إذا تحب ويكي إسلام فيمكنك التبرع هنا الرجاء ان تدعم المسلمين السابقين في أمريكا الشمالية فهي المنظمة التي تستضيف وتدير هذا الموقع تبرع اليوم

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «التطابق في ما بين القرآن والكتابات اليهودية والمسيحية»

من ویکی اسلام
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
[مراجعة منقحة][مراجعة منقحة]
سطر ١٣٠: سطر ١٣٠:
<br />
<br />


=== فساد الكتابات السابقة ===
===فساد الكتابات السابقة===
تمّت ملاحظة التشابه في ما بين القرآن والكتابات الإبراهيمية السابقة منذ بداية الإسلام. لكنّ هذه القصص القرآنية غالباً ما تختلف شيئاً ما عن سوابقها اليهودية-المسيحية. وعادةً ما تُعطى ثلاثة شروحات ممكنة لتلك الظاهرة:  
تمّت ملاحظة التشابه في ما بين القرآن والكتابات الإبراهيمية السابقة منذ بداية الإسلام. لكنّ هذه القصص القرآنية غالباً ما تختلف شيئاً ما عن سوابقها اليهودية-المسيحية. وعادةً ما تُعطى ثلاثة شروحات ممكنة لتلك الظاهرة:  


سطر ١٥٤: سطر ١٥٤:
<br />
<br />


== الطفل يسوع يتكلّم ==
==الطفل يسوع يتكلّم==
إنّ قصة الطفل يسوع يتكلّم الموجودة في السور 19:29:31 و3:46 توازي تلك الموجودة في الأعمال الملفّقة:  
إنّ قصة الطفل يسوع يتكلّم الموجودة في السور 19:29:31 و3:46 توازي تلك الموجودة في الأعمال الملفّقة:  
{{اقتباس|{{الآيات القرآنية|19|29|31}}|فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا۟ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى ٱلْمَهْدِ صَبِيًّا قَالَ إِنِّى عَبْدُ ٱللَّهِ ءَاتَىٰنِىَ ٱلْكِتَٰبَ وَجَعَلَنِى نَبِيًّا وَجَعَلَنِى مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَٰنِى بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ مَا دُمْتُ حَيًّا}}{{اقتباس|{{القرآن|3|46}}|وَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِى ٱلْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ}}
{{اقتباس|{{الآيات القرآنية|19|29|31}}|فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا۟ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى ٱلْمَهْدِ صَبِيًّا قَالَ إِنِّى عَبْدُ ٱللَّهِ ءَاتَىٰنِىَ ٱلْكِتَٰبَ وَجَعَلَنِى نَبِيًّا وَجَعَلَنِى مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَٰنِى بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ مَا دُمْتُ حَيًّا}}{{اقتباس|{{القرآن|3|46}}|وَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِى ٱلْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ}}
فيما يلي المقتطفات ذات الصلة المأخوذة من إنجيل الطفولة العربي:
فيما يلي المقتطفات ذات الصلة المأخوذة من إنجيل الطفولة العربي:
{{اقتباس|نص إنجيل الطفولة العربي المنحول|نجد في كتاب رئيس الكهنة يوسف في زمن يسوع المسيح (ويدعوه البعض قيافا)، حيث يقول أن يسوع تكلَّم حين كان موضوعًا في مزوده وقال لأٌمه السيدة مريم: أنا الذي ولدته، أنا يسوع، ابن الله، الكلمة، كما أعلن لك الملاك جبرائيل، وأن أبي أرسلني لخلاص العالم.}}<references />
{{اقتباس|نص إنجيل الطفولة العربي المنحول|نجد في كتاب رئيس الكهنة يوسف في زمن يسوع المسيح (ويدعوه البعض قيافا)، حيث يقول أن يسوع تكلَّم حين كان موضوعًا في مزوده وقال لأٌمه السيدة مريم: أنا الذي ولدته، أنا يسوع، ابن الله، الكلمة، كما أعلن لك الملاك جبرائيل، وأن أبي أرسلني لخلاص العالم.}}إنّ التناصّ في ما بين نصّ إنجيل الطفولة العربي و الآيات 19:29:31 و3:46 من القرآن واضح. وتوجد ثلاثة أسباب منطقية ممكنة لذلك:
 
1.   القرآن قد "صحح الإغفال" عن قصة الطفل يسوع يتكلّم من العهد الجديد.
 
2.   القرآن قد "صحح نقل الحكاية الملفقة، وأن إنجيل الطفولة العربي يجب أن يُدرج في العهد الجديد القانوني.
 
3.   سمع محمد القصة وأدرجها بالخطأ في القرآن، ظنًا أنها قانونية وليست ملفقة.
 
يُنظر إلى إنجيل الطفولة العربي على نطاق واسع على أنه ملفق. يُعتقد أنه اختراع يعود إلى القرن السابع الميلادي وكان ذا شعبية كبيرة بين النساطرة السوريين. سُجِّلت معجزة الطفل يسوع الناطق في السيرة كواحد من المواضيع التي ناقشها ثلاثة مسيحيين مع محمد قبل أن ينزل الآيات ذات الصلة. وبالتالي، لا يبدو غريباً على الإطلاق أن القرآن يحتوي على قصة من الواضح أنها ملفقة.
<br />
 
== السنهدرين 37 أ ==
يوازي القرآن مقطعًا في التلمود، وبالتحديد التعليق الحاخامي في كتاب السنهدرين.
<br />
 
=== المشناه التلمودي ===
{{اقتباس|ترجمة متن التلمود (المشنا) القسم الرابع، ص161، مكتبة النافذة|ولقد وجدنا هذا مع قايين الذي قتل أخاه، "حيث ورد إن صوت دماء أخيك تصرخ (إليّ من الأرض) ولم يقل (دم أخيك) وإنما (دماء أخيك) دمه ودم نسله، تفسير آخر: "دماء أخيك" لأن دمه قد سال على الأشجار والأحجار. وبناءً على ذلك لم يُخلق إلا إنساناً واحداً، ليعلمك، أن كل مَنْ يتسبب في فقدان نفس من إسرائيل ينطبق عليه ما ورد "في التوراة" كأنه أقام العالم كله. ولأجل سلامة الخلائق، لئلا يقول الإنسان لصاحبه: أبي أعظم من أبيك، ولئلا يقول الكفار: هناك سلطات كثيرة (لآلهة متعددة) في السماء.}}
 
=== الآية القرآنية ===
{{اقتباس|{{القرآن|5|32}}|مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ أَنَّهُۥ مَن قَتَلَ نَفْسًۢا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى ٱلْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَآ أَحْيَا ٱلنَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِٱلْبَيِّنَٰتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِى ٱلْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ}}
'''النقاط البارزة هي:'''
 
1.   القرآن نفسه يعترف بأصل القصة اليهودي-المسيحي عبر عبارة "كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ..."
 
