إذا تحب ويكي إسلام فيمكنك التبرع هنا الرجاء ان تدعم المسلمين السابقين في أمريكا الشمالية فهي المنظمة التي تستضيف وتدير هذا الموقع تبرع اليوم

القرآن والحديث والعلماء: محمد والأمر بالإعدام

من ویکی اسلام
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

وفقًا للتقاليد الإسلامية ، واجه المسلمون الأوائل العديد من التهديدات وكانوا في حالة حرب شبه دائمة مع جيرانهم. على هذا النحو ، استخدم محمد العديد من الحيل الحربية ضد أعدائه ، بما في ذلك أوامر الاغتيال المستهدف بالإضافة إلى حالة واحدة على الأقل مسجلة من الإعدام الجماعي لقبيلة بني قريضة اليهودية . وهنالك شخصيات مثيرة للجدل امر محمد بإعدامها لما تشكل خطر على دعوته امثال عقبة بن ابي معيط وكعب بن الاشرف..الخ.

سمعة

ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من منصرفه عن الطائف كتب بجير بن زهير بن أبي سلمى إلى أخيه كعب بن زهير يخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل رجالا بمكة، ممن كان يهجوه ويؤذيه، وأن من بقي من شعراء قريش، ابن الزبعرى وهبيرة بن أبي وهب، قد هربوا في كل وجه، فإن كانت لك في نفسك حاجة، فطر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لا يقتل أحدا جاءه تائبا، وإن أنت لم تفعل فانج إلى نجائك [1] من الأرض
ابن هشام (ت 833). سيرة ابن هشام ت السقا. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.501.

الأمر الإلهي بالقتل

(ما نَزَلَ فِي الأُسارى والمَغانِمِ):

قالَ ابْنُ إسْحاقَ: ثُمَّ عاتَبَهُ اللَّهُ تَعالى فِي الأُسارى، وأخْذِ المَغانِمِ [١]، ولَمْ يَكُنْ أحَدٌ قَبْلَهُ مِن الأنْبِياءِ يَأْكُلُ مَغْنَمًا مِن عَدُوٍّ لَهُ.

قالَ ابْنُ إسْحاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ أبُو جَعْفَرِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وجُعِلَتْ لِي الأرْضُ مَسْجِدًا [٢] وطَهُورًا، وأُعْطِيتُ جَوامِعَ الكَلِمِ، وأُحِلَّتْ لِي المَغانِمُ ولَمْ تُحْلَلْ لِنَبِيٍّ كانَ قَبْلِي، وأُعْطِيتُ الشَّفاعَةَ، خَمْسٌ لَمْ يُؤْتَهُنَّ نَبِيٌّ قَبْلِي. قالَ ابْنُ إسْحاقَ: فَقالَ: ما كانَ لِنَبِيٍّ ٨: ٦٧: أيْ قَبْلَكَ أنْ يَكُونَ لَهُ أسْرى ٨: ٦٧ مِن عَدُوِّهِ حَتّى يُثْخِنَ فِي الأرْضِ ٨: ٦٧، أيْ يُثْخِنَ [٣] عَدُوَّهُ، حَتّى يَنْفِيَهُ مِن الأرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا ٨: ٦٧: أيْ المَتاعَ، الفِداءَ بِأخْذِ الرِّجالِ والله يُرِيدُ الآخِرَةَ ٨: ٦٧: أيْ قَتْلَهُمْ لِظُهُورِ الدِّينِ الَّذِي يُرِيدُ إظْهارَهُ، واَلَّذِي تُدْرَكُ بِهِ الآخِرَةُ لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أخَذْتُمْ ٨: ٦٨: أيْ مِن الأُسارى والمَغانِمِ عَذابٌ عَظِيمٌ ٨: ٦٨: أيْ لَوْلا أنَّهُ سَبَقَ مِنِّي أنِّي لا أُعَذِّبُ إلّا بَعْدَ النَّهْيِ ولَمْ يَكُ نَهاهُمْ، لَعَذَّبْتُكُمْ فِيما صَنَعْتُمْ، ثُمَّ أحَلَّها لَهُ ولَهُمْ رَحْمَةً مِنهُ، وعائِدَةٌ مِن الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقالَ فَكُلُوا مِمّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّبًا واتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٨: ٦٩.
ابن هشام (ت 833). سيرة ابن هشام ت السقا. المكتبة الشاملة. ج.1، ص.676.

الأفراد

اغتيال عبد الله بن أبي بن سلول

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رضى الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا، وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ وَأَثْبَتَ لَهُ اقْتِصَاصًا، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ، قَالُوا قَالَتْ عَائِشَةُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيُّهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا، خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَكُنْتُ أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ، دَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِي، فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي، فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، قَالَتْ وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يُرَحِّلُونِي فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي، فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ عَلَيْهِ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَهْبُلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ خِفَّةَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ وَحَمَلُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الْجَمَلَ فَسَارُوا، وَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ دَاعٍ وَلاَ مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إِلَىَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ، فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وَكَانَ رَآنِي قَبْلَ الْحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي، وَاللَّهِ مَا تَكَلَّمْنَا بِكَلِمَةٍ وَلاَ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ، وَهَوَى حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا، فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، وَهُمْ نُزُولٌ ـ قَالَتْ ـ فَهَلَكَ ‏{‏فِيَّ‏}‏ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَ الإِفْكِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ ابْنَ سَلُولَ‏.‏ قَالَ عُرْوَةُ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ كَانَ يُشَاعُ وَيُتَحَدَّثُ بِهِ عِنْدَهُ، فَيُقِرُّهُ وَيَسْتَمِعُهُ وَيَسْتَوْشِيهِ‏.‏ وَقَالَ عُرْوَةُ أَيْضًا لَمْ يُسَمَّ مِنْ أَهْلِ الإِفْكِ أَيْضًا إِلاَّ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ، وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ فِي نَاسٍ آخَرِينَ، لاَ عِلْمَ لِي بِهِمْ، غَيْرَ أَنَّهُمْ عُصْبَةٌ ـ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ـ وَإِنَّ كُبْرَ ذَلِكَ يُقَالُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ‏.‏ قَالَ عُرْوَةُ كَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أَنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ، وَتَقُولُ إِنَّهُ الَّذِي قَالَ: فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، لاَ أَشْعُرُ بِشَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَهْوَ يَرِيبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لاَ أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي، إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ ‏"‏ كَيْفَ تِيكُمْ ‏"‏ ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَلِكَ يَرِيبُنِي وَلاَ أَشْعُرُ بِالشَّرِّ، حَتَّى خَرَجْتُ حِينَ نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ مَعَ أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ، وَكَانَ مُتَبَرَّزَنَا، وَكُنَّا لاَ نَخْرُجُ إِلاَّ لَيْلاً إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا‏.‏ قَالَتْ وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلِ فِي الْبَرِّيَّةِ قِبَلَ الْغَائِطِ، وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، قَالَتْ فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ وَهْىَ ابْنَةُ أَبِي رُهْمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي، حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ‏.‏ فَقُلْتُ لَهَا بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلاً شَهِدَ بَدْرًا فَقَالَتْ أَىْ هَنْتَاهْ وَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ قَالَتْ وَقُلْتُ مَا قَالَ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ ـ قَالَتْ ـ فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ ‏"‏ كَيْفَ تِيكُمْ ‏"‏‏.‏ فَقُلْتُ لَهُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَىَّ قَالَتْ وَأُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، قَالَتْ فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ لأُمِّي يَا أُمَّتَاهُ مَاذَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ قَالَتْ يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا لَهَا ضَرَائِرُ إِلاَّ كَثَّرْنَ عَلَيْهَا‏.‏ قَالَتْ فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ أَوَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا قَالَتْ فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، حَتَّى أَصْبَحْتُ لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي ـ قَالَتْ ـ وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْىُ يَسْأَلُهُمَا وَيَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ ـ قَالَتْ ـ فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِي يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ أُسَامَةُ أَهْلَكَ وَلاَ نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْرًا‏.‏ وَأَمَّا عَلِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ‏.‏ قَالَتْ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَرِيرَةَ فَقَالَ ‏"‏ أَىْ بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَىْءٍ يَرِيبُكِ ‏"‏‏.‏ قَالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ، غَيْرَ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ ـ قَالَتْ ـ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ يَوْمِهِ، فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ وَهْوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ ‏"‏ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي عَنْهُ أَذَاهُ فِي أَهْلِي، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلاَّ خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا، وَمَا يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلاَّ مَعِي ‏"‏‏.‏ قَالَتْ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ فَقَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْذِرُكَ، فَإِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ‏.‏ قَالَتْ فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بِنْتَ عَمِّهِ مِنْ فَخِذِهِ، وَهْوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَهْوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ ـ قَالَتْ ـ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلاً صَالِحًا، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَقَالَ لِسَعْدٍ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لاَ تَقْتُلُهُ، وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ رَهْطِكَ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ يُقْتَلَ‏.‏ فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ ـ وَهْوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدٍ ـ فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ‏.‏ قَالَتْ فَثَارَ الْحَيَّانِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ ـ قَالَتْ ـ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ ـ قَالَتْ ـ فَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ كُلَّهُ، لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ ـ قَالَتْ ـ وَأَصْبَحَ أَبَوَاىَ عِنْدِي، وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا، لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، حَتَّى إِنِّي لأَظُنُّ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، فَبَيْنَا أَبَوَاىَ جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَىَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي ـ قَالَتْ ـ فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ ـ قَالَتْ ـ وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لاَ يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي بِشَىْءٍ ـ قَالَتْ ـ فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ ‏"‏ أَمَّا بَعْدُ، يَا عَائِشَةُ إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً، فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ‏"‏‏.‏ قَالَتْ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، فَقُلْتُ لأَبِي أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِّي فِيمَا قَالَ‏.‏ فَقَالَ أَبِي وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏ فَقُلْتُ لأُمِّي أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا قَالَ‏.‏ قَالَتْ أُمِّي وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏ فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لاَ أَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ كَثِيرًا إِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الْحَدِيثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي بَرِيئَةٌ لاَ تُصَدِّقُونِي، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، فَوَاللَّهِ لاَ أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلاً إِلاَّ أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَالَ ‏{‏فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ‏}‏ ثُمَّ تَحَوَّلْتُ وَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى، لَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بِأَمْرٍ، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بِهَا، فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَجْلِسَهُ، وَلاَ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِنَ الْعَرَقِ مِثْلُ الْجُمَانِ وَهْوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ، مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ ـ قَالَتْ ـ فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ ‏"‏ يَا عَائِشَةُ أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ ‏"‏‏.‏ قَالَتْ فَقَالَتْ لِي أُمِّي قُومِي إِلَيْهِ‏.‏ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ، فَإِنِّي لاَ أَحْمَدُ إِلاَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ـ قَالَتْ ـ وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ‏}‏ الْعَشْرَ الآيَاتِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي‏.‏ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ـ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ ـ وَاللَّهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ‏.‏ فَأَنْزَلَ اللَّهُ ‏{‏ وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ‏}‏ إِلَى قَوْلِهِ ‏{‏غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَقَالَ وَاللَّهِ لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا قَالَتْ عَائِشَةُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي فَقَالَ لِزَيْنَبَ مَاذَا عَلِمْتِ أَوْ رَأَيْتِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا قَالَتْ عَائِشَةُ وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ قَالَتْ وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنِي مِنْ حَدِيثِ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ ثُمَّ قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ وَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ لَيَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا كَشَفْتُ مِنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ قَالَتْ ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

اغتيال أبي عفك

سَرِيَّةُ سالِمِ بْنِ عُمَيْرٍ لِقَتْلِ أبِي عَفَكٍ

(سَبَبُ نِفاقِ أبِي عَفَكٍ): قالَ ابْنُ إسْحاقَ: وغَزْوَةُ سالِمِ بْنِ عُمَيْرٍ لِقَتْلِ أبِي [٧] عَفَكٍ، أحَدُ بَنِي عَمْرِو ابْن عَوْفٍ ثُمَّ مِن بَنِي عُبَيْدَةَ، وكانَ قَدْ نَجَمَ [١] نِفاقُهُ، حِينَ قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الحارِثَ بْنَ سُوَيْدٍ بْنِ صامِتٍ، فَقالَ: لَقَدْ عِشْتُ دَهْرًا وما إنْ أرى … مِن النّاسِ دارًا ولا مَجْمَعا أبَرَّ عُهُودًا وأوْفى لِمَن … يُعاقَدُ فِيهِمْ إذا ما دَعا مِن أوْلادِ قَيْلَةَ فِي جَمْعِهِمْ … يَهُدُّ الجِبالَ ولَمْ يَخْضَعا [٢] فَصَدَّعَهُمْ راكِبٌ جاءَهُمْ … حَلالٌ حَرامٌ لِشَتّى مَعا [٣] فَلَوْ أنَّ بِالعِزِّ صَدَّقْتُمْ … أوْ المُلْكِ تابَعْتُمْ تُبَّعا [٤] (قَتْلُ ابْنِ عُمَيْرٍ لَهُ وشِعْرُ المُزَيْرِيَّةِ): فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَن لِي بِهَذا الخَبِيثِ، فَخَرَجَ سالِمُ بْنُ عُمَيْرٍ، أخُو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وهُوَ أحد البكّاءين، فَقَتَلَهُ؟ فَقالَتْ أُمامَةُ المُزَيْرِيَّةِ فِي ذَلِكَ: تُكَذِّبُ دِينَ اللَّهِ والمَرْءَ أحْمَدا … لَعَمْرُ الَّذِي أمْناكَ أنْ بِئْسَ ما يُمْنِي [٥]

حَباكَ حَنِيفٌ آخِرَ اللَّيْلِ طَعْنَةً … أبا عَفَكٍ خُذْها عَلى كِبَرِ السِّنِّ [٦]
ابن هشام (ت 833). سيرة ابن هشام ت السقا. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.636-635.

