الفرق بين المراجعتين لصفحة: «القرآن والحديث والعلماء: محمد والأمر بالإعدام»

[مراجعة منقحة][مراجعة منقحة]
سطر ١١٣: سطر ١١٣:
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: فَذَكَرْتُ مِغْوَلًا [٦] فِي سَيْفِي، حِينَ رَأيْتُ أسْيافَنا لا تُغْنِي شَيْئًا، فَأخَذْتُهُ، وقَدْ صاحَ عَدُوُّ اللَّهِ صَيْحَةً لَمْ يَبْقَ حَوْلَنا حِصْنٌ إلّا وقَدْ أُوقِدَتْ عَلَيْهِ نارٌ قالَ: فَوَضَعْتُهُ فِي ثُنَّتِهِ [٧] ثُمَّ تَحامَلْتُ عَلَيْهِ حَتّى بَلَغْتُ عانَتَهُ فَوَقَعَ عَدُوُّ اللَّهِ، وقَدْ أُصِيبَ الحارِثُ بْنُ أوْسِ بْنِ مُعاذٍ، فَجُرِحَ فِي رَأْسِهِ أوْ فِي رِجْلِهِ، أصابَهُ بَعْضُ أسْيافِنا. قالَ: فَخَرَجْنا حَتّى سَلَكْنا عَلى بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، ثُمَّ عَلى بَنِي قُرَيْظَةَ، ثُمَّ عَلى بُعاثٍ حَتّى أسْنَدْنا [١] فِي حَرَّةِ [٢] العَرِيضِ [٣]، وقَدْ أبْطَأ عَلَيْنا صاحِبُنا الحارِثُ بْنُ أوْسٍ، ونَزَفَهُ [٤] الدَّمُ، فَوَقَفْنا لَهُ ساعَةً، ثُمَّ أتانا يَتْبَعُ آثارَنا. قالَ: فاحْتَمَلْناهُ فَجِئْنا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آخِرَ اللَّيْلِ، وهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي، فَسَلَّمْنا عَلَيْهِ، فَخَرَجَ إلَيْنا، فَأخْبَرْناهُ بِقَتْلِ عَدُوِّ اللَّهِ، وتَفَلَ عَلى جُرْحِ صاحِبِنا، فَرَجَعَ ورَجَعْنا إلى أهْلِنا فَأصْبَحْنا وقَدْ خافَتْ يَهُودُ لِوَقْعَتِنا بِعَدُوِّ اللَّهِ، فَلَيْسَ بِها يَهُودِيٌّ إلّا وهُوَ يَخافُ عَلى نَفْسِهِ.}}
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: فَذَكَرْتُ مِغْوَلًا [٦] فِي سَيْفِي، حِينَ رَأيْتُ أسْيافَنا لا تُغْنِي شَيْئًا، فَأخَذْتُهُ، وقَدْ صاحَ عَدُوُّ اللَّهِ صَيْحَةً لَمْ يَبْقَ حَوْلَنا حِصْنٌ إلّا وقَدْ أُوقِدَتْ عَلَيْهِ نارٌ قالَ: فَوَضَعْتُهُ فِي ثُنَّتِهِ [٧] ثُمَّ تَحامَلْتُ عَلَيْهِ حَتّى بَلَغْتُ عانَتَهُ فَوَقَعَ عَدُوُّ اللَّهِ، وقَدْ أُصِيبَ الحارِثُ بْنُ أوْسِ بْنِ مُعاذٍ، فَجُرِحَ فِي رَأْسِهِ أوْ فِي رِجْلِهِ، أصابَهُ بَعْضُ أسْيافِنا. قالَ: فَخَرَجْنا حَتّى سَلَكْنا عَلى بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، ثُمَّ عَلى بَنِي قُرَيْظَةَ، ثُمَّ عَلى بُعاثٍ حَتّى أسْنَدْنا [١] فِي حَرَّةِ [٢] العَرِيضِ [٣]، وقَدْ أبْطَأ عَلَيْنا صاحِبُنا الحارِثُ بْنُ أوْسٍ، ونَزَفَهُ [٤] الدَّمُ، فَوَقَفْنا لَهُ ساعَةً، ثُمَّ أتانا يَتْبَعُ آثارَنا. قالَ: فاحْتَمَلْناهُ فَجِئْنا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آخِرَ اللَّيْلِ، وهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي، فَسَلَّمْنا عَلَيْهِ، فَخَرَجَ إلَيْنا، فَأخْبَرْناهُ بِقَتْلِ عَدُوِّ اللَّهِ، وتَفَلَ عَلى جُرْحِ صاحِبِنا، فَرَجَعَ ورَجَعْنا إلى أهْلِنا فَأصْبَحْنا وقَدْ خافَتْ يَهُودُ لِوَقْعَتِنا بِعَدُوِّ اللَّهِ، فَلَيْسَ بِها يَهُودِيٌّ إلّا وهُوَ يَخافُ عَلى نَفْسِهِ.}}


=== محاولة اغتيال أبو سفيان ===
===محاولة اغتيال أبو سفيان===
{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.545-542.|ذكر الخبر عن عمرو بْن أمية الضمري إذ وجهه رَسُول الله ص لقتل أبي سفيان بْن حرب
{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.545-542.|ذكر الخبر عن عمرو بْن أمية الضمري إذ وجهه رَسُول الله ص لقتل أبي سفيان بْن حرب
ولما قُتِلَ من وجهه النبي ص إلى عضل والقارة من أهل الرجيع، وبلغ خبرهم رسول الله ص بعث عمرو بْن أمية الضمري إلى مكة مَعَ رجل من الأنصار، وأمرهما بقتل أبي سفيان بْن حرب، فحَدَّثَنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: حَدَّثَنا سَلَمَةُ بْنُ الفَضْلِ، قالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الفَضْلِ بْنِ الحَسَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ- يَعْنِي عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ- قالَ: قالَ عَمْرُو بْنُ اميه: بعثني رسول الله ص بَعْدَ قَتْلِ خُبَيْبٍ وأصْحابِهِ، وبَعَثَ مَعِي رَجُلًا مِنَ الأنْصارِ، فَقالَ: ائْتِيا أبا سُفْيانَ بْنَ حَرْبٍ فاقْتُلاهُ، قالَ:
ولما قُتِلَ من وجهه النبي ص إلى عضل والقارة من أهل الرجيع، وبلغ خبرهم رسول الله ص بعث عمرو بْن أمية الضمري إلى مكة مَعَ رجل من الأنصار، وأمرهما بقتل أبي سفيان بْن حرب، فحَدَّثَنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: حَدَّثَنا سَلَمَةُ بْنُ الفَضْلِ، قالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الفَضْلِ بْنِ الحَسَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ- يَعْنِي عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ- قالَ: قالَ عَمْرُو بْنُ اميه: بعثني رسول الله ص بَعْدَ قَتْلِ خُبَيْبٍ وأصْحابِهِ، وبَعَثَ مَعِي رَجُلًا مِنَ الأنْصارِ، فَقالَ: ائْتِيا أبا سُفْيانَ بْنَ حَرْبٍ فاقْتُلاهُ، قالَ:
سطر ١٣١: سطر ١٣١:
فَلَمّا سَمِعَ أبُو سُفْيانَ أنَّ أصْحابَ رَسُولِ الله ص معترضون له، بَعَثَ إلى قُرَيْشٍ: إنَّ مُحَمَّدًا وأصْحابَهُ مُعْتَرِضُونَ لَكُمْ، فَأجِيرُوا تِجارَتَكُمْ فَلَمّا أتى قُرَيْشًا الخَبَرُ- وفِي عِيرِ أبِي سُفْيانَ، مِن بُطُونِ كَعْبِ ابن لُؤَيٍّ كُلِّها- نَفَرَ لَها أهْلُ مَكَّةَ، وهِيَ نَفْرَةُ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، لَيْسَ فِيها من بنى عامر احد الا من كانَ مِن بَنِي مالِكِ بْنِ حِسْلٍ، ولَمْ يسمع بنفره قريش رسول الله ص ولا اصحابه، حتى قدم النبي ص بَدْرًا- وكان طَرِيقُ رُكْبانِ قُرَيْشٍ، مَن أخَذَ مِنهُمْ طَرِيقَ السّاحِلِ إلى الشّامِ- فَخَفَضَ أبُو سُفْيانَ عَنْ بَدْرٍ، ولَزِمَ طَرِيقَ السّاحِلِ، وخافَ الرصد على بدر}}
فَلَمّا سَمِعَ أبُو سُفْيانَ أنَّ أصْحابَ رَسُولِ الله ص معترضون له، بَعَثَ إلى قُرَيْشٍ: إنَّ مُحَمَّدًا وأصْحابَهُ مُعْتَرِضُونَ لَكُمْ، فَأجِيرُوا تِجارَتَكُمْ فَلَمّا أتى قُرَيْشًا الخَبَرُ- وفِي عِيرِ أبِي سُفْيانَ، مِن بُطُونِ كَعْبِ ابن لُؤَيٍّ كُلِّها- نَفَرَ لَها أهْلُ مَكَّةَ، وهِيَ نَفْرَةُ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، لَيْسَ فِيها من بنى عامر احد الا من كانَ مِن بَنِي مالِكِ بْنِ حِسْلٍ، ولَمْ يسمع بنفره قريش رسول الله ص ولا اصحابه، حتى قدم النبي ص بَدْرًا- وكان طَرِيقُ رُكْبانِ قُرَيْشٍ، مَن أخَذَ مِنهُمْ طَرِيقَ السّاحِلِ إلى الشّامِ- فَخَفَضَ أبُو سُفْيانَ عَنْ بَدْرٍ، ولَزِمَ طَرِيقَ السّاحِلِ، وخافَ الرصد على بدر}}


=== مقتل أسماء بنت مروان ===
===مقتل أسماء بنت مروان===
{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.638-636.|(نِفاقُها وشِعْرُها فِي ذَلِكَ):
{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.638-636.|(نِفاقُها وشِعْرُها فِي ذَلِكَ):
وغَزْوَةُ عُمَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ الخِطْمِيِّ عَصْماءَ بِنْتَ مَرْوانَ، وهِيَ مِن بَنِي أُمَيَّةَ ابْن زَيْدٍ، فَلَمّا قُتِلَ أبُو عَفَكٍ نافَقَتْ، فَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الحارِثِ بْنِ الفُضَيْلِ عَنْ أبِيهِ، قالَ: وكانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِن بَنِي خَطْمَةَ، ويُقالُ لَهُ يَزِيدُ بْنُ زَيْدٍ فَقالَتْ، تَعِيبُ الإسْلامَ وأهْلَهُ:
وغَزْوَةُ عُمَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ الخِطْمِيِّ عَصْماءَ بِنْتَ مَرْوانَ، وهِيَ مِن بَنِي أُمَيَّةَ ابْن زَيْدٍ، فَلَمّا قُتِلَ أبُو عَفَكٍ نافَقَتْ، فَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الحارِثِ بْنِ الفُضَيْلِ عَنْ أبِيهِ، قالَ: وكانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِن بَنِي خَطْمَةَ، ويُقالُ لَهُ يَزِيدُ بْنُ زَيْدٍ فَقالَتْ، تَعِيبُ الإسْلامَ وأهْلَهُ:
سطر ١٥٠: سطر ١٥٠:
فَرَجَعَ عُمَيْرٌ إلى قَوْمِهِ، وبَنُو خَطْمَةَ يَوْمئِذٍ كَثِيرٌ مَوْجُهُمْ [١] فِي شَأْنِ بِنْتِ مَرْوانَ، ولَها يَوْمئِذٍ بَنُونَ خَمْسَةُ رِجالٍ، فَلَمّا جاءَهُمْ عُمَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ مِن عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قالَ: يا بَنِي خَطْمَةَ، أنا قَتَلْتُ ابْنَةَ مَرْوانَ، فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لا تُنْظِرُونَ. فَذَلِكَ اليَوْمُ أوَّلُ ما عَزَّ الإسْلامُ فِي دارِ بَنِي خَطْمَةَ، وكانَ يَسْتَخْفِي بِإسْلامِهِمْ فِيهِمْ مَن أسْلَمَ، وكانَ أوَّلَ مَن أسْلَمَ مِن بَنِي خَطْمَةَ عُمَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ، وهُوَ الَّذِي يُدْعى القارِئَ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أوْسٍ، وخُزَيْمَةُ بْنِ ثابِتٍ، وأسْلَمَ، يَوْمَ قُتِلَتْ ابْنَةُ مَرْوانَ، رِجالٌ مِن بَنِي خَطْمَةَ، لَمّا رَأوْا مِن عِزِّ الإسْلامِ.}}
فَرَجَعَ عُمَيْرٌ إلى قَوْمِهِ، وبَنُو خَطْمَةَ يَوْمئِذٍ كَثِيرٌ مَوْجُهُمْ [١] فِي شَأْنِ بِنْتِ مَرْوانَ، ولَها يَوْمئِذٍ بَنُونَ خَمْسَةُ رِجالٍ، فَلَمّا جاءَهُمْ عُمَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ مِن عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قالَ: يا بَنِي خَطْمَةَ، أنا قَتَلْتُ ابْنَةَ مَرْوانَ، فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لا تُنْظِرُونَ. فَذَلِكَ اليَوْمُ أوَّلُ ما عَزَّ الإسْلامُ فِي دارِ بَنِي خَطْمَةَ، وكانَ يَسْتَخْفِي بِإسْلامِهِمْ فِيهِمْ مَن أسْلَمَ، وكانَ أوَّلَ مَن أسْلَمَ مِن بَنِي خَطْمَةَ عُمَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ، وهُوَ الَّذِي يُدْعى القارِئَ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أوْسٍ، وخُزَيْمَةُ بْنِ ثابِتٍ، وأسْلَمَ، يَوْمَ قُتِلَتْ ابْنَةُ مَرْوانَ، رِجالٌ مِن بَنِي خَطْمَةَ، لَمّا رَأوْا مِن عِزِّ الإسْلامِ.}}


=== مقتل شقيق ملك دوما ===
===مقتل شقيق ملك دوما===
{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.3، ص.109-108.|لَمّا انْتَهى رسول الله ص إلى تَبُوكَ، أتاهُ يُحَنةُ بْنُ رُؤْبَةَ، صاحِبُ ايله، فصالح رسول الله ص واعطاه الجزية، واهل جرباء واذرح اعطوه الجزية، وكتب رسول الله ص لِكُلٍّ كِتابًا، فَهُوَ عِنْدَهُمْ.
{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.3، ص.109-108.|لَمّا انْتَهى رسول الله ص إلى تَبُوكَ، أتاهُ يُحَنةُ بْنُ رُؤْبَةَ، صاحِبُ ايله، فصالح رسول الله ص واعطاه الجزية، واهل جرباء واذرح اعطوه الجزية، وكتب رسول الله ص لِكُلٍّ كِتابًا، فَهُوَ عِنْدَهُمْ.
