضروف يُستبدل حرفياً بالعظم.  
إنّ الآيات 80:18-19 و77:20-22 و 23:13 توحي بشكل كبير إلى أنّ السائل المنوي هو الذي يُخزّن في الرحم وينمو ليصبح جنيناً، كما هو مؤكّد في الأحاديث ومُعتقد سابقاً من قِبل اليهود والإغريق.  
{{اقتباس|{{الآيات القرآنية|80|18|19}}|مِنْ أَىِّ شَىْءٍ خَلَقَهُۥ مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُۥ فَقَدَّرَهُۥ}}{{اقتباس|{{الآيات القرآنية|77|20|22}}|أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ فَجَعَلْنَٰهُ فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ}}{{اقتباس|{{القرآن|23|13}}|ثُمَّ جَعَلْنَٰهُ نُطْفَةً فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ}}


لقد وصف كاتب القرآن سلسلة من المراحل، وحين يتمّ تفحّصها من دون التعاريف الخاطئة والافتراضات التعسفيّة التي قدّمها المدافعون، فمن الواضح أنّ هذه المراحل لا تشبه عمليّة نموّ الطفل الفعليّة في الرحم بحسب النقّاد. فبدلاً من ذلك، يمكن لأيّ شخص يملك معرفة علميّة حديثة بعلم الأجنّة أن يتعجّب من التعقيد الرائع الناتج عن عمليّتي تمايز الخلايا وتأشيرها المنسّقتين الموضوعة في جيناتنا التي حددتها ملايين السنين من التطوّر، والخالية من أيّ تصميم إلهيّ ظاهر.
 
من الانتقادات الأخرى هي أنّ القرآن لا يأتي على ذكر بيضة الأنثى (البويضة). ففكرة أنّ عبارة "نطفة أمشاج" (أي مخلوطة) في الآية 76:2<ref>{{القرآن|76|2}}</ref> تتضمّن البويضة هي مجرّد افتراض من قِبل المدافعين، وفي أيّ حالة إنّ خلية الحيوان المنوي لا تسبح في المني الذكوري في وقت التلقيح (راجع "اختلاط السوائل الذكرية والأنثوية" أدناه).
 
بدلاً من ذلك، يمكن لعبارة "نطفة أمشاج" في الآية 76:2 أن تكون إشارة إلى توحّد المني والدم الحيضي الذي تحدّث عنه أرسطو وعلماء الأجنّة الهنديين القدماءـ أو إشارة إلى فرضية المنيين لأبقراط وجالينوس، أو حتى اختلاط المني والإفرازات المهبليّة الذي يمكن مراقبتها بكلّ سهولة في خلال الجماع. بطريقة أخرى، فكرة أنّ القرآن لا يصرّح بوضوح أنّ "نطفة أمشاج" تتضمّن البويضة، بالإضافة إلى وجود احتمالات تفسير أخرى للمسألة، تعني أنّه من غير المنطقيّ اتّخاذ فكرة واحدة في عين الاعتبار فكرة من دون الأخرى.
 
يقول النقّاد إنّ القرآن يُظهر فعلياً مفهوماً معاكساً لدور البويضة في التكاثر، فالآية 2:223 تقول إنّ الزوجة "حرث". يشير ذلك إلى أنّهنّ كالتراب الذي يوفّر العناصر الغذائية بينما يحصل على البذرة من الرجل<ref>{{القرآن|2|223}}</ref>.
 
=== مرحلة العلقة ===
كان الإجماع في تفسيرات آيات علم الأجنّة أنّ العلقة تعني الدم الجامد. تمّ وصفها في الكثير من التفسيرات أنّها دم، دم جامد، أو بكلّ بساطة علقة حمراء. مع ذلك، حاول بعض المدافعين في وقتنا الحديث، وبالأخصّ أولئك الذين أنّ هذا الأمر يتعارض مع الحقائق البيولوجيّة، أن يعيدوا تفسير الكلمة باستخدام تعريفات أخري من القاموس لكلمة علقة أو علق. لكنّ كلٌّ من هذه التعريفات البديلة مُعضلة من وجهة نظر علميّة، كما هي مجرّد فكرة أنّ "علقة" لها "دم جامد" كأحد معانيها الأساسيّة.
<br />
 
==== شيء ملتصق ====
أحد الادّعاءات هو أنّ "العلقة" مستخدمة بمعنى شيء ملتصق في القرآن. لكنّ الجنين لا يتوقّف عن كونه ملتصقاً بجدار الرحم حين يبدأ الجهاز العضلي الهيكلي للجنين بالتطوّر في حوالى الأسبوع الخامس من الحمل. إلّا أنّ مراحل القرآن تبدو وكأنّها تصف انتقالاً بين مراحل متتالية. في أيّ حال، من البديهيّ أن يبدو أنّ الجنين يصبح ملتصقاً بشيء ما في مرحلة ما من خلال الأجنّة التي تمّ إجهاضها.
<br />
 
