إذا تحب ويكي إسلام فيمكنك التبرع هنا الرجاء ان تدعم المسلمين السابقين في أمريكا الشمالية فهي المنظمة التي تستضيف وتدير هذا الموقع تبرع اليوم

القرآن والحديث والعلماء: محمد والجهاد في سبيل الله

من ویکی اسلام
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

يصور التقليد الإسلامي المبكر مرحلتين متميزتين في سيرة النبي: الفترة المكية ، التي تميزت بالنصائح السلمية لأهل مكة الوثنيين للتخلي عن آلهتهم واعتناق الإسلام ، والفترة المدنية التي تميزت باتساع الصراعات مع القبائل اليهودية المجاورة. ووثنيون مكة. وفقًا للسيرة والعديد من الأحاديث النبوية ، فقد أمر محمد خلال هذه الفترة بالعديد من المواجهات والاغتيالات ضد أعدائه في مكة والمدينة وتغاضى عنها. تشكل هذه العمليات العسكرية الجهاد ، العربية للنضال ، واجب مقدس يقع على عاتق جميع الرجال المسلمين القادرين جسديًا للانخراط في الكفاح المسلح لتوسيع نطاق الإسلام. الرجال الذين يموتون "في سبيل الله" سيكونون شهداء يتمتعون بـ 72 عذراء في الجنة ، والذين يعيشون وينتصرون سينعمون بغنيمة إلهية في هذا العالم. الهدف الأول للجهاد هم الوثنيون في مكة المكرمة ومقامهم المقدس الكعبة ، لكن القرآن والعديد من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم يوضح أن الجهاد واجب على جميع المسلمين حتى "يكون الدين كله لله "(8:39). كان محمد قائد هذه الحملات العسكرية ولعب دور القائد الأعلى. كما شارك في المعارك بنفسه ، فقاتل وحتى أصيب. وهكذا كان الجهاد جزءًا أساسيًا من الإسلام المبكر وفقًا لتعاليمه وأوامر نبيه محمد.

حديث

حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ نَافِعٍ أَبِي غَالِبٍ، قَالَ كُنْتُ فِي سِكَّةِ الْمِرْبَدِ فَمَرَّتْ جَنَازَةٌ مَعَهَا نَاسٌ كَثِيرٌ قَالُوا جَنَازَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ فَتَبِعْتُهَا فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ عَلَيْهِ كِسَاءٌ رَقِيقٌ عَلَى بُرَيْذِينَتِهِ وَعَلَى رَأْسِهِ خِرْقَةٌ تَقِيهِ مِنَ الشَّمْسِ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا الدِّهْقَانُ قَالُوا هَذَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ‏.‏ فَلَمَّا وُضِعَتِ الْجَنَازَةُ قَامَ أَنَسٌ فَصَلَّى عَلَيْهَا وَأَنَا خَلْفَهُ لاَ يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَىْءٌ فَقَامَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ لَمْ يُطِلْ وَلَمْ يُسْرِعْ ثُمَّ ذَهَبَ يَقْعُدُ فَقَالُوا يَا أَبَا حَمْزَةَ الْمَرْأَةُ الأَنْصَارِيَّةُ فَقَرَّبُوهَا وَعَلَيْهَا نَعْشٌ أَخْضَرُ فَقَامَ عِنْدَ عَجِيزَتِهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا نَحْوَ صَلاَتِهِ عَلَى الرَّجُلِ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ الْعَلاَءُ بْنُ زِيَادٍ يَا أَبَا حَمْزَةَ هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عَلَى الْجَنَازَةِ كَصَلاَتِكَ يُكَبِّرُ عَلَيْهَا أَرْبَعًا وَيَقُومُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ وَعَجِيزَةِ الْمَرْأَةِ قَالَ نَعَمْ ‏.‏ قَالَ يَا أَبَا حَمْزَةَ غَزَوْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ نَعَمْ غَزَوْتُ مَعَهُ حُنَيْنًا فَخَرَجَ الْمُشْرِكُونَ فَحَمَلُوا عَلَيْنَا حَتَّى رَأَيْنَا خَيْلَنَا وَرَاءَ ظُهُورِنَا وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ يَحْمِلُ عَلَيْنَا فَيَدُقُّنَا وَيَحْطِمُنَا فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ وَجَعَلَ يُجَاءُ بِهِمْ فَيُبَايِعُونَهُ عَلَى الإِسْلاَمِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنَّ عَلَىَّ نَذْرًا إِنْ جَاءَ اللَّهُ بِالرَّجُلِ الَّذِي كَانَ مُنْذُ الْيَوْمِ يَحْطِمُنَا لأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ ‏.‏ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجِيءَ بِالرَّجُلِ فَلَمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُبْتُ إِلَى اللَّهِ ‏.‏ فَأَمْسَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ يُبَايِعُهُ لِيَفِيَ الآخَرُ بِنَذْرِهِ ‏.‏ قَالَ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَتَصَدَّى لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَأْمُرَهُ بِقَتْلِهِ وَجَعَلَ يَهَابُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْتُلَهُ فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لاَ يَصْنَعُ شَيْئًا بَايَعَهُ فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَذْرِي ‏.‏ فَقَالَ ‏"‏ إِنِّي لَمْ أُمْسِكْ عَنْهُ مُنْذُ الْيَوْمِ إِلاَّ لِتُوفِيَ بِنَذْرِكَ ‏"‏ ‏.‏ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ أَوْمَضْتَ إِلَىَّ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ إِنَّهُ لَيْسَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُومِضَ ‏"‏ ‏.‏ قَالَ أَبُو غَالِبٍ فَسَأَلْتُ عَنْ صَنِيعِ أَنَسٍ فِي قِيَامِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ عِنْدَ عَجِيزَتِهَا فَحَدَّثُونِي أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ لأَنَّهُ لَمْ تَكُنِ النُّعُوشُ فَكَانَ الإِمَامُ يَقُومُ حِيَالَ عَجِيزَتِهَا يَسْتُرُهَا مِنَ الْقَوْمِ ‏.‏ قَالَ أَبُو دَاوُدَ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ‏"‏ ‏.‏ نَسَخَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الْوَفَاءَ بِالنَّذْرِ فِي قَتْلِهِ بِقَوْلِهِ إِنِّي قَدْ تُبْتُ ‏.‏