اغتيال أبو رافع (سلام بن أبي الحقيق‎)

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ـ رضى الله عنهما ـ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ ‏"‏‏.‏ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ قَالَ ‏"‏ نَعَمْ ‏"‏‏.‏ قَالَ فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا‏.‏ قَالَ ‏"‏ قُلْ ‏"‏‏.‏ فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَةً، وَإِنَّهُ قَدْ عَنَّانَا، وَإِنِّي قَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَسْلِفُكَ‏.‏ قَالَ وَأَيْضًا وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ قَالَ إِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ فَلاَ نُحِبُّ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَىِّ شَىْءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا، أَوْ وَسْقَيْنِ ـ وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو غَيْرَ مَرَّةٍ، فَلَمْ يَذْكُرْ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ أَوْ فَقُلْتُ لَهُ فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ فَقَالَ أُرَى فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ ـ فَقَالَ نَعَمِ ارْهَنُونِي‏.‏ قَالُوا أَىَّ شَىْءٍ تُرِيدُ قَالَ فَارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ‏.‏ قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ قَالَ فَارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ‏.‏ قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ، فَيُقَالُ رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ‏.‏ هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللأْمَةَ ـ قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِي السِّلاَحَ ـ فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَجَاءَهُ لَيْلاً وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ وَهْوَ أَخُو كَعْبٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْحِصْنِ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَأَخِي أَبُو نَائِلَةَ ـ وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو قَالَتْ أَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ‏.‏ قَالَ إِنَّمَا هُوَ أَخِي مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعِي أَبُو نَائِلَةَ ـ إِنَّ الْكَرِيمَ لَوْ دُعِيَ إِلَى طَعْنَةٍ بِلَيْلٍ لأَجَابَ قَالَ وَيُدْخِلُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَعَهُ رَجُلَيْنِ ـ قِيلَ لِسُفْيَانَ سَمَّاهُمْ عَمْرٌو قَالَ سَمَّى بَعْضَهُمْ قَالَ عَمْرٌو جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ عَمْرٌو وَجَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ ـ فَقَالَ إِذَا مَا جَاءَ فَإِنِّي قَائِلٌ بِشَعَرِهِ فَأَشَمُّهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي اسْتَمْكَنْتُ مِنْ رَأْسِهِ فَدُونَكُمْ فَاضْرِبُوهُ‏.‏ وَقَالَ مَرَّةً ثُمَّ أُشِمُّكُمْ‏.‏ فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ مُتَوَشِّحًا وَهْوَ يَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ، فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رِيحًا ـ أَىْ أَطْيَبَ ـ وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو قَالَ عِنْدِي أَعْطَرُ نِسَاءِ الْعَرَبِ وَأَكْمَلُ الْعَرَبِ قَالَ عَمْرٌو فَقَالَ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشَمَّ رَأْسَكَ قَالَ نَعَمْ، فَشَمَّهُ، ثُمَّ أَشَمَّ أَصْحَابَهُ ثُمَّ قَالَ أَتَأْذَنُ لِي قَالَ نَعَمْ‏.‏ فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ قَالَ دُونَكُمْ‏.‏ فَقَتَلُوهُ ثُمَّ أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرُوهُ‏.‏
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ـ رضى الله عنهما ـ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَهْطًا إِلَى أَبِي رَافِعٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ بَيْتَهُ لَيْلاً وَهْوَ نَائِمٌ فَقَتَلَهُ‏.‏
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَبِي رَافِعٍ الْيَهُودِيِّ رِجَالاً مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ، وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيُعِينُ عَلَيْهِ، وَكَانَ فِي حِصْنٍ لَهُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ، فَلَمَّا دَنَوْا مِنْهُ، وَقَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَرَاحَ النَّاسُ بِسَرْحِهِمْ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لأَصْحَابِهِ اجْلِسُوا مَكَانَكُمْ، فَإِنِّي مُنْطَلِقٌ، وَمُتَلَطِّفٌ لِلْبَوَّابِ، لَعَلِّي أَنْ أَدْخُلَ‏.‏ فَأَقْبَلَ حَتَّى دَنَا مِنَ الْبَابِ ثُمَّ تَقَنَّعَ بِثَوْبِهِ كَأَنَّهُ يَقْضِي حَاجَةً، وَقَدْ دَخَلَ النَّاسُ، فَهَتَفَ بِهِ الْبَوَّابُ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَدْخُلَ فَادْخُلْ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُغْلِقَ الْبَابَ‏.‏ فَدَخَلْتُ فَكَمَنْتُ، فَلَمَّا دَخَلَ النَّاسُ أَغْلَقَ الْبَابَ، ثُمَّ عَلَّقَ الأَغَالِيقَ عَلَى وَتَدٍ قَالَ فَقُمْتُ إِلَى الأَقَالِيدِ، فَأَخَذْتُهَا فَفَتَحْتُ الْبَابَ، وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُسْمَرُ عِنْدَهُ، وَكَانَ فِي عَلاَلِيَّ لَهُ، فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْهُ أَهْلُ سَمَرِهِ صَعِدْتُ إِلَيْهِ، فَجَعَلْتُ كُلَّمَا فَتَحْتُ بَابًا أَغْلَقْتُ عَلَىَّ مِنْ دَاخِلٍ، قُلْتُ إِنِ الْقَوْمُ نَذِرُوا بِي لَمْ يَخْلُصُوا إِلَىَّ حَتَّى أَقْتُلَهُ‏.‏ فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ وَسْطَ عِيَالِهِ، لاَ أَدْرِي أَيْنَ هُوَ مِنَ الْبَيْتِ فَقُلْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ‏.‏ قَالَ مَنْ هَذَا فَأَهْوَيْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ، فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ، وَأَنَا دَهِشٌ فَمَا أَغْنَيْتُ شَيْئًا، وَصَاحَ فَخَرَجْتُ مِنَ الْبَيْتِ، فَأَمْكُثُ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ دَخَلْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ مَا هَذَا الصَّوْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ‏.‏ فَقَالَ لأُمِّكَ الْوَيْلُ، إِنَّ رَجُلاً فِي الْبَيْتِ ضَرَبَنِي قَبْلُ بِالسَّيْفِ، قَالَ فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أَثْخَنَتْهُ وَلَمْ أَقْتُلْهُ، ثُمَّ وَضَعْتُ ظُبَةَ السَّيْفِ فِي بَطْنِهِ حَتَّى أَخَذَ فِي ظَهْرِهِ، فَعَرَفْتُ أَنِّي قَتَلْتُهُ، فَجَعَلْتُ أَفْتَحُ الأَبْوَابَ بَابًا بَابًا حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى دَرَجَةٍ لَهُ، فَوَضَعْتُ رِجْلِي وَأَنَا أُرَى أَنِّي قَدِ انْتَهَيْتُ إِلَى الأَرْضِ فَوَقَعْتُ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ، فَانْكَسَرَتْ سَاقِي، فَعَصَبْتُهَا بِعِمَامَةٍ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ حَتَّى جَلَسْتُ عَلَى الْبَابِ فَقُلْتُ لاَ أَخْرُجُ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَعْلَمَ أَقَتَلْتُهُ فَلَمَّا صَاحَ الدِّيكُ قَامَ النَّاعِي عَلَى السُّورِ فَقَالَ أَنْعَى أَبَا رَافِعٍ تَاجِرَ أَهْلِ الْحِجَازِ‏.‏ فَانْطَلَقْتُ إِلَى أَصْحَابِي فَقُلْتُ النَّجَاءَ، فَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ أَبَا رَافِعٍ‏.‏ فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ ‏"‏ ابْسُطْ رِجْلَكَ ‏"‏‏.‏ فَبَسَطْتُ رِجْلِي، فَمَسَحَهَا، فَكَأَنَّهَا لَمْ أَشْتَكِهَا قَطُّ‏.‏
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا شُرَيْحٌ ـ هُوَ ابْنُ مَسْلَمَةَ ـ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ ـ رضى الله عنه ـ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَبِي رَافِعٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ فِي نَاسٍ مَعَهُمْ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى دَنَوْا مِنَ الْحِصْنِ، فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ امْكُثُوا أَنْتُمْ حَتَّى أَنْطَلِقَ أَنَا فَأَنْظُرَ‏.‏ قَالَ فَتَلَطَّفْتُ أَنْ أَدْخُلَ الْحِصْنَ، فَفَقَدُوا حِمَارًا لَهُمْ ـ قَالَ ـ فَخَرَجُوا بِقَبَسٍ يَطْلُبُونَهُ ـ قَالَ ـ فَخَشِيتُ أَنْ أُعْرَفَ ـ قَالَ ـ فَغَطَّيْتُ رَأْسِي كَأَنِّي أَقْضِي حَاجَةً، ثُمَّ نَادَى صَاحِبُ الْبَابِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ فَلْيَدْخُلْ قَبْلَ أَنْ أُغْلِقَهُ‏.‏ فَدَخَلْتُ ثُمَّ اخْتَبَأْتُ فِي مَرْبِطِ حِمَارٍ عِنْدَ باب الْحِصْنِ، فَتَعَشَّوْا عِنْدَ أَبِي رَافِعٍ وَتَحَدَّثُوا حَتَّى ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى بُيُوتِهِمْ، فَلَمَّا هَدَأَتِ الأَصْوَاتُ وَلاَ أَسْمَعُ حَرَكَةً خَرَجْتُ ـ قَالَ ـ وَرَأَيْتُ صَاحِبَ الْبَابِ حَيْثُ وَضَعَ مِفْتَاحَ الْحِصْنِ، فِي كَوَّةٍ فَأَخَذْتُهُ فَفَتَحْتُ بِهِ باب الْحِصْنِ‏.‏ قَالَ قُلْتُ إِنْ نَذِرَ بِي الْقَوْمُ انْطَلَقْتُ عَلَى مَهَلٍ، ثُمَّ عَمَدْتُ إِلَى أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ، فَغَلَّقْتُهَا عَلَيْهِمْ مِنْ ظَاهِرٍ، ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى أَبِي رَافِعٍ فِي سُلَّمٍ، فَإِذَا الْبَيْتُ مُظْلِمٌ قَدْ طَفِئَ سِرَاجُهُ، فَلَمْ أَدْرِ أَيْنَ الرَّجُلُ، فَقُلْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ‏.‏ قَالَ مَنْ هَذَا قَالَ فَعَمَدْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ فَأَضْرِبُهُ، وَصَاحَ فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا ـ قَالَ ـ ثُمَّ جِئْتُ كَأَنِّي أُغِيثُهُ فَقُلْتُ مَا لَكَ يَا أَبَا رَافِعٍ وَغَيَّرْتُ صَوْتِي‏.‏ فَقَالَ أَلاَ أُعْجِبُكَ لأُمِّكَ الْوَيْلُ، دَخَلَ عَلَىَّ رَجُلٌ فَضَرَبَنِي بِالسَّيْفِ‏.‏ قَالَ فَعَمَدْتُ لَهُ أَيْضًا فَأَضْرِبُهُ أُخْرَى فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا، فَصَاحَ وَقَامَ أَهْلُهُ، قَالَ ثُمَّ جِئْتُ وَغَيَّرْتُ صَوْتِي كَهَيْئَةِ الْمُغِيثِ، فَإِذَا هُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ، فَأَضَعُ السَّيْفَ فِي بَطْنِهِ ثُمَّ أَنْكَفِئُ عَلَيْهِ حَتَّى سَمِعْتُ صَوْتَ الْعَظْمِ، ثُمَّ خَرَجْتُ دَهِشًا حَتَّى أَتَيْتُ السُّلَّمَ أُرِيدُ أَنْ أَنْزِلَ، فَأَسْقُطُ مِنْهُ فَانْخَلَعَتْ رِجْلِي فَعَصَبْتُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُ أَصْحَابِي أَحْجُلُ فَقُلْتُ انْطَلِقُوا فَبَشِّرُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنِّي لاَ أَبْرَحُ حَتَّى أَسْمَعَ النَّاعِيَةَ، فَلَمَّا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ صَعِدَ النَّاعِيَةُ فَقَالَ أَنْعَى أَبَا رَافِعٍ‏.‏ قَالَ فَقُمْتُ أَمْشِي مَا بِي قَلَبَةٌ، فَأَدْرَكْتُ أَصْحَابِي قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَبَشَّرْتُهُ‏.‏
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ـ رضى الله عنهما ـ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَهْطًا مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى أَبِي رَافِعٍ لِيَقْتُلُوهُ، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَدَخَلَ حِصْنَهُمْ قَالَ فَدَخَلْتُ فِي مَرْبِطِ دَوَابَّ لَهُمْ، قَالَ وَأَغْلَقُوا باب الْحِصْنِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ فَقَدُوا حِمَارًا لَهُمْ، فَخَرَجُوا يَطْلُبُونَهُ، فَخَرَجْتُ فِيمَنْ خَرَجَ أُرِيهِمْ أَنَّنِي أَطْلُبُهُ مَعَهُمْ، فَوَجَدُوا الْحِمَارَ، فَدَخَلُوا وَدَخَلْتُ، وَأَغْلَقُوا باب الْحِصْنِ لَيْلاً، فَوَضَعُوا الْمَفَاتِيحَ فِي كَوَّةٍ حَيْثُ أَرَاهَا، فَلَمَّا نَامُوا أَخَذْتُ الْمَفَاتِيحَ، فَفَتَحْتُ باب الْحِصْنِ ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ‏.‏ فَأَجَابَنِي، فَتَعَمَّدْتُ الصَّوْتَ، فَضَرَبْتُهُ فَصَاحَ، فَخَرَجْتُ ثُمَّ جِئْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ كَأَنِّي مُغِيثٌ فَقُلْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ، وَغَيَّرْتُ صَوْتِي، فَقَالَ مَا لَكَ لأُمِّكَ الْوَيْلُ قُلْتُ مَا شَأْنُكَ قَالَ لاَ أَدْرِي مَنْ دَخَلَ عَلَىَّ فَضَرَبَنِي‏.‏ قَالَ فَوَضَعْتُ سَيْفِي فِي بَطْنِهِ، ثُمَّ تَحَامَلْتُ عَلَيْهِ حَتَّى قَرَعَ الْعَظْمَ، ثُمَّ خَرَجْتُ وَأَنَا دَهِشٌ، فَأَتَيْتُ سُلَّمًا لَهُمْ لأَنْزِلَ مِنْهُ فَوَقَعْتُ فَوُثِئَتْ رِجْلِي، فَخَرَجْتُ إِلَى أَصْحَابِي فَقُلْتُ مَا أَنَا بِبَارِحٍ حَتَّى أَسْمَعَ النَّاعِيَةَ، فَمَا بَرِحْتُ حَتَّى سَمِعْتُ نَعَايَا أَبِي رَافِعٍ تَاجِرِ أَهْلِ الْحِجَازِ‏.‏ قَالَ فَقُمْتُ وَمَا بِي قَلَبَةٌ حَتَّى أَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْنَاهُ‏.‏
(اسْتِئْذانُ الخَزْرَجِ الرَّسُولَ فِي قَتْلِ ابْنِ أبِي الحَقِيقِ):