==== معلّق ====
وادّعاء خاطئ آخر ذو صلة، هو أنّ العلقة مستخدمة هنا بمعنى شيء معلّق، لأنّ الجنين في البداية يطوف في السائل السلوي (الأمنيوتي)، وهو موصول عبر قناة وصلٍ بجدار الرحم حيث هو مدفون. المشكلة هي أنّ الأجنّة لا يتعلّقون كلّهم إلى أسفل تحت قناة وصلهم. بل إنّ ذلك متعلّق بمكان الزرع في الرحم. عادةً ما يكون الرحم أفقياً بوضوح في هذا الوقت، فبحسب الجهة التي يحصل فيها الزرع، يمكن للجنين أن يكون فوق قناته.  
 
بيّن عدد من الدراسات للمشيمة والصور بالموجات فوق الصوتية أنّ بين 26% و53% من الزرع يحصل في الجدار الأمامي للرحم. من الواضح أنَ المدافعين عليهم أن يتوقّعوا أفضل من ذلك من كاتب القرآن، فهو يقول أنّ أجنّة الإنسان هي "أشياء معلّقة" في حين أنّ هذا الوصف غير دقيق في حالة عدد كبير من الناس، وهذه ليست حتى بقاعدة عامّة.
 
فيجب التفكير بهذا الخطأ العلمي حتى قبل إثارة الشكوك في ما يخصّ ملاءمة كلمة علقة لوصف أجنّة على الجدار الخلفي للرحم، وبذلك تحت قناة وصلهم. ومن المثير للسخرية بشكل كبير هو الادّعاء بأنّ كلمة علقة بمعني "شيء معلّق" طريقة جيدة لوصف الجنين وموقعه بالنسبة إلى قناة الوصل.  
<br />
 
==== علقة (حيوان من عائلة العلقيات)  ====
يدّعي الكثير من المدافعين إنّ كلمة علقة في القرآن تعني حيوان/دودة العلق (بشكل مجازي)، وهي تشبه الجنين. لكن، بعكس العلقة التي تمصّ الدم من مضيفها، إنّ الجنين يوزّع ويتبادل الغازات والمغذيات والنفايات مع أمّه. والأهمّ من ذلك هو أنّ المنبار (أو السقاء) يضمن عدم تبادل الدم بين الجنين وأمّه اللذين قد يملكان فئتي دم مختلفتين<ref>Barry Mitchell & Ram Sharma 2009. Embryology: An Illustrated Colour Text. Second Edition. Churchill Livingstone ElSevier. Page 10-12</ref>. بالإضافة إلى ذلك، إنّ العلقة تتعلّق بسطح مضيفها مباشرةً. خلافاً لذلك، يزرع الجنين نفسه في مرحلة الكيسة الأريمية إلى جدار الرحم بواسطة طبقة خارجيّة من الخلايا التي تحيط به اسمها الأرومة الغاذية المخلوية. وهذه الأرومة الغاذية المخلوية هي التي تجتاح جدار الرحم لتدفن الجنين بأكمله بداخل الجدار (على عكس العلقة) وتشكّل نظام دورة دمويّة، وتشكّل في ما بعد الطبقة الخارجيّة للمشيمة.
 
للعلقة مميزات متعددة كالحجم والسلوك والشكل واللون والمظهر الخارجي. لذلك، ليس من المنطقيّ أن يستخدم كانت القرآن كلمة "علقة" بشكل مجازي فيما لا يمكنه أن يتوقّع من قارئيه أن يفهموا من أي ناحية تطبّق الصورة المجازية. فهذه ليست إلّا مغالطة قنّاص تكساس<ref>"Texas sharpshooter fallacy", Wikipedia, accessed August 13, 2013 (archived).</ref> وهي نموذجيّة في ادّعاءات الإعجاز الإسلامي حيث يتمّ اختيار ميزة واحدة – الشكل – وهي تشبه الجنين (من وجهة نظرهم) بشكلٍ محدود جداً وافتراضيّ، ثمّ يتوصّلون إلى أيّ استنتاجات. وهذه الحالة كذلك خاصّة لأنّ الجنين يمرّ في بداية الحمل بعدد كبير من الأشكال ولأنّ العلقة والجنين الإنسانيّ كلاهما من الكائنات الحيّة. ويتجاهل أولئك المدافعون بشكل يلائمهم في هذه الحالة التي يصفون فيها الجنين الكيسَ المحي الذي يندمج تدريجياً مع القناة الهضميّة النامية.
 
ففوق كلّ هذا، معنى العلقة الحيوان ليس أكثر تفسير شائع لكلمة العلقة؛ فتفسير "دم جامد" يصحّ أكثر في هذا السياق.
 