ابن هشام وابن اسحاق

إسْلامُ حَمْزَةَ ﵀ [٢]

(أذاةُ أبِي جَهْلٍ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، ووُقُوفُ حَمْزَةَ عَلى ذَلِكَ): قالَ ابْنُ إسْحاقَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِن أسْلَمَ، كانَ واعِيَةً: أنَّ أبا جَهْلٍ مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الصَّفا، فَآذاهُ وشَتَمَهُ، ونالَ مِنهُ بَعْضَ ما يَكْرَهُ مِن العَيْبِ لِدِينِهِ، والتَّضْعِيفِ لِأمْرِهِ، فَلَمْ يُكَلِّمْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ومَوْلاةٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ فِي مَسْكَنٍ لَها تَسْمَعُ ذَلِكَ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ فَعَمَدَ إلى نادٍ [١] مِن قُرَيْشٍ عِنْدَ الكَعْبَةِ، فَجَلَسَ مَعَهُمْ. فَلَمْ يَلْبَثْ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ ﵁ أنْ أقْبَلَ مُتَوَشِّحًا [٢] قَوْسَهُ، راجِعًا مِن قَنْصٍ [٣] لَهُ، وكانَ صاحِبَ قَنْصٍ يَرْمِيهِ ويَخْرُجُ لَهُ، وكانَ إذا رَجَعَ مِن قَنْصِهِ لَمْ يَصِلْ إلى أهْلِهِ حَتّى يَطُوفَ بِالكَعْبَةِ، وكانَ إذا فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَمُرَّ عَلى نادٍ مِن قُرَيْشٍ إلّا وقَفَ وسَلَّمَ وتَحَدَّثَ مَعَهُمْ، وكانَ أعَزَّ فَتًى فِي قُرَيْشٍ، وأشَدَّ شَكِيمَةً. فَلَمّا مَرَّ بِالمَوْلاةِ، وقَدْ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى بَيْتِهِ، قالَتْ لَهُ: يا أبا عُمارَةَ، لَوْ رَأيْتَ ما لَقِيَ ابْنُ أخِيكَ مُحَمَّدٌ آنِفًا مِن أبِي الحَكَمِ بن هِشام: وجنده هاهُنا جالِسًا فَآذاهُ وسَبَّهُ، وبَلَغَ مِنهُ ما يَكْرَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ ولَمْ يُكَلِّمْهُ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم. (إيقاعُ حَمْزَةَ بِأبِي جَهْلٍ وإسْلامُهُ):

فاحْتَمَلَ حَمْزَةَ الغَضَبُ لَمّا أرادَ اللَّهُ بِهِ مِن كَرامَتِهِ، فَخَرَجَ يَسْعى ولَمْ يَقِفْ عَلى أحَدٍ، مُعِدًّا لِأبِي جَهْلٍ إذا لَقِيَهُ أنْ يُوقِعَ بِهِ، فَلَمّا دَخَلَ المَسْجِدَ نَظَرَ إلَيْهِ جالِسًا فِي القَوْمِ، فَأقْبَلَ نَحْوَهُ، حَتّى إذا قامَ عَلى رَأْسِهِ رَفَعَ القَوْسَ فَضَرَبَهُ بِها فَشَجَّهُ شَجَّةً مُنْكَرَةً، ثُمَّ قالَ: أتَشْتِمُهُ وأنا عَلى دِينِهِ أقُولُ ما يَقُولُ؟ فَرُدَّ ذَلِكَ عَلَيَّ إنْ اسْتَطَعْتُ. فَقامَتْ رِجالٌ مِن بَنِي مَخْزُومٍ إلى حَمْزَةَ لِيَنْصُرُوا أبا جَهْلٍ، فَقالَ أبُو جَهْلٍ: دَعُوا أبا عُمارَةَ، فَإنِّي واَللَّهِ قَدْ سَبَبْتُ ابْنَ أخِيهِ سَبًّا قَبِيحًا، وتَمَّ حَمْزَةُ ﵁ عَلى إسْلامِهِ، وعَلى ما تابَعَ عَلَيْهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِن قَوْلِهِ. فَلَمّا أسْلَمَ حَمْزَةُ عَرَفَتْ قُرَيْشٌ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ عَزَّ وامْتَنَعَ، وأنَّ حَمْزَةَ سَيَمْنَعُهُ، فَكَفُّوا عَنْ بَعْضِ ما كانُوا يَنالُونَ [٤] مِنهُ.
ابن هشام (ت 833). سيرة ابن هشام ت السقا. المكتبة الشاملة. ج.1، ص.292-291.
(اعْتِزازُ المُسْلِمِينَ بِإسْلامِ عُمَرَ): قالَ ابْنُ إسْحاقَ: ولَمّا قَدِمَ عَمْرُو بْنُ العاصِ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبِي رَبِيعَةَ عَلى قُرَيْشٍ، ولَمْ يُدْرِكُوا ما طَلَبُوا مِن أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ورَدَّهُما النَّجاشِيُّ بِما يَكْرَهُونَ، وأسْلَمَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ، وكانَ رَجُلًا ذا شَكِيمَةٍ لا يُرامُ ما وراءَ ظَهْرِهِ، امْتَنَعَ بِهِ أصْحابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وبِحَمْزَةِ حَتّى عازُوا قُرَيْشًا [١]، وكانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ: ما كُنّا نَقْدِرُ عَلى أنْ نُصَلِّيَ عِنْدَ الكَعْبَةِ، حَتّى أسْلَمَ عُمَرُ (بْنُ الخَطّابِ) [٢]، فَلَمّا أسْلَمَ قاتَلَ قُرَيْشًا حَتّى صَلّى عِنْدَ الكَعْبَةِ، وصَلَّيْنا مَعَهُ، وكانَ إسْلامُ عُمَرَ بَعْدَ خُرُوجِ مَن خَرَجَ مِن أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى الحَبَشَةِ.
ابن هشام (ت 833). سيرة ابن هشام ت السقا. المكتبة الشاملة. ج.1، ص.342.
(مَن شَهِدَها مِن بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ):