قالَ ابْنُ إسْحاقَ [٧]: ولَمّا انْقَضى شَأْنُ الخَنْدَقِ، وأمْرُ بَنِي قُرَيْظَةَ، وكانَ سَلّامُ بْنُ أبِي الحُقَيْقِ، وهُوَ أبُو رافِعٍ فِيمَن حَزَّبَ الأحْزابُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وكانَتْ الأوْسُ قَبْلَ أُحُدٍ قَدْ قَتَلَتْ كَعْبَ بْنَ الأشْرَفِ، فِي عَداوَتِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وتَحْرِيضِهِ عَلَيْهِ، اسْتَأْذَنَتْ الخَزْرَجُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَتْلِ سَلّامِ بْنِ أبِي الحُقَيْقِ، وهُوَ بِخَيْبَرِ، فَأذِنَ لَهُمْ. قالَ ابْنُ إسْحاقَ [٧]: وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهابٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مالِكٍ، قالَ: وكانَ مِمّا صَنَعَ اللَّهُ بِهِ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم أنَّ هَذَيْنِ الحَيَّيْنِ مِن الأنْصارِ، والأوْسِ والخَزْرَجِ، كانا يَتَصاوَلانِ [١] مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَصاوُلَ الفَحْلَيْنِ، لا تَصْنَعُ الأوْسُ شَيْئًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَناءً [٢] إلّا قالَتْ الخَزْرَجُ: واَللَّهِ لا تَذْهَبُونَ بِهَذِهِ فَضْلًا عَلَيْنا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وفِي الإسْلامِ. قالَ: فَلا يَنْتَهُونَ حَتّى يُوقِعُوا مِثْلَها، وإذا فَعَلَتْ الخَزْرَجُ شَيْئًا قالَتْ الأوْسُ مِثْلَ ذَلِكَ. ولَمّا أصابَتْ الأوْسَ كَعْبَ بْنَ الأشْرَفِ فِي عَداوَتِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَتْ الخَزْرَجُ: واَللَّهِ لا تَذْهَبُونَ بِها فَضْلًا عَلَيْنا أبَدًا، قالَ: فَتَذاكَرُوا: مَن رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي العَداوَةِ كابْنِ الأشْرَفِ؟ فَذَكَرُوا ابْنَ أبِي الحُقَيْقِ، وهُوَ بِخَيْبَرِ، فاسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَتْلِهِ، فَأذِنَ لَهُمْ. (النَّفَرُ الَّذِينَ خَرَجُوا لِقَتْلِ ابْنِ أبِي الحُقَيْقِ وقِصَّتُهُمْ): فَخَرَجَ إلَيْهِ مِن الخَزْرَجِ مِن بَنِي سَلِمَةَ خَمْسَةُ نَفَرٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ، ومَسْعُودُ ابْن سِنانٍ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ، وأبُو قَتادَةَ الحارِثُ بْنُ رِبْعِيٍّ، وخُزاعِيُّ بْنُ أسْوَدَ، حَلِيفٌ لَهُمْ مِن أسْلَمَ. فَخَرَجُوا وأمَّرَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ، ونَهاهُمْ عَنْ أنْ يَقْتُلُوا ولِيدًا أوْ امْرَأةً، فَخَرَجُوا حَتّى إذا قَدِمُوا خَيْبَرَ، أتَوْا دارَ ابْنِ أبِي الحُقَيْقِ لَيْلًا، فَلَمْ يَدْعُوا بَيْتًا فِي الدّارِ إلّا أغْلَقُوهُ عَلى أهْلِهِ. قالَ: وكانَ فِي عِلِّيَّةٍ لَهُ إلَيْها عَجَلَةٌ [٣] قالَ: فَأسْنَدُوا فِيها [٤]، حَتّى قامُوا عَلى بابِهِ، فاسْتَأْذَنُوا عَلَيْهِ، فَخَرَجَتْ إلَيْهِمْ [٥] امْرَأتُهُ، فَقالَتْ: مَن أنْتُمْ؟ قالُوا: ناسٌ مِن العَرَبِ نَلْتَمِسُ المِيرَةَ. قالَتْ: ذاكُمْ صاحِبكُمْ، فادْخُلُوا عَلَيْهِ، قالَ: فَلَمّا دَخَلْنا عَلَيْهِ، أغْلَقْنا عَلَيْنا وعَلَيْها الحُجْرَةَ، تَخَوُّفًا أنْ تَكُونَ دُونَهُ مُجاوَلَةٌ [٦] تَحُولُ بَيْنَنا وبَيْنَهُ، قالَتْ: فَصاحَتْ امْرَأتُهُ، فَنَوَّهَتْ بِنا [١] وابْتَدَرْناهُ، وهُوَ عَلى فراشه بأسيافنا، فو الله ما يَدُلُّنا عَلَيْهِ فِي سَوادِ اللَّيْلِ [٢] إلّا بَياضُهُ كَأنَّهُ قُبْطِيَّةٌ [٣] مُلْقاةٌ. قالَ: ولَمّا صاحَتْ بِنا امْرَأتُهُ، جَعَلَ الرَّجُلُ مِنّا يَرْفَعُ عَلَيْها سَيْفَهُ، ثُمَّ يَذْكُرُ نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَكُفُّ يَدَهُ، ولَوْلا ذَلِكَ لَفَرَغْنا مِنها بِلَيْلٍ. قالَ: فَلَمّا ضَرَبْناهُ بِأسْيافِنا تَحامَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ بِسَيْفِهِ فِي بَطْنِهِ حَتّى أنْفَذَهُ، وهُوَ يَقُولُ: قَطْنِي قَطْنِي: أيْ حَسْبِي حَسْبِي. قالَ: وخَرَجْنا، وكانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عتِيك رجلا سيء البَصَرِ، قالَ: فَوَقَعَ مِن الدَّرَجَةِ فوثئت [٤] يَده وثأ شَدِيدًا- ويُقالُ: رِجْلُهُ، فِيما قالَ ابْنُ هِشامٍ- وحَمَلْناهُ حَتّى نَأْتِيَ بِهِ مَنهَرًا [٥] مِن عُيُونِهِمْ، فَنَدْخُلَ فِيهِ. قالَ: فَأوْقَدُوا النِّيرانَ، واشْتَدُّوا فِي كُلِّ وجْهٍ يَطْلُبُونَنا، قالَ: حَتّى إذا يَئِسُوا رَجَعُوا إلى صاحِبِهِمْ، فاكْتَنَفُوهُ وهُوَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ. قالَ: فَقُلْنا: كَيْفَ لَنا بِأنْ نَعْلَمَ بِأنَّ عَدُوَّ اللَّهِ قَدْ ماتَ؟ قالَ: فَقالَ رَجُلٌ مِنّا: أنا أذْهَبُ فَأنْظُرُ لَكُمْ، فانْطَلَقَ حَتّى دَخَلَ فِي النّاسِ. قالَ: فَوَجَدْتُ امْرَأتَهُ ورِجالَ يَهُودَ حَوْلَهُ وفِي يَدِها المِصْباحُ تَنْظُرُ فِي وجْهِهِ، وتُحَدِّثُهُمْ وتَقُولُ: أما واَللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ ابْنِ عَتِيكٍ، ثُمَّ أكْذَبْتُ نَفْسِي وقُلْتُ: أنّى ابْنُ عَتِيكٍ بِهَذِهِ البِلادِ؟ ثُمَّ أقْبَلَتْ عَلَيْهِ تَنْظُرُ فِي وجْهِهِ ثُمَّ قالَتْ: فاظَ [٦] وإلَهِ يَهُودَ، فَما سَمِعْتُ مِن كَلِمَةٍ كانَتْ ألَذَّ إلى نَفْسِي مِنها. قالَ: ثُمَّ جاءَنا الخَبَرُ فاحْتَمَلْنا صاحِبَنا فَقَدِمْنا عَلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأخْبَرْناهُ بِقَتْلِ عَدُوِّ اللَّهِ، واخْتَلَفْنا عِنْدَهُ فِي قَتْلِهِ، كُلُّنا يَدَّعِيهِ. قالَ: فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هاتُوا أسْيافَكُمْ، قالَ: فَجِئْناهُ بِها، فَنَظَرَ إلَيْها فَقالَ لَسَيْفُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ: هَذا قَتَلَهُ، أرى فِيهِ أثَرَ الطَّعامِ. (شِعْرُ حَسّانَ فِي قَتْلِ ابْنِ الأشْرَفِ وابْنِ أبِي الحُقَيْقِ): قالَ ابْنُ إسْحاقَ: فَقالَ حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ وهُوَ يَذْكُرُ قَتْلَ كَعْبِ بْنِ الأشْرَفِ، وقَتْلَ سَلّامِ بْنِ أبِي الحُقَيْقِ: للَّه دَرُّ عِصابَةٍ لاقَيْتَهُمْ … يا بْنَ الحُقَيْقِ وأنْتَ يا بن الأشْرَفِ [١] يَسْرُونَ بِالبِيضِ الخِفافِ إلَيْكُمْ … مَرَحًا كَأُسْدٍ فِي عَرِينٍ مُغْرِفِ [٢] حَتّى أتَوْكُمْ فِي مَحِلِّ بِلادِكُمْ … فَسَقَوْكُمْ حَتْفًا بِبِيضِ ذُفَّفِ [٣] مُسْتَبْصِرِينَ [٤] لِنَصْرِ دِينِ نَبِيِّهِمْ … مُسْتَصْغِرِينَ لِكُلِّ أمْرٍ مُجْحِفٍ [٥]

قالَ ابْنُ هِشامٍ: قَوْلُهُ: «ذُفَّفِ»، عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحاقَ.
ابن هشام (ت 833). سيرة ابن هشام ت السقا. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.276-273.
مقتل أبي رافع اليهودي