إنّ كلمة "كتبنا" من جذر كلمة "كتاب" مثل "أهل الكتاب". وهذه الكلمة مستخدمة بعد بضع آيات (وكتبنا) في {{القرآن|5|45}} في ما يتعلّق ببعض الأمور المكتوبة في التوراة، وفي مثلٍ آخر في {{القرآن|7|145}} تُستخدم الكلمة لكتابة الله على ألواح من الحجر.<ref>katabā Lane's Lexicon book 1 page 2590</ref>
 
2.    شبه السنهدرين ليس في التوراة لأنه مجرد تعليق حاخامي على مقتل قايين لهابيل، مشتق من استخدام الجمع، "دماء" ، في تكوين 4:10. إنه المشناه - تعليم حكيم يهودي، وليس من التقليد التوراتي في حد ذاته بل بالأحرى امتداد له.
 
3.   الآية القرآنية تخبر قصّة قتل قايين لهابيل {{الآيات القرآنية|5|27|31}}، وهي القصة نفسها الذي يرويها السنهدرين الموازي للقرآن.
<br />
 
=== اعتراضات المسلمين ===
يدعي بعض المسلمين (مثل الدكتور سيف الله) أن التوازي غير دقيق، حيث يجب أن يقتصر السنهدرين 37 أ على "كل من يدمر روحًا واحدة من إسرائيل". يزعمون أنه بما أن القرآن يفتقر إلى هذه الإشارة إلى "روح واحدة من إسرائيل" ولكن بدلاً من ذلك، يعمم الأمر على أي روح، فإن تهمة التوازي قد فشلت.
 
'''مشاكل الحجة هذه'''
 
1.   حجة الدكتور سيف الله بأن القصتين ليستا نسختين متطابقتين لا تصمد، لأن القصص عادة ما تتغير في الإرسال.
 
2.   "من إسرائيل" غائبة في بعض مخطوطات هذا المقطع في التلمود البابلي، ولا نعرف أي نسخة قد سمعها محمد.
 
3.   يظهر هذا الشرح أيضًا في تلمود القدس، السنهدرين 4/5، الذي يحذف عبارة "إسرائيل". لا يوجد دليل على أن محمدًا كان عليه الاعتماد على التلمود البابلي وليس تلمود القدس، على الرغم من أن الأول يعتبر أكثر موثوقية.
 
'''الوهلة الأولى''' - هذه حالة واضحة للقرآن الذي أخذ قصة من الأدب الملفق واعتبره ككتاب مقدس، لأن سنهدرين 37 أ مأخوذ من التوراة "الشفوية" وبالتالي ليس جزءًا من الشريعة التوراتية الأصلية. لا يوجد تفسير آخر لهذه العبارة " كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ..." في الآية -- يبدو أن القرآن يعتبر هذا التقليد الملفق على نفس مستوى الشريعة التوراتية. إن الادعاء بأنها ضائعة لأن التوراة فاسد يدلّ على سذاجة لأن التوازي موجود في التلمود، ومن غير المرجح أن يجد شيئاً مفقوداً من التوراة طريقه دون تغيير تقريبًا إلى التلمود كتعليق على سرد (أي مشنايوت). إذا كان الحاخام يفكر في آية في التوراة ضاعت منذ ذلك الحين، فلن يقتبس حرفيا من تكوين 4:10 ("كتبنا...")، ولكن عند توضيحه لوجهة نظره الرئيسية لم يستشهد بهذه الآية الافتراضية المفقودة مباشرة. إنه ليس قانونًا، على الرغم من وجوده في التلمود (القانون الشفوي) ولكنه تعليق من قبل حكيم يهودي يشرح منطقه.
 
وهكذا فإن كلمة "كتبنا" شيئًا ما تم استخدامها للتعليق الذي كتبه حاخام يهودي. يبدو أن الاستنتاج هو أن القرآن يرى أن هذا التقليد على نفس مستوى الكتاب المقدس، أو أنه لا يدرك أنه في الواقع لا ينبع من الكتاب المقدس.
<br />
 
== الغراب ودفن هابيل ==
 
=== القصة القرآنية ===
يروي القرآن قصة الله حينما أرسل غراباً كي يُري قايين كيف يدفن هابيل.
{{اقتباس|{{القرآن|5|31}}|فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِى ٱلْأَرْضِ لِيُرِيَهُۥ كَيْفَ يُوَٰرِى سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَٰوَيْلَتَىٰٓ أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا ٱلْغُرَابِ فَأُوَٰرِىَ سَوْءَةَ أَخِى ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلنَّٰدِمِينَ}}<references />

مراجعة ٢١:٠٩، ٤ يونيو ٢٠٢٢

تمت ملاحظة التشابه في ما بين القرآن والكتابات السابقة منذ ظهور الإسلام. إلّا أنه نادراً ما تتطابق القصص اليهودية-المسيحية مع أشباهها القرآنية بشكلٍ تامّ. ويوجد ادّعاء في القرآن وغيره من الأدب الإسلامي يزعم أنّ اليهود والمسيحيين تعمّدوا تغيير كتاباتهم لإخفاء حقيقة القرآن. لا يوجد دليل موثق في التقاليد النصية لتلك الأديان يدعم هذا الادعاء، وبما أنه سيتطلب مؤامرة من الناس عبر القرون والإمبراطوريات، يتحدثون لغات مختلفة ولديهم معتقدات مختلفة جذريًا، فإن الادعاء نفسه بشكل عام لا يؤخذ على محمل الجد من قبل العلماء الحديثين.

إنّ النظرية المقبولة بشكل أكبر هي أنّ القرآن يستعير قصصاً من المحيط القديم حيث نشأت – المسيحية واليهودية في العصور القديمة المتأخرة في الشرق الأدنى. وعلى عكس ما يدّعيه التقليد الإسلامي، يتّفق معظم العلماء اليوم على أنّ القرآن يجب أن يكون قد كُتب في بيئة عُرفت فيها القصص المسيحية واليهودية بشكل شائع، وذلك بالنسبة إلى الشخص (أو الأشخاص) الذي كتب القرآن وللجمهور كذلك. وبذلك، إنّ تلك الاستعارات أمر متوقَع، وفي ثقافة شبه متعلمة قبل ظهور المطبعة، من المتوقع أيضًا حدوث إصدارات مختلفة من نفس القصة بالإضافة إلى أخطاء في النقل من وسيط إلى آخر.

وفي مثل هذه البيئة، من غير المفاجئ أيضًا أن العديد من القصص التي يجدها المرء في القرآن ليست من الأناجيل المسيحية أو اليهودية، ولكن غالبًا من الأدب الثانوي الملفق الذي لعب دورًا كبيرًا في الحياة الروحية للمؤمنين في ذاك الوقت.