ومِن بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مالِكِ بْنِ الأوْسِ: سَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ بْنِ الحارِثِ بْنِ مالِكِ بْنِ كَعْبِ بْنِ النَّحّاطِ بْنِ كَعْبِ بْنِ حارِثَةَ بْنِ غَنْمِ بْنِ السَّلْمِ بْنِ امْرِئِ القَيْسِ ابْن مالِكِ بْنِ الأوْسِ، نَقِيبٌ، شَهِدَ بَدْرًا، فَقُتِلَ بِهِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَهِيدًا. قالَ ابْنُ هِشامٍ: ونَسَبَهُ ابْنُ إسْحاقَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وهُوَ مِن بَنِي غَنْمِ ابْن السَّلْمِ، لِأنَّهُ رُبَّما كانَتْ دَعْوَةُ الرَّجُلِ فِي القَوْمِ، ويَكُونُ فِيهِمْ فَيُنْسَبُ إلَيْهِمْ. قالَ ابْنُ إسْحاقَ: ورِفاعَةُ بْنُ عَبْدِ المُنْذِرِ بْنِ زَنْبَرَ [٢] بْنِ زَيْدِ بْنِ أُمَيَّةَ [٣] بْنِ زَيْدِ ابْن مالِكِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرٍو، نَقِيبٌ، شَهِدَ بَدْرًا. وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ النُّعْمانِ ابْن أُمَيَّةَ بْنِ البُرَكِ- واسْمُ البُرَكِ: امْرُؤُ القَيْسِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو (بْنِ عَوْفِ بْنِ مالِكِ بْنِ الأوْسِ) [٤]- شَهِدَ بَدْرًا، وقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا أمِيرًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلى الرُّماةِ، ويُقالُ: أُمَيَّةُ بْنُ البَرْكِ [٥]، فِيما قالَ ابْنُ هِشامٍ.

قالَ ابْنُ إسْحاقَ: ومَعْنُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الجَدِّ [٦] بْنِ العَجْلانِ بْنِ (حارِثَةَ) [٤] بْنِ ضُبَيْعَةَ، حَلِيفٌ لَهُمْ مِن بَلِيٍّ، شَهِدَ بَدْرًا وأُحُدًا والخَنْدَقَ، ومَشاهِدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلَّها، قُتِلَ يَوْمَ اليَمامَةِ شَهِيدًا فِي خِلافَةِ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ﵁. وعُوَيْمُ بْنُ ساعِدَةَ، شَهِدَ بَدْرًا وأُحُدًا والخَنْدَقَ. خَمْسَةُ نَفَرٍ.
ابن هشام (ت 833). سيرة ابن هشام ت السقا. المكتبة الشاملة. ج.1، ص.456.
(بَدْءُ قِتالِ المُشْرِكِينَ): قالَ ابْنُ إسْحاقَ: ثُمَّ إنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَهَيَّأ لِحَرْبِهِ، قامَ فِيما أمَرَهُ اللَّهُ بِهِ مِن جِهادِ عَدُوِّهِ، وقِتالِ مَن أمَرَهُ اللَّهُ بِهِ مِمَّنْ يَلِيهِ مِن المُشْرِكِينَ، مُشْرِكِي العَرَبِ، وذَلِكَ بَعْدَ أنْ بَعَثَهُ اللَّهُ تَعالى بِثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً.
ابن هشام (ت 833). سيرة ابن هشام ت السقا. المكتبة الشاملة. ج.1، ص.590.
(نُكْرانُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم عَلى ابْنِ جَحْشٍ قِتالَهُ فِي الشَّهْرِ الحَرامِ):

قالَ ابْنُ إسْحاقَ [٢]: فَلَمّا قَدمِوا عَلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ، قالَ: ما أمَرْتُكُمْ بِقِتالٍ فِي الشَّهْرِ الحَرامِ. فَوَقَّفَ العِيرَ والأسِيرَيْنِ. وأبى أنْ يَأْخُذَ مِن ذَلِكَ شَيْئًا، فَلَمّا قالَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُقِطَ فِي أيْدِي القَوْمِ، وظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا، وعَنَّفَهُمْ إخْوانُهُمْ مِن المُسْلِمِينَ فِيما صَنَعُوا. وقالَتْ قُرَيْشٌ قَدْ اسْتَحَلَّ مُحَمَّدٌ وأصْحابُهُ الشَّهْرَ الحَرامَ، وسَفَكُوا فِيهِ الدَّمَ، وأخَذُوا فِيهِ الأمْوالَ، وأسَرُوا فِيهِ الرِّجالَ، فَقالَ مَن يَرُدُّ عَلَيْهِمْ مِن المُسْلِمِينَ، مِمَّنْ كانَ بِمَكَّةَ: إنّما أصابُوا ما أصابُوا فِي شَعْبانَ. (تَوَقَّعَ اليَهُودُ بِالمُسْلِمِينَ الشَّرَّ): وقالَتْ يَهُودُ- تَفاءَلَ بِذَلِكَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم- عَمْرُو بْنُ الحَضْرَمِيِّ قَتَلَهُ واقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَمْرٌو، عَمُرَتْ الحَرْبُ، والحَضْرَمِيُّ، حَضَرَتْ الحَرْبُ، وواقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وقَدَتْ الحَرْبُ. فَجَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ لا لَهُمْ. (نُزُولُ القُرْآنِ فِي فِعْلِ ابْنِ جَحْشٍ وإقْرارُ الرَّسُولِ لَهُ صلى الله عليه وسلم فِي فِعْلِهِ):

فَلَمّا أكْثَرَ النّاسُ فِي ذَلِكَ أنْزَلَ اللَّهُ على رَسُوله صلى الله عليه وسلم: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرامِ قِتالٍ فِيهِ، قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ، وصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وكُفْرٌ بِهِ، والمَسْجِدِ الحَرامِ، وإخْراجُ أهْلِهِ مِنهُ أكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ ٢: ٢١٧ أيْ إنْ كُنْتُمْ قَتَلْتُمْ فِي الشَّهْرِ الحَرامِ فَقَدْ صَدُّوكُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَعَ الكُفْرِ بِهِ، وعَنْ المَسْجِدِ الحَرامِ، وإخْراجُكُمْ مِنهُ وأنْتُمْ أهْلُهُ، أكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ مِن قَتْلِ مَن قَتَلْتُمْ مِنهُمْ والفِتْنَةُ أكْبَرُ مِنَ القَتْلِ ٢: ٢١٧
ابن هشام (ت 833). سيرة ابن هشام ت السقا. المكتبة الشاملة. ج.1، ص.604-603.
(شِعْرٌ فِي هَذِهِ السَّرِيَّةِ يُنْسَبُ إلى أبِي بَكْرٍ وإلى ابْنِ جَحْشٍ):