==== دم جامد ====
أحد معاني كلمة علقة هو دم جامد، وهو المفهوم الذي أُعطي في الكثير من التفسيرات كما هو مبيّن بالتفصيل أعلاه. وكان الشاعر العربي النابغة الجعدي (توفي سنة 670 بعد الميلاد) معاصراً للنبي محمّد وقد استخدم كلمة الدم في السياق نفسه في شعر عن الله<ref>الخـالق البـارئ المصـور في الأرحام ماء حتى يصير دما
 
"الحمد لله لا شريك له", PoetsGate (Arabic), February 15, 2007 </ref>. فمن وجهة نظر ترى القرآن على أنّه نصّ إلهيّ ينوّر عقول البشر، إنّ استخدام كلمة علقة يجب النظر إليه على أنّه فشل في إيصال المعلومات التي يزعم أنّه يمتلكها الكاتب بوضوح.
 
==== العلقة في شِعر ما قبل الإسلام ====
استخدم أحد أعظم شعراء ما قبل الإسلام زهير بن أبي سلمى كلمة علقة في سياق الحمل، ما يثبت أنّ استخدام الكلمة في هذا السياق يسبق القرآن بغضّ النظر عن معنى الكلمة المقصود. في معلّقة له، يكتب بيتاً يصف فيه كيف أفرزت ناقاته العلق فيما كانت تجهض في رحلة طويلة<ref>إليك أعملتها فتلا مرافقها، شهرين يجهض من أرحامها العلق</ref>.
 
يرد في البيت: يَجْهُضُ مِنْ أَرْحَامِهَا الْعَلَقُ.
 
توفّي زهير في عام 609 بعد الميلاد، وذلك قبل الإسلام، أو بحسب إحدى الروايات فقد توفّي عن عمر يناهز 100 عام سنة 627 بعد الميلاد وقد التقى بمحمّد يوم مماته.<ref>Clouston, W. A., Arabian Poetry for English Readers Glasgow (private publication), 1881, Introduction p. xliii</ref>
<br />
 
=== مرحلة المُضغة ===
تعني كلمة مُضغة "القطعةُ التي '''تُمْضَغُ''' من لحم وغيره". تدّعي المواقع الإسلاميّة غالباً ومن دون اقتباس أيّ دليل على ذلك إنّ معنى هذه الكلمة هو قطعة من اللحم قد تمّ مضغها أو عليها علامات أسنان. يُدعى قارئو مواقع كهذه إلى أن يُعجبوا بالتشابهات المزعومة بين صورة لجسيدة جنين إلى جانب صورة علكة (مضيغة) عليها صفّ أو اثنان من علامات الأسنان من عضّة واحدة. تتضمّن المشاكل الموجودة في هذه الحجّة:
 
1.     إنّ المواقع هذه تستخدم تعريفاً خاطئاً لكلمة مُضغة، كما ذُكر أعلاه.
 
2.     إنّ ترك علامات أسنان واضحة على العلكة أسهل بكثير من تركها على قطعة لحم.
 
3.     إنّ الجسيدات (وهي صفوف ثنائية من كتل الخلايا التي تهاجر في ما بعد وتتطوّر إلى أجزاء من الجسم) نتوءات، لكنّ علامات الأسنان هي تسنين.
 
تقوم الآية 22:5<ref>{{القرآن|22|5}}</ref> على ذكر أنّ المضغة "مخلّقة وغير مخلّقة". وبما أنّ هذا التفسير يظهر قبل مرحلة العظام، فإنّ هذا "التوضيح" لا يعطي أيّ معلومات إضافيّة. هذا النوع من الغموض نموذجيّ في مفهومي علوم الحياة والأجنّة في ما قبل الحداثة.  
 
== مراجع ==
<references />

مراجعة ١٩:٣٠، ١٨ ديسمبر ٢٠٢١

يدّعي مفهوم علم الأجنّة في القرآن وجود رواية صحيحة علمياً عن نموّ الجنين في القرآن. وينظر المدافعون والشيوخ والمجتمع المسلم الأكبر إلى ذكر مراحل الجنين في القرآن على أنّه إعجاز علميّ للإسلام ودليل على ادّعاءات أنّه منزل من الله. لكنّ النقّاد يدّعون إنّ الآيات ليست صحيحة علمياً وأنّها متأثّرة بالنظريات الإغريقيّة التي كانت موجودة آنذاك.