قال أبو جعفر: وفي هذه السنة كان مقتل أبي رافع اليهودي- فيما قيل- وكان سبب قتله، أنه كان- فيما ذكر عنه- يظاهر كعب بن الأشرف على رسول الله ص، فوجه اليه- فيما ذكر- رسول الله ص في النصف من جمادى الآخرة من هذه السنه عبد الله بن عتيك، فحدثنا هارون بن إسحاق الهمداني، قال: حَدَّثَنا مُصْعَبُ بْنُ المِقْدامِ، قالَ: حَدَّثَنِي إسْرائِيلُ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو إسْحاقَ، عَنِ البَراءِ، قالَ: بعث رسول الله ص إلى أبِي رافِعٍ اليَهُودِيِّ- وكانَ بِأرْضِ الحِجازِ- رِجالًا مِنَ الأنْصارِ، وأمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بن عقبة- أو عبد الله بن عتيك- وكان أبو رافع يؤذى رسول الله ص ويَبْغِي عَلَيْهِ، وكانَ فِي حِصْنٍ لَهُ بِأرْضِ الحِجازِ، فَلَمّا دَنَوْا مِنهُ وقَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وراحَ النّاسُ بِسَرْحِهِمْ، قالَ لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بن عقبة- أو عبد الله بن عَتِيكٍ: اجْلِسُوا مَكانَكُمْ، فَإنِّي أنْطَلِقُ وأتَلَطَّفُ لِلْبَوّابِ، لَعَلِّي أدْخُلُ! قالَ: فَأقْبَلَ حَتّى إذا دَنا مِنَ البابِ، تَقَنَّعَ بِثَوْبِهِ، كَأنَّهُ يَقْضِي حاجَةً، وقَدْ دَخَلَ النّاسُ، فَهَتَفَ بِهِ البَوّابُ يا عَبْدَ اللَّهِ، إنْ كُنْتَ تُرِيدُ أنْ تَدْخُلَ فادْخُلْ، فَإنِّي أُرِيدُ أنْ أُغْلِقَ البابَ قالَ: فَدَخَلْتُ فَكَمَنتُ تَحْتَ آرِيِّ حِمارٍ، فَلَمّا دَخَلَ النّاسُ أغْلَقَ البابَ ثُمَّ عَلَّقَ الأقالِيدَ عَلى ودٍّ قالَ: فَقُمْتُ إلى الأقالِيدِ فَأخَذْتُها، فَفَتَحْتُ البابَ، وكانَ أبُو رافِعٍ يَسْمُرُ عِنْدَهُ فِي عَلالِيٍّ، فَلَمّا ذَهَبَ عَنْهُ أهْلُ سَمَرِهِ، فَصَعِدْتُ إلَيْهِ فَجَعَلْتُ كُلَّما فَتَحْتُ بابًا أغْلَقْتُهُ عَلَيَّ مِن داخِلٍ قُلْتُ: إنَّ القَوْمَ نَذَرُوا بِي لَمْ يَخْلُصُوا إلَيَّ حَتّى أقْتُلَهُ قالَ: فانْتَهَيْتُ إلَيْهِ، فَإذا هُوَ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ وسَطَ عِيالِهِ، لا أدْرِي أيْنَ هُوَ مِنَ البَيْتِ! قُلْتُ: أبا رافِعٍ! قالَ: مَن هَذا؟ قالَ: فَأهْوَيْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ، فَأضْرِبُهُ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ، وأنا دهش فما اغنى شَيْئًا وصاحَ، فَخَرَجْتُ مِنَ البَيْتِ ومَكَثْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ دَخَلْتُ إلَيْهِ، فَقُلْتُ: ما هَذا الصَّوْتُ يا أبا رافِعٍ؟ قالَ: لأُمِّكَ الوَيْلُ! إنَّ رَجُلًا فِي البَيْتِ ضَرَبَنِي قَبْلُ بِالسَّيْفِ، قالَ: فاضْرِبْهُ فَأثْخِنْهُ ولَمْ أقْتُلْهُ قالَ: ثُمَّ وضَعْتُ ضَبِيبَ السَّيْفِ فِي بَطْنِهِ، حَتّى أخْرَجْتُهُ مِن ظَهْرِهِ، فَعَرَفْتُ أنِّي قَدْ قَتَلْتُهُ، فَجَعَلْتُ أفْتَحَ الأبْوابَ بابًا فَبابًا، حَتّى انْتَهَيْتُ إلى دَرَجَةٍ، فَوَضَعْتُ رِجْلِي، وأنا أرى أنِّي انْتَهَيْتُ إلى الأرْضِ، فَوَقَعْتُ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ، فانْكَسَرَتْ ساقِي، قالَ: فَعَصَبْتُها بِعِمامَتِي، ثُمَّ إنِّي انْطَلَقْتُ حَتّى جَلَسْتُ عِنْدَ البابِ، فَقُلْتُ. واللَّهِ لا أبْرَحُ اللَّيْلَةَ حَتّى أعْلَمَ: أقَتَلْتُهُ أمْ لا؟ قالَ: فَلَمّا صاحَ الدِّيكُ، قامَ النّاعِي عَلَيْهِ عَلى السُّورِ، فَقالَ: أنْعى أبا رافِعٍ رَبّاحَ أهْلِ الحِجازِ! قالَ: فانْطَلَقْتُ إلى أصْحابِي، فَقُلْتُ: النَّجاءَ! قَدْ قَتَلَ اللَّهُ أبا رافِعٍ، فانْتَهَيْتُ الى النبي ص، فَحَدَّثْتُهُ فَقالَ: ابْسُطْ رِجْلَكَ، فَبَسَطْتُها فَمَسَحَها فَكَأنَّما لَمْ أشْتَكِها قَطُّ قالَ أبُو جَعْفَرٍ: وأمّا الواقِدِيُّ، فَإنَّهُ زَعَمَ أنَّ هَذِهِ السَّرِيَةَ الَّتِي وجهها رسول الله ص إلى أبِي رافِعٍ سَلّامِ بْنِ أبِي الحُقَيْقِ إنَّما وجَّهَها إلَيْهِ فِي ذِي الحِجَّةِ مِن سَنَةِ أرْبَعٍ مِنَ الهِجْرَةِ، وأنَّ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا اليه فقتلوه، كانوا أبا قَتادَةَ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ، ومَسْعُودُ بْنُ سِنانٍ، والأسْوَدُ بْنُ خُزاعِيٍّ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ.

وأمّا ابْنُ إسْحاقَ، فَإنَّهُ قَصَّ مِن قِصَّةِ هَذِهِ السَّرِيَةِ ما حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة عنه: كان سلام بن أبي الحقيق- وهو أبو رافع- ممن كان حزب الأحزاب على رسول الله ص، وكانت الأوس قبل أحد قتلت كعب بن الأشرف في عداوته رسول الله ص وتحريضه عليه، فاستأذنت الخزرج رسول الله ص في قتل سلام بن أبي الحقيق، وهو بخيبر، فأذن لهم.
الطبري، أبو جعفر (ت 923). تاريخ الرسل والملوك. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.495-493.
ذاك صاحبكم فادخلوا عليه، فلما دخلنا أغلقنا عليها وعلينا وعليه باب الحجرة، وتخوفنا أن تكون دونه مجاولة تحول بيننا وبينه قال: فصاحت امرأته، ونوهت بنا، وابتدرناه وهو على فراشه بأسيافنا، والله ما يدلنا عليه في سواد الليل إلا بياضه، كأنه قبطية ملقاة قال: ولما صاحت بنا امرأته، جعل الرجل منا يرفع عليها السيف ثم يذكر نهى رسول الله ص، فيكف يده، ولولا ذاك فرغنا منها بليل، فلما ضربناه بأسيافنا، تحامل عليه عبد الله بن أنيس بسيفه في بطنه حتى أنفذه وهو يقول: قطني قطني! قال: ثم خرجنا، وكان عبد الله بن عتيك سيئ البصر، فوقع من الدرجة فوثئت رجله وثئا شديدا واحتملناه حتى نأتي به منهرا من عيونهم، فندخل فيه قال: وأوقدوا النيران، واشتدوا في كل وجه يطلبوننا، حتى إذا يئسوا رجعوا إلى صاحبهم فاكتنفوه، وهو يقضي بينهم قال: فقلنا: كيف لنا بأن نعلم أن عدو الله قد مات! فقال رجل منا: أنا أذهب فأنظر لكم، فانطلق حتى دخل في الناس، قال: فوجدته ورجال يهود عنده، وامرأته في يدها المصباح تنظر في وجهه ثم قالت تحدثهم وتقول: أما والله لقد عرفت صوت ابن عتيك، ثم أكذبت، فقلت: أنى ابن عتيك بهذه البلاد! ثم أقبلت عليه لتنظر في وجهه ثم قالت: فاظ والله يهود! قال: يقول صاحبنا، فما سمعت من كلمة كانت ألذ إلى نفسي منها، ثم جاءنا فأخبرنا الخبر فاحتملنا صاحبنا، فقدمنا على رسول الله ص، وأخبرناه بقتل عدو الله، واختلفنا عنده في قتله، وكلنا يدعيه، [فقال رسول الله ص: هاتوا أسيافكم، فجئناه بها فنظر إليها، فقال لسيف عبد الله بن أنيس: هذا قتله، ارى فيه اثر الطعام]
الطبري، أبو جعفر (ت 923). تاريخ الرسل والملوك. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.497-496.

اغتيال كعب بن الاشرف‎

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ـ رضى الله عنهما ـ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم"‏ مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ فَإِنَّهُ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم ‏"‏‏.‏ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَنَا‏.‏ فَأَتَاهُ فَقَالَ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ‏.‏ فَقَالَ ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ‏.‏ قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا، وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ قَالَ فَارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ‏.‏ قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُ أَبْنَاءَنَا فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ، فَيُقَالُ رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللأْمَةَ ـ قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِي السِّلاَحَ ـ فَوَعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرُوهُ‏.‏
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ـ رضى الله عنهما ـ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ، فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ ‏"‏‏.‏ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ‏"‏ نَعَمْ ‏"‏‏.‏ قَالَ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّ هَذَا ـ يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ـ قَدْ عَنَّانَا وَسَأَلَنَا الصَّدَقَةَ، قَالَ وَأَيْضًا وَاللَّهِ قَالَ فَإِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ فَنَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى مَا يَصِيرُ أَمْرُهُ قَالَ فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُهُ حَتَّى اسْتَمْكَنَ مِنْهُ فَقَتَلَهُ‏.‏
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ ‏"‏‏.‏ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ قَالَ ‏"‏ نَعَمْ ‏"‏‏.‏ قَالَ فَأْذَنْ لِي فَأَقُولَ‏.‏ قَالَ ‏"‏ قَدْ فَعَلْتُ ‏"‏‏.‏
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ـ رضى الله عنهما ـ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ ‏"‏‏.‏ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ قَالَ ‏"‏ نَعَمْ ‏"‏‏.‏ قَالَ فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا‏.‏ قَالَ ‏"‏ قُلْ ‏"‏‏.‏ فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَةً، وَإِنَّهُ قَدْ عَنَّانَا، وَإِنِّي قَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَسْلِفُكَ‏.‏ قَالَ وَأَيْضًا وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ قَالَ إِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ فَلاَ نُحِبُّ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَىِّ شَىْءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا، أَوْ وَسْقَيْنِ ـ وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو غَيْرَ مَرَّةٍ، فَلَمْ يَذْكُرْ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ أَوْ فَقُلْتُ لَهُ فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ فَقَالَ أُرَى فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ ـ فَقَالَ نَعَمِ ارْهَنُونِي‏.‏ قَالُوا أَىَّ شَىْءٍ تُرِيدُ قَالَ فَارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ‏.‏ قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ قَالَ فَارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ‏.‏ قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ، فَيُقَالُ رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ‏.‏ هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللأْمَةَ ـ قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِي السِّلاَحَ ـ فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَجَاءَهُ لَيْلاً وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ وَهْوَ أَخُو كَعْبٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْحِصْنِ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَأَخِي أَبُو نَائِلَةَ ـ وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو قَالَتْ أَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ‏.‏ قَالَ إِنَّمَا هُوَ أَخِي مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعِي أَبُو نَائِلَةَ ـ إِنَّ الْكَرِيمَ لَوْ دُعِيَ إِلَى طَعْنَةٍ بِلَيْلٍ لأَجَابَ قَالَ وَيُدْخِلُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَعَهُ رَجُلَيْنِ ـ قِيلَ لِسُفْيَانَ سَمَّاهُمْ عَمْرٌو قَالَ سَمَّى بَعْضَهُمْ قَالَ عَمْرٌو جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ عَمْرٌو وَجَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ ـ فَقَالَ إِذَا مَا جَاءَ فَإِنِّي قَائِلٌ بِشَعَرِهِ فَأَشَمُّهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي اسْتَمْكَنْتُ مِنْ رَأْسِهِ فَدُونَكُمْ فَاضْرِبُوهُ‏.‏ وَقَالَ مَرَّةً ثُمَّ أُشِمُّكُمْ‏.‏ فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ مُتَوَشِّحًا وَهْوَ يَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ، فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رِيحًا ـ أَىْ أَطْيَبَ ـ وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو قَالَ عِنْدِي أَعْطَرُ نِسَاءِ الْعَرَبِ وَأَكْمَلُ الْعَرَبِ قَالَ عَمْرٌو فَقَالَ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشَمَّ رَأْسَكَ قَالَ نَعَمْ، فَشَمَّهُ، ثُمَّ أَشَمَّ أَصْحَابَهُ ثُمَّ قَالَ أَتَأْذَنُ لِي قَالَ نَعَمْ‏.‏ فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ قَالَ دُونَكُمْ‏.‏ فَقَتَلُوهُ ثُمَّ أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرُوهُ‏.‏
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ، الزُّهْرِيُّ كِلاَهُمَا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، - وَاللَّفْظُ لِلزُّهْرِيِّ - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعْتُ جَابِرًا، يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ ‏"‏ ‏.‏ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ قَالَ ‏"‏ نَعَمْ ‏"‏ ‏.‏ قَالَ ائْذَنْ لِي فَلأَقُلْ قَالَ ‏"‏ قُلْ ‏"‏ ‏.‏ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ وَذَكَرَ مَا بَيْنَهُمَا وَقَالَ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ أَرَادَ صَدَقَةً وَقَدْ عَنَّانَا ‏.‏ فَلَمَّا سَمِعَهُ قَالَ وَأَيْضًا وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ ‏.‏ قَالَ إِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ الآنَ وَنَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَىِّ شَىْءٍ يَصِيرُ أَمْرُهُ - قَالَ - وَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ تُسْلِفَنِي سَلَفًا قَالَ فَمَا تَرْهَنُنِي قَالَ مَا تُرِيدُ ‏.‏ قَالَ تَرْهَنُنِي نِسَاءَكُمْ قَالَ أَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ أَنَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا قَالَ لَهُ تَرْهَنُونِي أَوْلاَدَكُمْ ‏.‏ قَالَ يُسَبُّ ابْنُ أَحَدِنَا فَيُقَالُ رُهِنَ فِي وَسْقَيْنِ مِنْ تَمْرٍ ‏.‏ وَلَكِنْ نَرْهَنُكَ اللأْمَةَ - يَعْنِي السِّلاَحَ - قَالَ فَنَعَمْ ‏.‏ وَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ بِالْحَارِثِ وَأَبِي عَبْسِ بْنِ جَبْرٍ وَعَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ فَجَاءُوا فَدَعَوْهُ لَيْلاً فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ قَالَ سُفْيَانُ قَالَ غَيْرُ عَمْرٍو قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ إِنِّي لأَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ صَوْتُ دَمٍ قَالَ إِنَّمَا هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعُهُ وَأَبُو نَائِلَةَ إِنَّ الْكَرِيمَ لَوْ دُعِيَ إِلَى طَعْنَةٍ لَيْلاً لأَجَابَ ‏.‏ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنِّي إِذَا جَاءَ فَسَوْفَ أَمُدُّ يَدِي إِلَى رَأْسِهِ فَإِذَا اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ فَدُونَكُمْ قَالَ فَلَمَّا نَزَلَ نَزَلَ وَهُوَ مُتَوَشِّحٌ فَقَالُوا نَجِدُ مِنْكَ رِيحَ الطِّيبِ قَالَ نَعَمْ تَحْتِي فُلاَنَةُ هِيَ أَعْطَرُ نِسَاءِ الْعَرَبِ ‏.‏ قَالَ فَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشُمَّ مِنْهُ قَالَ نَعَمْ فَشُمَّ ‏.‏ فَتَنَاوَلَ فَشَمَّ ثُمَّ قَالَ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَعُودَ قَالَ فَاسْتَمْكَنَ مِنْ رَأْسِهِ ثُمَّ قَالَ دُونَكُمْ ‏.‏ قَالَ فَقَتَلُوهُ ‏.‏
(شِعْرُ كَعْبِ بْنِ مالِكٍ فِي مَقْتَلِ ابْنِ الأشْرَفِ):