قالَ ابْنُ إسْحاقَ: فَقالَ أبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ﵁ فِي غَزْوَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ، ويُقالُ: بَلْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ قالَها، حِينَ قالَتْ قُرَيْشٌ: قَدْ أحَلَّ مُحَمَّدٌ وأصْحابُهُ الشَّهْرَ الحَرامَ، وسَفَكُوا فِيهِ الدَّمَ وأخَذُوا فِيهِ المالَ، وأسَرُوا فِيهِ الرِّجالَ- قالَ ابْنُ هِشامٍ: هِيَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ: تَعُدُّونَ قَتْلًا فِي الحَرامِ عَظِيمَةً … وأعْظَمُ مِنهُ لَوْ يَرى الرُّشْدَ راشِدُ صُدُودُكُمْ عَمّا يَقُولُ مُحَمَّدٌ … وكُفْرٌ بِهِ واَللَّهُ راءٍ وشاهِدُ وإخْراجُكُمْ مِن مَسْجِدِ اللَّهِ أهْلَهُ … لِئَلّا يُرى للَّه فِي البَيْتِ ساجِدُ فَإنّا وإنْ عَيَّرْتُمُونا بِقَتْلِهِ … وأرْجَفَ بِالإسْلامِ باغٍ وحاسِدُ سَقَيْنا مِن ابْنِ الحَضْرَمِيِّ رِماحَنا … بِنَخْلَةَ لَمّا أوْقَدَ الحَرْبَ واقِدُ

دَمًا وابْنُ عَبْدِ اللَّهِ عُثْمانُ بَيْنَنا … يُنازِعُهُ غُلٌّ مِن القَدِّ عانِدُ [١]
ابن هشام (ت 833). سيرة ابن هشام ت السقا. المكتبة الشاملة. ج.1، ص.606-605.
(تَحْرِيضُ المُسْلِمِينَ عَلى القِتالِ):

قالَ: ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى النّاسِ فَحَرَّضَهُمْ، وقالَ: واَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لا يُقاتِلُهُمْ اليَوْمَ رَجُلٌ فَيُقْتَلُ صابِرًا مُحْتَسِبًا، مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ، إلّا أدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ. فَقالَ عُمَيْرُ بْنُ الحُمامِ، أخُو بَنِي سَلِمَةَ، وفِي يَدِهِ تَمَراتٍ يَأْكُلُهُنَّ: بَخْ بَخْ [٤]، أفَما بَيْنِي وبَيْنَ أنْ أدْخُلَ الجَنَّةَ إلّا أنْ يَقْتُلَنِي هَؤُلاءِ، ثُمَّ قَذَفَ التَّمَراتِ مِن يَدِهِ وأخَذَ سَيْفَهُ، فَقاتَلَ القَوْمَ حَتّى قُتِلَ.

قالَ ابْنُ إسْحاقَ: وحَدَّثَنِي عاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتادَةَ: أنَّ عَوْفَ [٥] بْنَ الحارِثِ، وهُوَ ابْنُ عَفْراءَ قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، ما يُضْحِكُ [٦] الرَّبَّ مِن عَبْدِهِ؟ قالَ: غَمْسُهُ يَدَهُ فِي العَدُوِّ حاسِرًا. فَنَزَعَ دِرْعًا كانَتْ عَلَيْهِ فَقَذَفَها، ثُمَّ أخَذَ سَيْفَهُ فَقاتَلَ القَوْمَ حَتّى قُتِلَ.
ابن هشام (ت 833). سيرة ابن هشام ت السقا. المكتبة الشاملة. ج.1، ص.627.
قالَ ابْنُ إسْحاقَ: وعُكّاشَةُ بْنُ مُحْصَنٍ الَّذِي قالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَدْخُلُ الجَنَّةَ سَبْعُونَ ألْفًا مِن أُمَّتِي عَلى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، اُدْعُ اللَّهَ أنْ يَجْعَلَنِي مِنهُمْ، قالَ: إنّكَ مِنهُمْ، أوْ اللَّهمّ اجْعَلْهُ مِنهُمْ، فَقامَ رَجُلٌ مِن الأنْصارِ. فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، اُدْعُ اللَّهَ أنْ يَجْعَلَنِي مِنهُمْ، فَقالَ: سَبَقَكَ بِها عُكّاشَةُ وبَرَدَتْ الدَّعْوَةُ [٢]. وقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فِيما بَلَغَنا عَنْ أهْلِهِ: مِنّا خَيْرُ فارِسٍ فِي العَرَبِ، قالُوا: ومَن هُوَ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: عُكّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ، فَقالَ ضِرارُ بْنُ الأزْوَرِ الأسَدِيُّ: ذاكَ رَجُلٌ مِنّا يا رَسُولَ اللَّهِ، قالَ: لَيْسَ مِنكُمْ ولَكِنَّهُ مِنّا لِلْحِلْفِ.
ابن هشام (ت 833). سيرة ابن هشام ت السقا. المكتبة الشاملة. ج.1، ص.638.
ثُمَّ أقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم- حَتّى إذا خَرَجَ مِن مَضِيقِ الصَّفْراءِ نَزَلَ عَلى كَثِيبٍ بَيْنَ المَضِيقِ وبَيْنَ النّازِيَةِ- يُقالُ لَهُ: سَيْرٌ- إلى سَرْحَةٍ بِهِ.