بدأ التفسير الدفاعيّ لهذه الآيات بشكل جدّي حين تمّ نشر كتب من قِبل خبراء طبّيين غير مسلمين كالدكتور موريس بوكاي[١] والدكتور كيث مور[٢][٣] في ما بعد (في نسخة مميزة من كتابه الذي حمل العنوان الفرعيّ "مع إضافات إسلاميّة"، إلى جانب المؤلّف المشارك عبد المجيد الزنداني، وهو رجل ديم وهابي). لكنّ بعض النقّاد يعتقدون أنّ مور لم يكن يحاول إلّا أن يبيّن إخلاصه لمستضيفيه والمستثمرين، فهو كان يعمل مع لجنة علم الأجنّة في جامعة الملك عبد العزيز في جدّة[٤]. إنّ مدح مور للادّعاءات الإسلاميّة قد تكرّر في محادثات للدكتور ذاكر نائك، وهارون يحيى وغيرهم من المدافعين. أمّا النقّاد ومنهم الدكتور بول زكاري مايرز يظنّون أنّ الآيات القرآنيّة التي تأتي على ذكر علم الأجنّة لا تقارن بالمعايير العلميّة وليست مقبولة منها[٥].

كتب الكثير من الناس عن التشابهات الملحوظة بين علم الأجنّة القرآني وذاك الذي علّمه جالينوس من بيرغامون. كان جالينوس طبيباً إغريقياً ذا تأثير واسع (وُلد سنة 130م.) عاصر محمد[٦]، وقد دُرست أعماله في سوريا ومصر في خلال حقبة محمّد. ومن بعض الروابط الأكثر وضوحاً مع جالينوس (والتلمود أيضاً) هي في التصاريح عن مرحلة النُطفة في علم الأجنّة في القرآن، وحتّى أكثر من ذلك في الحديث. ويناقش مقال "أفكار إغريقيّة ويهوديّة عن التكاثر في القرآن والحديث" بشكل أوسع. وتوجد تشابهات ملفته للنظر بين مراحل نموّ الجنين القرآنيّة الأخرى وجالينوس. وفي حين أنّ تلك التأثيرات مثيرة للاهتمام ومحتملة بشكلٍ كبير، إلّا أنّه لا يمكن إثباتها للقرآن، وهذا على أيّ حال غير ضروري عند تفحّص دقّة وصف القرآن. وسيركّز هذا المقال على ادّعاءات دفاعيّة من الدعاة الإسلاميين حول دقّة علم الأجنّة القرآنيّ في وجه علم الأجنّة الحديث، وعلى انتقادات متعلّقة بصحّة هذه الادّعاءات.


المصطلحات القرآنية

القرآن مكتوب اللغة العربيّة الفصحى. لذلك، ليست كلّ المصطلحات سهلة الترجمة كما هو حال اللغة العربيّة الفصحى الحديثة. فلغاية التوضيح:

1.     نُطْفَةً: قطرة من السائل المنوي

2.     عَلَقَةً: قطعة من دمٍ غليظ جامد

3.     مُضْغَةً: قطعة صغيرة من اللحم

4.     عِظَٰمًا: عظام، بشكل خاصّ عظام الأطراف

اقتباسات متعلّقة بالموضوع

وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلْإِنسَٰنَ مِن سُلَٰلَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَٰهُ نُطْفَةً فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَٰمًا فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَٰمَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَٰهُ خَلْقًا ءَاخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَٰلِقِينَ
يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مِّنَ ٱلْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِى ٱلْأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰٓ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوٓا۟ أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰٓ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنۢ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْـًٔا ۚ وَتَرَى ٱلْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنۢبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍۭ بَهِيجٍ
هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوٓا۟ أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا۟ شُيُوخًا ۚ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ ۖ وَلِتَبْلُغُوٓا۟ أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ

النقد العلمي لعلم الأجنّة القرآني

غالباً ما يُنتقد علم الأجنّة في القرآن من وجهة نظر العلم الحديث. تُعطى المزيد من التفاصيل مع مصادرها في هذا المقال، لكنّ الانتقادات الأساسيّة هي التالية:

1.      يوضّح عدد من الآيات[٧] بشكل جماعيّ إنّ مرحلة النّطفة الأوّليّة من النموّ مكوّنة من المني، وهو ربّما ممزوج بسائل نسائيّ، ويوضعان في الرحم لفترة معروفة حيث تخضع النطفة لعددٍ من مراحل النموّ (كما علّم جالينوس والتلمود اليهودي). بالإضافة إلى ذلك، ما من إشارة على أنّ كاتب القرآن كان مدركاً لوجود البويضة النسائيّة.

