إذا تحب ويكي إسلام فيمكنك التبرع هنا الرجاء ان تدعم المسلمين السابقين في أمريكا الشمالية فهي المنظمة التي تستضيف وتدير هذا الموقع تبرع اليوم

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «أم قرفة»

من ویکی اسلام
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
[مراجعة منقحة][مراجعة منقحة]
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
(مراجعتان متوسطتان بواسطة مستخدم واحد آخر غير معروضتين)
سطر ١: سطر ١:
كانت أم قرفة امرأة عربية مسنة معاصرة لمحمد نبي الإسلام. يقال إنها انتمت إلى قبيلة وثنية تسمى بني فزارة في وادي القرى. كما قيل أن المرأة المسنة كانت زعيمة عشيرتها، وقد قُتلت بوحشية عندما دوهمت عشيرتها من قبل محمد وأتباعه وتغلبوا عليها. وقع الهجوم بعد ست سنوات تقريبًا من هجرة محمد إلى المدينة المنورة عام 622 م.. تروي المصادر التقليدية كيف ربط صحابة محمد أم قرفه بزوج من الجمال، وبعد أن أُجبِروا على الركض في اتجاهين متعاكسين، مُزّق جسد أم قرفة إلى نصفين.
أمّ قرفة هي امرأة مسنّة عربيّة عاشت في عصر نبي الإسلام محمد. ويقال إنّها كانت تنتمي إلى قبيلة وثنيّة تسمّى "بنو فزارة" في وادي القرى. يقال كذلك إنّ المرأة المسنّة كانت قائدة قبيلتها التي قُضي عليها بعد غزو محمد وأتباعه لها وتغلّبهم عليها. وقد وقعت هذه الهجمة بعد حوالى ستّ سنوات من هجرة محمد إلى المدينة، وذلك في سنة 622م. تروي مصادر تقليديّة كيف ربط صحابة محمد أمّ قرفة بجملين، فبعد أن أُجبرا على الركض في اتجاهين معاكسين، مزّقا جسدها إلى نصفين.  


<br />
<br />
سطر ٨: سطر ٨:




يروي ابن إسحاق، أول من كتب سيرة محمد، حادثة الاعتداء على بني فزارة وحادثة إعدامها "القاسية" في سيرة رسول الله.
يروي ابن إسحاق، وهو اوّل من كتب سيرة محمد، حدث الهجوم على بني فزارة، كما يروي حدث إعدام أمّ قرفة "الوحشيّ" في كتابه "سيرة رسول الله"
<br />{{اقتباس|ابن إسحاق، أ.غيلوم، محرر، [https://archive.org/details/TheLifeOfMohammedGuillaume سيرة رسول الله]، أكسفورد: مطبعة جامعة أكسفورد، ص 664-665|“كما داهم زيد وادي القره حيث التقى بنو فزارة وقُتل البعض من رفاقه. وهو خرج الميدان متأثراً بجروح. ورد بن عمر بن مداش واحد من بني سعد بن هذيل اللذي قُتل على يد أحد أبناء بدر واسمه سعد بن هذيم. وعندما جاء زيد أقسم أنه لن يتوضأ حتى يغزو بني فزارة. ولما شفيَ من جراحه أرسله الرسول لغزيهم. حاربهم في وادي القرى وقتل بعضهم. قيس بن المصهر اليموري قتل مسعدة بن حكما بن مالك بن حذيفة بن بدر و تم أسر أم قرفة فاطمة التي كانت امرأة عجوز جدا و زوجة مالك. ابنتها وعبد الله بن مساعدة أسروا أيضا. أمر زيد قيس بن المصهر بقتل أم قرفة وقتلها بوحشية.”}}
<br />{{اقتباس|ابن إسحاق، أ.غيلوم، محرر، [https://archive.org/details/TheLifeOfMohammedGuillaume سيرة رسول الله]، أكسفورد: مطبعة جامعة أكسفورد، ص 664-665|“غزا زيد كذلك وادي القرى حيث التقى ببني فزارة وقُتل بعض رفاقه. وقد حمل بنفسه جرحى من ساحة القتال. وقُتل ورد بن عمرو بن مدهش من قِبل أحد بنو بدر واسمه سعيد بن حذيم. وعندما أتى زيد قسم أنّه لن يتوضّى ألى أن يغزو بني فزارة. فلمّا شفي من جراحه، أرسله الرسول عليهم مع قوّة عسكريّة. وقاتلهم في وادي القرى وقتل بعضهم. قتل قيس بن المسحر اليموري مسعدة بن حكمة بن مالك بن حذيفة بن بدر وأُسرت أمّ قرفة فاطمة. كانت امرأة كبيرة في السنّ وزوجة مالك. وأُسرت كذلك ابنتها وعبد الله بن مسعدة. أمر زيد قيس بن المسحر بقتل أمّ قرفة فقتلها بوحشيّة.”}}