فَقَسَمَ هُنالِكَ النَّفَلَ الَّذِي أفاءَ اللَّهُ عَلى المُسْلِمِينَ مِن المُشْرِكِينَ عَلى السَّواءِ، ثُمَّ ارْتَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتّى إذا كانَ بِالرَّوْحاءِ لَقِيَهُ المُسْلِمُونَ يُهَنِّئُونَهُ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ ومَن مَعَهُ مِن المُسْلِمِينَ، فَقالَ لَهُمْ سَلَمَةُ بْنُ سَلامَةَ- كَما حَدَّثَنِي عاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتادَةَ، ويَزِيدُ بْنُ رُومانَ-: ما الَّذِي تهنئوننا بِهِ؟ فو الله إنْ لَقِينا إلّا عَجائِزَ صُلْعًا كالبُدْنِ المُعَقَّلَةِ، فَنَحَرْناها، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قالَ: أيْ ابْنَ أخِي، أُولَئِكَ المَلَأُ. قالَ ابْنُ هِشامٍ: المَلَأُ: الأشْرافُ والرُّؤَساءُ. (مَقْتَلُ النَّضْرِ وعُقْبَةَ): قالَ ابْنُ إسْحاقَ: حَتّى إذا كانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالصَّفْراءِ قُتِلَ النَّضْرُ بْنُ الحارِثِ، قَتَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ، كَما أخْبَرَنِي بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ مِن أهْلِ مَكَّةَ. قالَ ابْنُ إسْحاقَ: ثُمَّ خَرَجَ حَتّى إذا كانَ بِعِرْقِ الظَّبْيَةِ قُتِلَ عُقْبَةُ بْنُ أبِي مُعَيْطٍ. قالَ ابْنُ هِشامٍ: عِرْقُ الظَّبْيَةِ عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحاقَ. قالَ ابْنُ إسْحاقَ: واَلَّذِي أسَرَ عُقْبَةَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلِمَةَ [١] أحَدُ بَنِي العَجْلانِ. قالَ ابْنُ إسْحاقَ: فَقالَ عُقْبَةُ حِينَ أمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِهِ: فَمَن لِلصِّبْيَةِ يا مُحَمَّدُ؟ قالَ: النّارُ. فَقَتَلَهُ عاصِمُ بْنُ ثابِتِ بْنِ أبِي الأقْلَحِ الأنْصارِيُّ، أخُو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، كَما حَدَّثَنِي أبُو عُبَيْدَةَ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمّارِ بْنِ ياسِرٍ.

قالَ ابْنُ هِشامَ: ويُقالُ قَتَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ فِيما ذَكَرَ لِي ابْنُ شِهابٍ الزُّهْرِيُّ وغَيْرُهُ مِن أهْلِ العِلْمِ.
ابن هشام (ت 833). سيرة ابن هشام ت السقا. المكتبة الشاملة. ج.1، ص.644-643.
(شِعْرُ هِنْدٍ وكِنانَةُ فِي خُرُوجِ زَيْنَبَ):

ولَمّا انْصَرَفَ الَّذِينَ خَرَجُوا إلى زَيْنَبَ لَقِيَتْهُمْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ، فَقالَتْ لَهُمْ: أفِي السِّلْمِ أعْيارٌ جَفاءً وغِلْظَةً … وفِي الحَرْبِ أشْباهُ النِّساءِ العَوارِكِ [٧] وقالَ كِنانَةُ بْنُ الرَّبِيعِ فِي أمْرِ زَيْنَبَ، حِينَ دَفَعَها إلى الرَّجُلَيْنِ [٨]: عَجِبْتُ لِهَبّارٍ وأوْباشِ قَوْمِهِ … يُرِيدُونَ إخْفارِي بِبِنْتِ مُحَمَّدِ [١]

ولَسْتُ أُبالِي ما حَيِيتُ عَدِيدَهُمْ … وما اسْتَجْمَعْتُ قَبْضًا يَدِي بِالمُهَنَّدِ [٢]
ابن هشام (ت 833). سيرة ابن هشام ت السقا. المكتبة الشاملة. ج.1، ص.657-656.
(ما نَزَلَ فِي حَضِّ المُسْلِمِينَ عَلى طاعَةِ الرَّسُولِ): ثُمَّ قالَ تَعالى: يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا أطِيعُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ، ولا تَوَلَّوْا عَنْهُ وأنْتُمْ تَسْمَعُونَ ٨: ٢٠: أيْ لا تُخالِفُوا أمْرَهُ وأنْتُمْ تَسْمَعُونَ لِقَوْلِهِ، وتَزْعُمُونَ أنَّكُمْ مِنهُ، ولا تَكُونُوا كالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وهُمْ لا يَسْمَعُونَ ٨: ٢١: أيْ كالمُنافِقِينَ الَّذِينَ يُظْهِرُونَ لَهُ الطّاعَةَ، ويُسِرُّونَ لَهُ المَعْصِيَةَ إنَّ شَرَّ الدَّوابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ البُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ ٨: ٢٢: أيْ المُنافِقُونَ الَّذِينَ نَهَيْتُكُمْ أنْ تَكُونُوا مِثْلَهُمْ، بُكْمٌ عَنْ الخَيْرِ، صُمٌّ عَنْ الحَقِّ، لا يَعْقِلُونَ: لا يَعْرِفُونَ ما عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ مِن النِّقْمَةِ والتَّباعَةِ [١] ولَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأسْمَعَهُمْ ٨: ٢٣، أيْ لَأنْفَذَ لَهُمْ قَوْلَهُمْ الَّذِي قالُوا بِألْسِنَتِهِمْ، ولَكِنَّ القُلُوبَ خالَفَتْ ذَلِكَ مِنهُمْ، ولَو خَرجُوا مَعكُمْ لَتَوَلَّوْا وهُمْ مُعْرِضُونَ ٨: ٢٣، ما وفَوْا لَكُمْ بِشَيْءٍ مِمّا خَرَجُوا عَلَيْهِ. يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ إذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ ٨: ٢٤: أيْ لِلْحَرْبِ الَّتِي أعَزَّكُمْ اللَّهُ بِها بَعْدَ الذُّلِّ، وقَوّاكُمْ بِها بَعْدَ الضَّعْفِ، ومَنَعَكُمْ بِها مِن عَدُوِّكُمْ بَعْدَ القَهْرِ مِنهُمْ لَكُمْ، واذْكُرُوا إذْ أنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأرْضِ تَخافُونَ أنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النّاسُ، فَآواكُمْ وأيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ، ورَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.
ابن هشام (ت 833). سيرة ابن هشام ت السقا. المكتبة الشاملة. ج.1، ص.669.
(ما نَزَلَ فِي تَبْشِيرِ المُسْلِمِينَ بِالمُساعَدَةِ والنَّصْرِ، وتَحْرِيضِهِمْ): ثُمَّ قالَ تَعالى: إذْ يُوحِي رَبُّكَ إلى المَلائِكَةِ أنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ٨: ١٢: أيْ آزِرُوا [١] الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ، فاضْرِبُوا فَوْقَ الأعْناقِ، واضْرِبُوا مِنهُمْ كُلَّ بَنانٍ. ذلِكَ بِأنَّهُمْ شاقُّوا اللَّهَ ورَسُولَهُ، ومن يُشاقِقِ اللَّهِ ورَسُولَهُ فَإنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقابِ ٨: ١٢- ١٣، ثُمَّ قالَ: يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأدْبارَ. ومن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلّا مُتَحَرِّفًا لِقِتالٍ أوْ مُتَحَيِّزًا إلى فِئَةٍ، فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ، ومَأْواهُ جَهَنَّمُ وبِئْسَ المَصِيرُ ٨: ١٥- ١٦: أيْ تَحْرِيضًا لَهُمْ عَلى عَدُوِّهِمْ لِئَلّا يَنْكُلُوا عَنْهُمْ إذا لَقُوهُمْ، وقَدْ وعَدَهُمْ اللَّهُ فِيهِمْ ما وعَدَهُمْ.
ابن هشام (ت 833). سيرة ابن هشام ت السقا. المكتبة الشاملة. ج.1، ص.668-667.
(ما نَزَلَ فِي وعْظِ المُسْلِمِينَ وتَعْلِيمِهِمْ خُطَطَ الحَرْبِ):