تهمة الاستعارة من داخل التقليد

يسجل القرآن شكوكاً في ادعاء آياته بأنها "حكايات القدماء". فبحسب التقليد الإسلامي نفسه، كلّ هذه الآيات وجدت في قرآن مكة، بالرغم من أن بعض هذه الآيات وُضعت في سور المدينة، كسورة الأنفال 8. يشير التقليد إلى أنّ غير المؤمنين الّذين تحدّثوا عن حكايات القدماء في القرآن هم من أهل مكة. لم يتبنّ أحد هذا الرأي في المدينة بعد الهجرة[١].

التحقق من تعليق المودودي يؤكد ذلك. المودودي: سورة 6 - آخر سنة من حياة الرسول الكريم بمكة المكرمة. سورة 8 في 2 هـ بعد غزوة بدر. السورتان 23 و27: المرحلة الوسطى من النبوة في مكة المكرمة. سورة 25 - في المرحلة الثالثة من النبوة في مكة المكرمة. سورة 46 - قرب نهاية السنة العاشرة أو في الجزء الأول من السنة الحادية عشرة من النبوة؛ سورة 68 - من أقدم السور التي نزلت في مكة المكرمة. 83- سورة في أولى مراحلها بمكة المكرمة.

وفي آية من القرآن، يتّهم غير المؤمنين القرآن بـ "اكتتاب أساطير تملى عليه" في القرآن ‏سورة الفُرۡقَانِ:5. وهكذا، فإن القرآن نفسه يلمح إلى تهمة "استعارة" حكايات الكتاب المقدس ضد محمد حتى في الأيام الأولى للإسلام.

وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ۖ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِىٓ ءَاذَانِهِمْ وَقْرًا ۚ وَإِن يَرَوْا۟ كُلَّ ءَايَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا۟ بِهَا ۚ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوكَ يُجَٰدِلُونَكَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا۟ إِنْ هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ ٱلْأَوَّلِينَ
وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتُنَا قَالُوا۟ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَٰذَآ ۙ إِنْ هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ ٱلْأَوَّلِينَ
قَالُوٓا۟ أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَٰمًا أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَءَابَآؤُنَا هَٰذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ ٱلْأَوَّلِينَ
وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا۟ إِنْ هَٰذَآ إِلَّآ إِفْكٌ ٱفْتَرَىٰهُ وَأَعَانَهُۥ عَلَيْهِ قَوْمٌ ءَاخَرُونَ ۖ فَقَدْ جَآءُو ظُلْمًا وَزُورًا وَقَالُوٓا۟ أَسَٰطِيرُ ٱلْأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِىَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا قُلْ أَنزَلَهُ ٱلَّذِى يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا
وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا۟ أَءِذَا كُنَّا تُرَٰبًا وَءَابَآؤُنَآ أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ لَقَدْ وُعِدْنَا هَٰذَا نَحْنُ وَءَابَآؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ ٱلْأَوَّلِينَ
وَٱلَّذِى قَالَ لِوَٰلِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِىٓ أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِى وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ ٱللَّهَ وَيْلَكَ ءَامِنْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ ٱلْأَوَّلِينَ
إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ءَايَٰتُنَا قَالَ أَسَٰطِيرُ ٱلْأَوَّلِينَ
إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ءَايَٰتُنَا قَالَ أَسَٰطِيرُ ٱلْأَوَّلِينَ

الدليل على أن بعض حكايات القدماء هذه على الأقل كانت حكايات يهودية مسيحية وليست حكايات خيالية قرآنية "عربية / معرّبة" للجن والحوريات وما شابه ذلك هي سياق هذه الآيات، لا سيما تلك المتعلقة بالقيامة، واتهام أمة أخرى بتزويد هذه الحكايات (بمعنى اليهود وربما أيضًا الصابئة والمسيحيين - ارتبطت أمم مثل الإمبراطورية البيزنطية في ذلك الوقت بأديان معينة مثل المسيحية الخلقيدونية).

يوجد حديث صحيح يشير إلى أنّ العرب سمعوا الأساطير اليهودية-المسيحية من اليهود. ومضمون الحديث أن هذه الروايات كانت شائعة من جملة "وَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لأَهْلِ الإِسْلاَمِ..."، لدرجة تبرر تحذير محمد للمسلمين بعدم تصديق اليهود وتصديقهم في آن واحد.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضى الله عنه ـ قَالَ كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لأَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ لاَ تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلاَ تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا ‏{‏آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ‏}‏ الآيَةَ‏"‏‏.‏

يشير الحديث الصحيح التالي بقوة إلى أن محمد كان عرضة لـ "استيعاب" الحكايات اليهودية:

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ دَخَلَتْ عَلَىَّ عَجُوزَانِ مِنْ عُجُزِ يَهُودِ الْمَدِينَةِ فَقَالَتَا لِي إِنَّ أَهْلَ الْقُبُورِ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ، فَكَذَّبْتُهُمَا، وَلَمْ أُنْعِمْ أَنْ أُصَدِّقَهُمَا، فَخَرَجَتَا وَدَخَلَ عَلَىَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَجُوزَيْنِ وَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ ‏

"‏ صَدَقَتَا، إِنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ عَذَابًا تَسْمَعُهُ الْبَهَائِمُ كُلُّهَا ‏"

‏‏.‏ فَمَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ فِي صَلاَةٍ إِلاَّ تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ‏.‏

لاحظ كيف أنّ عائشة لاحظت تبنّي محمد للإيمان اليهودي "لعذاب القبر" بشكل قوي "بعد" أن أخبرته بالقصة. فقبل أن تخبره بها لم تلاحظ أبداً هذا الإيمان لديه.