الطريقة "الوحشية" التي استخدمها مقاتلو محمد لقتل أم قرفة موصوفة في تاريخ الطّبري.
وقد تمّ وصف الطريقة "الوحشيّة" التي استخدمها مقاتلو محمد لقتل أمّ قرفة في كتاب "تاريخ الطبّري".
<br />{{اقتباس|الطبري، مايكل فيشبين، ترجمة، تاريخ الطبري، 8 (انتصار الإسلام)، جامعة ولاية نيويورك، ص 95-97 ،1997.|“أرسل رسول الله زيدًا إلى وادي قورة، حيث واجه بني فزارة. وقتل بعض أصحابه ونُقل زيد بجروح. ورد قتلت على يد بنو بدر. عندما عاد زيد، أقسم على عدم ملامسة رأسه للغسيل حتى اقتحم الفزارة. بعد أن تعافى، أرسله محمد مع جيش ضد مستوطنة فزارة. التقى بهم في قورة وألحق بهم إصابات وأسر أم قرفة. كما أخذ إحدى بنات أم قرفة وعبدالله بن مسعدة كأسيرة. أمر زياد بن حارثة قيس بقتل أم قرفه. فقتلها بوحشية. فربط كل من رجليها بحبل ومن ثم ربط الحبال في جملين، فشطروها إلى قسمين.”}}
<br />{{اقتباس|الطبري، مايكل فيشبين، ترجمة، تاريخ الطبري، 8 (انتصار الإسلام)، جامعة ولاية نيويورك، ص 95-97 ،1997.|“أرسل رسول الله زيداً إلى وادي القرى حيث التقى الأخير ببني فزارة. فقتل بعض رفاق زيد، وحُمل وهو مصاب. ذُبح ورد من قبل بني بدر. وعندما عاد زيد، أقسم أنّه لن يوضّئ رأسه إلّا بعدما يكون قد غزا الفزارة. فبعد أن تعافى، أرسله محمد مع جيش ضدّ مستوطنة الفزارة. التقى بهم زيد في وادي القرى وأوقع بضحايا منهم وأسر أمّ قرفة. كما أنّه أسر إحدى بنات أمّ قرفة وعبد الله بن مسعدة. طلب زيد بن حارثة من قيس أن يقتل أمّ قرفة، فقتلها بوحشيّة. فربط كلّاً من قدميها بحبلٍ، ثمّ ربط الحبلين بجملين، فمزّقاها إلى نصفين.”}}




ويضيف ابن إسحاق أن ابنة أم قرفة، التي تم إنقاذها وأسرها، تم تقديمها بعد ذلك كعروس لأحد صحابة محمد.
يضيف ابن إسحاق إلى ذلك أنّ ابنة أمّ قرفة التي استثنيت من القتل واتُخذت أسيرة، قُدّمت كزوجة لأحد صحابة محمد في ما بعد.
<br />{{اقتباس|ابن إسحاق، أ.غيلوم، محرر، [https://archive.org/details/TheLifeOfMohammedGuillaume سيرة رسول الله]، أكسفورد: مطبعة جامعة أكسفورد، ص 664-665|“ثم أحضروا ابنة أم قرفة وابن مسعدة إلى الرسول. ابنة أم قرفة من سلامة ب. عمروبن الأكوع الذي أخذها. كانت تشغل مكانة مرموقة بين قومها، وكان العرب يقولون: "لو كنت أقوى من أم قرفة لما فعلت أكثر من ذلك". طلب سلامة من الرسول السماح له بأخذها وأعطاها له وقدمها إلى عمه حزن بن. أبو وهب وولدت له عبد الرحمن بن حزن.”}}
<br />{{اقتباس|ابن إسحاق، أ.غيلوم، محرر، [https://archive.org/details/TheLifeOfMohammedGuillaume سيرة رسول الله]، أكسفورد: مطبعة جامعة أكسفورد، ص 664-665|“ثمّ جلبوا ابنة أمّ قرفة وابن مسعدة إلى الرسول. وأخذ سلامة بن عمرو بن الأكوع ابنة أمّ قرفة فأصبحت له. واشتهرت أمّ قرفة بعزّتها بين قومها، فضرب بها المثل وكان العرب يقولون "أمنع من أمّ قرفة". طلب سلامة من الرسول أن يسمح له بأخذ الابنة، فأعطاه الرسول إيّاها. ثمّ قدّمها لعمّه حزن بن أبي وهب وولدت له عبد الرحمن بن حزن. ”}}




وبحسب ابن إسحاق، فإن أم قرفة كان لها مكانة رفيعة بين أهلها. قال عنها العرب: "ما كان لرجل أو امرأة أقوى من أم قرفة أن يفعل أكثر من أم قرفة"، فربما كانت في وضع اجتماعي يمكن مقارنته بخديجة بنت خويلد زوجة محمد الأولى، وبعد ذلك قطع رأس أم قرفة وتم إحضاره إلى المدينة المنورة وقدّم إلى محمد كدليل على إعدامها.
بحسب ابن إسحاق، فقد شغلت أمّ قرفة مكانة رفيعة بين قومها، فقال العرب: "أمنع من أمّ قرفة". بذلك، كان من الممكن مقارنتها بفعل مكانتها الاجتماعية بخديجة بنت خويلد وهي زوجة محمد الأولى. وبعد ذلك، قُطع رأس أمّ قرفة وأوتي به إلى المدينة ليقدّم إلى محمد كدليل على إعدامها.  




اقترح البعض، نقلاً عن {{البخاري|9|88|219|}}، أن الدافع وراء الإعدام نفسه وطريقة الإعدام الدراماتيكية ربما كانت نتيجة محكات زيد بن حارثة لعجز محمد عن تحمل المرأة في الأدوار القيادية في المجتمع، لا سيما في مناصب النخبة في القيادة مثل أم قرفة.
يقترح البعض، بالاستناد إلى {{البخاري|9|88|219|}}، أنّ الدافع للإعدام نفسه وطريقة تنفيذه الدراماتيكية هما نتيجة محاكاة زياد بن حريثة لمحمد من حيث عدم تقبّلهما للنساء في الأدوار القيادية في المجتمع، وبالأخصّ اللواتي يشغلن مناصب النخبة في القيادة كأمّ قرفة.
<br />
<br />


سطر ٢٩: سطر ٢٩:




أول من أبلغ عن جريمة القتل كان ابن إسحاق تلاه الطبري، وهما مؤرخان اعتاد العلماء المسلمون المعاصرون أن ينظروا إليهما بعين الشك عندما يتحدثون عن محمد بطريقة سلبية. وفي حين أن النسخة المعدلة بشدة لابن إسحاق (من قبل ابن هشام) تذكر مقتل أم قرفة، لكنها لا تذكر الطريقة الوحشية التي قُتلت بها، في حين الطبري يذكر القتل والطريقة التي تم تنفيذه. المصادر 'الصحيحة' (البخارية ومسلم) التزمت الصمت أيضًا بشأن تفاصيل مقتل أم قرفة لكنها مع ذلك تؤكد الغزو على بني فزارة.
كان ابن إسحاق أوّل من أبلغ عن هذا القتل، تبعه الطبّري. وقد اعتاد علماء المسلمين المعاصرين على الشكّ بهذين المؤرّخين عند إظهارهما لمحمد بصورة سلبيّة بحسب معايير يومنا هذا. ففيما تتضمّن النسخة المعدّلة(من قبل ابن هشام) لابن إسحاق مقتل أمّ قرفة بدون ذكر الطريقة الوحشيّة التي استخدمت لقتلها، يذكر الطبّري المقتل وطرية تنفيذه معاً. تغضّ المصادر الصحيحة (بخاري ومسلم) النظر عن تفاصيل مقتل أمّ قرفة، ولكنّها تؤكّد مع ذلك حدوث الغزو على بني فزارة.  


ومع ذلك، أشار صفي الرحمن المباركفوري، كاتب سيرة النبي محمد الذي يُقرأ على نطاق واسع، إلى حادثة أم قرفة في عمله الرحيق المختوم. ويحظى هذا الكتاب بتقدير كبير على المستوى الدولي، وقد مُنحت نسخته العربية الجائزة الأولى من قبل رابطة العالم الإسلامي، في المؤتمر الإسلامي الأول عن السيرة، بعد مسابقة في سيرة رسول الله (حياة محمد) في عام ١٩٧٩. لا يزال حدث إعدام أم قرفة معترفًا به حتى اليوم في المنشورات العلمية الإسلامية المرموقة ولا يوجد أي نزاع حول هذا الموضوع  في المناطق التي يتم فيها القبول بعقوبات الشريعة التقليدية، مثل الرجم والصلب.<br />{{اقتباس|صفي الرحمن المباركفوري, [https://archive.org/details/TheSealedNectar-Alhamdulillah-library.blogspot.in.pdf/page/n337/mode/2up?q&#61;qirfa الرحيق المختوم (الطبعة الأولى)]، دار السلام، ص. 337، 1996|تم إرسال رحلة استكشافية بقيادة أبو بكر الصديق أو زيد بن حارثة إلى وادي القرى في رمضان 6 ه. بعد أن قام فزارة بمحاولة قتل الرسول. بعد صلاة الفجر، صدرت أوامر للكتيبة بمداهمة العدو. قُتل بعضهم وأُسر آخرون. ومن بين الأسرى أم قرفة وابنتها الجميلة التي أُرسلت إلى مكة فدية للإفراج عن بعض الأسرى المسلمين هناك. ارتدّت محاولات أم قرفة للإيقاع بحياة الرسول عليها، فقُتل جميع الفرسان الثلاثين الذين جمعتهم وأعاشتهم لتنفيذ مخططها الشرير.}}
بالرغم من ذلك، يشير صفي الرحمن المباركفوري، وهو كاتب سيرة معاصر يكتب عن النبي محمد، إلى حادثة مقتل أمّ قرفة في كتابه "الرحيق المختوم". يشغل هذا الكتاب مكانة مهمّة عالميّاً، وقد ربحت ترجمته العربيّة الجائزة الأولى من قبل رابطة العالم الإسلاميّ، في خلال المؤتمر الإسلاميّ الأوّل في السيرة وذلك بعد المسابقة العالميّة لأفضل كتاب عن سيرة رسول الله في 1979. إنّ حدوث إعدام أمّ قرفة لا يزال معترف به في المنشورات الفقهية الإسلاميّة الموثوقة، ولا تتمّ معارضته بقوّة أبداً في الأماكن التي تتقبّل حدود الشريعة الإسلاميّة بشكلٍ واسع، كالعقاب بالرجم بالحجارة والصّلب.<br />{{اقتباس|صفي الرحمن المباركفوري, [https://archive.org/details/TheSealedNectar-Alhamdulillah-library.blogspot.in.pdf/page/n337/mode/2up?q&#61;qirfa الرحيق المختوم (الطبعة الأولى)]، دار السلام، ص. 337، 1996|سرية أبي بكر الصديق أو زيد بن حارثة إلى وادي القرى، في رمضان سنة 6ه. كان بطن فزارة يريد اغتيال النبي، فبعث رسول الله أبا بكر الصديق. قال سلمة بن الأكوع: وخرجت معه، حتى إذا صلينا الصبح أمرنا فشننا الغارة، فوردنا الماء، فقتل أبو بكر من قتل، ورأيت طائفة وفيهم الذراري، فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل فأدركتهم، ورميت بسهم بينهم وبين الجبل، فلما رأوا السهم وقفوا، فيهم امرأة هي أمّ قرفة عليها قشع من أديم، معها ابنتها من أحسن العرب، فجئت بهم أسوقهم إلى أبي بكر، فنفلني أبو بكر ابنتها، فلم أكشف لها ثوباً وقد سأله رسول الله بنت أم قرفة، فبعث بها إلى مكة، وفدى بها أسرى من المسلمين هناك.
وكانت أمّ قرفة تحاول اغتيال النبي، وجهّزت ثلاثين فارساً من أهل بيتها لذلك، فلاقت جزاءها وقتل الثلاثون.}}