قالَ ابْنُ إسْحاقَ: فَقالَ كَعْبُ بْنُ مالِكٍ: فَغُودِرَ مِنهُمْ كَعْبٌ صَرِيعًا … فَذَلَّتْ بَعْدَ مَصْرَعِهِ النَّضِيرُ عَلى الكَفَّيْنِ ثَمَّ وقَدْ عَلَتْهُ … بِأيْدِينا مُشْهَرَةٌ ذُكُورُ بِأمْرِ مُحَمَّدٍ إذْ دَسَّ لَيْلًا … إلى كَعْبٍ أخا كَعْب يسير فماكره فَأنْزَلَهُ بِمَكْرٍ … ومَحْمُودٌ أخُو ثِقَةٍ جَسُورُ قالَ ابْنُ هِشامٍ: وهَذِهِ الأبْياتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ فِي يَوْمِ بَنِي النَّضِيرِ، سَأذْكُرُها إنْ شاءَ اللَّهُ فِي حَدِيثِ ذَلِكَ اليَوْمِ. (شِعْرُ حَسّانَ فِي مُقْتَلِ ابْنِ الأشْرَفِ وابْنِ أبِي الحُقَيْقِ): قالَ ابْنُ إسْحاقَ: وقالَ حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ يَذْكُرُ قَتْلَ كَعْبِ بْنِ الأشْرَفِ وقَتْلَ سَلّامِ بْنِ أبِي الحُقَيْقِ: للَّه دَرُّ عِصابَةٍ لاقَيْتهمْ … يا بن الحُقَيْقِ وأنْتَ يا بن الأشْرَفِ يَسْرُونَ بِالبِيضِ الخِفافِ إلَيْكُمْ … مَرَحًا كَأُسْدٍ فِي عَرِينٍ مُغْرِفِ [٥] حَتّى أتَوْكُمْ فِي مَحِلِّ بِلادِكُمْ … فَسَقَوْكُمْ حَتْفًا بِبِيضٍ ذُفَّفِ [٦] مُسْتَنْصِرِينَ لِنَصْرِ دِينِ نَبِيِّهِمْ … مُسْتَصْغَرِينَ لِكُلِّ أمْرٍ مُجْحِفِ قالَ ابْنُ هِشامٍ: وسَأذْكُرُ قَتْلَ سَلّامِ بْنِ أبِي الحُقَيْقِ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شاءَ اللَّهُ.

وقَوْلُهُ: «ذُفَّفِ»، عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحاقَ.
ابن هشام (ت 833). سيرة ابن هشام ت السقا. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.58-57.
فاحْتَمَلْناهُ فَجِئْنا بِهِ رَسُولَ الله ص آخِرَ اللَّيْلِ وهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي، فَسَلَّمْنا عَلَيْهِ، فَخَرَجَ إلَيْنا، فَأخْبَرْناهُ بِقَتْلِ عَدُوِّ اللَّهِ، وتَفِلَ عَلى جُرْحِ صاحِبِنا، ورَجَعْنا إلى أهْلِنا، فَأصْبَحْنا وقَدْ خافَتْ يَهُودُ بِوَقْعَتِنا بِعَدُوِّ اللَّهِ، فَلَيْسَ بِها يَهُودِيٌّ إلّا وهُوَ يَخافُ عَلى نَفْسِهِ قال: فقال رسول الله ص: مَن ظَفِرْتُمْ بِهِ مِن رِجالِ يَهُودَ فاقْتُلُوهُ، فَوَثَبَ مُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ عَلى ابْنِ سُنَيْنَةَ- رَجُلٍ مِن تُجّارِ يَهُودَ كانَ يُلابِسُهُمْ ويُبايِعُهُمْ فَقَتَلَهُ- وكانَ حُوَيْصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ إذْ ذاكَ لَمْ يُسْلِمْ، وكانَ أسَنَّ مِن مُحَيِّصَةَ- فَلَمّا قَتَلَهُ جَعَلَ حُوَيْصَةُ يَضْرِبُهُ ويَقُولُ: أيْ عَدُوَّ اللَّهِ! قَتَلْتَهُ! أما واللَّهِ لَرُبَّ شَحْمٍ فِي بَطْنِكَ مِن مالِهِ! قالَ مُحَيِّصَةُ: فَقُلْتُ لَهُ: واللَّهِ لَوْ أمَرَنِي بِقَتْلِكَ مَن أمَرَنِي بِقَتْلِهِ لضربت عنقك قال: فو الله إنْ كانَ لأوَّلَ إسْلامِ حُوَيْصَةَ، وقالَ: لَوْ أمَرَكَ مُحَمَّدٌ بِقَتْلِي لَقَتَلْتَنِي! قالَ: نَعَمْ واللَّهِ، لَوْ أمَرَنِي بِقَتْلِكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ قالَ: واللَّهِ إنَّ دِينًا بَلَغَ بِكَ هَذا لَعَجَبٌ! فَأسْلَمَ حُوَيْصَةُ.
الطبري، أبو جعفر (ت 923). تاريخ الرسل والملوك. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.491.
(اسْتِنْكارُهُ خَبَرَ رَسُولَيْ الرَّسُولِ بِقَتْلِ ناسٍ مِن المُشْرِكِينَ):