طرق ممكنة أدّت إلى التناصّ

توجد دلائل قوية في الأحاديث الصحيحة على أنّ محمد تعلّم بعض القصص على الأقلّ من زيد بن عمر بن نفيل. فتبّن هذه الأحاديث أنّ زيد أخبر محمد حين كان لا يزال وثنياً عن الله والديانة الابراهيمية. تجدر الإشارة كذلك إلى كيفية تصريح زيد أمام الكعبة بأنه كان الوحيد في قريش الذي تبع ديانة إبراهيم وقد تعلّمها من يهودي ومسيحي:

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَقِيَ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ بِأَسْفَلِ بَلْدَحَ، قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْوَحْىُ فَقُدِّمَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سُفْرَةٌ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ زَيْدٌ إِنِّي لَسْتُ آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ، وَلاَ آكُلُ إِلاَّ مَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ‏.‏ وَأَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يَعِيبُ عَلَى قُرَيْشٍ ذَبَائِحَهُمْ، وَيَقُولُ الشَّاةُ خَلَقَهَا اللَّهُ، وَأَنْزَلَ لَهَا مِنَ السَّمَاءِ الْمَاءَ، وَأَنْبَتَ لَهَا مِنَ الأَرْضِ، ثُمَّ تَذْبَحُونَهَا عَلَى غَيْرِ اسْمِ اللَّهِ إِنْكَارًا لِذَلِكَ وَإِعْظَامًا لَهُ‏.‏ قَالَ مُوسَى حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَلاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ تُحُدِّثَ بِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ، يَسْأَلُ عَنِ الدِّينِ وَيَتْبَعُهُ فَلَقِيَ عَالِمًا مِنَ الْيَهُودِ، فَسَأَلَهُ عَنْ دِينِهِمْ، فَقَالَ إِنِّي لَعَلِّي أَنْ أَدِينَ دِينَكُمْ، فَأَخْبِرْنِي‏.‏ فَقَالَ لاَ تَكُونُ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ‏.‏ قَالَ زَيْدٌ مَا أَفِرُّ إِلاَّ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ، وَلاَ أَحْمِلُ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُهُ فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ قَالَ مَا أَعْلَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا‏.‏ قَالَ زَيْدٌ وَمَا الْحَنِيفُ قَالَ دِينُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلاَ يَعْبُدُ إِلاَّ اللَّهَ‏.‏ فَخَرَجَ زَيْدٌ فَلَقِيَ عَالِمًا مِنَ النَّصَارَى، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَقَالَ لَنْ تَكُونَ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ‏.‏ قَالَ مَا أَفِرُّ إِلاَّ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ، وَلاَ أَحْمِلُ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ وَلاَ مِنْ غَضَبِهِ شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُ فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ قَالَ مَا أَعْلَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا‏.‏ قَالَ وَمَا الْحَنِيفُ قَالَ دِينُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلاَ يَعْبُدُ إِلاَّ اللَّهَ‏.‏ فَلَمَّا رَأَى زَيْدٌ قَوْلَهُمْ فِي إِبْرَاهِيمَ ـ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ـ خَرَجَ، فَلَمَّا بَرَزَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنِّي عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ‏.‏ وَقَالَ اللَّيْثُ كَتَبَ إِلَىَّ هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ ـ رضى الله عنهما ـ قَالَتْ رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَائِمًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ يَقُولُ يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ، وَاللَّهِ مَا مِنْكُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي، وَكَانَ يُحْيِي الْمَوْءُودَةَ، يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ لاَ تَقْتُلْهَا، أَنَا أَكْفِيكَهَا مَئُونَتَهَا‏.‏ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ قَالَ لأَبِيهَا إِنْ شِئْتَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ، وَإِنْ شِئْتَ كَفَيْتُكَ مَئُونَتَهَا‏.‏
حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ ـ يَعْنِي ابْنَ الْمُخْتَارِ ـ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ، يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَقِيَ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ بِأَسْفَلِ بَلْدَحٍ، وَذَاكَ قَبْلَ أَنْ يُنْزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْوَحْىُ، فَقَدَّمَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُفْرَةً فِيهَا لَحْمٌ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ إِنِّي لاَ آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ، وَلاَ آكُلُ إِلاَّ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ‏.‏

حتى أنّ منع وأد الأطفال الإناث كان مستوحىً من زيد بحسب التقليد. كم مرّة سمع محمد هذه القصص من زيد؟ لا يجيب الحديث على هذا السؤال. لكن هناك حديث يشير إلى أنّ السيرة تخبر انسحاب زيد من المجتمع المكيّ (حيث يزعم أنه تعرّض للاضطهاد) إلى مغارة في جبل الحراء. يبدو أن محمد قد زار هذا الكهف نفسه في خلال رمضان كلّ سنة، وهو أمر قالت زوجته خديجة إنه من عادة قبيلته كفعل تكفير عن الذنب[٢].

وبالتالي، يمكن ملاحظة أن هناك فرصة كبيرة لمحمد كي يكون قد يتعلم من زيد قبل وقت طويل من الوحي الأول في 610 م. تشير بعض الروايات إلى أن محمد ذهب لأول مرة إلى جبل حراء عندما كان عمره حوالى 35 عامًا، أي في حوالى العام 605 م. من المحتمل أن يكون محمد قد زار جبل حراء لأول مرة عندما كان في الثالثة والثلاثين من عمره، عندما كشفت له "الأسرار غير المرئية الأولى". توفي زيد حوالي 607 م. الكهف في جبل حراء صغير جدًا، يبلغ طوله 4 ياردات وعرضه 1.75 ياردة - يبدو أنه لا توجد طريقة يمكن أن يتجنب بها زيد ومحمد بعضهما البعض إذا كان هذا الكهف هو المكان الذي ذهبا إليه حقًا. من الواضح أنهما يعرفان بعضهما البعض. توضح الأحاديث الصحيحة ذلك، ونعلم أيضًا أن محمدًا أمضى أسابيع وشهورًا في ذلك الكهف الذي اشتهر زيد بالعيش فيه.

أسس زيد الدينية التي تبنّاها محمد

1.   منع وأد الأطفال الإناث عبر دفنهنّ وهنّ طيبات، بحسب عادة العرب الوحشية في ذاك الوقت.

2.   الاعتراف بوحدة الله.

3.   رفض الوثنية وعبادة اللات والعزة وغيرهما من آلهة الناس.

4.   الوعد بالسعادة المستقبلية في الجنّة.

5.   التحذير من العقاب في جهنّم للأشرار.

6.   إنكار غضب الله على الكفار.

7.   وأخيراً وليس آخراً، إضافة ألقاب الرحمن والرب والغفور لله.

بالإضافة إلى ذلك، ادّعى زيد وكلّ الحنفاء الآخرين أنّهم يبحثون عن "دين إبراهيم". غير ذلك، يتكلّم القرآن مراراً وتكراراً، ولو بطريقة غير مباشرة، عن إبراهيم على أنه حنيف، وهو اللقب الذي اختاره زيد لنفسه ولأصحابه[٣].

يشير موقع Answering-islam أعلاه إلى كتاب "سيرة الرسول" لابن إسحاق. يتوافق الاتجاه الرئيسي لقصة زيد في السيرة مع ما ورد عن لقائه مع محمد، وموقف زيد المناهض لقتل الصغيرات يتوافق مع الأحاديث الصحيحة للبخاري.

حتى طريقة الصلاة الإسلامية ربما تكون قد نشأت من زيد، كما كتب ابن إسحاق (ص 99-100) أنه صلى بالسجود على راحة يديه[٤].