ففي الحقيقة، حيوان منويّ واحد يخترق ويندمج مع البويضة. وهذه البويضة المخصّبة، التي تسمّى كذلك باللاقحة، تُدفع إلى قناة الرحم لبضعة أيّام. في طريقها إلى القناة، يبدأ انقسام الخليّة، وتُزرع كتلة الخلايا هذه التي أصبحت تسمّى بالكيسة الأريمية في الرحم.[٨]


2.      يُقال من ثمّ إنّ الجنين يصبح علقة[٩]. وفهمت جميع التفسيرات التقليديّة معنى كلمة "علقة" على أنّها تعني " قطعة من دمٍ غليظ جامد"، وهذا هو تعريف الكلمة في القواميس العربيّة التقليديّة. وبغضّ النظر عن المعاني البديلة لهذه الكلمة، إلّا أنّه ليس من المنطقيّ محاولة تفسير كلمةٍ تفسيرها الأساسيّ يتضمّن معنىً بيولوجياً واضحاً (دم جامد) في وصفٍ لعمليّة بيولوجيّة (علم الأجنّة)؛ فمن المؤكّد أنّ معنى غير دقيق كهذا قد يثير الشكّ في ادّعاء القرآن ذي التأليف الإلهي بأنّه "واضح". وإنّ اختيار هذه الكلمة يسبّب الآن شكّاً مبرّرا في عدم الدّقّة، كما أنّه ضلّل الناس لقرون فكانوا يطنّون أنّ الجنين يكون دماً جامداً في أحد مراحل نموّه (فإنّ الجنين الفعليّ ليس دماً ولا كتلة دمٍ في أيّ مرحلة من مراحل نموّه[١٠]). وبشكل مشابه، ومن وجهة نظر التأليف الإلهي والوضوح التامّ، ليس من المنطقيّ أن يتمّ استخدام هذه الكلمة وقصدها (كتلة دم جامد) كمجرّد تشبيه بصري.  

3.      يدّعي القرآن إنّ العظام تتكوّن ثمّ تُلَبّس باللحم[١١]. لكنّ الحقيقة هي أنّ نماذج غضروفية للعظام تبدأ بالتكوّن في الوقت آنه وبشكل موازي للعضلات المحيطة، وإنّ هذا الغضروف يُستبدل حرفياً بالعظم.


لقد وصف كاتب القرآن سلسلة من المراحل، وحين يتمّ تفحّصها من دون التعاريف الخاطئة والافتراضات التعسفيّة التي قدّمها المدافعون، فمن الواضح أنّ هذه المراحل لا تشبه عمليّة نموّ الطفل الفعليّة في الرحم بحسب النقّاد. فبدلاً من ذلك، يمكن لأيّ شخص يملك معرفة علميّة حديثة بعلم الأجنّة أن يتعجّب من التعقيد الرائع الناتج عن عمليّتي تمايز الخلايا وتأشيرها المنسّقتين الموضوعة في جيناتنا التي حددتها ملايين السنين من التطوّر، والخالية من أيّ تصميم إلهيّ ظاهر.


وجهات نظر تعديلية حديثة

الخلق أساساً من تراب/طين/صلصال

تُحدث التصريحات عن التراب والحَمَإٍ والطين والصلصال في الآيات القرآنية عن علم الأجنّة المذكورة أعلاه بعض الحيرة أحياناً. ويوفّر توضيح في آيات أخرى أنّ ذلك يشير إلى خلق آدم فحسب، وأنّ التصريحات التالية عن المراحل المختلفة تشير إلى نموّ البشر منذ ذلك الحين[١٢][١٣][١٤]. كان هذا رأي العلماء التقليديين مثل ابن كثير.

تشير آيات كتلك إلى آدم بشكلٍ خاصّ، وإلى أنّ الإنسان صُنع من طين، وإلى أنّ الطين هو مادّة بناء تُصبّ وتُعطى أشكالاً، وليس مركّباً محفّزاً كما يدّعى بعض المدافعين بهدف ربط القرآن بنظريّة عن مصدر كلّ الحياة على الأرض.  

وفي حين أنّ ذلك لا علاقة وطيدة له بعلم الأجنّة، يوجد ادّعاء آخر على بعض المواقع الإسلاميّة يقول إنّ تكويني الطين والإنسان متشابهين. وإنّ العناصر الأساسية في الطين هي السيليكون والألمنيوم والهيدروجين والأكسجين. وإنّ السيليكون والألمنيوم دورهما في الحفاظ على الحياة محدود إن كان موجوداً[١٥]. أمّا العناصر الأخرى الضرورية للإنسان (كالنيتروجين والصوديوم إلخ.) فهي موجودة بكميات ضئيلة في الطين ويمكن النظر إليها على أنّها ملوّثات. ما من تشابه بين تكويني الطين والإنسان.

مرحلة النُّطفة

أوّل مرحلة في علم الأجنّة القرآني هي مرحلة النُّطفة. ويعطي قاموس لسان العرب التعاريف التالية لكلمة "نُطفة":


القليل من الماء؛ الماء القليل يَبقى في القِربة؛ الماء القليل يبقى في الدَّلْو؛ هي الماء الصافي، قلَّ أَو كثر؛ ماء الرجل؛ سمي المنيُّ نُطفة لقلته

النُّطفة في قاموس لسان العرب


يمكن إيجاد استخدام لكلمة نطفة في شعرٍ ممّا قبل الإسلام حيث كانت تعني "كمية صغيرة من النبيذ بقيت في قربة"[١٦].