ثُمَّ إنَّ رَسُولَ الله ص دَعا خالِدَ بْنَ الوَلِيدِ، فَبَعَثَهُ إلى أُكَيْدِرِ دُومَةَ- وهُوَ أُكَيْدِرُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ، رَجُلٌ مِن كِنْدَةَ، كانَ مَلِكًا عَلَيْها، وكانَ نَصْرانِيًّا- فقال رسول الله ص لِخالِدٍ: إنَّكَ سَتَجِدُهُ يَصِيدُ البَقَرَ، فَخَرَجَ خالِدُ بْنُ الوَلِيدِ حَتّى إذا كانَ مِن حِصْنِهِ بِمَنظَرِ العَيْنِ، وفِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ صائِفَةٍ، وهُوَ عَلى سَطْحٍ لَهُ، ومَعَهُ امْرَأتُهُ، فَباتَتِ البَقَرُ تَحُكُّ بِقُرُونِها بابَ القَصْرِ، فَقالَتِ امْرَأتُهُ: هَلْ رَأيْتَ مِثْلَ هَذا قَطُّ! قالَ: لا واللَّهِ، قالَتْ: فَمَن يَتْرُكُ هَذا؟ قالَ: لا أحَدٌ فَنَزَلَ فَأمَرَ بِفَرَسِهِ فَأُسْرِجَ لَهُ، ورَكِبَ مَعَهُ نَفَرٌ مِن أهْلِ بَيْتِهِ، فِيهِمْ أخٌ لَهُ يُقالُ لَهُ حَسّانٌ، فَرَكِبَ، وخَرَجُوا مَعَهُ بِمَطارِدِهِمْ، فَلَمّا خَرَجُوا تَلَقَّتْهُمْ خيل رسول الله ص فأخذته، وقتلوا أخاه حسان، وقَدْ كانَ عَلَيْهِ قِباءٌ لَهُ مِن دِيباجٍ مُخَوَّصٌ بِالذَّهَبِ، فاسْتَلَبَهُ خالِدٌ، فَبَعَثَ بِهِ إلى رسول الله ص قَبْلَ قُدُومِهِ عَلَيْهِ حَدَّثَنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: حَدَّثَنا سَلَمَةُ، قالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ، عَنْ عاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتادَةَ، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ، قالَ: [رَأيْتُ قُباءَ أُكَيْدِرٍ حين قدم به الى رسول الله ص، فَجَعَلَ المُسْلِمُونَ يَلْمَسُونَهُ بِأيْدِيهِمْ، ويَتَعَجَّبُونَ مِنهُ، فَقالَ رسول الله: اتعجبون من هذا! فو الذى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَمَنادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعاذٍ فِي الجَنَّةِ أحْسَنُ مِن هَذا!] حَدَّثَنا ابْنُ حميد، قال: حَدَّثَنا سلمة، عن ابن إسحاق، قالَ:
ثُمَّ إنَّ رَسُولَ الله ص دَعا خالِدَ بْنَ الوَلِيدِ، فَبَعَثَهُ إلى أُكَيْدِرِ دُومَةَ- وهُوَ أُكَيْدِرُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ، رَجُلٌ مِن كِنْدَةَ، كانَ مَلِكًا عَلَيْها، وكانَ نَصْرانِيًّا- فقال رسول الله ص لِخالِدٍ: إنَّكَ سَتَجِدُهُ يَصِيدُ البَقَرَ، فَخَرَجَ خالِدُ بْنُ الوَلِيدِ حَتّى إذا كانَ مِن حِصْنِهِ بِمَنظَرِ العَيْنِ، وفِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ صائِفَةٍ، وهُوَ عَلى سَطْحٍ لَهُ، ومَعَهُ امْرَأتُهُ، فَباتَتِ البَقَرُ تَحُكُّ بِقُرُونِها بابَ القَصْرِ، فَقالَتِ امْرَأتُهُ: هَلْ رَأيْتَ مِثْلَ هَذا قَطُّ! قالَ: لا واللَّهِ، قالَتْ: فَمَن يَتْرُكُ هَذا؟ قالَ: لا أحَدٌ فَنَزَلَ فَأمَرَ بِفَرَسِهِ فَأُسْرِجَ لَهُ، ورَكِبَ مَعَهُ نَفَرٌ مِن أهْلِ بَيْتِهِ، فِيهِمْ أخٌ لَهُ يُقالُ لَهُ حَسّانٌ، فَرَكِبَ، وخَرَجُوا مَعَهُ بِمَطارِدِهِمْ، فَلَمّا خَرَجُوا تَلَقَّتْهُمْ خيل رسول الله ص فأخذته، وقتلوا أخاه حسان، وقَدْ كانَ عَلَيْهِ قِباءٌ لَهُ مِن دِيباجٍ مُخَوَّصٌ بِالذَّهَبِ، فاسْتَلَبَهُ خالِدٌ، فَبَعَثَ بِهِ إلى رسول الله ص قَبْلَ قُدُومِهِ عَلَيْهِ حَدَّثَنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: حَدَّثَنا سَلَمَةُ، قالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ، عَنْ عاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتادَةَ، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ، قالَ: [رَأيْتُ قُباءَ أُكَيْدِرٍ حين قدم به الى رسول الله ص، فَجَعَلَ المُسْلِمُونَ يَلْمَسُونَهُ بِأيْدِيهِمْ، ويَتَعَجَّبُونَ مِنهُ، فَقالَ رسول الله: اتعجبون من هذا! فو الذى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَمَنادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعاذٍ فِي الجَنَّةِ أحْسَنُ مِن هَذا!] حَدَّثَنا ابْنُ حميد، قال: حَدَّثَنا سلمة، عن ابن إسحاق، قالَ:
ثُمَّ إنَّ خالِدًا قَدِمَ بِأُكَيْدِرٍ عَلى رسول الله ص، فَحَقَنَ لَهُ دَمَهُ، وصالَحَهُ عَلى الجِزْيَةِ، ثُمَّ خَلّى سَبِيلَهُ، فَرَجَعَ إلى قَرْيَتِهِ.}}
ثُمَّ إنَّ خالِدًا قَدِمَ بِأُكَيْدِرٍ عَلى رسول الله ص، فَحَقَنَ لَهُ دَمَهُ، وصالَحَهُ عَلى الجِزْيَةِ، ثُمَّ خَلّى سَبِيلَهُ، فَرَجَعَ إلى قَرْيَتِهِ.}}


=== اغتيال عمرو بن جهاش ===
===اغتيال عمرو بن جهاش===
{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.192.|(تَحْرِيضُ يامِينَ عَلى قَتْلِ ابْنِ جِحاشٍ):
{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.192.|(تَحْرِيضُ يامِينَ عَلى قَتْلِ ابْنِ جِحاشٍ):
قالَ ابْنُ إسْحاقَ- وقَدْ حَدَّثَنِي بَعْضُ آلِ يامِينَ: أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ لِيامِينَ: ألَمْ تَرَ ما لَقِيتُ مِن ابْنِ عَمِّكَ، وما هُمْ بِهِ مِن شَأْنِي؟ فَجَعَلَ يامِينُ ابْن عُمَيْرٍ لِرَجُلِ جُعْلًا عَلى أنْ يَقْتُلَ لَهُ عَمْرَو بْنَ جِحاشٍ، فَقَتَلَهُ فِيما يَزْعُمُونَ.}}
قالَ ابْنُ إسْحاقَ- وقَدْ حَدَّثَنِي بَعْضُ آلِ يامِينَ: أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ لِيامِينَ: ألَمْ تَرَ ما لَقِيتُ مِن ابْنِ عَمِّكَ، وما هُمْ بِهِ مِن شَأْنِي؟ فَجَعَلَ يامِينُ ابْن عُمَيْرٍ لِرَجُلِ جُعْلًا عَلى أنْ يَقْتُلَ لَهُ عَمْرَو بْنَ جِحاشٍ، فَقَتَلَهُ فِيما يَزْعُمُونَ.}}


===اغتيال خالد بن سفيان===
===اغتيال خالد بن سفيان===
{{اقتباس|[https://quranx.com/Hadith/AbuDawud/Hasan/Hadith-1244 أبو داود 1249] |حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ - وَكَانَ نَحْوَ عُرَنَةَ وَعَرَفَاتٍ - فَقَالَ ‏"‏ اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ ‏"‏ ‏.‏ قَالَ فَرَأَيْتُهُ وَحَضَرَتْ صَلاَةُ الْعَصْرِ فَقُلْتُ إِنِّي لأَخَافُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَا إِنْ أُؤَخِّرُ الصَّلاَةَ فَانْطَلَقْتُ أَمْشِي وَأَنَا أُصَلِّي أُومِئُ إِيمَاءً نَحْوَهُ فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ قَالَ لِي مَنْ أَنْتَ قُلْتُ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَجْمَعُ لِهَذَا الرَّجُلِ فَجِئْتُكَ فِي ذَاكَ ‏.‏ قَالَ إِنِّي لَفِي ذَاكَ فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً حَتَّى إِذَا أَمْكَنَنِي عَلَوْتُهُ بِسَيْفِي حَتَّى بَرَدَ ‏.‏}}
{{اقتباس|[https://quranx.com/Hadith/AbuDawud/Hasan/Hadith-1244 أبو داود 1249] |حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ - وَكَانَ نَحْوَ عُرَنَةَ وَعَرَفَاتٍ - فَقَالَ ‏"‏ اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ ‏"‏ ‏.‏ قَالَ فَرَأَيْتُهُ وَحَضَرَتْ صَلاَةُ الْعَصْرِ فَقُلْتُ إِنِّي لأَخَافُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَا إِنْ أُؤَخِّرُ الصَّلاَةَ فَانْطَلَقْتُ أَمْشِي وَأَنَا أُصَلِّي أُومِئُ إِيمَاءً نَحْوَهُ فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ قَالَ لِي مَنْ أَنْتَ قُلْتُ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَجْمَعُ لِهَذَا الرَّجُلِ فَجِئْتُكَ فِي ذَاكَ ‏.‏ قَالَ إِنِّي لَفِي ذَاكَ فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً حَتَّى إِذَا أَمْكَنَنِي عَلَوْتُهُ بِسَيْفِي حَتَّى بَرَدَ ‏.‏}}{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.3، ص.157-156.|حَدَّثَنا ابن حميد، قال: حَدَّثَنا سلمة، عن مُحَمَّدِ بْنِ إسْحاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بن الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، قالَ: دعانى رسول الله ص، فَقالَ: إنَّهُ بَلَغَنِي أنَّ خالِدَ بْنَ سُفْيانَ بْنِ نُبَيْحٍ الهُذَلِيَّ يَجْمَعُ لِيَ النّاسَ لِيَغْزُوَنِي- وهُوَ بِنَخْلَةٍ أوْ بَعُرْنَةَ- فَأْتِهِ فاقْتُلْهُ، قالَ:
قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، انْعَتْهُ لِي حَتّى أعْرِفَهُ، قالَ: إذا رَأيْتَهُ أذْكَرَكَ الشَّيْطانَ! إنَّهُ آيَةٌ ما بَيْنَكَ وبَيْنَهُ أنَّكَ إذا رَأيْتَهُ وجَدْتَ لَهُ قَشْعَرِيرَةً قالَ: فَخَرَجْتُ مُتَوَشِّحًا سَيْفِي حَتّى دَفَعْتُ إلَيْهِ وهُوَ فِي ظُعُنٍ يَرْتادُ لَهُنَّ مَنزِلا حَيْثُ كانَ وقْتُ العَصْرِ، فَلَمّا رَأيْتُهُ وجَدْتُ ما وصَفَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ص مِنَ القَشْعَرِيرَةِ، فَأقْبَلْتُ نَحْوَهُ، وخَشِيتُ أنْ تَكُونَ بَيْنِي وبَيْنَهُ مُجاوَلَةٌ تَشْغَلُنِي عَنِ الصَّلاةِ، فَصَلَّيْتُ وأنا أمْشِي نَحْوَهُ، أُومِئُ بِرَأْسِي إيماءً، فَلَمّا انْتَهَيْتُ إلَيْهِ قالَ: مَنِ الرَّجُلُ؟ قُلْتُ: رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ سَمِعَ بِكَ وبِجَمْعِكَ لِهَذا الرَّجُلِ، فَجاءَكَ لِذَلِكَ، قالَ: أجَلْ، أنا فِي ذَلِكَ، فَمَشَيْتُ مَعَهُ شَيْئًا حَتّى إذا أمْكَنَنِي حَمَلْتُ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ حَتّى قَتَلْتُهُ، ثُمَّ خَرَجْتُ وتَرَكْتُ ظَعائِنَهُ مُكِبّاتٍ عَلَيْهِ.
فَلَمّا قَدِمْتُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ وسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ورَآنِي، قالَ: أفْلَحَ الوَجْهُ! قالَ:
قُلْتُ: قَدْ قَتَلْتُهُ قالَ: صَدَقْتَ! ثُمَّ قامَ رَسُولُ اللَّهِ فَدَخَلَ بَيْتَهُ، فَأعْطانِي عَصًا، فَقالَ: أمْسِكْ هَذِهِ العَصا عِنْدَكَ يا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ قالَ:
فَخَرَجْتُ بِها عَلى النّاسِ، فَقالُوا: ما هَذِهِ العَصا؟ قُلْتُ: أعْطانِيها رَسُولُ اللَّهِ، وأمَرَنِي أنْ أمْسِكَها عِنْدِي، قالُوا: أفَلا تَرْجِعُ إلى رَسُولِ اللَّهِ فَتَسْألَهُ لِمَ ذَلِكَ؟ فَرَجَعْتُ إلى رَسُولِ اللَّهِ، فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ أعْطَيْتَنِي هَذِهِ العَصا؟ قالَ: آيَةُ ما بَيْنِي وبَيْنَكَ يَوْمَ القِيامَةِ، إنَّ أقَلَّ النّاسِ المُتَخَصِّرُونَ يَوْمَئِذٍ، فَقَرَنَها عَبْدُ اللَّهِ بِسَيْفِهِ}}


===قتل ابنِ النواحة===
===قتل ابنِ النواحة===
سطر ١٦٧: سطر ١٧١:
===قتل الخبيب===
===قتل الخبيب===
{{اقتباس|{{البخاري|4|52|281}}|حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ ـ وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِي زُهْرَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ـ رضى الله عنه ـ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَأَةِ وَهْوَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَىٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لِحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَىْ رَجُلٍ، كُلُّهُمْ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمْ تَمْرًا تَزَوَّدُوهُ مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالُوا هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ‏.‏ فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ، وَأَحَاطَ بِهِمُ الْقَوْمُ فَقَالُوا لَهُمُ انْزِلُوا وَأَعْطُونَا بِأَيْدِيكُمْ، وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ، وَلاَ نَقْتُلُ مِنْكُمْ أَحَدًا‏.‏ قَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ أَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ لاَ أَنْزِلُ الْيَوْمَ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ‏.‏ فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ، فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةٍ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الأَنْصَارِيُّ وَابْنُ دَثِنَةَ وَرَجُلٌ آخَرُ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَأَوْثَقُوهُمْ فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ، وَاللَّهِ لاَ أَصْحَبُكُمْ، إِنَّ فِي هَؤُلاَءِ لأُسْوَةً‏.‏ يُرِيدُ الْقَتْلَى، فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَأَبَى فَقَتَلُوهُ، فَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ وَابْنِ دَثِنَةَ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَابْتَاعَ خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا، فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضٍ أَنَّ بِنْتَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ، فَأَخَذَ ابْنًا لِي وَأَنَا غَافِلَةٌ حِينَ أَتَاهُ قَالَتْ فَوَجَدْتُهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالْمُوسَى بِيَدِهِ، فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ فِي وَجْهِي فَقَالَ تَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَلِكَ‏.‏ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ فِي يَدِهِ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ، وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرٍ وَكَانَتْ تَقُولُ إِنَّهُ لَرِزْقٌ مِنَ اللَّهِ رَزَقَهُ خُبَيْبًا، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ، قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ ذَرُونِي أَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ‏.‏ فَتَرَكُوهُ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ لَوْلاَ أَنْ تَظُنُّوا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ لَطَوَّلْتُهَا اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا‏.‏ وَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا عَلَى أَىِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ فَقَتَلَهُ ابْنُ الْحَارِثِ، فَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ لِكُلِّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لِعَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ يَوْمَ أُصِيبَ، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ وَمَا أُصِيبُوا، وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمٍ حِينَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ لِيُؤْتَوْا بِشَىْءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ، وَكَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلاً مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَبُعِثَ عَلَى عَاصِمٍ مِثْلُ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ، فَحَمَتْهُ مِنْ رَسُولِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يَقْطَعَ مِنْ لَحْمِهِ شَيْئًا‏.‏}}
{{اقتباس|{{البخاري|4|52|281}}|حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ ـ وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِي زُهْرَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ـ رضى الله عنه ـ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَأَةِ وَهْوَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَىٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لِحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَىْ رَجُلٍ، كُلُّهُمْ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمْ تَمْرًا تَزَوَّدُوهُ مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالُوا هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ‏.‏ فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ، وَأَحَاطَ بِهِمُ الْقَوْمُ فَقَالُوا لَهُمُ انْزِلُوا وَأَعْطُونَا بِأَيْدِيكُمْ، وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ، وَلاَ نَقْتُلُ مِنْكُمْ أَحَدًا‏.‏ قَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ أَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ لاَ أَنْزِلُ الْيَوْمَ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ‏.‏ فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ، فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةٍ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الأَنْصَارِيُّ وَابْنُ دَثِنَةَ وَرَجُلٌ آخَرُ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَأَوْثَقُوهُمْ فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ، وَاللَّهِ لاَ أَصْحَبُكُمْ، إِنَّ فِي هَؤُلاَءِ لأُسْوَةً‏.‏ يُرِيدُ الْقَتْلَى، فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَأَبَى فَقَتَلُوهُ، فَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ وَابْنِ دَثِنَةَ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَابْتَاعَ خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا، فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضٍ أَنَّ بِنْتَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ، فَأَخَذَ ابْنًا لِي وَأَنَا غَافِلَةٌ حِينَ أَتَاهُ قَالَتْ فَوَجَدْتُهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالْمُوسَى بِيَدِهِ، فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ فِي وَجْهِي فَقَالَ تَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَلِكَ‏.‏ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ فِي يَدِهِ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ، وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرٍ وَكَانَتْ تَقُولُ إِنَّهُ لَرِزْقٌ مِنَ اللَّهِ رَزَقَهُ خُبَيْبًا، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ، قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ ذَرُونِي أَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ‏.‏ فَتَرَكُوهُ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ لَوْلاَ أَنْ تَظُنُّوا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ لَطَوَّلْتُهَا اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا‏.‏ وَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا عَلَى أَىِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ فَقَتَلَهُ ابْنُ الْحَارِثِ، فَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ لِكُلِّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لِعَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ يَوْمَ أُصِيبَ، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ وَمَا أُصِيبُوا، وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمٍ حِينَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ لِيُؤْتَوْا بِشَىْءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ، وَكَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلاً مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَبُعِثَ عَلَى عَاصِمٍ مِثْلُ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ، فَحَمَتْهُ مِنْ رَسُولِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يَقْطَعَ مِنْ لَحْمِهِ شَيْئًا‏.‏}}
=== تعذيب وقتل كنانة بن الربيع بن الحقيق ===
{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.3، ص.14.|قالَ ابْنُ إسْحاقَ: وأُتِيَ رَسُولُ الله ص بِكِنانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ أبِي الحُقَيْقِ- وكانَ عِنْدَهُ كَنْزُ بَنِي النَّضِيرِ- فَسَألَهُ فَجَحَدَ أنْ يكون يعلم مكانه، فاتى رسول الله ص برجل من يهود، فقال لرسول الله ص: إنِّي قَدْ رَأيْتُ كِنانَةَ يُطِيفُ بِهَذِهِ الخَرِبَةِ كُلَّ غَداةٍ.
فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ لِكِنانَةَ: أرَأيْتَ ان وجدناه عندك، ااقتلك؟ قال: نعم، فامر رسول الله ص بِالخَرِبَةِ فَحُفِرَتْ، فَأُخْرِجَ مِنها بَعْضُ كَنْزِهِمْ، ثُمَّ سَألَهُ ما بَقِيَ، فَأبى أنْ يُؤَدِّيَهُ، [فَأمَرَ به رسول الله ص الزُّبَيْرَ بْنَ العَوّامِ، فَقالَ: عَذِّبْهُ حَتّى تَسْتَأْصِلَ ما عِنْدَهُ،] فَكانَ الزُّبَيْرُ يَقْدَحُ بِزَنْدِهِ فِي صَدْرِهِ حَتّى أشْرَفَ عَلى نَفْسِهِ، ثُمَّ دَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ إلى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ بِأخِيهِ مَحْمُودِ بْنِ مَسْلَمَةَ وحاصَرَ رَسُولُ الله ص أهْلَ خَيْبَرَ فِي حِصْنَيْهِمُ، الوَطِيحَ والسَّلالِمَ، حَتّى إذا أيْقَنُوا بِالهَلَكَةِ سَألُوهُ أنْ يُسَيِّرَهُمْ ويَحْقِنَ لَهُمْ دِماءَهُمْ، فَفَعَلَ وكانَ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ حازَ الأمْوالَ كُلَّها:
الشِّقَّ ونَطاةَ والكَتِيبَةَ، وجَمِيعَ حُصُونِهِمْ إلا ما كانَ مِن ذَيْنِكَ الحِصْنَيْنِ.}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.337-336.|(عُقُوبَةُ كِنانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ):
وأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِكِنانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ، وكانَ عِنْدَهُ كَنْزُ بَنِي النَّضِيرِ، فَسَألَهُ عَنْهُ، فَجَحَدَ أنْ يَكُونَ يَعْرِفُ مَكانَهُ، فَأتى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ مِن يَهُودَ، فَقالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنِّي رَأيْتُ كِنانَةَ يُطِيفُ بِهَذِهِ الخَرِبَةِ كُلَّ غَداةٍ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِكِنانَةَ: أرَأيْتُ إنْ وجَدْناهُ عِنْدَكَ، أأقْتُلُكَ؟ قالَ: نَعَمْ، فَأمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالخَرِبَةِ فَحُفِرَتْ، فَأخْرَجَ مِنها بَعْضَ كَنْزِهِمْ، ثُمَّ سَألَهُ عَمّا بَقِيَ، فَأبى أنْ يُؤَدِّيَهُ، فَأمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الزُّبَيْرَ بْنَ العَوّامِ، فَقالَ: عَذِّبْهُ حَتّى تَسْتَأْصِلَ ما عِنْدَهُ، فَكانَ الزُّبَيْرُ يَقْدَحُ بِزَنْدٍ فِي صَدْرِهِ، حَتّى أشْرَفَ عَلى نَفْسِهِ، ثُمَّ دَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ بِأخِيهِ مَحْمُودِ بْنِ مَسْلَمَةَ.}}
=== مقتل النضر بن الحارث ===
{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.1، ص.297-295.|أوْ كَما قالُوا لَهُ- فَإنْ كُنْتَ إنّما جِئْتَ بِهَذا الحَدِيثِ تَطْلُبُ بِهِ مالًا جَمَعْنا لَكَ مِن أمْوالِنا حَتّى تَكُونَ أكْثَرَنا مالًا، وإنْ كُنْتَ إنّما تَطْلُبُ بِهِ الشَّرَفَ فِينا، فَنَحْنُ نُسَوِّدُكَ عَلَيْنا، وإنْ كُنْتَ تُرِيدُ بِهِ مُلْكًا مَلَّكْناكَ عَلَيْنا، وإنْ كانَ هَذا الَّذِي يَأْتِيكَ رِئْيًا تَراهُ قَدْ غَلَبَ عَلَيْكَ- وكانُوا يُسَمُّونَ التّابِعَ مِن الجِنِّ رِئْيًا- فَرُبَّما كانَ ذَلِكَ، بَذَلْنا لَكَ أمْوالَنا فِي طَلَبِ الطِّبِّ لَكَ حَتّى نُبْرِئَكَ مِنهُ، أوْ نُعْذِرَ فِيكَ، فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ما بِي ما تَقُولُونَ، ما جِئْتُ بِما جِئْتُكُمْ بِهِ أطْلُبُ أمْوالَكُمْ، ولا الشَّرَفَ فِيكُمْ، ولا المُلْكَ عَلَيْكُمْ، ولَكِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إلَيْكُمْ رَسُولًا، وأنْزَلَ عَلَيَّ كِتابًا، وأمَرَنِي أنْ أكُونَ لَكُمْ بَشِيرًا ونَذِيرًا، فَبَلَّغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي، ونَصَحْتُ لَكُمْ، فَإنْ تَقْبَلُوا مِنِّي ما جِئْتُكُمْ بِهِ، فَهُوَ حَظُّكُمْ فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ، وإنَّ تَرُدُّوهُ عَلَيَّ أصْبِرْ لِأمْرِ اللَّهِ حَتّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنِي وبَيْنَكُمْ، أوْ كَما قالَ صلى الله عليه وسلم. قالُوا: يا مُحَمَّدُ، فَإنْ كُنْتَ غَيْرَ قابِلٍ مِنّا شَيْئًا مِمّا عَرَضْناهُ عَلَيْكَ فَإنَّكَ قَدْ عَلِمْتَ أنَّهُ لَيْسَ مِن النّاسِ أحَدٌ أضْيَقَ بَلَدًا، ولا أقَلَّ ماءً، ولا أشَدَّ عَيْشًا مِنّا، فَسَلْ لَنا رَبَّكَ الَّذِي بَعَثَكَ بِما بَعَثَكَ بِهِ، فَلْيُسَيِّرْ عَنّا هَذِهِ الجِبالَ الَّتِي قَدْ ضَيَّقَتْ عَلَيْنا، ولْيَبْسُطْ لَنا بِلادَنا، ولْيُفَجِّرْ [١] لَنا فِيها أنَهارًا كَأنْهارِ الشّامِ والعِراقِ، ولْيَبْعَثْ لَنا مَن مَضى مِن آبائِنا، ولْيَكُنْ فِيمَن يُبْعَثُ لَنا مِنهُمْ قُصَيُّ بْنُ كِلابٍ، فَإنَّهُ كانَ شَيْخَ صِدْقٍ، فَنَسْألَهُمْ عَمّا تَقُولُ: أحَقُّ هُوَ أمْ باطِلٌ، فَإنْ صَدَّقُوكَ وصَنَعْتَ ما سَألْناكَ صَدَّقْناكَ، وعَرَفْنا بِهِ مَنزِلَتَكَ مِن اللَّهِ، وأنَّهُ بَعَثَكَ رَسُولًا كَما تَقُولُ. فَقالَ لَهُمْ صَلَواتُ اللَّهِ وسَلامُهُ عَلَيْهِ: ما بِهَذا بُعِثْتُ إلَيْكُمْ، إنّما جِئْتُكُمْ مِن