قالَ ابْنُ إسْحاقَ: [٣] وكانَ مِن حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ الأشْرَفِ: أنَّهُ لَمّا أُصِيبَ أصْحابُ بَدْرٍ، وقَدِمَ زَيْدُ بْنُ حارِثَةَ إلى أهْلِ السّافِلَةِ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَواحَةَ إلى أهْلِ العالِيَةِ بَشِيرَيْنِ، بَعَثَهُما رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى مَن بِالمَدِينَةِ مِن المُسْلِمِينَ بِفَتْحِ اللَّهِ ﷿ عَلَيْهِ، وقُتِلَ مَن قُتِلَ مِن المُشْرِكِينَ، كَما حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُغِيثِ بْنِ أبِي بُرْدَةَ الظَّفَرِيُّ، وعَبْدُ اللَّهِ بن أبى بكرين مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وعاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتادَةَ، وصالِحُ بْنُ أبِي أُمامَةَ بْنِ سَهْلٍ، كُلٌّ قَدْ حَدَّثَنِي بَعْضَ حَدِيثِهِ، قالُوا: قالَ كَعْبُ بْنُ الأشْرَفِ، وكانَ رَجُلًا مِن طيِّئ، ثُمَّ أحَدَ بَنِي نَبْهانَ، وكانَتْ أُمُّهُ مِن بَنِي النَّضِيرِ، حِينَ بَلَغَهُ الخَبَرُ: أحَقٌّ هَذا؟ أتَرَوْنَ مُحَمَّدًا قَتَلَ هَؤُلاءِ الَّذِينَ يُسَمّى هَذانِ الرَّجُلانِ- يَعْنِي زَيْدًا وعَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَواحَةَ- فَهَؤُلاءِ أشْرافُ العَرَبِ ومُلُوكُ النّاسِ، واَللَّهِ لَئِنْ كانَ مُحَمَّدٌ أصابَ هَؤُلاءِ القَوْمَ، لَبَطْنُ الأرْضِ خَيْرٌ مِن ظَهْرِها. (شِعْرُهُ فِي التَّحْرِيضِ عَلى الرَّسُولِ): فَلَمّا تَيَقَّنَ عَدُوُّ اللَّهِ الخَبَرَ، خَرَجَ حَتّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَنَزَلَ عَلى المُطَّلِبِ بْنِ أبِي وداعَةَ بْنِ ضُبَيْرَةَ السَّهْمِيِّ، وعِنْدَهُ عاتِكَةُ بِنْتُ أبِي العِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنافٍ، فَأنْزَلَتْهُ وأكْرَمَتْهُ، وجَعَلَ يُحَرِّضُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ويُنْشِدُ الأشْعارَ، ويَبْكِي أصْحابَ القَلِيبِ مِن قُرَيْشٍ، الَّذِينَ أُصِيبُوا بِبَدْرِ، فَقالَ: طَحَنَتْ رَحى بَدْرٍ لِمَهْلِكِ أهْلِهِ … ولِمِثْلِ بَدْرٍ تَسْتَهِلُّ وتَدْمَعُ [١] قُتِلَتْ سَراةُ النّاسِ حَوْلَ حِياضِهِمْ … لا تَبْعَدُوا إنّ المُلُوكَ تُصَرَّعُ كَمْ قَدْ أُصِيبَ بِهِ مِن أبْيَضَ ماجِدٍ … ذِي بَهْجَةٍ يَأْوِي إلَيْهِ الضُّيَّعُ [٢] طَلْقُ اليَدَيْنِ إذا الكَواكِبُ أخْلَفَتْ … حَمّالُ أثْقالٍ يَسُودُ ويَرْبَعُ [٣] ويَقُولُ أقْوامٌ أُسَرُّ بِسَخَطِهِمْ … إنّ ابْنَ الأشْرَفِ ظَلَّ كَعْبًا يَجْزَعُ صَدَقُوا فَلَيْتَ الأرْضُ ساعَةَ قُتِّلُوا … ظَلَّتْ تَسُوخُ بِأهْلِها وتُصَدَّعُ صارَ الَّذِي أثَرَ الحَدِيثَ بِطَعْنِهِ … أوْ عاشَ أعْمى مُرْعَشًا لا يَسْمَعُ نُبِّئْتُ أنَّ بَنِي المُغِيرَةِ كُلَّهُمْ … خَشَعُوا لِقَتْلِ أبِي الحَكِيمِ وجُدِّعُوا [٤] وابْنا رَبِيعَةَ عِنْدَهُ ومُنَبِّهٌ … ما نالَ مِثْلَ المُهْلِكِينَ وتُبَّعُ [٥] نُبِّئْتُ أنَّ الحارِثَ بْنَ هِشامِهِمْ … فِي النّاسِ يَبْنِي الصّالِحاتِ ويَجْمَعُ لِيَزُورَ يَثْرِبَ بِالجُمُوعِ وإنَّما … يَحْمى عَلى الحَسَبِ الكَرِيمُ الأرْوَعُ [٦] قالَ ابْنُ هِشامٍ: قَوْلُهُ «تُبَّعُ»، «وأُسِرَّ بِسَخَطِهِمْ». عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحاقَ. (شِعْرُ حَسّانَ فِي الرِّدِّ عَلَيْهِ): قالَ ابْنُ إسْحاقَ: فَأجابَهُ حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ الأنْصارِيُّ، فَقالَ: أبَكى لِكَعْبٍ [١] ثُمَّ عُلَّ [٢] بِعَبْرَةٍ … مِنهُ وعاشَ مُجَدَّعًا لا يَسْمَعُ؟ ولَقَدْ رَأيْتُ بِبَطْنِ بَدْرٍ مِنهُمْ … قَتْلى تَسُحُّ لَها العُيُونُ وتَدْمَعُ [٣] فابْكِي فَقَدْ أبَكَيْتَ عَبْدًا راضِعًا … شِبْهَ الكُلَيْبِ إلى الكُلَيْبَةِ يَتْبَعُ ولَقَدْ شَفى الرَّحْمَنُ مِنّا سَيِّدًا … وأهانَ قَوْمًا قاتَلُوهُ وصُرِّعُوا ونَجا وأُفْلِتَ مِنهُمْ مَن قَلْبُهُ … شَغَفٌ [٤] يَظَلُّ لِخَوْفِهِ يَتَصَدَّعُ قالَ ابْنُ هِشامٍ: وأكْثَرُ أهْلِ العِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُها لِحَسّانَ [٥]. وقَوْلُهُ «أبَكى لِكَعْبِ» عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحاقَ. (شِعْرُ مَيْمُونَةَ فِي الرِّدِّ عَلى كَعْبٍ): قالَ ابْنُ إسْحاقَ: وقالَتْ امْرَأةٌ مِن المُسْلِمِينَ مِن بَنِي مُرَيْدٍ [٦]، بَطْنٌ مِن بَلِيٍّ، كانُوا حَلْفاءَ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، يُقالُ لَهُمْ: الجَعادِرَةُ، تُجِيبُ كَعْبًا- قالَ ابْنُ إسْحاقَ: اسْمُها مَيْمُونَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ، وأكْثَرُ أهْلِ العِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُ هَذِهِ الأبْياتَ لَها، ويُنْكِرُ نَقِيضَتَها لِكَعْبِ بْنِ الأشْرَفِ: تَحَنَّنَ هَذا العَبْدُ كُلَّ تَحَنُّنٍ … يُبَكّى عَلى قَتْلى ولَيْسَ بِناصِبِ بَكَتْ عَيْنُ مَن يَبْكِي لِبَدْرٍ وأهْلُهُ … وعُلَّتْ بِمِثْلِيِّها لُؤَيُّ بْنُ غالِبِ فَلَيْتَ الَّذِينَ ضُرِّجُوا بِدِمائِهِمْ … يَرى ما بِهِمْ مَن كانَ بَيْنَ الأخاشِبِ [٧] فَيَعْلَمُ حَقًّا عَنْ يَقِينٍ ويُبْصِرُوا … مَجَرَّهُمْ فَوْقَ اللِّحى والحَواجِبِ (شِعْرُ كَعْبٍ فِي الرِّدِّ عَلى مَيْمُونَةَ): فَأجابَها كَعْبُ بْنُ الأشْرَفِ، فَقالَ: ألا فازْجُرُوا مِنكُمْ سَفِيهًا لِتَسْلَمُوا … عَنْ القَوْلِ يَأْتِي مِنهُ غَيْرَ مُقارِبِ [١] أتَشْتُمُنِي أنْ كُنْتُ أبْكِي بِعَبْرَةٍ … لِقَوْمٍ أتانِي وُدُّهُمْ غَيْرَ كاذِبِ فَإنِّي لَباكٍ ما بَقِيتُ وذاكِرٌ … مَآثِرَ قَوْمٍ مَجْدُهُمْ بِالجَباجِبِ [٢] لَعَمْرِي لَقَدْ كانَتْ مُرَيْدٌ بِمَعْزِلٍ … عَنْ الشَّرِّ فاحْتالَتْ [٣] وُجُوهَ الثَّعالِبِ فَحُقَّ مُرَيْدٌ أنْ تُجَدَّ [٤] أُنُوفُهُمْ … بِشَتْمِهِمْ حَيِيِّ لُؤَيِّ بْنِ غالِبِ وهَبْتُ نَصِيبِي مِن مُرَيْدٍ لِجَعْدَرٍ … وفاءً وبَيْتُ اللَّهِ بَيْنَ الأخاشِبِ (تَشْبِيبُ كَعْبٍ بِنِساءِ المُسْلِمِينَ والحِيلَةُ فِي قَتْلِهِ): ثُمَّ رَجَعَ كَعْبُ بْنُ الأشْرَفِ إلى المَدِينَةِ فَشَبَّبَ [٥] بِنِساءِ المُسْلِمِينَ حَتّى آذاهُمْ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَما حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُغِيثِ بْنِ أبِي بُرْدَةَ مَن لِي بِابْنِ الأشْرَفِ؟ فَقالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، أخُو بَنِي عَبْدِ الأشْهَلِ: أنا لَكَ بِهِ يا رَسُولَ اللَّهِ، أنا أقْتُلُهُ، قالَ: فافْعَلْ إنْ قَدَرْتَ عَلى ذَلِكَ [٦]. فَرَجَعَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَمَكَثَ ثَلاثًا لا يَأْكُلُ ولا يَشْرَبُ إلّا ما يُعْلِقُ بِهِ نَفْسَهُ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَعاهُ، فَقالَ لَهُ: لِمَ تَرَكْتَ الطَّعامَ والشَّرابَ؟ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتُ لَكَ قَوْلًا لا أدْرِي هَلْ أفِيَنَّ لَكَ بِهِ أمْ لا؟ فَقالَ: إنّما عَلَيْكَ الجَهْدُ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنّهُ لا بُدَّ لَنا مِن أنْ نَقُولَ: قالَ: قُولُوا ما بَدا لَكُمْ، فَأنْتُمْ فِي حِلٍّ مِن ذَلِكَ. فاجْتَمَعَ فِي قَتْلِهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وسِلْكانُ بْنُ سَلامَةَ بْنِ وقْشٍ، وهُوَ أبُو نائِلَةَ، أحَدُ بَنِي عَبْدِ الأشْهَلِ، وكانَ أخا كَعْبِ بْنِ الأشْرَفِ مِن الرَّضاعَةِ، وعَبّادُ بْنُ بِشْرِ بْنِ وقْشٍ، أحَدُ بَنِي عَبْدِ الأشْهَلِ، والحارِثُ بْنُ أوْسِ ابْن مُعاذٍ، أحَدُ بَنِي عَبْدِ الأشْهَلِ، وأبُو عَبْسِ بْنِ جَبْرٍ [١]، أحَدُ بَنِي حارِثَةَ، ثُمَّ قَدَّمُوا إلى عَدُوِّ اللَّهِ كَعْب بن لأشرف، قَبْلَ أنْ يَأْتُوهُ، سِلْكانَ بْنَ سَلامَةَ، أبا نائِلَةَ، فَجاءَهُ، فَتَحَدَّثَ مَعَهُ ساعَةً، وتَناشَدُوا شِعْرًا، وكانَ أبُو نائِلَةَ يَقُولُ الشِّعْرَ، ثُمَّ قالَ: ويْحَكَ يا بن الأشْرَفِ! إنِّي قَدْ جِئْتُكَ لِحاجَةِ أُرِيدُ ذِكْرَها لَكَ، فاكْتُمْ عَنِّي، قالَ: أفْعَلُ، قالَ: كانَ قُدُومُ هَذا الرَّجُلِ عَلَيْنا بَلاءً مِن البَلاءِ، عادَتْنا بِهِ العَرَبُ، ورَمَتْنا عَنْ قَوْسٍ واحِدَةٍ، وقَطَعَتْ عَنّا السُّبُلَ حَتّى ضاعَ العِيالُ، وجُهِدَتْ الأنْفُسُ، وأصْبَحْنا قَدْ جُهِدْنا وجُهِدَ عِيالُنا، فَقالَ كَعْبٌ: أنا ابْنُ الأشْرَفِ، أما واَللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أُخْبِرُكَ يا بن سَلامَةَ أنَّ الأمْرَ سَيَصِيرُ إلى ما أقُولُ، فَقالَ لَهُ سِلْكانُ: إنِّي قَدْ أرَدْتُ أنْ تَبِيعَنا طَعامًا ونَرْهَنَكَ ونُوثِقَ لَكَ، ونُحْسِنُ فِي ذَلِك، فَقالَ: أترهنوني أبْناءَكُمْ؟ قالَ: لَقَدْ أرَدْتَ أنْ تَفْضَحَنا إنّ مَعِي أصْحابًا لِي عَلى مِثْلِ رَأْيِي، وقَدْ أرَدْتُ أنْ آتِيَكَ بِهِمْ، فَتَبِيعُهُمْ وتُحْسِنُ فِي ذَلِكَ، ونَرْهَنُكَ مِن الحَلْقَةِ [٢] ما فِيهِ وفاءٌ، وأرادَ سِلْكانُ أنْ لا يُنْكِرَ السِّلاحَ إذا جاءُوا بِها، قالَ: إنّ فِي الحَلْقَةِ لَوَفاءً، قالَ: فَرَجَعَ سِلْكانُ إلى أصْحابِهِ فَأخْبَرَهُمْ خَبَرَهُ، وأمَرَهُمْ أنْ يَأْخُذُوا السِّلاحَ، ثُمَّ يَنْطَلِقُوا فَيَجْتَمِعُوا إلَيْهِ، فاجْتَمَعُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قالَ ابْنُ هِشام: ويُقال: أترهنوني نِساءَكُمْ؟ قالَ: كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِساءَنا، وأنْتَ أشَبُّ أهْلِ يَثْرِبَ وأعطوهم، قالَ: أترهنوني أبْناءَكُمْ؟ قالَ ابْنُ إسْحاقَ: فَحَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ. قالَ مَشى مَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى بَقِيعِ الغَرْقَدِ، ثُمَّ وجَّهَهُمْ، فَقالَ: انْطَلِقُوا عَلى اسْمِ اللَّهِ، اللَّهمّ أعِنْهُمْ، ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى بَيْتِهِ، وهُوَ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ، وأقْبَلُوا حَتّى انْتَهَوْا إلى حِصْنِهِ، فَهَتَفَ بِهِ أبُو نائِلَةَ، وكانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرْسٍ، فَوَثَبَ فِي [١] مِلْحَفَتِهِ، فَأخَذَتْ امْرَأتُهُ [٢] بِناحِيَتِها، وقالَتْ: إنّكَ امْرُؤٌ مُحارِبٌ، وإنَّ أصْحابَ الحَرْبِ لا يَنْزِلُونَ فِي هَذِهِ السّاعَةِ، قالَ: إنّهُ أبُو نائِلَةَ، لَوْ وجَدَنِي نائِمًا لَما أيْقَظَنِي، فَقالَتْ: واَللَّهِ إنِّي لَأعْرِفُ فِي صَوْتِهِ الشَّرَّ، قالَ: يَقُولُ لَها كَعْبٌ: لَوْ يُدْعى الفَتى لِطَعْنَةٍ لَأجابَ. فَنَزَلَ فَتَحَدَّثَ مَعَهُمْ ساعَةً، وتَحَدَّثُوا مَعَهُ، ثُمَّ قالَ: هَلْ لَكَ يا بن الأشْرَفِ أنْ تَتَماشى إلى شِعْبِ العَجُوزِ [٣]، فَنَتَحَدَّثَ بِهِ بَقِيَّةَ لَيْلَتِنا هَذِهِ؟ قالَ: إنْ شِئْتُمْ. فَخَرَجُوا يَتَماشَوْنَ، فَمَشَوْا ساعَةً، ثُمَّ إنّ أبا نائِلَةَ شامَ [٤] يَدَهُ فِي فَوْدِ رَأْسِهِ، ثُمَّ شَمَّ يَدَهُ فَقالَ: ما رَأيْتُ كاللَّيْلَةِ طِيبًا أعْطَرَ قَطُّ، ثُمَّ مَشى ساعَةً، ثُمَّ عادَ لِمِثْلِها حَتّى اطْمَأنَّ، ثُمَّ مَشى ساعَةً، ثُمَّ عادَ لِمِثْلِها، فَأخَذَ بِفَوْدِ رَأْسِهِ، ثُمَّ قالَ: اضْرِبُوا عَدُوَّ اللَّهِ، فَضَرَبُوهُ، فاخْتَلَفَتْ عَلَيْهِ [٥] أسْيافُهُمْ، فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا.

قالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: فَذَكَرْتُ مِغْوَلًا [٦] فِي سَيْفِي، حِينَ رَأيْتُ أسْيافَنا لا تُغْنِي شَيْئًا، فَأخَذْتُهُ، وقَدْ صاحَ عَدُوُّ اللَّهِ صَيْحَةً لَمْ يَبْقَ حَوْلَنا حِصْنٌ إلّا وقَدْ أُوقِدَتْ عَلَيْهِ نارٌ قالَ: فَوَضَعْتُهُ فِي ثُنَّتِهِ [٧] ثُمَّ تَحامَلْتُ عَلَيْهِ حَتّى بَلَغْتُ عانَتَهُ فَوَقَعَ عَدُوُّ اللَّهِ، وقَدْ أُصِيبَ الحارِثُ بْنُ أوْسِ بْنِ مُعاذٍ، فَجُرِحَ فِي رَأْسِهِ أوْ فِي رِجْلِهِ، أصابَهُ بَعْضُ أسْيافِنا. قالَ: فَخَرَجْنا حَتّى سَلَكْنا عَلى بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، ثُمَّ عَلى بَنِي قُرَيْظَةَ، ثُمَّ عَلى بُعاثٍ حَتّى أسْنَدْنا [١] فِي حَرَّةِ [٢] العَرِيضِ [٣]، وقَدْ أبْطَأ عَلَيْنا صاحِبُنا الحارِثُ بْنُ أوْسٍ، ونَزَفَهُ [٤] الدَّمُ، فَوَقَفْنا لَهُ ساعَةً، ثُمَّ أتانا يَتْبَعُ آثارَنا. قالَ: فاحْتَمَلْناهُ فَجِئْنا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آخِرَ اللَّيْلِ، وهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي، فَسَلَّمْنا عَلَيْهِ، فَخَرَجَ إلَيْنا، فَأخْبَرْناهُ بِقَتْلِ عَدُوِّ اللَّهِ، وتَفَلَ عَلى جُرْحِ صاحِبِنا، فَرَجَعَ ورَجَعْنا إلى أهْلِنا فَأصْبَحْنا وقَدْ خافَتْ يَهُودُ لِوَقْعَتِنا بِعَدُوِّ اللَّهِ، فَلَيْسَ بِها يَهُودِيٌّ إلّا وهُوَ يَخافُ عَلى نَفْسِهِ.
ابن هشام (ت 833). سيرة ابن هشام ت السقا. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.57-51.