إنّ الآيات 80:18-19 و77:20-22 و 23:13 توحي بشكل كبير إلى أنّ السائل المنوي هو الذي يُخزّن في الرحم وينمو ليصبح جنيناً، كما هو مؤكّد في الأحاديث ومُعتقد سابقاً من قِبل اليهود والإغريق.

مِنْ أَىِّ شَىْءٍ خَلَقَهُۥ مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُۥ فَقَدَّرَهُۥ
أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ فَجَعَلْنَٰهُ فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ
ثُمَّ جَعَلْنَٰهُ نُطْفَةً فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ


من الانتقادات الأخرى هي أنّ القرآن لا يأتي على ذكر بيضة الأنثى (البويضة). ففكرة أنّ عبارة "نطفة أمشاج" (أي مخلوطة) في الآية 76:2[١٧] تتضمّن البويضة هي مجرّد افتراض من قِبل المدافعين، وفي أيّ حالة إنّ خلية الحيوان المنوي لا تسبح في المني الذكوري في وقت التلقيح (راجع "اختلاط السوائل الذكرية والأنثوية" أدناه).

بدلاً من ذلك، يمكن لعبارة "نطفة أمشاج" في الآية 76:2 أن تكون إشارة إلى توحّد المني والدم الحيضي الذي تحدّث عنه أرسطو وعلماء الأجنّة الهنديين القدماءـ أو إشارة إلى فرضية المنيين لأبقراط وجالينوس، أو حتى اختلاط المني والإفرازات المهبليّة الذي يمكن مراقبتها بكلّ سهولة في خلال الجماع. بطريقة أخرى، فكرة أنّ القرآن لا يصرّح بوضوح أنّ "نطفة أمشاج" تتضمّن البويضة، بالإضافة إلى وجود احتمالات تفسير أخرى للمسألة، تعني أنّه من غير المنطقيّ اتّخاذ فكرة واحدة في عين الاعتبار فكرة من دون الأخرى.

يقول النقّاد إنّ القرآن يُظهر فعلياً مفهوماً معاكساً لدور البويضة في التكاثر، فالآية 2:223 تقول إنّ الزوجة "حرث". يشير ذلك إلى أنّهنّ كالتراب الذي يوفّر العناصر الغذائية بينما يحصل على البذرة من الرجل[١٨].

مرحلة العلقة

كان الإجماع في تفسيرات آيات علم الأجنّة أنّ العلقة تعني الدم الجامد. تمّ وصفها في الكثير من التفسيرات أنّها دم، دم جامد، أو بكلّ بساطة علقة حمراء. مع ذلك، حاول بعض المدافعين في وقتنا الحديث، وبالأخصّ أولئك الذين أنّ هذا الأمر يتعارض مع الحقائق البيولوجيّة، أن يعيدوا تفسير الكلمة باستخدام تعريفات أخري من القاموس لكلمة علقة أو علق. لكنّ كلٌّ من هذه التعريفات البديلة مُعضلة من وجهة نظر علميّة، كما هي مجرّد فكرة أنّ "علقة" لها "دم جامد" كأحد معانيها الأساسيّة.

شيء ملتصق

أحد الادّعاءات هو أنّ "العلقة" مستخدمة بمعنى شيء ملتصق في القرآن. لكنّ الجنين لا يتوقّف عن كونه ملتصقاً بجدار الرحم حين يبدأ الجهاز العضلي الهيكلي للجنين بالتطوّر في حوالى الأسبوع الخامس من الحمل. إلّا أنّ مراحل القرآن تبدو وكأنّها تصف انتقالاً بين مراحل متتالية. في أيّ حال، من البديهيّ أن يبدو أنّ الجنين يصبح ملتصقاً بشيء ما في مرحلة ما من خلال الأجنّة التي تمّ إجهاضها.

معلّق

وادّعاء خاطئ آخر ذو صلة، هو أنّ العلقة مستخدمة هنا بمعنى شيء معلّق، لأنّ الجنين في البداية يطوف في السائل السلوي (الأمنيوتي)، وهو موصول عبر قناة وصلٍ بجدار الرحم حيث هو مدفون. المشكلة هي أنّ الأجنّة لا يتعلّقون كلّهم إلى أسفل تحت قناة وصلهم. بل إنّ ذلك متعلّق بمكان الزرع في الرحم. عادةً ما يكون الرحم أفقياً بوضوح في هذا الوقت، فبحسب الجهة التي يحصل فيها الزرع، يمكن للجنين أن يكون فوق قناته.  

بيّن عدد من الدراسات للمشيمة والصور بالموجات فوق الصوتية أنّ بين 26% و53% من الزرع يحصل في الجدار الأمامي للرحم. من الواضح أنَ المدافعين عليهم أن يتوقّعوا أفضل من ذلك من كاتب القرآن، فهو يقول أنّ أجنّة الإنسان هي "أشياء معلّقة" في حين أنّ هذا الوصف غير دقيق في حالة عدد كبير من الناس، وهذه ليست حتى بقاعدة عامّة.