=='''أم قرفة في الحديث'''==
=='''أم قرفة في الحديث'''==
سطر ٣٧: سطر ٣٨:




الرواية الموجودة في "الرحيق المختوم" مستمدة من حديث صحيح مسلم فيما يتعلق بالحادثة. على الرغم من كونه وصفيًا إلى حد ما، إلا أن حديث صحيح مسلم لا يذكر مصير أم قرفة. وتتوافق روايات الغزو كما رواها كل من ابن إسحاق والطبري مع بعضها البعض، وقد أكدها على نطاق واسع الحديث في صحيح مسلم. وعلى الرغم من عدم ذكر تفاصيل مصير أم قرفة، إلا أنه أكد وجودها على ما يبدو، كما تم سرد التفاصيل المتعلقة بمصير ابنتها بالتفصيل.<br />{{اقتباس|{{مسلم|19|4345}}|حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ، غَزَوْنَا فَزَارَةَ وَعَلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا فَلَمَّا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَاءِ سَاعَةٌ أَمَرَنَا أَبُو بَكْرٍ فَعَرَّسْنَا ثُمَّ شَنَّ الْغَارَةَ فَوَرَدَ الْمَاءَ فَقَتَلَ مَنْ قَتَلَ عَلَيْهِ وَسَبَى وَأَنْظُرُ إِلَى عُنُقٍ مِنَ النَّاسِ فِيهِمُ الذَّرَارِيُّ فَخَشِيتُ أَنْ يَسْبِقُونِي إِلَى الْجَبَلِ فَرَمَيْتُ بِسَهْمٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْجَبَلِ فَلَمَّا رَأَوُا السَّهْمَ وَقَفُوا فَجِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ وَفِيهِمُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ عَلَيْهَا قِشْعٌ مِنْ أَدَمٍ - قَالَ الْقِشْعُ النِّطَعُ - مَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا مِنْ أَحْسَنِ الْعَرَبِ فَسُقْتُهُمْ حَتَّى أَتَيْتُ بِهِمْ أَبَا بَكْرٍ فَنَفَّلَنِي أَبُو بَكْرٍ ابْنَتَهَا فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا فَلَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي السُّوقِ فَقَالَ ‏"‏ يَا سَلَمَةُ هَبْ لِي الْمَرْأَةَ ‏"‏ ‏.‏ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ أَعْجَبَتْنِي وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا ثُمَّ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْغَدِ فِي السُّوقِ فَقَالَ لِي ‏"‏ يَا سَلَمَةُ هَبْ لِي الْمَرْأَةَ لِلَّهِ أَبُوكَ ‏"‏ ‏.‏ فَقُلْتُ هِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ مَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا فَبَعَثَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ فَفَدَى بِهَا نَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا أُسِرُوا بِمَكَّةَ .}}
إنّ التقرير الموجود في كتاب "الرحيق المختوم" في ما يتعلّق بالحادثة مشتقّ من حديث مسلم صحيح. وعلى الرغم من أنّه جليّ الوصف، إنّ هذا الحديث الصحيح لا يأتي على ذكر مصير أمّ قرفة. وإنّ تقارير الغزوة متطابقة بحسب ابن إسحاق والطبّري، ويؤكّد عليها بشكلٍ كبيرٍ الحديث في صحيح مسلم. فبالرّغم من أنّ تفاصيل مصير أمّ قرفة لم يتمّ ذكرها، إلّا أنّ وجود أمّ قرفة مؤكّد. أمّا التفاصيل المتعلّقة بمصير ابنتها، فقد تمّت روايتها بالتفصيل. <br />{{اقتباس|{{مسلم|19|4345}}|حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ، غَزَوْنَا فَزَارَةَ وَعَلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا فَلَمَّا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَاءِ سَاعَةٌ أَمَرَنَا أَبُو بَكْرٍ فَعَرَّسْنَا ثُمَّ شَنَّ الْغَارَةَ فَوَرَدَ الْمَاءَ فَقَتَلَ مَنْ قَتَلَ عَلَيْهِ وَسَبَى وَأَنْظُرُ إِلَى عُنُقٍ مِنَ النَّاسِ فِيهِمُ الذَّرَارِيُّ فَخَشِيتُ أَنْ يَسْبِقُونِي إِلَى الْجَبَلِ فَرَمَيْتُ بِسَهْمٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْجَبَلِ فَلَمَّا رَأَوُا السَّهْمَ وَقَفُوا فَجِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ وَفِيهِمُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ عَلَيْهَا قِشْعٌ مِنْ أَدَمٍ - قَالَ الْقِشْعُ النِّطَعُ - مَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا مِنْ أَحْسَنِ الْعَرَبِ فَسُقْتُهُمْ حَتَّى أَتَيْتُ بِهِمْ أَبَا بَكْرٍ فَنَفَّلَنِي أَبُو بَكْرٍ ابْنَتَهَا فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا فَلَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي السُّوقِ فَقَالَ ‏"‏ يَا سَلَمَةُ هَبْ لِي الْمَرْأَةَ ‏"‏ ‏.‏ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ أَعْجَبَتْنِي وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا ثُمَّ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْغَدِ فِي السُّوقِ فَقَالَ لِي ‏"‏ يَا سَلَمَةُ هَبْ لِي الْمَرْأَةَ لِلَّهِ أَبُوكَ ‏"‏ ‏.‏ فَقُلْتُ هِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ مَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا فَبَعَثَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ فَفَدَى بِهَا نَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا أُسِرُوا بِمَكَّةَ.‏‏}}