ومصدر آخر محتمل للقصص اليهودية-المسيحية هي أم حبيبة بنت أبي سفيان، زوجة محمد الثامنة. زوجها السابق عبيد الله بن جحش كان مسيحياً اعتنق الإسلام وهاجر مع مسلمين آخرين إلى الحبشة ليعودوا إلى المسيحية هناك. ومع ذلك، فمن المسلَّم به أن هذا مجرد تخمين. قد تكون مارية القبطية من العوامل الدافعة الأخرى لتأثير الروايات المسيحية على محمد، لكن الدليل ضد كونها مصدر استعارة محمد للقصص اليهودية-المسيحية لأنها قُدمت إلى محمد عندما كان يقيم في المدينة المنورة، بعد فترة طويلة من إدراجه الحكايات اليهودية والمسيحية في وحيه بحسب السيرة والحديث.

القرآن نفسه يشير إلى التأثّر بـ "لسان" أجنبي.

وَإِذَا بَدَّلْنَآ ءَايَةً مَّكَانَ ءَايَةٍ ۙ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوٓا۟ إِنَّمَآ أَنتَ مُفْتَرٍۭ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ قُلْ نَزَّلَهُۥ رُوحُ ٱلْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ لِيُثَبِّتَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُۥ بَشَرٌ ۗ لِّسَانُ ٱلَّذِى يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِىٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِىٌّ مُّبِينٌ إِنَّ ٱلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ ٱللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

لا يُذكر اسم غير-العربي هذا الذي أثّر على القرآن، لكن يوجد أكثر من إمكانية في السيرة بما فيهم سلمان الفارسي (الذي كان مسيحياً) أو بحيرى النسطوري الموصوم.

وتوجد دلائل أخرى على تأثير مسيحي على محمد في التقليد الإسلامي نفسه:

"Husain the commentator says on this passage that the Prophet was in the habit of going every evening to a Christian to hear the Taurat and Injil." "يقول حسين المعلّق عن هذا المقطع إنّ الرسول اعتاد أن يذهب إلى مسيحي كلّ ليلة كي يسمع التوراة أو الإنجيل."
Hughes' Dictionary of Islam, p. 30, quoting Tafsir-i-Husaini

[٥]

تشير المصادر الإسلامية إلى أنّ محمد، وفي عمر ما بين التاسعة والثانية عشرة، خاض رحلته الأولى مع قافلة تجارية إلى سوريا حيث اختلط بالمسيحيين. وبحسب المصادر تلك نفسها، فقد أبدى اهتماماً كبيراً باليهودية والمسيحية هناك في رحلة ثانية إلى البلاد. وقد أمضى بعض الوقت هناك مع راهب نسطوري مسيحي اسمه بحيرى[٦].

ومع ذلك، فإن الأدلة ليست مقنعة أن بحيرى هو الذي أخبر محمد القصص اليهودية والمسيحية.

ربما يأتي أقوى دليل على هوية "الأجنبي" من السيرة:

وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا بَلَغَنِي- كَثِيرًا مَا يَجْلِسُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ إلَى مَبْيَعَةِ غُلَامٍ نَصْرَانِيٍّ، يُقَالُ لَهُ: جَبْرٌ، عَبْدٌ لِبَنِي الْحَضْرَمِيِّ، فَكَانُوا يَقُولُونَ: وَاَللَّهِ مَا يُعَلِّمُ مُحَمَّدًا كَثِيرًا مِمَّا يَأْتِي بَهْ إلَّا جَبْرٌ النَّصْرَانِيُّ، غُلَامُ بَنِي الْحَضْرَمِيِّ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ، وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ
ابن إسحاق ص393

[٧]

هذا المصدر يسمّي الأجنبي على أنه جبر، عبد بني الحضرمي.

ثمّ يوجد هذا الحديث الصحيح الذي يعلمنا بشكلٍ دقيق بأنّ محمد تعلّم من مسيحي:

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ ـ رضى الله عنه ـ قَالَ كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَعَادَ نَصْرَانِيًّا فَكَانَ يَقُولُ مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلاَّ مَا كَتَبْتُ لَهُ...

لا يُذكر اسم المسيحي الذي علّم محمد في الأحاديث الصحيحة. لكنّ ابن وراق مقتبساً الواقدي يسمّيه ابن قمطة.

إنّ الواقدي [توفي 207 هـ / 823 م] الذي يقول إن عبدًا مسيحيًا يُدعى ابن قمطة كان أمينًا للنبي، إلى جانب عبد الله بن سعد بن أبي سرح الذي أفاد بأن "عبداً مسيحياً فحسب كان يعلمه [محمد]؛ كنت أكتب إليه وأغير ما أريد"[٨].

بغضّ النظر عمّن كان هذا الأجنبي الذي علّم محمد، من الواضح أن هذه التهمة الدقيقة قد وُجّهت للقرآن، وأن الآية المذكورة أعلاه تهدف إلى الإجابة على هذا الاعتراض بذاته. وإنّ هذا الأجنبي موجود في الحقيقة: فالقرآن نفسه أشار إليه بقوله: "لسان من يلمحون إليه غير عربي". ومرة أخرى، يشير هذا بقوة إلى وجود مثل هذا الأجنبي الذي أثر في "اللسان العربي الواضح" للقرآن.

ويُلمّح إلى فكرة أنّ الأجنبي علّم محمداً الأساطير اليهودية-المسيحية عندما يتابع المرء الدفاع ضدّ هذه التهمة في السورة 16. فما يتبع القرآن ‏سورة النَّحۡلِ:103 هو نقاش عن كيفية وحي الله بديانة إبراهيم والقيامة والحياة الأبدية ويوم القيامة وتحريم لحوم الخنازير والذبح غير الحلال وغيرها من الممارسات التي أُعطيت لليهود.

باختصار، إنّ الآيات القرآنية ‏سورة النَّحۡلِ 103 إلى 104 ليست إلّا محاولة القرآن الإجابة على تهمة أن محمداً تعلّم الديانتين اليهودية والمسيحية من أجنبي (وعلى الأغلب هو جبر). فقد كان المسلم الأول الذي جاء بحجة أن التشابه بين الدين اليهودي والمسيحي والقرآن يعود إلى أن الكتب الثلاثة تشترك في نفس المصدر وهو الله.

وهكذا يتضح أن محمداً سمع حكايات يهودية-مسيحية من مصادر مختلفة، بدءاً من زيد بن عمرو بن نفيل، ومن ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزيز، إلى جبر والمسيحي غير المسمى في صحيح البخاري 4:56:814

آراء المسلمين

عادةً ما يتبع العلماء المسلمون القرآن في الأدب الدفاعي واللاهوتي في ما يتعلّق برفض فكرة أنّ محمد تأثّر بـ "أساطير القدماء"، وهم يقتبسون بعض النقاط التالية:

1.   لم يكن هناك نسخ عربية عن الكتابات اليهودية-المسيحية في متناول محمد.