فيجب التفكير بهذا الخطأ العلمي حتى قبل إثارة الشكوك في ما يخصّ ملاءمة كلمة علقة لوصف أجنّة على الجدار الخلفي للرحم، وبذلك تحت قناة وصلهم. ومن المثير للسخرية بشكل كبير هو الادّعاء بأنّ كلمة علقة بمعني "شيء معلّق" طريقة جيدة لوصف الجنين وموقعه بالنسبة إلى قناة الوصل.  

علقة (حيوان من عائلة العلقيات)  

يدّعي الكثير من المدافعين إنّ كلمة علقة في القرآن تعني حيوان/دودة العلق (بشكل مجازي)، وهي تشبه الجنين. لكن، بعكس العلقة التي تمصّ الدم من مضيفها، إنّ الجنين يوزّع ويتبادل الغازات والمغذيات والنفايات مع أمّه. والأهمّ من ذلك هو أنّ المنبار (أو السقاء) يضمن عدم تبادل الدم بين الجنين وأمّه اللذين قد يملكان فئتي دم مختلفتين[١٩]. بالإضافة إلى ذلك، إنّ العلقة تتعلّق بسطح مضيفها مباشرةً. خلافاً لذلك، يزرع الجنين نفسه في مرحلة الكيسة الأريمية إلى جدار الرحم بواسطة طبقة خارجيّة من الخلايا التي تحيط به اسمها الأرومة الغاذية المخلوية. وهذه الأرومة الغاذية المخلوية هي التي تجتاح جدار الرحم لتدفن الجنين بأكمله بداخل الجدار (على عكس العلقة) وتشكّل نظام دورة دمويّة، وتشكّل في ما بعد الطبقة الخارجيّة للمشيمة.

للعلقة مميزات متعددة كالحجم والسلوك والشكل واللون والمظهر الخارجي. لذلك، ليس من المنطقيّ أن يستخدم كانت القرآن كلمة "علقة" بشكل مجازي فيما لا يمكنه أن يتوقّع من قارئيه أن يفهموا من أي ناحية تطبّق الصورة المجازية. فهذه ليست إلّا مغالطة قنّاص تكساس[٢٠] وهي نموذجيّة في ادّعاءات الإعجاز الإسلامي حيث يتمّ اختيار ميزة واحدة – الشكل – وهي تشبه الجنين (من وجهة نظرهم) بشكلٍ محدود جداً وافتراضيّ، ثمّ يتوصّلون إلى أيّ استنتاجات. وهذه الحالة كذلك خاصّة لأنّ الجنين يمرّ في بداية الحمل بعدد كبير من الأشكال ولأنّ العلقة والجنين الإنسانيّ كلاهما من الكائنات الحيّة. ويتجاهل أولئك المدافعون بشكل يلائمهم في هذه الحالة التي يصفون فيها الجنين الكيسَ المحي الذي يندمج تدريجياً مع القناة الهضميّة النامية.

ففوق كلّ هذا، معنى العلقة الحيوان ليس أكثر تفسير شائع لكلمة العلقة؛ فتفسير "دم جامد" يصحّ أكثر في هذا السياق.

دم جامد

أحد معاني كلمة علقة هو دم جامد، وهو المفهوم الذي أُعطي في الكثير من التفسيرات كما هو مبيّن بالتفصيل أعلاه. وكان الشاعر العربي النابغة الجعدي (توفي سنة 670 بعد الميلاد) معاصراً للنبي محمّد وقد استخدم كلمة الدم في السياق نفسه في شعر عن الله[٢١]. فمن وجهة نظر ترى القرآن على أنّه نصّ إلهيّ ينوّر عقول البشر، إنّ استخدام كلمة علقة يجب النظر إليه على أنّه فشل في إيصال المعلومات التي يزعم أنّه يمتلكها الكاتب بوضوح.

العلقة في شِعر ما قبل الإسلام

استخدم أحد أعظم شعراء ما قبل الإسلام زهير بن أبي سلمى كلمة علقة في سياق الحمل، ما يثبت أنّ استخدام الكلمة في هذا السياق يسبق القرآن بغضّ النظر عن معنى الكلمة المقصود. في معلّقة له، يكتب بيتاً يصف فيه كيف أفرزت ناقاته العلق فيما كانت تجهض في رحلة طويلة[٢٢].

يرد في البيت: يَجْهُضُ مِنْ أَرْحَامِهَا الْعَلَقُ.