هناك اختلاف طفيف في رواية صحيح مسلم، ومع ذلك، فمثل هذه الاختلافات شائعة للغاية في أدب الحديث. ففي حديث صحيح مسلم قِيل أن أبو بكر كان يقود الغزو مكان زيد بن حارثة، الذي وصفه كل من ابن إسحاق والطبري بأنه كان القائد. ما تبقى من الرواية تقريبًا يتوافق تمامًا مع ابن إسحاق والطبري.
يوجد تغيّر بسيط في تقرير صحيح مسلم، ولكنّ هذه التغيّرات شائعة بشكلٍ كبير في أدب الحديث. ففي حديث صحيح مسلم، يقود أبو بكر الغزوة بدلاً من زيد بن حارثة الذي وصفه ابن إسحاق والطبري كليهما على أنّه قائدها. أمّا بقيّة التقارير فهي تتطابق بشكل شبه تامّ مع ابن إسحاق والطبّري.  
<br />
<br />


سطر ٤٧: سطر ٤٨:


==='''نتيجة مستحقة'''===
==='''نتيجة مستحقة'''===
بعض العلماء المسلمين المعاصرين، في مواجهة النظرة السلبية التي ألقتها حادثة أم قرفة على صحابة محمد وربما على محمد نفسه، شعروا بالحاجة إلى تفسير إعدام أم قرفة على أنه عمل انتقامي وليس ممارسة للإذن المبني على الشريعة التي تنصّ على إعدام المعارضين بعد جهاد ناجح.
في وجه الصورة السلبيّة التي ترسمها حادثة أمّ قرفة على صحابة محمد وربّما على محمد نفسه، شعر بعض العلماء المسلمين المعاصرين بالحاجة إلى تفسير إعدام أمّ قرفة على أنّه فعل عقاب بدلاً من أن يكون تنفيذاً لإذن مستند على الشريعة يسمح بإعدام العدوّ بعد عمليّة جهاد ناجحة.  




بالاعتماد على تسلسل الروايات التي تم العثور عليها فقط عند ابن سعد وابن هشام، يظهر أن غزو زيد على بني فزارة جاء بعد هجوم بقيادة أم قرفة على قافلة يقودها زيد في طريقه إلى سوريا. من ناحية أخرى، عند ابن إسحاق، وهو مصدر سابق، كان الحدث الأول في التسلسل الزمني الذي سبق إعدام أم قرفة هو غزو بقيادة زيد على وادي القرى، حيث كانت قبيلة بني فزارة. يؤكد مباركبوري في الرحيق المختوم تسلسل الأحداث التي قدمها ابن إسحاق. وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن رواية قافلة زيد التجارية إلى سوريا غير موجودة في المصادر الصحيحة. فالأحداث التي أدت إلى إعدام أم قرفة هي مجرد مثال واحد من العديد من التناقضات الموجودة في الأعمال الإسلامية المبكرة للسيرة و في التاريخ بشكل عام.
بناءً على تسلسل التقارير المذكورة من قبل ابن سعد وابن هشام فحسب، يقال أنّ غزوة زيد على بني فزارة لم تقع إلّا بعد هجوم أمّ قرفة على موكب كان يقوده زيد إلى سوريا. في المقابل، وبحسب ابن إسحاق وهو مصدر سابق، إنّ الحدث الأوّل زمنيّاً الذي يسبق إعدام أمّ قرفة هو غزو بقيادة زيد لوادي القرى حيث وجدت قبيلة بني فزارة. ويؤكّد المباركفوري في كتاب "الرحيق المختوم" تسلسل الأحداث التي يرويها ابن إسحاق. يجدر بالإشارة أيضاً أنّ قصّة موكب زيد التجاري ليست موجودة في المصادر الصحيحة. إنّ الأحداث التي سبقت إعدام أمّ قرفة هي مثل من بين عدّة أمثال عن التناقضات الموجودة في أعمال السيرة الإسلاميّة الأوّليّة وفي التاريخ الإسلاميّ بشكلٍ عامّ.  
<br />
<br />


==='''الدليل على تحريم اغتصاب الرقيق'''===
==='''الدليل على تحريم اغتصاب الرقيق'''===
كما قدم بعض العلماء المسلمين الحديثين مثَل ابنة أم قرفة كدليل لدعم تحريم الإسلام لإغتصاب العبيد. في حديث {{مسلم|19|4345|}}، أعطيت ابنة أم قرفة لصاحبة اسمه سلامة (بن الأكوع)، "من أجمل الفتيات في الجزيرة العربية"، "كجائزة" من أبي بكر. بمجرد وصوله إلى المدينة، طلب محمد من سلامة اعطائه هذه الفتاة بقصد استخدامها كفدية لتحرير بعض الأسرى المسلمين. رفض سلامة مرتين، وفي كل مرة يتذكر كيف أنه "لم ينزع ملابسها بعد"، و في الحالة الثانية، يخبر سلامة محمد نفس الشيء.
قدّم بعض العلماء المسلمين المعاصرين كذلك مثل ابنة أمّ قرفة دليلاً على تحريم الإسلام لاغتصاب الرقيق. ففي حديث {{مسلم|19|4345|}}، أُعطي أحد الصحابة واسمه سلامة (بن الأكوع) ابنة أمّ قرفة كجائزة من قبل أبي بكر. وكانت تعتبر "أجمل البنات العرب". وبعد وصول سلامة إلى المدينة، طلب محمد منه تلك الفتاة بغية تقديمها فدية لتحرير بعض الأسرى المسلمين. رفض سلامة مرّتين، ذاكراً كلا المرّتين أنّه "لم يخلع ملابسها بعد". وفي المرّة الثانية، أعاد سلامة ذكر ذلك لمحمد.  