هذ الحجة تتجاهل القرآن نفسه الذي يدّعي إنّ الاتهامات كان مفادها أنّ محمد سمع ما أملي عليه الآيات القرآنية ‏سورة الفُرۡقَانِ 4 إلى 6 أو أنه تعلمه من أجنبي الآيات القرآنية ‏سورة النَّحۡلِ 103 إلى 104. بذلك، إنّ وجود الترجمات إلى العربية أو عدمه في وقت محمد لا أهمية له. بالإضافة إلى ذلك، تشير الأدلّة الكتابية والتاريخية من ذاك الوقت إلى أن شبه الجزيرة العربية كانت مليئة بالأدب الإغريقي والسرياني وأن معرفة الأبجدية السريانية والإغريقية كانت منتشرة على نطاق واسع واستُخدمتا لكتابة اللغة العربية إلى جانب الكتابتين الحسمائية والصفائية.[٩]


2.   لم يكن هناك مركز لليهودية و/أو المسيحية في مكة أو الحجاز في زمن محمد.

كما يتبيّن من الأدب الإسلامي نفسه، فإنّ محمد تعلّم "أساطير القدماء" من أفراد يهود ومسيحيين يُعرف بعضهم بالاسم، ولم يكن محمد بحاجة إلى التعلّم من مراكز يهودية أو مسيحية. ما إن كانت هناك حركة تبشير للمسيحية في مكة أم لا لا أهمية له، فلا يتطلّب الأمر أكثر من فرد مسيحي واحد (كما هو الحال في صحيح البخاري 4:58:814) لكي يتعلّم منه محمد. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الدراسات الحديثة من خلال النقوش، من بين أمور أخرى، أن شبه الجزيرة العربية في زمن النبي كانت مسيحية تمامًا.


3.   ما من دليل على أنّ محمد استعار تلك الأساطير بالرغم من وجود يهود ومسيحيين في المنطقة.

إنّ الدلائل معروضة على هذه الصفحة وعلى كثيرات غيرها. إنّ تهم الاستعارة موجودة في القرآن ويسهل إثباتها. ودلائل الاستعارة موجودة في الحديث والسيرة بالإضافة إلى القرآن نفسه. وحتى بحسب التقليد الإسلامي نفسه، فإنّ الأفراد الذين علّموا محمداً الأساطير اليهودية-المسيحية يُعرفون بأسمائهم.


4.   اليهود كانوا في المدينة والمسيحيون كانوا في نجران واليمن.

لا يبدو أن هذا صحيح. فبالتأكيد، كان اليهود والمسيحيون موجودون في مكة، كجبر، العبد المسيحي مثلاً. وورقة ابن عمّ خديجة عاش في مكة كذلك، بالإضافة إلى حنيف زيد بن عمرو. ونعلم بواسطة لبن سعد أنّ الاحتكاك بالمسيحيين لم يكن بالأمر غير المعتاد:

قَالَ: وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي الْفَيَّاضِ الْخَثْعَمِيِّ قَالَ: مَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِامْرَأَةٍ مِنْ خَثْعَمٍ يُقَالُ لَهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرٍّ. وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ وَأَشَبِّهِ وَأَعَفِّهِ. وَكَانَتْ قَدْ قَرَأَتِ الْكُتُبَ.

ومن الممكن حتى أنّ الكعبة تضمّنت اقتباساً إنجيلياً:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَزَعَمَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ أَنَّهُمْ وَجَدُوا حَجَرًا فِي الْكَعْبَةِ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْبَعِينَ سَنَةً، إنْ كَانَ مَا ذَكَرَ حَقًّا، مَكْتُوبًا فِيهِ: مَنْ يَزْرَعْ خَيْرًا يَحْصُدْ غِبْطَةً، وَمَنْ يَزْرَعْ شَرًّا يَحْصُدْ نَدَامَةً. تَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ، وَتُجْزَوْنَ الْحَسَنَاتِ! أَجَلْ، كَمَا لَا يُجْتَنَى مِنْ الشَّوْكِ الْعِنَبُ.

[١٠]

يبدو أنه فعلياً كان هناك يهود خارج يثرب وحول مناطق الحجاز الشمالية. من الممكن أن الكعبة تضمنت صوراً لإبراهيم ومريم. وفي حين أنّ ذلك لا يُعدّ دليلاُ على وجود اليهود، إلّا أنه يلمّح بقوة إلى ذلك.

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَنَّ بُكَيْرًا، حَدَّثَهُ عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضى الله عنهما ـ قَالَ دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْبَيْتَ فَوَجَدَ فِيهِ صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ وَصُورَةَ مَرْيَمَ فَقَالَ ‏ "‏ أَمَا لَهُمْ، فَقَدْ سَمِعُوا أَنَّ الْمَلاَئِكَةَ لاَ تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ، هَذَا إِبْرَاهِيمُ مُصَوَّرٌ فَمَا لَهُ يَسْتَقْسِمُ ‏".‏
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا رَأَى الصُّوَرَ فِي الْبَيْتِ لَمْ يَدْخُلْ، حَتَّى أَمَرَ بِهَا فَمُحِيَتْ، وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ـ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ ـ بِأَيْدِيهِمَا الأَزْلاَمُ فَقَالَ ‏ "‏ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، وَاللَّهِ إِنِ اسْتَقْسَمَا بِالأَزْلاَمِ قَطُّ ‏".‏

تزود سيرة ابن إسحاق دلائل تشير إلى أنه في حين لم يكن هناك أي مجتمع يهودي مهمّ في مكة، إلّا أنّ اليهود حتماً وُجدوا في المنطقة. ويُقال إنّه حين أعادت قريش إعمار الكعبة، وجدوا كتابة سريانية لم يتمكنوا من قراءتها، وقرأها يهودي لهم.[١١][١٢]


5.   يتضمّن القرآن قصصاً ليست موجودة في الكتابات اليهودية-المسيحية، إذاً فتهمة الاستعارة خاطئة.

إنّ وجود تلك القصص الغائبة عن الإنجيل لا يعني أي شيء في ما يخصّ الأمور التي لها مماثل في التاريخ اليهودي-المسيحي الأقدم.

فساد الكتابات السابقة

تمّت ملاحظة التشابه في ما بين القرآن والكتابات الإبراهيمية السابقة منذ بداية الإسلام. لكنّ هذه القصص القرآنية غالباً ما تختلف شيئاً ما عن سوابقها اليهودية-المسيحية. وعادةً ما تُعطى ثلاثة شروحات ممكنة لتلك الظاهرة:

1.   فسدت الكتابات اليهودية-المسيحية (وهذا ادّعاء شائع للمدافعين المسلمين).