توفّي زهير في عام 609 بعد الميلاد، وذلك قبل الإسلام، أو بحسب إحدى الروايات فقد توفّي عن عمر يناهز 100 عام سنة 627 بعد الميلاد وقد التقى بمحمّد يوم مماته.[٢٣]

مرحلة المُضغة

تعني كلمة مُضغة "القطعةُ التي تُمْضَغُ من لحم وغيره". تدّعي المواقع الإسلاميّة غالباً ومن دون اقتباس أيّ دليل على ذلك إنّ معنى هذه الكلمة هو قطعة من اللحم قد تمّ مضغها أو عليها علامات أسنان. يُدعى قارئو مواقع كهذه إلى أن يُعجبوا بالتشابهات المزعومة بين صورة لجسيدة جنين إلى جانب صورة علكة (مضيغة) عليها صفّ أو اثنان من علامات الأسنان من عضّة واحدة. تتضمّن المشاكل الموجودة في هذه الحجّة:

1.     إنّ المواقع هذه تستخدم تعريفاً خاطئاً لكلمة مُضغة، كما ذُكر أعلاه.

2.     إنّ ترك علامات أسنان واضحة على العلكة أسهل بكثير من تركها على قطعة لحم.

3.     إنّ الجسيدات (وهي صفوف ثنائية من كتل الخلايا التي تهاجر في ما بعد وتتطوّر إلى أجزاء من الجسم) نتوءات، لكنّ علامات الأسنان هي تسنين.

تقوم الآية 22:5[٢٤] على ذكر أنّ المضغة "مخلّقة وغير مخلّقة". وبما أنّ هذا التفسير يظهر قبل مرحلة العظام، فإنّ هذا "التوضيح" لا يعطي أيّ معلومات إضافيّة. هذا النوع من الغموض نموذجيّ في مفهومي علوم الحياة والأجنّة في ما قبل الحداثة.  

مراجع

  1. Bucaille, M., La Bible, le Coran et la Science : Les Écritures Saintes examinées à la lumière des connaissances modernes, Paris:Seghers, 1976, (ISBN 978-2221501535)
  2. Keith L. Moore and Abdul-Majeed A. Zindani, The Developing Human With Islamic Additions, 3rd ed. Philadelphia: Saunders with Jeddah:Dar al-Qiblah for Islamic Literature, 1983
  3. Later, Dr. Moore wrote a similarly popularised article for an Islamic journal: Dr. Moore, K., A Scientist's Interpretation of References to Embryology in the Qur'an, Journal of the Islamic Medical Association, 1986, vol.18(Jan-June):15-17
  4. Keith L. Moore and Abdul-Majeed A. Zindani, The Developing Human With Islamic Additions, 3rd ed., Philadelphia: Saunders with Jeddah:Dar al-Qiblah for Islamic Literature, 1983, page viii insert c.
  5. Dr. P.Z. Myers Islamic embryology: overblown balderdash, Pharyngula blog - Scienceblogs.com, 2011, accessed 4 Jan 2019
  6. Marshall Clagett, “Greek Science in Antiquity”, pp.180-181, New York: Abelard-Schuman, 1955; Dover, 2001
  7. القرآن ‏سورة المُؤۡمِنُونَ:13، والآيات القرآنية ‏سورة المَعَارِجِ 20 إلى 22، الآيات القرآنية ‏سورة عَبَسَ 18 إلى 19
  8. "Conception: How it Works", University of California San Francisco - Center for Reproductive Health.
  9. القرآن ‏سورة المُؤۡمِنُونَ:14، القرآن ‏سورة الحَجِّ:5، القرآن ‏سورة غَافِرٍ:67
  10. Dr Mark Hill, "Timeline human development", University of New South Wales.
  11. القرآن ‏سورة المُؤۡمِنُونَ:14
  12. الآيات القرآنية ‏سورة السَّجۡدَةِ 7 إلى 8
  13. القرآن ‏سورة آلِعِمۡرَانَ:59
  14. القرآن ‏سورة الحِجۡرِ:26
  15. Fenchel, Tom 2003. The origin and Early Evolution of Life. Oxford University Press. Page 27.
  16. Irfan Shahid, “Byzantium and the Arabs in the sixth century. Volume 2, Part 2”, p.145, Washington, D.C.: Dumbarton Oaks, 2009
  17. القرآن ‏سورة الإِنسَانِ:2
  18. القرآن ‏سورة البَقَرَةِ:223
  19. Barry Mitchell & Ram Sharma 2009. Embryology: An Illustrated Colour Text. Second Edition. Churchill Livingstone ElSevier. Page 10-12
  20. "Texas sharpshooter fallacy", Wikipedia, accessed August 13, 2013 (archived).
  21. الخـالق البـارئ المصـور في الأرحام ماء حتى يصير دما "الحمد لله لا شريك له", PoetsGate (Arabic), February 15, 2007
  22. إليك أعملتها فتلا مرافقها، شهرين يجهض من أرحامها العلق
  23. Clouston, W. A., Arabian Poetry for English Readers Glasgow (private publication), 1881, Introduction p. xliii
  24. القرآن ‏سورة الحَجِّ:5