يتم أحيانًا تقديم حقيقة أن سلامة "لم ينزع ملابسها بعد" كدليل على أنه لا يُسمح للرجال المسلمين باغتصاب عبيدهم. على العكس من ذلك، وصف الفتاة بأنها "من أجمل"، و "كجائزة"، و "هي من فَتَن" سلامة؛ التصاريح واضحة لاغتصاب العبيد الإناث في جميع الكتب الإسلامية؛ واعتراف سلامة الصريح وغير المنتَقَد للنبي بخيبة أمله لأنه "لم ينزع ملابسها بعد" ، كل ذلك يوضح أن سلامة قصد اغتصاب الفتاة، وأن محمد والصحابة ليس لديهم مشكلة تجاه هذا الأمر، ولا بل يردان أن يسهلان هدفه.
إنّ فكرة أنّ سلامة "لم يكن قد خلع ملابسها بعد" تقدّم أحياناّ كدليل على أنّ الرجال المسلمين يحرّم عليهم اغتصاب الرقيق. على العكس، نجد وصف الفتاة على أنّها "من الأجمل"، و أنّها "جائزة" وقد "سحرت" سلامة، وهذا يدلّ على السماح الواضح للرجال باغتصاب الرقيق النساء من خلال المخطوطات الإسلاميّة. وإنّ اعتراف سلامة الواضح وغير المنتقد للنبي بخيبة أمله لأنّه "لم يخلع ملابسها بعد" يوضّح نوايا سلامة الذي أراد اغتصاب الفتاة، وإنّ محمد وصحابته في القيادة الذين لم يأخذوا المسألة بعين الاعتبار كانوا على أتمّ الاستعداد لتسهيل هدف سلامة.






<br />
<br />

مراجعة ١١:٢١، ٢٧ سبتمبر ٢٠٢١

أمّ قرفة هي امرأة مسنّة عربيّة عاشت في عصر نبي الإسلام محمد. ويقال إنّها كانت تنتمي إلى قبيلة وثنيّة تسمّى "بنو فزارة" في وادي القرى. يقال كذلك إنّ المرأة المسنّة كانت قائدة قبيلتها التي قُضي عليها بعد غزو محمد وأتباعه لها وتغلّبهم عليها. وقد وقعت هذه الهجمة بعد حوالى ستّ سنوات من هجرة محمد إلى المدينة، وذلك في سنة 622م. تروي مصادر تقليديّة كيف ربط صحابة محمد أمّ قرفة بجملين، فبعد أن أُجبرا على الركض في اتجاهين معاكسين، مزّقا جسدها إلى نصفين.


أم قرفة في السِيَر

إبن إسحاق والطّبري

يروي ابن إسحاق، وهو اوّل من كتب سيرة محمد، حدث الهجوم على بني فزارة، كما يروي حدث إعدام أمّ قرفة "الوحشيّ" في كتابه "سيرة رسول الله"


“غزا زيد كذلك وادي القرى حيث التقى ببني فزارة وقُتل بعض رفاقه. وقد حمل بنفسه جرحى من ساحة القتال. وقُتل ورد بن عمرو بن مدهش من قِبل أحد بنو بدر واسمه سعيد بن حذيم. وعندما أتى زيد قسم أنّه لن يتوضّى ألى أن يغزو بني فزارة. فلمّا شفي من جراحه، أرسله الرسول عليهم مع قوّة عسكريّة. وقاتلهم في وادي القرى وقتل بعضهم. قتل قيس بن المسحر اليموري مسعدة بن حكمة بن مالك بن حذيفة بن بدر وأُسرت أمّ قرفة فاطمة. كانت امرأة كبيرة في السنّ وزوجة مالك. وأُسرت كذلك ابنتها وعبد الله بن مسعدة. أمر زيد قيس بن المسحر بقتل أمّ قرفة فقتلها بوحشيّة.”
ابن إسحاق، أ.غيلوم، محرر، سيرة رسول الله، أكسفورد: مطبعة جامعة أكسفورد، ص 664-665


وقد تمّ وصف الطريقة "الوحشيّة" التي استخدمها مقاتلو محمد لقتل أمّ قرفة في كتاب "تاريخ الطبّري".


“أرسل رسول الله زيداً إلى وادي القرى حيث التقى الأخير ببني فزارة. فقتل بعض رفاق زيد، وحُمل وهو مصاب. ذُبح ورد من قبل بني بدر. وعندما عاد زيد، أقسم أنّه لن يوضّئ رأسه إلّا بعدما يكون قد غزا الفزارة. فبعد أن تعافى، أرسله محمد مع جيش ضدّ مستوطنة الفزارة. التقى بهم زيد في وادي القرى وأوقع بضحايا منهم وأسر أمّ قرفة. كما أنّه أسر إحدى بنات أمّ قرفة وعبد الله بن مسعدة. طلب زيد بن حارثة من قيس أن يقتل أمّ قرفة، فقتلها بوحشيّة. فربط كلّاً من قدميها بحبلٍ، ثمّ ربط الحبلين بجملين، فمزّقاها إلى نصفين.”
الطبري، مايكل فيشبين، ترجمة، تاريخ الطبري، 8 (انتصار الإسلام)، جامعة ولاية نيويورك، ص 95-97 ،1997.


يضيف ابن إسحاق إلى ذلك أنّ ابنة أمّ قرفة التي استثنيت من القتل واتُخذت أسيرة، قُدّمت كزوجة لأحد صحابة محمد في ما بعد.