2.   استعار القرآن بشكلٍ غير دقيق من الكتابات اليهودية-المسيحية.

3.   القرآن فاسد.

لا تدعم أي من النصوص المسيحية المبكرة الحجة الإسلامية حول فساد الكتب المقدسة اليهودية والمسيحية، حيث تفشل الحجج في التمييز بين الأعمال الملفقة والأعمال الكنسية. وفشلت في رؤية الفرق بين النصوص السائدة والنصوص الدينية/الغنوصية. لا توجد أي نصوص مسيحية سابقة تتوافق مع وجهة نظر المسلمين السنة عن المسيح والمسيحية المبكرة. الاحتمال التالي هو فحص الكتابات خارج الكتاب المقدس للحاخامات الأوائل وآباء الكنيسة الأوائل. الاختلافات الموجودة في القرآن تظهر هنا أيضًا.

إن تهمة مخطط لإفساد الكتب المقدسة المسيحية واليهودية بطريقة تجعل القرآن يبدو غير دقيق يتطلب مؤامرة من مئات الأفراد المختلفين الذين يعملون عبر مسافات شاسعة من الزمان والمكان في مختلف التقاليد اللغوية والدينية؛ يمكن رفضها على أنها نظرية مؤامرة لا أساس لها من الصحة.

إلّا أنّ التناصّ في ما بين القرآن والكتابات اليهودية-المسيحية لا يمكن إنكاره. وقد ذكرت الكثير من الأمثلة عن هذا التناصّ في المقال هذا. وتوجد أمثلة أخرى كأصحاب الكهف في الآيات القرآنية ‏سورة الكَهۡفِ 8 إلى 26 وقصة الملاكين هاروت وماروت في القرآن ‏سورة البَقَرَةِ:102 (حسب مدراش يلكوت الفصل 44 مع الملائكة شمحزاي وعزازيل) ونتق الله جبل موسى فوق الإسرائيليين في القرآن ‏سورة الأَعۡرَافِ:171 (حسب اليهودي من القرن الثاني ابوكريفا ابوداه سارة) لم تتم تغطيتها بعد.

وأشار روبرت موري إلى تناص آخر مثير للاهتمام (للمزيد من المعلومات، اضغط هنا).

هذه التوازيات إما ملفقة، أو هرطقة، أو تعليقات من قبل شخصيات دينية، أو مجرد حكايات شعبية. أو، في حالة الثالوث، سوء فهم واضح للعقيدة المسيحية.

تجدر الإشارة إلى أنّ التهمة ليست أنّ القرآن نسخ قصصاً من الكتابات القديمة، بل أنّه ضمّن قصصاً قد سمعت من أناسٍ آخرين. فإنّ التقليد الإسلامي نفسه قام على ذكر عبد مسيحي في صحيح البخاري 4:56:814 سمّاه ابن إسحاق بـ "جبر" وهو قد يكون مصدر الآيات القرآنية ‏سورة النَّحۡلِ 101 إلى 104. والواقدي يسمّي هذا المسيحي بابن قمطة. كما يروي ابن إسحاق قصة كيف تحدث ثلاثة مسيحيين، وهم أبو حارثة بن علقمه والعقيب عبد المسيح والأيهام السعيد إلى محمد بخصوص مواضيع مسيحية مثل الثالوث، وعيسى يتحدث في طفولته ويسوع يُحيي الطيور الطينية. وزعم ابن إسحاق أيضًا أنه نتيجة لهذه المناقشات، نزل القرآن مخاطبًا كل هذه الحجج – ما ربما يشير إلى أن محمدًا أدرج الحكايات اليهودية والمسيحية التي سمعها من أشخاص آخرين.

على هذا النحو، وعلى أساس الأدلة في التقليد الإسلامي نفسه فحسب، يبدو أن أوجه التشابه بين القرآن واليهودية المسيحية لا تنبع من الوحي الإلهي، بل من الاتصال الديني الدنيوي.

الطفل يسوع يتكلّم

إنّ قصة الطفل يسوع يتكلّم الموجودة في السور 19:29:31 و3:46 توازي تلك الموجودة في الأعمال الملفّقة:

فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا۟ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى ٱلْمَهْدِ صَبِيًّا قَالَ إِنِّى عَبْدُ ٱللَّهِ ءَاتَىٰنِىَ ٱلْكِتَٰبَ وَجَعَلَنِى نَبِيًّا وَجَعَلَنِى مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَٰنِى بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ مَا دُمْتُ حَيًّا
وَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِى ٱلْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ

فيما يلي المقتطفات ذات الصلة المأخوذة من إنجيل الطفولة العربي:

نجد في كتاب رئيس الكهنة يوسف في زمن يسوع المسيح (ويدعوه البعض قيافا)، حيث يقول أن يسوع تكلَّم حين كان موضوعًا في مزوده وقال لأٌمه السيدة مريم: أنا الذي ولدته، أنا يسوع، ابن الله، الكلمة، كما أعلن لك الملاك جبرائيل، وأن أبي أرسلني لخلاص العالم.
نص إنجيل الطفولة العربي المنحول

إنّ التناصّ في ما بين نصّ إنجيل الطفولة العربي و الآيات 19:29:31 و3:46 من القرآن واضح. وتوجد ثلاثة أسباب منطقية ممكنة لذلك:

1.   القرآن قد "صحح الإغفال" عن قصة الطفل يسوع يتكلّم من العهد الجديد.

2.   القرآن قد "صحح نقل الحكاية الملفقة، وأن إنجيل الطفولة العربي يجب أن يُدرج في العهد الجديد القانوني.

3.   سمع محمد القصة وأدرجها بالخطأ في القرآن، ظنًا أنها قانونية وليست ملفقة.

يُنظر إلى إنجيل الطفولة العربي على نطاق واسع على أنه ملفق. يُعتقد أنه اختراع يعود إلى القرن السابع الميلادي وكان ذا شعبية كبيرة بين النساطرة السوريين. سُجِّلت معجزة الطفل يسوع الناطق في السيرة كواحد من المواضيع التي ناقشها ثلاثة مسيحيين مع محمد قبل أن ينزل الآيات ذات الصلة. وبالتالي، لا يبدو غريباً على الإطلاق أن القرآن يحتوي على قصة من الواضح أنها ملفقة.

السنهدرين 37 أ

يوازي القرآن مقطعًا في التلمود، وبالتحديد التعليق الحاخامي في كتاب السنهدرين.