اللَّهِ بِما بَعَثَنِي بِهِ، وقَدْ بَلَّغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتَ بِهِ إلَيْكُمْ، فَإنْ تَقْبَلُوهُ فَهُوَ حَظُّكُمْ فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ، وإنْ تَرُدُّوهُ عَلَيَّ أصْبِرُ لِأمْرِ اللَّهِ تَعالى، حَتّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنِي [٢] وبَيْنَكُمْ، قالُوا: فَإذا لَمْ تَفْعَلْ هَذا لَنا، فَخُذْ لِنَفْسِكَ، سَلْ رَبَّكَ أنْ يَبْعَثَ مَعَكَ مَلَكًا يُصَدِّقُكَ بِما تَقُولُ، ويُراجِعُنا عَنْكَ وسَلْهُ فَلْيَجْعَلْ لَكَ جَنانًا وقُصُورًا وكُنُوزًا مِن ذَهَبٍ وفِضَّةٍ يُغْنِيكَ بِها عَمّا نَراكَ تَبْتَغِي، فَإنَّكَ تَقُومُ بِالأسْواقِ كَما نَقُومُ، وتَلْتَمِسُ المَعاشَ كَما نَلْتَمِسُهُ، حَتّى نَعْرِفَ فَضْلَكَ ومَنزِلَتَكَ مِن رَبِّكَ إنْ كُنْتَ رَسُولًا كَما تَزْعُمُ، فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ما أنا بِفاعِلِ، وما أنا بِاَلَّذِي يَسْألُ رَبَّهُ هَذا، وما بُعِثْتُ إلَيْكُمْ بِهَذا، ولَكِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي بَشِيرًا ونَذِيرًا- أوْ كَما قالَ- فَإنْ تَقْبَلُوا ما جِئْتُكُمْ بِهِ فَهُوَ حَظُّكُمْ فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ، وإنْ تَرُدُّوهُ عَلَيَّ أصْبِرْ لِأمْرِ اللَّهِ حَتّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنِي وبَيْنَكُمْ قالُوا: فَأسْقِطْ السَّماءَ عَلَيْنا كِسَفًا كَما زَعَمْتَ أنَّ رَبَّكَ إنْ شاءَ فَعَلَ، فَإنّا لا نُؤْمِنُ لَكَ إلّا أنْ تَفْعَلَ، قالَ: فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ذَلِكَ إلى اللَّهِ، إنْ شاءَ أنْ يَفْعَلَهُ بِكُمْ فَعَلَ، قالُوا: يا مُحَمَّدُ، أفَما عَلِمَ رَبُّكَ أنّا سَنَجْلِسُ مَعَكَ ونَسْألُكَ عَمّا سَألْناكَ عَنْهُ، ونَطْلُبُ مِنكَ ما نَطْلُبُ، فَيَتَقَدَّمَ إلَيْكَ فَيُعَلِّمَكَ ما تُراجِعُنا بِهِ، ويُخْبِرُكَ ما هُوَ صانِعٌ فِي ذَلِكَ بِنا، إذْ لَمْ نَقْبَلْ مِنكَ ما جِئْتنا بِهِ! إنّهُ قَدْ بَلَغْنا أنَّكَ إنّما يُعَلِّمُكَ هَذا رَجُلٌ بِاليَمامَةِ يُقالُ لَهُ: الرَّحْمَنُ، وإنّا واَللَّهِ لا نُؤْمِنُ بِالرَّحْمَنِ أبَدًا، فَقَدْ أعْذَرْنا إلَيْكَ يا مُحَمَّدُ، وإنّا واَللَّهِ لا نَتْرُكُكَ وما بَلَغْتَ منّا حَتّى نملكك، أوْ تُهْلِكَنا. وقالَ قائِلُهُمْ: نَحْنُ نَعْبُدُ المَلائِكَةَ، وهِيَ بَناتُ اللَّهِ. وقالَ قائِلُهُمْ: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى تَأْتِيَنا باللَّه والمَلائِكَةِ قَبِيلًا.}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.1، ص.302-299.|قالَ ابْنُ إسْحاقَ: فَقالَ: يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إنّهُ واَللَّهِ قَدْ نَزَلَ بِكُمْ أمْرٌ ما أتَيْتُمْ لَهُ بِحِيلَةِ بَعْدُ، قَدْ كانَ مُحَمَّدٌ فِيكُمْ غُلامًا حَدَثًا أرْضاكُمْ فِيكُمْ، وأصْدَقَكُمْ حَدِيثًا، وأعْظَمَكُمْ أمانَةً، حَتّى إذا رَأيْتُمْ فِي صُدْغَيْهِ الشَّيْبَ، وجاءَكُمْ بِما جاءَكُمْ بِهِ، قُلْتُمْ ساحِرٌ، لا واَللَّهِ ما هُوَ بِساحِرٍ، لَقَدْ رَأيْنا السَّحَرَةَ ونَفْثَهُمْ وعَقْدَهُمْ [١]، وقُلْتُمْ كاهِنٌ، لا واَللَّهِ ما هُوَ بِكاهِنٍ، قَدْ رَأيْنا الكَهَنَةَ وتَخالُجَهُمْ وسَمِعْنا سَجْعَهُمْ، وقُلْتُمْ شاعِرٌ، لا واَللَّهِ ما هُوَ بِشاعِرٍ، قَدْ رَأيْنا الشِّعْرَ، وسَمِعْنا أصْنافَهُ كُلَّها:
هَزَجَهُ ورَجَزَهُ، وقُلْتُمْ مَجْنُونٌ، لا واَللَّهِ ما هُوَ بِمَجْنُونٍ، لَقَدْ رَأيْنا الجُنُونَ فَما هُوَ بِخَنْقِهِ، ولا وسْوَسَتِهِ، ولا تَخْلِيطِهِ، يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، فانْظُرُوا فِي شَأْنِكُمْ، فَإنَّهُ واَللَّهِ لَقَدْ نَزَلَ بِكُمْ أمْرٌ عَظِيمٌ.
(ما كانَ يُؤْذِي بِهِ النَّضْرُ بْنُ الحارِثِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم):
وكانَ النَّضْرُ بْنُ الحارِثِ مِن شَياطِينِ قُرَيْشٍ، ومِمَّنْ كانَ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ويَنْصِبُ لَهُ العَداوَةَ، وكانَ قَدْ قَدِمَ الحِيرَةَ، وتَعَلَّمَ بِها أحادِيثَ مُلُوكِ الفُرْسِ، وأحادِيثَ رُسْتُمَ واسْبِنْدِيارَ [٢]، فَكانَ إذا جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَجْلِسًا فَذَكَّرَ فِيهِ باللَّه، وحَذَّرَ قَوْمَهُ ما أصابَ مَن قَبْلَهُمْ مِن الأُمَمِ مِن نِقْمَةِ اللَّهِ، خَلَفَهُ فِي مَجْلِسِهِ إذا قامَ، ثُمَّ قالَ: أنا واَللَّهِ يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أحْسَنُ حَدِيثًا مِنهُ، فَهَلُمَّ إلَيَّ، فَأنا أُحَدِّثُكُمْ أحْسَنَ مِن حَدِيثِهِ، ثُمَّ يُحَدِّثُهُمْ عَنْ مُلُوكِ فارِسَ ورُسْتُمَ واسْبِنْدِيارَ [٢]، ثمَّ يَقُول: بِماذا مُحَمَّدٌ أحْسَنُ حَدِيثًا مِنِّي؟
قالَ ابْنُ هِشامٍ: وهُوَ الَّذِي قالَ فِيما بَلَغَنِي: سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أنْزَلَ اللَّهُ.