اغتيال خالد بن سفيان

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ - وَكَانَ نَحْوَ عُرَنَةَ وَعَرَفَاتٍ - فَقَالَ ‏"‏ اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ ‏"‏ ‏.‏ قَالَ فَرَأَيْتُهُ وَحَضَرَتْ صَلاَةُ الْعَصْرِ فَقُلْتُ إِنِّي لأَخَافُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَا إِنْ أُؤَخِّرُ الصَّلاَةَ فَانْطَلَقْتُ أَمْشِي وَأَنَا أُصَلِّي أُومِئُ إِيمَاءً نَحْوَهُ فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ قَالَ لِي مَنْ أَنْتَ قُلْتُ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَجْمَعُ لِهَذَا الرَّجُلِ فَجِئْتُكَ فِي ذَاكَ ‏.‏ قَالَ إِنِّي لَفِي ذَاكَ فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً حَتَّى إِذَا أَمْكَنَنِي عَلَوْتُهُ بِسَيْفِي حَتَّى بَرَدَ ‏.‏

قتل ابنِ النواحة

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، أَنَّهُ أَتَى عَبْدَ اللَّهِ فَقَالَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ حِنَةٌ وَإِنِّي مَرَرْتُ بِمَسْجِدٍ لِبَنِي حَنِيفَةَ فَإِذَا هُمْ يُؤْمِنُونَ بِمُسَيْلِمَةَ ‏.‏ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ فَجِيءَ بِهِمْ فَاسْتَتَابَهُمْ غَيْرَ ابْنِ النَّوَّاحَةِ قَالَ لَهُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ‏"‏ لَوْلاَ أَنَّكَ رَسُولٌ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ ‏"‏ ‏.‏ فَأَنْتَ الْيَوْمَ لَسْتَ بِرَسُولٍ فَأَمَرَ قَرَظَةَ بْنَ كَعْبٍ فَضَرَبَ عُنُقَهُ فِي السُّوقِ ثُمَّ قَالَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى ابْنِ النَّوَّاحَةِ قَتِيلاً بِالسُّوقِ ‏.‏

قتل الخبيب

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ ـ وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِي زُهْرَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ـ رضى الله عنه ـ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَأَةِ وَهْوَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَىٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لِحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَىْ رَجُلٍ، كُلُّهُمْ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمْ تَمْرًا تَزَوَّدُوهُ مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالُوا هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ‏.‏ فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ، وَأَحَاطَ بِهِمُ الْقَوْمُ فَقَالُوا لَهُمُ انْزِلُوا وَأَعْطُونَا بِأَيْدِيكُمْ، وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ، وَلاَ نَقْتُلُ مِنْكُمْ أَحَدًا‏.‏ قَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ أَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ لاَ أَنْزِلُ الْيَوْمَ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ‏.‏ فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ، فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةٍ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الأَنْصَارِيُّ وَابْنُ دَثِنَةَ وَرَجُلٌ آخَرُ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَأَوْثَقُوهُمْ فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ، وَاللَّهِ لاَ أَصْحَبُكُمْ، إِنَّ فِي هَؤُلاَءِ لأُسْوَةً‏.‏ يُرِيدُ الْقَتْلَى، فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَأَبَى فَقَتَلُوهُ، فَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ وَابْنِ دَثِنَةَ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَابْتَاعَ خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا، فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضٍ أَنَّ بِنْتَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ، فَأَخَذَ ابْنًا لِي وَأَنَا غَافِلَةٌ حِينَ أَتَاهُ قَالَتْ فَوَجَدْتُهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالْمُوسَى بِيَدِهِ، فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ فِي وَجْهِي فَقَالَ تَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَلِكَ‏.‏ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ فِي يَدِهِ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ، وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرٍ وَكَانَتْ تَقُولُ إِنَّهُ لَرِزْقٌ مِنَ اللَّهِ رَزَقَهُ خُبَيْبًا، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ، قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ ذَرُونِي أَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ‏.‏ فَتَرَكُوهُ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ لَوْلاَ أَنْ تَظُنُّوا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ لَطَوَّلْتُهَا اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا‏.‏ وَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا عَلَى أَىِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ فَقَتَلَهُ ابْنُ الْحَارِثِ، فَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ لِكُلِّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لِعَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ يَوْمَ أُصِيبَ، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ وَمَا أُصِيبُوا، وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمٍ حِينَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ لِيُؤْتَوْا بِشَىْءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ، وَكَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلاً مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَبُعِثَ عَلَى عَاصِمٍ مِثْلُ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ، فَحَمَتْهُ مِنْ رَسُولِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يَقْطَعَ مِنْ لَحْمِهِ شَيْئًا‏.‏

وفاة ابن سنينة

حَدَّثَنَا مُصَرِّفُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مَوْلًى، لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ حَدَّثَتْنِي ابْنَةُ مُحَيِّصَةَ، عَنْ أَبِيهَا، مُحَيِّصَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ مَنْ ظَفِرْتُمْ بِهِ مِنْ رِجَالِ يَهُودَ فَاقْتُلُوهُ ‏"‏ ‏.‏ فَوَثَبَ مُحَيِّصَةُ عَلَى شَبِيبَةَ رَجُلٍ مِنْ تُجَّارِ يَهُودَ كَانَ يُلاَبِسُهُمْ فَقَتَلَهُ وَكَانَ حُوَيِّصَةُ إِذْ ذَاكَ لَمْ يُسْلِمْ وَكَانَ أَسَنَّ مِنْ مُحَيِّصَةَ فَلَمَّا قَتَلَهُ جَعَلَ حُوَيِّصَةُ يَضْرِبُهُ وَيَقُولُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَمَا وَاللَّهِ لَرُبَّ شَحْمٍ فِي بَطْنِكَ مِنْ مَالِهِ ‏.‏

اغتيال أمية بن خلف أبي صفوان

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ـ رضى الله عنه ـ قَالَ انْطَلَقَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مُعْتَمِرًا ـ قَالَ ـ فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ أَبِي صَفْوَانَ، وَكَانَ أُمَيَّةُ إِذَا انْطَلَقَ إِلَى الشَّأْمِ فَمَرَّ بِالْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدٍ، فَقَالَ أُمَيَّةُ لِسَعْدٍ انْتَظِرْ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ، وَغَفَلَ النَّاسُ انْطَلَقْتُ فَطُفْتُ، فَبَيْنَا سَعْدٌ يَطُوفُ إِذَا أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ مَنْ هَذَا الَّذِي يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فَقَالَ سَعْدٌ أَنَا سَعْدٌ‏.‏ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ تَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ آمِنًا، وَقَدْ آوَيْتُمْ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ فَقَالَ نَعَمْ‏.‏ فَتَلاَحَيَا بَيْنَهُمَا‏.‏ فَقَالَ أُمَيَّةُ لِسَعْدٍ لاَ تَرْفَعْ صَوْتَكَ عَلَى أَبِي الْحَكَمِ، فَإِنَّهُ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِي‏.‏ ثُمَّ قَالَ سَعْدٌ وَاللَّهِ لَئِنْ مَنَعْتَنِي أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ لأَقْطَعَنَّ مَتْجَرَكَ بِالشَّأْمِ‏.‏ قَالَ فَجَعَلَ أُمَيَّةُ يَقُولُ لِسَعْدٍ لاَ تَرْفَعْ صَوْتَكَ‏.‏ وَجَعَلَ يُمْسِكُهُ، فَغَضِبَ سَعْدٌ فَقَالَ دَعْنَا عَنْكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلُكَ‏.‏ قَالَ إِيَّاىَ قَالَ نَعَمْ‏.‏ قَالَ وَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ إِذَا حَدَّثَ‏.‏ فَرَجَعَ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ أَمَا تَعْلَمِينَ مَا قَالَ لِي أَخِي الْيَثْرِبِيُّ قَالَتْ وَمَا قَالَ قَالَ زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدًا يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلِي‏.‏ قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ‏.‏ قَالَ فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى بَدْرٍ، وَجَاءَ الصَّرِيخُ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ أَمَا ذَكَرْتَ مَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ الْيَثْرِبِيُّ قَالَ فَأَرَادَ أَنْ لاَ يَخْرُجَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ إِنَّكَ مِنْ أَشْرَافِ الْوَادِي، فَسِرْ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، فَسَارَ مَعَهُمْ فَقَتَلَهُ اللَّهُ‏.‏

تعذيب وقتل ثمانية رجال من عكل

إِنَّمَا جَزَٰٓؤُا۟ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَسْعَوْنَ فِى ٱلْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوٓا۟ أَوْ يُصَلَّبُوٓا۟ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَٰفٍ أَوْ يُنفَوْا۟ مِنَ ٱلْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْىٌ فِى ٱلدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِى ٱلْءَاخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ
حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رضى الله عنه ـ أَنَّ رَهْطًا، مِنْ عُكْلٍ ثَمَانِيَةً قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْغِنَا رِسْلاً‏.‏ قَالَ "‏ مَا أَجِدُ لَكُمْ إِلاَّ أَنْ تَلْحَقُوا بِالذَّوْدِ ‏"‏‏.‏ فَانْطَلَقُوا فَشَرِبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا حَتَّى صَحُّوا وَسَمِنُوا، وَقَتَلُوا الرَّاعِيَ، وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ، فَأَتَى الصَّرِيخُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَبَعَثَ الطَّلَبَ، فَمَا تَرَجَّلَ النَّهَارُ حَتَّى أُتِيَ بِهِمْ، فَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، ثُمَّ أَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَحَلَهُمْ بِهَا، وَطَرَحَهُمْ بِالْحَرَّةِ، يَسْتَسْقُونَ فَمَا يُسْقَوْنَ حَتَّى مَاتُوا‏.‏ قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ قَتَلُوا وَسَرَقُوا وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم وَسَعَوْا فِي الأَرْضِ فَسَادًا‏.‏
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ، إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو رَجَاءٍ، مِنْ آلِ أَبِي قِلاَبَةَ حَدَّثَنِي أَبُو قِلاَبَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَبْرَزَ سَرِيرَهُ يَوْمًا لِلنَّاسِ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا فَقَالَ مَا تَقُولُونَ فِي الْقَسَامَةِ قَالَ نَقُولُ الْقَسَامَةُ الْقَوَدُ بِهَا حَقٌّ، وَقَدْ أَقَادَتْ بِهَا الْخُلَفَاءُ‏.‏ قَالَ لِي مَا تَقُولُ يَا أَبَا قِلاَبَةَ وَنَصَبَنِي لِلنَّاسِ‏.‏ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَكَ رُءُوسُ الأَجْنَادِ وَأَشْرَافُ الْعَرَبِ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ خَمْسِينَ مِنْهُمْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ مُحْصَنٍ بِدِمَشْقَ أَنَّهُ قَدْ زَنَى، لَمْ يَرَوْهُ أَكُنْتَ تَرْجُمُهُ قَالَ لاَ‏.‏ قُلْتُ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ خَمْسِينَ مِنْهُمْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِحِمْصَ أَنَّهُ سَرَقَ أَكُنْتَ تَقْطَعُهُ وَلَمْ يَرَوْهُ قَالَ لاَ‏.‏ قُلْتُ فَوَاللَّهِ مَا قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطُّ، إِلاَّ فِي إِحْدَى ثَلاَثِ خِصَالٍ رَجُلٌ قَتَلَ بِجَرِيرَةِ نَفْسِهِ فَقُتِلَ، أَوْ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ رَجُلٌ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَارْتَدَّ عَنِ الإِسْلاَمِ‏.‏ فَقَالَ الْقَوْمُ أَوَلَيْسَ قَدْ حَدَّثَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ فِي السَّرَقِ وَسَمَرَ الأَعْيُنَ، ثُمَّ نَبَذَهُمْ فِي الشَّمْسِ‏.‏ فَقُلْتُ أَنَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثَ أَنَسٍ، حَدَّثَنِي أَنَسٌ أَنَّ نَفَرًا مِنْ عُكْلٍ ثَمَانِيَةً قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَايَعُوهُ عَلَى الإِسْلاَمِ، فَاسْتَوْخَمُوا الأَرْضَ فَسَقِمَتْ أَجْسَامُهُمْ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ أَفَلاَ تَخْرُجُونَ مَعَ رَاعِينَا فِي إِبِلِهِ، فَتُصِيبُونَ مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا ‏"‏‏.‏ قَالُوا بَلَى، فَخَرَجُوا فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَصَحُّوا، فَقَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَطْرَدُوا النَّعَمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَرْسَلَ فِي آثَارِهِمْ، فَأُدْرِكُوا فَجِيءَ بِهِمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَقُطِّعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، ثُمَّ نَبَذَهُمْ فِي الشَّمْسِ حَتَّى مَاتُوا‏.‏ قُلْتُ وَأَىُّ شَىْءٍ أَشَدُّ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاَءِ ارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلاَمِ وَقَتَلُوا وَسَرَقُوا‏.‏ فَقَالَ عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ‏.‏ فَقُلْتُ أَتَرُدُّ عَلَىَّ حَدِيثِي يَا عَنْبَسَةُ قَالَ لاَ، وَلَكِنْ جِئْتَ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ، وَاللَّهِ لاَ يَزَالُ هَذَا الْجُنْدُ بِخَيْرٍ مَا عَاشَ هَذَا الشَّيْخُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ‏.‏ قُلْتُ وَقَدْ كَانَ فِي هَذَا سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهِ نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَتَحَدَّثُوا عِنْدَهُ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَقُتِلَ، فَخَرَجُوا بَعْدَهُ، فَإِذَا هُمْ بِصَاحِبِهِمْ يَتَشَحَّطُ فِي الدَّمِ، فَرَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَاحِبُنَا كَانَ تَحَدَّثَ مَعَنَا، فَخَرَجَ بَيْنَ أَيْدِينَا، فَإِذَا نَحْنُ بِهِ يَتَشَحَّطُ فِي الدَّمِ‏.‏ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ ‏"‏ بِمَنْ تَظُنُّونَ أَوْ تَرَوْنَ قَتَلَهُ ‏"‏‏.‏ قَالُوا نَرَى أَنَّ الْيَهُودَ قَتَلَتْهُ‏.‏ فَأَرْسَلَ إِلَى الْيَهُودِ فَدَعَاهُمْ‏.‏ فَقَالَ ‏"‏ آنْتُمْ قَتَلْتُمْ هَذَا ‏"‏‏.‏ قَالُوا لاَ‏.‏ قَالَ ‏"‏ أَتَرْضَوْنَ نَفَلَ خَمْسِينَ مِنَ الْيَهُودِ مَا قَتَلُوهُ ‏"‏‏.‏ فَقَالُوا مَا يُبَالُونَ أَنْ يَقْتُلُونَا أَجْمَعِينَ ثُمَّ يَنْتَفِلُونَ‏.‏ قَالَ ‏"‏ أَفَتَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْكُمْ ‏"‏‏.‏ قَالُوا مَا كُنَّا لِنَحْلِفَ، فَوَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ‏.‏ قُلْتُ وَقَدْ كَانَتْ هُذَيْلٌ خَلَعُوا خَلِيعًا لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَطَرَقَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ الْيَمَنِ بِالْبَطْحَاءِ فَانْتَبَهَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَحَذَفَهُ بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ، فَجَاءَتْ هُذَيْلٌ فَأَخَذُوا الْيَمَانِيَ فَرَفَعُوهُ إِلَى عُمَرَ بِالْمَوْسِمِ وَقَالُوا قَتَلَ صَاحِبَنَا‏.‏ فَقَالَ إِنَّهُمْ قَدْ خَلَعُوهُ‏.‏ فَقَالَ يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْ هُذَيْلٍ مَا خَلَعُوهُ‏.‏ قَالَ فَأَقْسَمَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلاً، وَقَدِمَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مِنَ الشَّأْمِ فَسَأَلُوهُ أَنْ يُقْسِمَ فَافْتَدَى يَمِينَهُ مِنْهُمْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَدْخَلُوا مَكَانَهُ رَجُلاً آخَرَ، فَدَفَعَهُ إِلَى أَخِي الْمَقْتُولِ فَقُرِنَتْ يَدُهُ بِيَدِهِ، قَالُوا فَانْطَلَقَا وَالْخَمْسُونَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِنَخْلَةَ، أَخَذَتْهُمُ السَّمَاءُ فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فِي الْجَبَلِ، فَانْهَجَمَ الْغَارُ عَلَى الْخَمْسِينَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا فَمَاتُوا جَمِيعًا، وَأَفْلَتَ الْقَرِينَانِ وَاتَّبَعَهُمَا حَجَرٌ فَكَسَرَ رِجْلَ أَخِي الْمَقْتُولِ، فَعَاشَ حَوْلاً ثُمَّ مَاتَ‏.‏ قُلْتُ وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ أَقَادَ رَجُلاً بِالْقَسَامَةِ ثُمَّ نَدِمَ بَعْدَ مَا صَنَعَ، فَأَمَرَ بِالْخَمْسِينَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا فَمُحُوا مِنَ الدِّيوَانِ وَسَيَّرَهُمْ إِلَى الشَّأْمِ‏.‏
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ ـ رضى الله عنه ـ أَنَّ نَاسًا، مِنْ عُرَيْنَةَ اجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ، فَرَخَّصَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْتُوا إِبِلَ الصَّدَقَةِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُتِيَ بِهِمْ، فَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، وَتَرَكَهُمْ بِالْحَرَّةِ يَعَضُّونَ الْحِجَارَةَ‏.‏ تَابَعَهُ أَبُو قِلاَبَةَ وَحُمَيْدٌ وَثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ‏.‏
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنِي الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ الْعُرَنِيِّينَ وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ حَتَّى مَاتُوا‏.‏
حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ - وَاللَّفْظُ لأَبِي بَكْرٍ - قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو رَجَاءٍ، مَوْلَى أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، حَدَّثَنِي أَنَسٌ، أَنَّ نَفَرًا، مِنْ عُكْلٍ ثَمَانِيَةً قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَايَعُوهُ عَلَى الإِسْلاَمِ فَاسْتَوْخَمُوا الأَرْضَ وَسَقُمَتْ أَجْسَامُهُمْ فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏.‏ فَقَالَ ‏"‏ أَلاَ تَخْرُجُونَ مَعَ رَاعِينَا فِي إِبِلِهِ فَتُصِيبُونَ مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا ‏"‏ ‏.‏ فَقَالُوا بَلَى ‏.‏ فَخَرَجُوا فَشَرِبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا فَصَحُّوا فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَطَرَدُوا الإِبِلَ فَبَلغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ فَأُدْرِكُوا فَجِيءَ بِهِمْ فَأَمَرَ بِهِمْ فَقُطِعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ وَسُمِرَ أَعْيُنُهُمْ ثُمَّ نُبِذُوا فِي الشَّمْسِ حَتَّى مَاتُوا ‏.‏ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاحِ فِي رِوَايَتِهِ وَاطَّرَدُوا النَّعَمَ ‏.‏ وَقَالَ وَسُمِّرَتْ أَعْيُنُهُمْ ‏.‏
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلاَلٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، - قَالَ أَحْمَدُ هُوَ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ نَاسًا أَغَارُوا عَلَى إِبِلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَاقُوهَا وَارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلاَمِ وَقَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُؤْمِنًا فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ فَأُخِذُوا فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ ‏.‏ قَالَ وَنَزَلَتْ فِيهِمْ آيَةُ الْمُحَارَبَةِ وَهُمُ الَّذِينَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْحَجَّاجَ حِينَ سَأَلَهُ ‏.‏
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، بِإِسْنَادِهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ فِيهِ فَأَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَحَلَهُمْ وَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَمَا حَسَمَهُمْ ‏.‏
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَجْلاَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَطَعَ الَّذِينَ سَرَقُوا لِقَاحَهُ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ بِالنَّارِ عَاتَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ‏{‏ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا ‏}‏ الآيَةَ ‏.‏