المشناه التلمودي

ولقد وجدنا هذا مع قايين الذي قتل أخاه، "حيث ورد إن صوت دماء أخيك تصرخ (إليّ من الأرض) ولم يقل (دم أخيك) وإنما (دماء أخيك) دمه ودم نسله، تفسير آخر: "دماء أخيك" لأن دمه قد سال على الأشجار والأحجار. وبناءً على ذلك لم يُخلق إلا إنساناً واحداً، ليعلمك، أن كل مَنْ يتسبب في فقدان نفس من إسرائيل ينطبق عليه ما ورد "في التوراة" كأنه أقام العالم كله. ولأجل سلامة الخلائق، لئلا يقول الإنسان لصاحبه: أبي أعظم من أبيك، ولئلا يقول الكفار: هناك سلطات كثيرة (لآلهة متعددة) في السماء.
ترجمة متن التلمود (المشنا) القسم الرابع، ص161، مكتبة النافذة

الآية القرآنية

مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ أَنَّهُۥ مَن قَتَلَ نَفْسًۢا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى ٱلْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَآ أَحْيَا ٱلنَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِٱلْبَيِّنَٰتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِى ٱلْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ

النقاط البارزة هي:

1.   القرآن نفسه يعترف بأصل القصة اليهودي-المسيحي عبر عبارة "كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ..."

إنّ كلمة "كتبنا" من جذر كلمة "كتاب" مثل "أهل الكتاب". وهذه الكلمة مستخدمة بعد بضع آيات (وكتبنا) في القرآن ‏سورة المَائـِدَةِ:45 في ما يتعلّق ببعض الأمور المكتوبة في التوراة، وفي مثلٍ آخر في القرآن ‏سورة الأَعۡرَافِ:145 تُستخدم الكلمة لكتابة الله على ألواح من الحجر.[١٣]

2.    شبه السنهدرين ليس في التوراة لأنه مجرد تعليق حاخامي على مقتل قايين لهابيل، مشتق من استخدام الجمع، "دماء" ، في تكوين 4:10. إنه المشناه - تعليم حكيم يهودي، وليس من التقليد التوراتي في حد ذاته بل بالأحرى امتداد له.

3.   الآية القرآنية تخبر قصّة قتل قايين لهابيل الآيات القرآنية ‏سورة المَائـِدَةِ 27 إلى 31، وهي القصة نفسها الذي يرويها السنهدرين الموازي للقرآن.

اعتراضات المسلمين

يدعي بعض المسلمين (مثل الدكتور سيف الله) أن التوازي غير دقيق، حيث يجب أن يقتصر السنهدرين 37 أ على "كل من يدمر روحًا واحدة من إسرائيل". يزعمون أنه بما أن القرآن يفتقر إلى هذه الإشارة إلى "روح واحدة من إسرائيل" ولكن بدلاً من ذلك، يعمم الأمر على أي روح، فإن تهمة التوازي قد فشلت.

مشاكل الحجة هذه

1.   حجة الدكتور سيف الله بأن القصتين ليستا نسختين متطابقتين لا تصمد، لأن القصص عادة ما تتغير في الإرسال.

2.   "من إسرائيل" غائبة في بعض مخطوطات هذا المقطع في التلمود البابلي، ولا نعرف أي نسخة قد سمعها محمد.

3.   يظهر هذا الشرح أيضًا في تلمود القدس، السنهدرين 4/5، الذي يحذف عبارة "إسرائيل". لا يوجد دليل على أن محمدًا كان عليه الاعتماد على التلمود البابلي وليس تلمود القدس، على الرغم من أن الأول يعتبر أكثر موثوقية.

الوهلة الأولى - هذه حالة واضحة للقرآن الذي أخذ قصة من الأدب الملفق واعتبره ككتاب مقدس، لأن سنهدرين 37 أ مأخوذ من التوراة "الشفوية" وبالتالي ليس جزءًا من الشريعة التوراتية الأصلية. لا يوجد تفسير آخر لهذه العبارة " كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ..." في الآية -- يبدو أن القرآن يعتبر هذا التقليد الملفق على نفس مستوى الشريعة التوراتية. إن الادعاء بأنها ضائعة لأن التوراة فاسد يدلّ على سذاجة لأن التوازي موجود في التلمود، ومن غير المرجح أن يجد شيئاً مفقوداً من التوراة طريقه دون تغيير تقريبًا إلى التلمود كتعليق على سرد (أي مشنايوت). إذا كان الحاخام يفكر في آية في التوراة ضاعت منذ ذلك الحين، فلن يقتبس حرفيا من تكوين 4:10 ("كتبنا...")، ولكن عند توضيحه لوجهة نظره الرئيسية لم يستشهد بهذه الآية الافتراضية المفقودة مباشرة. إنه ليس قانونًا، على الرغم من وجوده في التلمود (القانون الشفوي) ولكنه تعليق من قبل حكيم يهودي يشرح منطقه.

وهكذا فإن كلمة "كتبنا" شيئًا ما تم استخدامها للتعليق الذي كتبه حاخام يهودي. يبدو أن الاستنتاج هو أن القرآن يرى أن هذا التقليد على نفس مستوى الكتاب المقدس، أو أنه لا يدرك أنه في الواقع لا ينبع من الكتاب المقدس.

الغراب ودفن هابيل

القصة القرآنية

يروي القرآن قصة الله حينما أرسل غراباً كي يُري قايين كيف يدفن هابيل.

فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِى ٱلْأَرْضِ لِيُرِيَهُۥ كَيْفَ يُوَٰرِى سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَٰوَيْلَتَىٰٓ أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا ٱلْغُرَابِ فَأُوَٰرِىَ سَوْءَةَ أَخِى ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلنَّٰدِمِينَ
  1. Ignorance and illiteracy - A Struggle that Led to Conversion
  2. Siratu' Rasul, vol. i, p. 79.
  3. https://web.archive.org/web/20030517085412/http://answering-islam.org.uk/Books/Tisdall/Sources/chapt6.htm
  4. islam.org.uk/Books/Tisdall/Sources/chapt6.htm ↑ Abul Kasem - Who Authored the Qur’an?—an Enquiry mukto-mona
  5. Hughes' Dictionary of Islam, p. 30, quoting Tafsir-i-Husaini, Sale p. 223 and Muir's Life of Mahomet, p. 72
  6. The Holy Qur`ân, Ali, p.7, note
  7. Muhammad the borrower – Debate 2 with Saifullah
  8. Summary by Sharon Morad, Leeds - The Origins of The Koran: Classic Essays on Islam's Holy Book, edited by Ibn Warraq (Prometheus Books: Amherst, New York. 1998)
  9. Al-Jallad. 2020. The Linguistic Landscape of pre-Islamic Arabia pages 117-124
  10. Muhammad the borrower – Debate 2 with Saifullah
  11. Sirat Rasoul Allah - Introduction - faithfreedom.org
  12. http://facweb.furman.edu/~ateipen/almusharaka/IbnIshaq-Excerpt2.htm
  13. katabā Lane's Lexicon book 1 page 2590