“ثمّ جلبوا ابنة أمّ قرفة وابن مسعدة إلى الرسول. وأخذ سلامة بن عمرو بن الأكوع ابنة أمّ قرفة فأصبحت له. واشتهرت أمّ قرفة بعزّتها بين قومها، فضرب بها المثل وكان العرب يقولون "أمنع من أمّ قرفة". طلب سلامة من الرسول أن يسمح له بأخذ الابنة، فأعطاه الرسول إيّاها. ثمّ قدّمها لعمّه حزن بن أبي وهب وولدت له عبد الرحمن بن حزن. ”
ابن إسحاق، أ.غيلوم، محرر، سيرة رسول الله، أكسفورد: مطبعة جامعة أكسفورد، ص 664-665


بحسب ابن إسحاق، فقد شغلت أمّ قرفة مكانة رفيعة بين قومها، فقال العرب: "أمنع من أمّ قرفة". بذلك، كان من الممكن مقارنتها بفعل مكانتها الاجتماعية بخديجة بنت خويلد وهي زوجة محمد الأولى. وبعد ذلك، قُطع رأس أمّ قرفة وأوتي به إلى المدينة ليقدّم إلى محمد كدليل على إعدامها.


يقترح البعض، بالاستناد إلى صحيح البخاري 9:88:219، أنّ الدافع للإعدام نفسه وطريقة تنفيذه الدراماتيكية هما نتيجة محاكاة زياد بن حريثة لمحمد من حيث عدم تقبّلهما للنساء في الأدوار القيادية في المجتمع، وبالأخصّ اللواتي يشغلن مناصب النخبة في القيادة كأمّ قرفة.

المصداقية

كان ابن إسحاق أوّل من أبلغ عن هذا القتل، تبعه الطبّري. وقد اعتاد علماء المسلمين المعاصرين على الشكّ بهذين المؤرّخين عند إظهارهما لمحمد بصورة سلبيّة بحسب معايير يومنا هذا. ففيما تتضمّن النسخة المعدّلة(من قبل ابن هشام) لابن إسحاق مقتل أمّ قرفة بدون ذكر الطريقة الوحشيّة التي استخدمت لقتلها، يذكر الطبّري المقتل وطرية تنفيذه معاً. تغضّ المصادر الصحيحة (بخاري ومسلم) النظر عن تفاصيل مقتل أمّ قرفة، ولكنّها تؤكّد مع ذلك حدوث الغزو على بني فزارة.

بالرغم من ذلك، يشير صفي الرحمن المباركفوري، وهو كاتب سيرة معاصر يكتب عن النبي محمد، إلى حادثة مقتل أمّ قرفة في كتابه "الرحيق المختوم". يشغل هذا الكتاب مكانة مهمّة عالميّاً، وقد ربحت ترجمته العربيّة الجائزة الأولى من قبل رابطة العالم الإسلاميّ، في خلال المؤتمر الإسلاميّ الأوّل في السيرة وذلك بعد المسابقة العالميّة لأفضل كتاب عن سيرة رسول الله في 1979. إنّ حدوث إعدام أمّ قرفة لا يزال معترف به في المنشورات الفقهية الإسلاميّة الموثوقة، ولا تتمّ معارضته بقوّة أبداً في الأماكن التي تتقبّل حدود الشريعة الإسلاميّة بشكلٍ واسع، كالعقاب بالرجم بالحجارة والصّلب.

سرية أبي بكر الصديق أو زيد بن حارثة إلى وادي القرى، في رمضان سنة 6ه. كان بطن فزارة يريد اغتيال النبي، فبعث رسول الله أبا بكر الصديق. قال سلمة بن الأكوع: وخرجت معه، حتى إذا صلينا الصبح أمرنا فشننا الغارة، فوردنا الماء، فقتل أبو بكر من قتل، ورأيت طائفة وفيهم الذراري، فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل فأدركتهم، ورميت بسهم بينهم وبين الجبل، فلما رأوا السهم وقفوا، فيهم امرأة هي أمّ قرفة عليها قشع من أديم، معها ابنتها من أحسن العرب، فجئت بهم أسوقهم إلى أبي بكر، فنفلني أبو بكر ابنتها، فلم أكشف لها ثوباً وقد سأله رسول الله بنت أم قرفة، فبعث بها إلى مكة، وفدى بها أسرى من المسلمين هناك. وكانت أمّ قرفة تحاول اغتيال النبي، وجهّزت ثلاثين فارساً من أهل بيتها لذلك، فلاقت جزاءها وقتل الثلاثون.
صفي الرحمن المباركفوري, الرحيق المختوم (الطبعة الأولى)، دار السلام، ص. 337، 1996

أم قرفة في الحديث

إنّ التقرير الموجود في كتاب "الرحيق المختوم" في ما يتعلّق بالحادثة مشتقّ من حديث مسلم صحيح. وعلى الرغم من أنّه جليّ الوصف، إنّ هذا الحديث الصحيح لا يأتي على ذكر مصير أمّ قرفة. وإنّ تقارير الغزوة متطابقة بحسب ابن إسحاق والطبّري، ويؤكّد عليها بشكلٍ كبيرٍ الحديث في صحيح مسلم. فبالرّغم من أنّ تفاصيل مصير أمّ قرفة لم يتمّ ذكرها، إلّا أنّ وجود أمّ قرفة مؤكّد. أمّا التفاصيل المتعلّقة بمصير ابنتها، فقد تمّت روايتها بالتفصيل.

حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ، غَزَوْنَا فَزَارَةَ وَعَلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا فَلَمَّا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَاءِ سَاعَةٌ أَمَرَنَا أَبُو بَكْرٍ فَعَرَّسْنَا ثُمَّ شَنَّ الْغَارَةَ فَوَرَدَ الْمَاءَ فَقَتَلَ مَنْ قَتَلَ عَلَيْهِ وَسَبَى وَأَنْظُرُ إِلَى عُنُقٍ مِنَ النَّاسِ فِيهِمُ الذَّرَارِيُّ فَخَشِيتُ أَنْ يَسْبِقُونِي إِلَى الْجَبَلِ فَرَمَيْتُ بِسَهْمٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْجَبَلِ فَلَمَّا رَأَوُا السَّهْمَ وَقَفُوا فَجِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ وَفِيهِمُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ عَلَيْهَا قِشْعٌ مِنْ أَدَمٍ - قَالَ الْقِشْعُ النِّطَعُ - مَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا مِنْ أَحْسَنِ الْعَرَبِ فَسُقْتُهُمْ حَتَّى أَتَيْتُ بِهِمْ أَبَا بَكْرٍ فَنَفَّلَنِي أَبُو بَكْرٍ ابْنَتَهَا فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا فَلَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي السُّوقِ فَقَالَ ‏"‏ يَا سَلَمَةُ هَبْ لِي الْمَرْأَةَ ‏"‏ ‏.‏ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ أَعْجَبَتْنِي وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا ثُمَّ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْغَدِ فِي السُّوقِ فَقَالَ لِي ‏"‏ يَا سَلَمَةُ هَبْ لِي الْمَرْأَةَ لِلَّهِ أَبُوكَ ‏"‏ ‏.‏ فَقُلْتُ هِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ مَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا فَبَعَثَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ فَفَدَى بِهَا نَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا أُسِرُوا بِمَكَّةَ.‏‏


يوجد تغيّر بسيط في تقرير صحيح مسلم، ولكنّ هذه التغيّرات شائعة بشكلٍ كبير في أدب الحديث. ففي حديث صحيح مسلم، يقود أبو بكر الغزوة بدلاً من زيد بن حارثة الذي وصفه ابن إسحاق والطبري كليهما على أنّه قائدها. أمّا بقيّة التقارير فهي تتطابق بشكل شبه تامّ مع ابن إسحاق والطبّري.

وجهات نظر حديثة وانتقادات لها


نتيجة مستحقة

في وجه الصورة السلبيّة التي ترسمها حادثة أمّ قرفة على صحابة محمد وربّما على محمد نفسه، شعر بعض العلماء المسلمين المعاصرين بالحاجة إلى تفسير إعدام أمّ قرفة على أنّه فعل عقاب بدلاً من أن يكون تنفيذاً لإذن مستند على الشريعة يسمح بإعدام العدوّ بعد عمليّة جهاد ناجحة.


بناءً على تسلسل التقارير المذكورة من قبل ابن سعد وابن هشام فحسب، يقال أنّ غزوة زيد على بني فزارة لم تقع إلّا بعد هجوم أمّ قرفة على موكب كان يقوده زيد إلى سوريا. في المقابل، وبحسب ابن إسحاق وهو مصدر سابق، إنّ الحدث الأوّل زمنيّاً الذي يسبق إعدام أمّ قرفة هو غزو بقيادة زيد لوادي القرى حيث وجدت قبيلة بني فزارة. ويؤكّد المباركفوري في كتاب "الرحيق المختوم" تسلسل الأحداث التي يرويها ابن إسحاق. يجدر بالإشارة أيضاً أنّ قصّة موكب زيد التجاري ليست موجودة في المصادر الصحيحة. إنّ الأحداث التي سبقت إعدام أمّ قرفة هي مثل من بين عدّة أمثال عن التناقضات الموجودة في أعمال السيرة الإسلاميّة الأوّليّة وفي التاريخ الإسلاميّ بشكلٍ عامّ.

الدليل على تحريم اغتصاب الرقيق

قدّم بعض العلماء المسلمين المعاصرين كذلك مثل ابنة أمّ قرفة دليلاً على تحريم الإسلام لاغتصاب الرقيق. ففي حديث صحيح مسلم 19:4345، أُعطي أحد الصحابة واسمه سلامة (بن الأكوع) ابنة أمّ قرفة كجائزة من قبل أبي بكر. وكانت تعتبر "أجمل البنات العرب". وبعد وصول سلامة إلى المدينة، طلب محمد منه تلك الفتاة بغية تقديمها فدية لتحرير بعض الأسرى المسلمين. رفض سلامة مرّتين، ذاكراً كلا المرّتين أنّه "لم يخلع ملابسها بعد". وفي المرّة الثانية، أعاد سلامة ذكر ذلك لمحمد.


إنّ فكرة أنّ سلامة "لم يكن قد خلع ملابسها بعد" تقدّم أحياناّ كدليل على أنّ الرجال المسلمين يحرّم عليهم اغتصاب الرقيق. على العكس، نجد وصف الفتاة على أنّها "من الأجمل"، و أنّها "جائزة" وقد "سحرت" سلامة، وهذا يدلّ على السماح الواضح للرجال باغتصاب الرقيق النساء من خلال المخطوطات الإسلاميّة. وإنّ اعتراف سلامة الواضح وغير المنتقد للنبي بخيبة أمله لأنّه "لم يخلع ملابسها بعد" يوضّح نوايا سلامة الذي أراد اغتصاب الفتاة، وإنّ محمد وصحابته في القيادة الذين لم يأخذوا المسألة بعين الاعتبار كانوا على أتمّ الاستعداد لتسهيل هدف سلامة.