ثُمَّ وعَظَهُمْ وفَهَّمَهُمْ وأعْلَمَهُمْ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ أنْ يَسِيرُوا بِهِ فِي حَرْبِهِمْ، فَقالَ تَعالى: يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا لَقِيتُمْ فِئَةً ٨: ٤٥ تُقاتِلُونَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﷿ فاثْبُتُوا واذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا ٨: ٤٥ الَّذِي لَهُ بَذَلْتُمْ أنْفُسَكُمْ، والوَفاءَ لَهُ بِما أعْطَيْتُمُوهُ مِن بَيْعَتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. وأطِيعُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ ولا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا ٨: ٤٥- ٤٦: أيْ لا تَخْتَلِفُوا فَيَتَفَرَّقَ أمْرُكُمْ وتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ٨: ٤٦ أيْ وتَذْهَبَ حِدَّتُكُمْ [٤] واصْبِرُوا إنَّ اللَّهَ مَعَ الصّابِرِينَ ٨: ٤٦ أيْ إنِّي مَعَكُمْ إذا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ ولا تَكُونُوا كالَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيارِهِمْ بَطَرًا ورِئاءَ النّاسِ ٨: ٤٧: أيْ لا تَكُونُوا كَأبِي جَهْلٍ وأصْحابِهِ، الَّذِينَ قالُوا: لا نَرْجِعُ حَتّى نَأْتِيَ بَدْرًا فَنَنْحَرَ بِها الجُزُرَ وتُسْقى بِها الخَمْرَ، وتَعْزِفُ عَلَيْنا فِيها القِيانُ، وتَسْمَعُ العَرَبُ: أيْ لا يَكُونُ أمْرُكُمْ رِياءً، ولا سُمْعَةً، ولا التِماسَ ما عِنْدَ النّاسِ وأخْلِصُوا للَّه النِّيَّةَ والحِسْبَةَ فِي نَصْرِ دِينِكُمْ، ومُوازَرَةِ نَبِيِّكُمْ، لا تَعْمَلُوا إلّا لِذَلِكَ ولا تَطْلُبُوا غَيْرَهُ. ثُمَّ قالَ تَعالى: وإذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أعْمالَهُمْ وقال لا غالِبَ لَكُمُ اليَوْمَ مِنَ النّاسِ، وإنِّي جارٌ لَكُمْ ٨: ٤٨. قالَ ابْنُ هِشامٍ: وقَدْ مَضى تَفْسِيرُ هَذِهِ الآيَةِ. قالَ ابْنُ إسْحاقَ: ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهُ تَعالى أهْلَ الكُفْرِ، وما يَلْقَوْنَ عِنْدَ مَوْتِهِمْ، ووَصَفَهُمْ بِصِفَتِهِمْ، وأخْبَرَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم عَنْهُمْ، حَتّى انْتَهى إلى أنْ قالَ فَإمّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَن خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ٨: ٥٧ أيْ فَنَكِّلْ بِهِمْ مِن ورائِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْقِلُونَ وأعِدُّوا لَهُمْ ما اسْتَطَعْتُمْ مِن قُوَّةٍ ومن رِباطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وعَدُوَّكُمْ ٨: ٦٠.. إلى قَوْلِهِ تَعالى: وما تُنْفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إلَيْكُمْ، وأنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ ٨: ٦٠: أيْ لا يَضِيعُ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أجْرُهُ فِي الآخِرَةِ، وعاجِلٌ خِلَفَهُ فِي الدُّنْيا ثُمَّ قالَ تَعالى: وإنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فاجْنَحْ لَها ٨: ٦١: أيْ إنْ دَعَوْكَ إلى السَّلْمِ عَلى الإسْلامِ فَصالِحْهُمْ عَلَيْهِ وتَوَكَّلْ عَلى اللَّهِ ٨: ٦١ إنّ اللَّهَ كافِيكَ إنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ٨: ٦١. (تَفْسِيرُ ابْنِ هِشامٍ لِبَعْضِ الغَرِيبِ): قالَ ابْنُ هِشامٍ: جَنَحُوا لِلسَّلْمِ: مالُوا إلَيْكَ لِلسَّلْمِ. الجُنُوحُ: المَيْلُ. قالَ لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ: جُنُوحُ الهالِكِيَّ عَلى يَدَيْهِ … مُكِبًّا يَجْتَلِي نُقَبَ النِّصالِ [١] وهَذا البَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ (يُرِيدُ: الصَّيْقَلَ المُكِبَّ عَلى عَمَلِهِ. النَّقْبُ صَدَأُ السَّيْفِ. يَجْتَلِي: يَجْلُو السَّيْفَ) [٢]. والسَّلْمُ (أيْضًا): الصُّلْحُ، وفِي كِتابِ اللَّهِ ﷿: فَلا تَهِنُوا وتَدْعُوا إلى السَّلْمِ وأنْتُمُ الأعْلَوْنَ ٤٧: ٣٥، ويُقْرَأُ: «إلى السِّلم»، وهُوَ ذَلِكَ المَعْنى. قالَ زُهَيْرُ بْنُ أبِي سُلْمى: وقَدْ قُلْتُما إنْ نُدْرِكْ السِّلْمَ واسِعًا … بِمالٍ ومَعْرُوفٍ مِن القَوْلِ نَسْلَمْ وهَذا البَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. قالَ ابْنُ هِشامٍ: وبَلَغَنِي عَنْ الحَسَنِ بْنِ أبِي الحَسَنِ البَصْرِيِّ، أنَّهُ كانَ يَقُولُ: وإنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ ٨: ٦١ لِلْإسْلامِ. وفِي كِتابِ اللَّهِ تَعالى: يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كافَّةً ٢: ٢٠٨، ويُقْرَأُ «فِي السَّلْم»، وهُوَ الإسْلامُ. قالَ أُمَيَّةُ ابْن أبِي الصَّلْتِ: فَما أنابُوا لِسَلْمٍ حِينَ تُنْذِرُهُمْ … رُسْلَ الإلَهِ وما كانُوا لَهُ عَضُدا [١] وهَذا البَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. وتَقُولُ العَرَبُ لِدَلْوٍ تُعْمَلُ مُسْتَطِيلَةً: السَّلْمُ. قالَ طَرَفَةُ بْنُ العَبْدِ، أحَدُ بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، يَصِفُ ناقَةً لَهُ: لَها مِرْفَقانِ أفْتَلانِ كَأنَّما … تَمُرُّ بِسَلْمى دالِحٍ مُتَشَدِّدٍ [٢] (ويُرْوى: دالِجٍ) [٣]. وهَذا البَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. وإنْ يُرِيدُوا أنْ يَخْدَعُوكَ فَإنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ ٨: ٦٢ هُوَ مِن وراءِ ذَلِكَ. هُوَ الَّذِي أيَّدَكَ بِنَصْرِهِ ٨: ٦٢ بَعْدَ الضَّعْفِ وبِالمُؤْمِنِينَ وألَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ٨: ٦٢- ٦٣ عَلى الهُدى الَّذِي بَعَثَكَ اللَّهُ بِهِ إلَيْهِمْ لَوْ أنْفَقْتَ ما فِي الأرْضِ جَمِيعًا ما ألَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، ولكِنَّ اللَّهَ ألَّفَ بَيْنَهُمْ ٨: ٦٣ بِدِينِهِ الَّذِي جَمَعَهُمْ عَلَيْهِ إنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ٨: ٦٣. ثُمَّ قالَ تَعالى: يا أيُّها النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ ومن اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ. يا أيُّها النَّبِيُّ حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلى القِتالِ، إنْ يَكُنْ مِنكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ، وإنْ يَكُنْ مِنكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا ألْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ ٨: ٦٤- ٦٥: أيْ لا يُقاتِلُونَ عَلى نِيَّةٍ ولا حَقٍّ ولا مَعْرِفَةٍ بِخَيْرٍ ولا شَرٍّ.