قالَ ابْنُ إسْحاقَ: وكانَ ابْنُ عَبّاسٍ ﵄ يَقُولُ، فِيما بَلَغَنِي: نَزَلَ فِيهِ ثَمانِ آياتٍ مِن القُرْآنِ: قَوْلُ اللَّهِ ﷿: إذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أساطِيرُ الأوَّلِينَ ٦٨: ١٥. وكُلُّ ما ذُكِرَ فِيهِ مِن الأساطِيرِ مِن القُرْآنِ.
(أرْسَلَتْ قُرَيْشٌ النَّضْرَ وابْنَ أبِي مُعَيْطٍ إلى أحْبارِ يَهُودَ يَسْألانِهِمْ عَنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم):
فَلَمّا قالَ لَهُمْ ذَلِكَ النَّضْرُ بْنُ الحارِثِ بَعَثُوهُ، وبَعَثُوا مَعَهُ عُقْبَةَ بْنَ أبِي مُعَيْطٍ إلى أحْبارِ يَهُودَ بِالمَدِينَةِ، وقالُوا لَهُما: سَلاهُمْ عَنْ مُحَمَّدٍ، وصِفا لَهُمْ صِفَتَهُ، وأخْبِراهُمْ بِقَوْلِهِ، فَإنَّهُمْ أهْلُ الكِتابِ الأُوَلِ، وعِنْدَهُمْ عِلْمٌ لَيْسَ عِنْدَنا مِن عِلْمِ الأنْبِياءِ، فَخَرَجا حَتّى قَدِما المَدِينَةَ، فَسَألا أحْبارَ يَهُودَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ووَصَفا لَهُمْ أمْرَهُ، وأخْبَراهُمْ بِبَعْضِ قَوْلِهِ، وقالا لَهُمْ: إنّكُمْ أهْلُ التَّوْراةِ، وقَدْ جِئْناكُمْ لِتُخْبِرُونا عَنْ صاحِبِنا هَذا، فَقالَتْ لَهُما أحْبارُ يَهُودَ: سَلُوهُ عَنْ ثَلاثٍ نَأْمُرُكُمْ بِهِنَّ، فَإنْ أخْبَرَكُمْ بِهِنَّ فَهُوَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وإنْ لَمْ يَفْعَلْ فالرَّجُلُ مُتَقَوِّلٌ، فَرَوْا فِيهِ رَأْيَكُمْ. سَلُوهُ عَنْ فِتْيَةٍ ذَهَبُوا فِي الدَّهْرِ الأوَّلِ ما كانَ أمْرُهُمْ، فَإنَّهُ قَدْ كانَ لَهُمْ حَدِيثٌ عَجَبٌ، وسَلُوهُ عَنْ رَجُلٍ طَوّافٍ قَدْ بَلَغَ مَشارِقَ الأرْضِ ومَغارِبَها ما كانَ نَبَؤُهُ، وسَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ ما هِيَ؟ فَإذا أخْبَرَكُمْ بِذَلِكَ فاتَّبِعُوهُ، فَإنَّهُ نَبِيٌّ، وإنْ لَمْ يَفْعَلْ، فَهُوَ رَجُلٌ مُتَقَوَّلٌ، فاصْنَعُوا فِي أمْرِهِ ما بَدا لَكُمْ. فَأقْبَلَ النَّضْرُ بْنُ الحارِثِ، وعُقْبَةُ بْنُ أبِي مُعَيْطِ بْنِ أبِي عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنافِ بْنِ قُصَيٍّ حَتّى قَدِما مَكَّةَ عَلى قُرَيْشٍ، فَقالا: يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، قَدْ جِئْناكُمْ بِفَصْلِ ما بَيْنَكُمْ وبَيْنَ مُحَمَّدٍ، قَدْ أخْبَرَنا أحْبارُ يَهُودَ أنْ نَسْألَهُ عَنْ أشْياءَ أمَرُونا بِها، فَإنْ أخْبَرَكُمْ عَنْها فَهُوَ نَبِيٌّ، وإنْ لَمْ يَفْعَلْ فالرَّجُلُ مُتَقَوِّلٌ، فَرَوْا فِيهِ رَأْيَكُمْ.
(سُؤالُ قُرَيْشٍ لَهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ أسْئِلَةٍ وإجابَتُهُ لَهُمْ):
فَجاءُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقالُوا: يا مُحَمَّدُ، أخْبِرْنا عَنْ فِتْيَةٍ ذَهَبُوا فِي الدَّهْرِ الأوَّلِ قَدْ كانَتْ لَهُمْ قِصَّةٌ عَجَبٌ، وعَنْ رَجُلٍ كانَ طَوّافًا قَدْ بَلَغَ مَشارِقَ الأرْضِ ومَغارِبَها، وأخْبِرْنا عَنْ الرُّوحِ ما هِيَ؟ قالَ: فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أُخْبِرُكُمْ بِما سَألْتُمْ عَنْهُ غَدًا، ولَمْ يَسْتَثْنِ [١]، فانْصَرَفُوا عَنْهُ. فَمَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم- فِيما يَذْكُرُونَ- خَمْسَ عَشْرَةَ [٢] لَيْلَةً لا يُحْدِثُ اللَّهُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ وحْيًا، ولا يَأْتِيهِ جِبْرِيل، حَتّى أرحف [٣] أهْلُ مَكَّةَ، وقالُوا: وعَدَنا مُحَمَّدٌ غَدًا، واليَوْمَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، قَدْ أصْبَحْنا مِنها لا يُخْبِرُنا بِشَيْءِ مِمّا سَألْناهُ عَنْهُ، وحَتّى أحْزَنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُكْثُ الوَحْيِ عَنْهُ، وشَقَّ عَلَيْهِ ما يَتَكَلَّمُ بِهِ أهْلُ مَكَّةَ: ثُمَّ جاءَهُ جِبْرِيلُ مِن اللَّهِ ﷿ بِسُورَةِ أصْحابِ الكَهْفِ، فِيها مُعاتَبَتُهُ إيّاهُ عَلى حُزْنِهِ عَلَيْهِمْ، وخَبَرُ ما سَألُوهُ عَنْهُ مِن أمْرِ اللَّهِ الفِتْيَةَ، والرَّجُلِ الطَّوّافِ، والرُّوحِ.}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.1، ص.358.|(ما كانَ يُؤْذِي بِهِ النَّضْرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وما نَزَلَ فِيهِ):
والنَّضْرُ بْنُ الحارِثِ بْنِ عَلْقَمَةَ [١] بْنِ كَلَدَةَ بْنِ عَبْدِ مَنافِ بْنِ عَبْدِ الدّارِ بْنِ قُصَيٍّ، كانَ إذا جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَجْلِسًا، فَدَعا فِيهِ إلى اللَّهِ تَعالى وتلا فِيهِ القُرْآنَ، وحَذَّرَ (فِيهِ) [٢] قُرَيْشًا ما أصابَ الأُمَمَ الخالِيَةَ، خَلَفَهُ فِي مَجْلِسِهِ إذا قامَ، فَحَدَّثَهُمْ عَنْ رُسْتُمَ السِّنْدِيدِ [٣]، وعَنْ أسْفِنْدِيارَ، ومُلُوكِ فارِسَ، ثُمَّ يَقُولُ واَللَّهِ ما مُحَمَّدٌ بِأحْسَنَ حَدِيثًا مِنِّي، وما حَدِيثُهُ إلّا أساطِيرُ الأوَّلِينَ، اكْتَتَبَها كَما اكْتَتَبْتها. فَأنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: وقالُوا أساطِيرُ الأوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وأصِيلًا، قُلْ أنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ والأرْضِ، إنَّهُ كانَ غَفُورًا رَحِيمًا ٢٥: ٥- ٦. ونَزَلَ فِيهِ إذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أساطِيرُ الأوَّلِينَ ٦٨: ١٥. ونَزَلَ فِيهِ: ويْلٌ لِكُلِّ أفّاكٍ أثِيمٍ يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأنْ لَمْ يَسْمَعْها ٤٥: ٧- ٨ كَأنَّ فِي أُذُنَيْهِ وقْرًا، فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ ألِيمٍ ٣١: ٧.}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.1، ص.644-643.|ثُمَّ أقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم- حَتّى إذا خَرَجَ مِن مَضِيقِ الصَّفْراءِ نَزَلَ عَلى كَثِيبٍ بَيْنَ المَضِيقِ وبَيْنَ النّازِيَةِ- يُقالُ لَهُ: سَيْرٌ- إلى سَرْحَةٍ بِهِ.