قتل العشرة المكيين

اغتيال الاسود العنسي‎ (عبهلة بن كعب‎)

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عُبَيْدَةَ بْنِ نَشِيطٍ ـ وَكَانَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ ـ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلَ فِي دَارِ بِنْتِ الْحَارِثِ، وَكَانَ تَحْتَهُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ كُرَيْزٍ، وَهْىَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَهْوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ خَطِيبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضِيبٌ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَكَلَّمَهُ فَقَالَ لَهُ مُسَيْلِمَةُ إِنْ شِئْتَ خَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الأَمْرِ، ثُمَّ جَعَلْتَهُ لَنَا بَعْدَكَ‏.‏ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ لَوْ سَأَلْتَنِي هَذَا الْقَضِيبَ مَا أَعْطَيْتُكَهُ وَإِنِّي لأَرَاكَ الَّذِي أُرِيتُ فِيهِ مَا أُرِيتُ، وَهَذَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ وَسَيُجِيبُكَ عَنِّي ‏"‏‏.‏ فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم‏.‏ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنْ رُؤْيَا، رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي ذَكَرَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ذُكِرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُرِيتُ أَنَّهُ وُضِعَ فِي يَدَىَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَفُظِعْتُهُمَا وَكَرِهْتُهُمَا، فَأُذِنَ لِي فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ ‏"‏‏.‏ فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيُّ الَّذِي قَتَلَهُ فَيْرُوزُ بِالْيَمَنِ، وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ‏.‏
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضى الله عنهما ـ قَالَ قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ يَقُولُ إِنْ جَعَلَ لِي مُحَمَّدٌ الأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ تَبِعْتُهُ‏.‏ وَقَدِمَهَا فِي بَشَرٍ كَثِيرٍ مِنْ قَوْمِهِ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَفِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِطْعَةُ جَرِيدٍ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِي أَصْحَابِهِ فَقَالَ ‏"‏ لَوْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا، وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ، وَإِنِّي لأَرَاكَ الَّذِي أُرِيتُ فِيكَ مَا رَأَيْتُ ‏"‏‏.‏ فَأَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ فِي يَدَىَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ، فَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا، فَأُوحِيَ إِلَىَّ فِي الْمَنَامِ أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ بَعْدِي ‏"‏‏.‏ فَكَانَ أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيَّ وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ صَاحِبَ الْيَمَامَةِ‏.‏

محاولة قتل هند بنت عتبة

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَتْنِي غِبْطَةُ بِنْتُ عَمْرٍو الْمُجَاشِعِيَّةُ، قَالَتْ حَدَّثَتْنِي عَمَّتِي أُمُّ الْحَسَنِ، عَنْ جَدَّتِهَا، عَنْ عَائِشَةَ، رضى الله عنها أَنَّ هِنْدًا بِنْتَ عُتْبَةَ، قَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ بَايِعْنِي ‏.‏ قَالَ ‏"‏ لاَ أُبَايِعُكِ حَتَّى تُغَيِّرِي كَفَّيْكِ كَأَنَّهُمَا كَفَّا سَبُعٍ ‏"‏ ‏.‏

قتل عبد الله خطال من بني تيم بن غالب وعباده

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رضى الله عنه ـ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ، وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ‏.‏ فَقَالَ ‏"‏ اقْتُلُوهُ ‏"‏‏.‏
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، أَمَّا الْقَعْنَبِيُّ فَقَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَأَمَّا قُتَيْبَةُ فَقَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ وَقَالَ يَحْيَى - وَاللَّفْظُ لَهُ - قُلْتُ لِمَالِكٍ أَحَدَّثَكَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ مِغْفَرٌ فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ ‏.‏ فَقَالَ ‏"‏ اقْتُلُوهُ ‏"‏ ‏.‏ فَقَالَ مَالِكٌ نَعَمْ ‏.‏
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ ‏.‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ اقْتُلُوهُ ‏"‏ ‏.‏

بدون اسم

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضى الله عنه ـ أَنَّهُ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْثٍ فَقَالَ ‏"‏ إِنْ وَجَدْتُمْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا فَأَحْرِقُوهُمَا بِالنَّارِ ‏"‏ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَرَدْنَا الْخُرُوجَ ‏"‏ إِنِّي أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُحْرِقُوا فُلاَنًا وَفُلاَنًا، وَإِنَّ النَّارَ لاَ يُعَذِّبُ بِهَا إِلاَّ اللَّهُ، فَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمَا فَاقْتُلُوهُمَا ‏"‏‏.‏
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ يَهُودِيَّةً، كَانَتْ تَشْتِمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَتَقَعُ فِيهِ فَخَنَقَهَا رَجُلٌ حَتَّى مَاتَتْ فَأَبْطَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَمَهَا ‏.‏

الأم العبد رجل أعمى

حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى الْخُتَّلِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَنِيُّ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عُثْمَانَ الشَّحَّامِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ أَعْمَى، كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَتَقَعُ فِيهِ فَيَنْهَاهَا فَلاَ تَنْتَهِي وَيَزْجُرُهَا فَلاَ تَنْزَجِرُ - قَالَ - فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَشْتِمُهُ فَأَخَذَ الْمِغْوَلَ فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا فَوَقَعَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا طِفْلٌ فَلَطَخَتْ مَا هُنَاكَ بِالدَّمِ فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ ‏"‏ أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلاً فَعَلَ مَا فَعَلَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ إِلاَّ قَامَ ‏"‏ ‏.‏ فَقَامَ الأَعْمَى يَتَخَطَّى النَّاسَ وَهُوَ يَتَزَلْزَلُ حَتَّى قَعَدَ بَيْنَ يَدَىِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا صَاحِبُهَا كَانَتْ تَشْتِمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَنْهَاهَا فَلاَ تَنْتَهِي وَأَزْجُرُهَا فَلاَ تَنْزَجِرُ وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً فَلَمَّا كَانَتِ الْبَارِحَةَ جَعَلَتْ تَشْتِمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَخَذْتُ الْمِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا ‏.‏ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ أَلاَ اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ ‏"‏ ‏.‏

تهديد بحرق الناس

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ لَيْسَ صَلاَةٌ أَثْقَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنَ الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ الْمُؤَذِّنَ فَيُقِيمَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً يَؤُمُّ النَّاسَ، ثُمَّ آخُذَ شُعَلاً مِنْ نَارٍ فَأُحَرِّقَ عَلَى مَنْ لاَ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلاَةِ بَعْدُ ‏"‏‏.‏

الجاسوس الكافر

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَيْنٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَهْوَ فِي سَفَرٍ، فَجَلَسَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ يَتَحَدَّثُ ثُمَّ انْفَتَلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ اطْلُبُوهُ وَاقْتُلُوهُ ‏"‏‏.‏ فَقَتَلَهُ فَنَفَّلَهُ سَلَبَهُ‏.‏
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الصَّامِتِ ابْنَ عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ جَاءَ الأَسْلَمِيُّ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ أَصَابَ امْرَأَةً حَرَامًا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ كُلُّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَقْبَلَ فِي الْخَامِسَةِ فَقَالَ ‏"‏ أَنِكْتَهَا ‏"‏ ‏.‏ قَالَ نَعَمْ ‏.‏ قَالَ ‏"‏ حَتَّى غَابَ ذَلِكَ مِنْكَ فِي ذَلِكَ مِنْهَا ‏"‏ ‏.‏ قَالَ نَعَمْ ‏.‏ قَالَ ‏"‏ كَمَا يَغِيبُ الْمِرْوَدُ فِي الْمُكْحُلَةِ وَالرِّشَاءُ فِي الْبِئْرِ ‏"‏ ‏.‏ قَالَ نَعَمْ ‏.‏ قَالَ ‏"‏ فَهَلْ تَدْرِي مَا الزِّنَا ‏"‏ ‏.‏ قَالَ نَعَمْ أَتَيْتُ مِنْهَا حَرَامًا مَا يَأْتِي الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَتِهِ حَلاَلاً ‏.‏ قَالَ ‏"‏ فَمَا تُرِيدُ بِهَذَا الْقَوْلِ ‏"‏ ‏.‏ قَالَ أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي ‏.‏ فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ فَسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ انْظُرْ إِلَى هَذَا الَّذِي سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَلَمْ تَدَعْهُ نَفْسُهُ حَتَّى رُجِمَ رَجْمَ الْكَلْبِ ‏.‏ فَسَكَتَ عَنْهُمَا ثُمَّ سَارَ سَاعَةً حَتَّى مَرَّ بِجِيفَةِ حِمَارٍ شَائِلٍ بِرِجْلِهِ فَقَالَ ‏"‏ أَيْنَ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ ‏"‏ ‏.‏ فَقَالاَ نَحْنُ ذَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ‏.‏ قَالَ ‏"‏ انْزِلاَ فَكُلاَ مِنْ جِيفَةِ هَذَا الْحِمَارِ ‏"‏ ‏.‏ فَقَالاَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَنْ يَأْكُلُ مِنْ هَذَا قَالَ ‏"‏ فَمَا نِلْتُمَا مِنْ عِرْضِ أَخِيكُمَا آنِفًا أَشَدُّ مِنْ أَكْلٍ مِنْهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ الآنَ لَفِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ يَنْقَمِسُ فِيهَا ‏"‏ ‏.‏