قالَ ابْنُ إسْحاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطاءِ بْنِ أبِي رَباحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ اشْتَدَّ عَلى المُسْلِمِينَ، وأعْظَمُوا أنْ يُقاتل عشرُون مِائَتَيْنِ، ومِائَة ألْفًا، فَخَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَنَسَخَتْها الآيَةُ الأُخْرى، فَقالَ: الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وعَلِمَ أنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا، فَإنْ يَكُنْ مِنكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ، وإنْ يَكُنْ مِنكُمْ ألْفٌ يَغْلِبُوا ألْفَيْنِ بِإذْنِ اللَّهِ، والله مَعَ الصّابِرِينَ ٨: ٦٦. قالَ: فَكانُوا إذا كانُوا عَلى الشَّطْرِ مِن عَدُوِّهِمْ لَمْ يَنْبَغِ لَهُمْ أنْ يَفِرُّوا مِنهُمْ، وإذا كانُوا دُونَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ قِتالُهُمْ وجازَ لَهُمْ أنْ يَتَحَوَّزُوا عَنْهُمْ.
ابن هشام (ت 833). سيرة ابن هشام ت السقا. المكتبة الشاملة. ج.1، ص.675-673.
مَشى مَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى بَقِيعِ الغَرْقَدِ، ثُمَّ وجَّهَهُمْ، فَقالَ: انْطَلِقُوا عَلى اسْمِ اللَّهِ، اللَّهمّ أعِنْهُمْ، ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى بَيْتِهِ، وهُوَ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ، وأقْبَلُوا حَتّى انْتَهَوْا إلى حِصْنِهِ، فَهَتَفَ بِهِ أبُو نائِلَةَ، وكانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرْسٍ، فَوَثَبَ فِي [١] مِلْحَفَتِهِ، فَأخَذَتْ امْرَأتُهُ [٢] بِناحِيَتِها، وقالَتْ: إنّكَ امْرُؤٌ مُحارِبٌ، وإنَّ أصْحابَ الحَرْبِ لا يَنْزِلُونَ فِي هَذِهِ السّاعَةِ، قالَ: إنّهُ أبُو نائِلَةَ، لَوْ وجَدَنِي نائِمًا لَما أيْقَظَنِي، فَقالَتْ: واَللَّهِ إنِّي لَأعْرِفُ فِي صَوْتِهِ الشَّرَّ، قالَ: يَقُولُ لَها كَعْبٌ: لَوْ يُدْعى الفَتى لِطَعْنَةٍ لَأجابَ.