فَقَسَمَ هُنالِكَ النَّفَلَ الَّذِي أفاءَ اللَّهُ عَلى المُسْلِمِينَ مِن المُشْرِكِينَ عَلى السَّواءِ، ثُمَّ ارْتَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتّى إذا كانَ بِالرَّوْحاءِ لَقِيَهُ المُسْلِمُونَ يُهَنِّئُونَهُ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ ومَن مَعَهُ مِن المُسْلِمِينَ، فَقالَ لَهُمْ سَلَمَةُ بْنُ سَلامَةَ- كَما حَدَّثَنِي عاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتادَةَ، ويَزِيدُ بْنُ رُومانَ-: ما الَّذِي تهنئوننا بِهِ؟ فو الله إنْ لَقِينا إلّا عَجائِزَ صُلْعًا كالبُدْنِ المُعَقَّلَةِ، فَنَحَرْناها، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قالَ: أيْ ابْنَ أخِي، أُولَئِكَ المَلَأُ. قالَ ابْنُ هِشامٍ: المَلَأُ: الأشْرافُ والرُّؤَساءُ.
(مَقْتَلُ النَّضْرِ وعُقْبَةَ):
قالَ ابْنُ إسْحاقَ: حَتّى إذا كانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالصَّفْراءِ قُتِلَ النَّضْرُ بْنُ الحارِثِ، قَتَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ، كَما أخْبَرَنِي بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ مِن أهْلِ مَكَّةَ.
قالَ ابْنُ إسْحاقَ: ثُمَّ خَرَجَ حَتّى إذا كانَ بِعِرْقِ الظَّبْيَةِ قُتِلَ عُقْبَةُ بْنُ أبِي مُعَيْطٍ.
قالَ ابْنُ هِشامٍ: عِرْقُ الظَّبْيَةِ عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحاقَ.
قالَ ابْنُ إسْحاقَ: واَلَّذِي أسَرَ عُقْبَةَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلِمَةَ [١] أحَدُ بَنِي العَجْلانِ.
قالَ ابْنُ إسْحاقَ: فَقالَ عُقْبَةُ حِينَ أمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِهِ:
فَمَن لِلصِّبْيَةِ يا مُحَمَّدُ؟ قالَ: النّارُ. فَقَتَلَهُ عاصِمُ بْنُ ثابِتِ بْنِ أبِي الأقْلَحِ الأنْصارِيُّ، أخُو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، كَما حَدَّثَنِي أبُو عُبَيْدَةَ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمّارِ بْنِ ياسِرٍ.
قالَ ابْنُ هِشامَ: ويُقالُ قَتَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ فِيما ذَكَرَ لِي ابْنُ شِهابٍ الزُّهْرِيُّ وغَيْرُهُ مِن أهْلِ العِلْمِ.
قالَ ابْنُ إسْحاقَ: ولَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ المَوْضِعِ أبُو هِنْدٍ، مَوْلى فَرْوَةَ بْنِ عَمْرٍو البَيّاضِي بِحَمِيتٍ مَمْلُوءٍ حَيْسًا [٢].
قالَ ابْنُ هِشامٍ: الحَمِيتُ: الزِّقُّ، وكانَ قَدْ تَخَلَّفَ عَنْ بَدْرٍ، ثُمَّ شَهِدَ المَشاهِدَ كُلَّها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وهُوَ كانَ حَجّامَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنّما هُوَ أبُو هِنْد امْرُؤ مِن الأنْصارِ فَأنْكِحُوهُ، وأنْكِحُوا إلَيْهِ، فَفَعَلُوا. قالَ ابْنُ إسْحاقَ: ثُمَّ مَضى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتّى قَدِمَ المَدِينَةَ قَبْلَ الأُسارى بِيَوْمِ}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.1، ص.649.|(أمْرُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو وفِداؤُهُ):
(قالَ) [١]: ثُمَّ بَعَثَتْ قُرَيْشٌ فِي فِداءِ الأُسارى، فَقَدِمَ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصِ ابْن الأخْيَفِ فِي فَداءِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وكانَ الَّذِي أسَرَهُ مالِكُ بْنُ الدُّخْشُمِ، أخُو بَنِي سالِمِ بْنِ عَوْفٍ}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.43-42.|(شِعْرُ قُتَيْلَةَ بِنْتِ الحارِثِ):
قالَ ابْنُ إسْحاقَ [٣]: وقالَتْ قُتَيْلَةُ [٤] بِنْتُ الحارِثِ، أُخْتُ [٥] النَّضْرِ بْنِ الحارِثِ، تَبْكِيهِ:
يا راكِبًا إنّ الأثِيلَ مَظِنَّةٌ … مِن صُبْحِ خامِسَةٍ وأنْتَ مُوَفَّقُ [٦]
أبْلِغْ بِها مَيْتًا بِأنَّ تَحِيَّةً … ما إنْ تَزالُ بِها النَّجائِبُ تَخْفِقُ [٧]
مِنِّي إلَيْكَ وعَبْرَةً مَسْفُوحَةً … جادَتْ بِواكِفِها وأُخْرى تَخْنُقُ [٨]
هَلْ يَسْمَعَنِّي النَّضْرُ إنْ نادَيْتُهُ … أمْ كَيْفَ يَسْمَعُ مَيِّتٌ لا يَنْطِقُ
أمُحَمَّدُ يا خَيْرَ ضَنْءِ كَرِيمَةٍ [٩] … فِي قَوْمِها والفَحْلُ فَحْلٌ مُعْرَّقُ [١٠]
ما كانَ ضُرَّكَ لَوْ مَنَنْتَ ورُبَّما … مَنَّ الفَتى وهُوَ المَغِيظُ المُحْنَقُ [١]
أوْ كُنْتَ قابِلَ فِدْيَةٍ فَلْيُنْفِقَنْ … بِأعَزَّ ما يَغْلُو بِهِ ما يُنْفِقُ [٢]
فالنَّضْرُ أقْرَبُ مَن أسَرَّتْ قَرابَةً … وأحَقُّهُمْ إنْ كانَ عِتْقٌ يُعْتَقُ
ظَلَّتْ سُيُوفُ بَنِي أبِيهِ تَنُوشُهُ … للَّه أرْحامٌ هُناكَ تُشَقَّقُ [٣]
صَبْرًا [٤] يُقادُ إلى المَنِيَّةِ مُتْعَبًا … رَسْفَ المُقَيَّدِ وهُوَ عانٍ مُوَثَّقُ
قالَ ابْنُ هِشامٍ: فَيُقالُ، واَللَّهُ أعْلَمُ: إنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمّا بَلَغَهُ هَذا الشِّعْرُ، قالَ: لَوْ بَلَغَنِي هَذا قَبْلَ قَتْلِهِ لَمَنَنْتُ عَلَيْهِ.
(تارِيخُ الفَراغِ مِن بَدْرٍ):
قالَ ابْنُ إسْحاقَ: وكانَ فَراغُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِن بَدْرٍ فِي عَقِبِ شَهْرِ رَمَضانَ أوْ فِي شَوّالٍ.}}


===وفاة ابن سنينة===
===وفاة ابن سنينة===
Editor، محررون، recentchangescleanup
٢٨٨

تعديل