فَنَزَلَ فَتَحَدَّثَ مَعَهُمْ ساعَةً، وتَحَدَّثُوا مَعَهُ، ثُمَّ قالَ: هَلْ لَكَ يا بن الأشْرَفِ أنْ تَتَماشى إلى شِعْبِ العَجُوزِ [٣]، فَنَتَحَدَّثَ بِهِ بَقِيَّةَ لَيْلَتِنا هَذِهِ؟ قالَ: إنْ شِئْتُمْ. فَخَرَجُوا يَتَماشَوْنَ، فَمَشَوْا ساعَةً، ثُمَّ إنّ أبا نائِلَةَ شامَ [٤] يَدَهُ فِي فَوْدِ رَأْسِهِ، ثُمَّ شَمَّ يَدَهُ فَقالَ: ما رَأيْتُ كاللَّيْلَةِ طِيبًا أعْطَرَ قَطُّ، ثُمَّ مَشى ساعَةً، ثُمَّ عادَ لِمِثْلِها حَتّى اطْمَأنَّ، ثُمَّ مَشى ساعَةً، ثُمَّ عادَ لِمِثْلِها، فَأخَذَ بِفَوْدِ رَأْسِهِ، ثُمَّ قالَ: اضْرِبُوا عَدُوَّ اللَّهِ، فَضَرَبُوهُ، فاخْتَلَفَتْ عَلَيْهِ [٥] أسْيافُهُمْ، فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا.

قالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: فَذَكَرْتُ مِغْوَلًا [٦] فِي سَيْفِي، حِينَ رَأيْتُ أسْيافَنا لا تُغْنِي شَيْئًا، فَأخَذْتُهُ، وقَدْ صاحَ عَدُوُّ اللَّهِ صَيْحَةً لَمْ يَبْقَ حَوْلَنا حِصْنٌ إلّا وقَدْ أُوقِدَتْ عَلَيْهِ نارٌ قالَ: فَوَضَعْتُهُ فِي ثُنَّتِهِ [٧] ثُمَّ تَحامَلْتُ عَلَيْهِ حَتّى بَلَغْتُ عانَتَهُ فَوَقَعَ عَدُوُّ اللَّهِ، وقَدْ أُصِيبَ الحارِثُ بْنُ أوْسِ بْنِ مُعاذٍ، فَجُرِحَ فِي رَأْسِهِ أوْ فِي رِجْلِهِ، أصابَهُ بَعْضُ أسْيافِنا. قالَ: فَخَرَجْنا حَتّى سَلَكْنا عَلى بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، ثُمَّ عَلى بَنِي قُرَيْظَةَ، ثُمَّ عَلى بُعاثٍ حَتّى أسْنَدْنا [١] فِي حَرَّةِ [٢] العَرِيضِ [٣]، وقَدْ أبْطَأ عَلَيْنا صاحِبُنا الحارِثُ بْنُ أوْسٍ، ونَزَفَهُ [٤] الدَّمُ، فَوَقَفْنا لَهُ ساعَةً، ثُمَّ أتانا يَتْبَعُ آثارَنا. قالَ: فاحْتَمَلْناهُ فَجِئْنا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آخِرَ اللَّيْلِ، وهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي، فَسَلَّمْنا عَلَيْهِ، فَخَرَجَ إلَيْنا، فَأخْبَرْناهُ بِقَتْلِ عَدُوِّ اللَّهِ، وتَفَلَ عَلى جُرْحِ صاحِبِنا، فَرَجَعَ ورَجَعْنا إلى أهْلِنا فَأصْبَحْنا وقَدْ خافَتْ يَهُودُ لِوَقْعَتِنا بِعَدُوِّ اللَّهِ، فَلَيْسَ بِها يَهُودِيٌّ إلّا وهُوَ يَخافُ عَلى نَفْسِهِ.
ابن هشام (ت 833). سيرة ابن هشام ت السقا. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.56.
أمْرُ مُحَيِّصَةَ وحُوَيِّصَةَ

(لَوْمُ حُوَيِّصَةَ لِأخِيهِ مُحَيِّصَةَ لِقَتْلِهِ يَهُودِيًّا ثُمَّ إسْلامُهُ)، قالَ ابْنُ إسْحاقَ: وقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَن ظَفَرْتُمْ بِهِ مِن رِجالِ يَهُودَ فاقْتُلُوهُ، فَوَثَبَ مُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ- قالَ ابْنُ هِشامٍ: (مُحَيِّصَةُ) [١]، ويُقالُ: مُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عامِرِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ مَجْدَعَةَ بْنِ حارِثَةَ بْنِ الحارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مالِكِ بْنِ الأوْسِ- عَلى ابْنِ سُنَيْنَةَ- قالَ ابْنُ هِشامٍ: ويُقالُ سُبَيْنَةُ [٢]- رَجُلٌ مِن تُجّارِ يَهُودَ، كانَ يُلابِسُهُمْ ويُبايِعُهُمْ فَقَتَلَهُ وكانَ حُوَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ إذْ ذاكَ لَمْ يُسْلِمْ، وكانَ أسَنَّ مِن مُحَيِّصَةَ، فَلَمّا قَتَلَهُ جَعَلَ حُوَيِّصَةَ يَضْرِبُهُ، ويَقُولُ: أيْ عَدُوَّ اللَّهِ، أقَتَلْتَهُ، أما واَللَّهِ لَرُبَّ شَحْمٍ فِي بَطْنِكَ مِن مالِهِ. قالَ مُحَيِّصَةُ، فَقُلْتُ: واَللَّهِ لَقَدْ أمَرَنِي بِقَتْلِهِ مَن لَو أمرنى يقتلك لَضَرَبْتُ عُنُقك، قالَ: فو الله إنْ كانَ لِأوَّلِ إسْلامِ حويّصة قالَ: آو للَّه لَوْ أمَرَكَ مُحَمَّدٌ بِقَتْلِي لَقَتَلْتَنِي؟ قالَ: نَعَمْ، واَللَّهِ لَوْ أمَرَنِي بِضَرْبِ عُنُقِكَ لَضَرَبْتُها! قالَ: واَللَّهِ إنّ دِينًا بَلَغَ بِكَ هَذا لَعَجَبٌ، فَأسْلَمَ حُوَيِّصَةُ.

قالَ ابْنُ إسْحاقَ: حَدَّثَنِي هَذا الحَدِيثَ مَوْلًى لِبَنِي حارِثَةَ، عَنْ ابْنِهِ مُحَيِّصَةَ، عَنْ أبِيها مُحَيِّصَةَ.
ابن هشام (ت 833). سيرة ابن هشام ت السقا. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.58.