إذا تحب ويكي إسلام فيمكنك التبرع هنا الرجاء ان تدعم المسلمين السابقين في أمريكا الشمالية فهي المنظمة التي تستضيف وتدير هذا الموقع تبرع اليوم

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «أصحاب الكهف في القرآن»

من ویکی اسلام
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
[مراجعة منقحة][مراجعة منقحة]
سطر ١٤٥: سطر ١٤٥:


كما تم تقديم الكثير من المواقع الأخرى، في البلدان الإسلامية، كأماكن محتملة للكهف المذكور في القصة القرآنية. في تركيا (Ammuriyag Hadj Hamza: كهف تحت الأرض لدير يوناني قديم، وطرسوس ؛ مغارة)، وسوريا (دمشق: مسجد أهل الكهف، مع سبع قبلة في القبو)، مصر (القاهرة: مغارة المغواري في المقطم)، وفي شمال إفريقيا هناك الكثير من المواقع. وهذا يشهد فقط على مدى سهولة العثور على كهف ومقبرة ومبنى ديني يقع في نفس الموقع.
كما تم تقديم الكثير من المواقع الأخرى، في البلدان الإسلامية، كأماكن محتملة للكهف المذكور في القصة القرآنية. في تركيا (Ammuriyag Hadj Hamza: كهف تحت الأرض لدير يوناني قديم، وطرسوس ؛ مغارة)، وسوريا (دمشق: مسجد أهل الكهف، مع سبع قبلة في القبو)، مصر (القاهرة: مغارة المغواري في المقطم)، وفي شمال إفريقيا هناك الكثير من المواقع. وهذا يشهد فقط على مدى سهولة العثور على كهف ومقبرة ومبنى ديني يقع في نفس الموقع.
==المراجع==


==المراجع==
==المراجع==

مراجعة ٢٢:٤٩، ٢١ يناير ٢٠٢٤

فوليو من مخطوطة إسلامية مصورة تصور النائمين السبعة والإمبراطور الشرير بقيادة شيطان ذو بشرة داكنة. إيران، قزوين. 1550.

تفسّر الروايةُ الإسلامية القصةَ القرآنية لـ «أصحاب الكهف» تقليديًا على أنها دليل على قوة الله حيث تسبب بأعجوبة في نوم 7 شباب واستيقاظهم بعد أكثر من 300 عام. ومع ذلك، عبر المقارنة مع الوسط الأدبي للقرآن، تكشف الثقافة المسيحيّة في القرن السابع في الشرق الأوسط عن أوجه تشابه لهذه القصّة مع قصّة القديسين السبعة أهل مغارة أفسس، وهي أسطورة مسيحية يعود تاريخها إلى القرن الخامس وتحكي قصة تعرض شباب مسيحيين للاضطهاد من قبل الإمبراطور الروماني الوثني ديسيوس في القرن الثالث. ويبحث الشباب عن مأوى في كهف، وينامون لأكثر من 200 عام، ويغامرون بالخروج ليجدوا أن الإمبراطورية الآن مسيحية. وبعد تأكيد إيمانهم، يموت الشباب ويحتضنهم الرب. وبدلاً من أن تكون القصّة مجرد معرض لقدرة الله، كانت القصة الأصلية مثلًا يهدف إلى التأكيد على قدرة الإيمان المسيحي على التغلب على الاضطهاد، والاحتفال بتنصير الإمبراطورية الرومانية وإجابة للزنادقة في وقت تأليف القصة الذين شككوا في الطبيعة الحرفية للقيامة المادية. ونظرًا لأن القرآن لا يحافظ على القصة بأكملها، ولكن يبدو أنه يشير إليها فحسب، فقد أساء المفسّرون في الأجيال اللاحقة تفسير القصة، وتركوا المكونات الرئيسية وفشلوا في نقل الرسالة الأساسية للمثل الأصلي. وفي العام 2023، نشر الباحث الأكاديمي توماس إيش اكتشافه بأن النسخة المحددة من الحكاية الموجودة في القرآن تتداخل بشكل كبير مع النسخة التي يدرسها رئيس أساقفة كانتربري، ثيودور من طرسوس (ت. 690 م)، والتي يمكن أن تقع في سياق فلسطيني في أوائل القرن السابع.[١]

مقدّمة

تم العثور على قصة أصحاب الكهف في السورة 18 من القرآن، سورة الكهف، والتي سميت السورة بها. إنها تروي قصة مجموعة شابة من المؤمنين، الذين يقعون في نوم خارق للطبيعة في كهف، ليستيقظوا بعد مئات السنين. وهذه القصة تحاكي قصة وجدها أسقف مسيحي يدعى يعقوب سيروغ في العظة السريانية (521 م)[٢]. وتحكي قصته عن سبعة شباب مسيحيين في أفسس (مدينة يونانية قديمة تقع الآن في تركيا الحديثة)، يختبئون من إمبراطور شرير في كهف، ويقعون في نوم خارق للطبيعة لمئات السنين، ويستيقظون ليجدوا أن مسقط رأسهم قد تحول إلى الديانة المسيحية.[٣]

الأساطير المسيحيّة واليهوديّة في القرآن

من المعروف أن القرآن يحتوي على العديد من القصص التي رويت لأول مرة في المجتمعات اليهودية والمسيحية في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وهذا يشمل الحكايات الملفقة والأسطورية التي نشأت في سوريا ما بين القرن الثاني وأوائل القرن السابع الميلادي. وإحدى أكثر هذه القصص انتشارًا كانت أسطورة القديسين أهل مغارة أفسس. وكانت هذه القصة شائعة في كلٍ من أوروبا والشرق الأوسط في خلال العصور الوسطى، وتُرجمت إلى اللاتينية ووجدت طريقها إلى العديد من الأعمال المسيحية في تلك الحقبة. كما أصبحت بارزةً جدًا في العالم الإسلامي بسبب إدراجها في القرآن. وبعد عصر النهضة والتنوير في القرن السادس عشر، فقدت هذه القصة دعم الناس لها ورُفضت إلى حد كبير باعتبارها أسطورية. وبما أن الحكاية غير موجودة في الكتاب المقدس، فقد رفضتها أيضًا غالبية الكنائس المسيحية في العالم من دون أي عواقب لاهوتية. ولم تعد الكنيسة الكاثوليكية الرومانية تحتفل بيوم عيد النيام السبعة في أفسس (يشار إليها الآن داخل الكنيسة على انّها «رواية خيالية بحتة»)، والقصة اليوم غير معروفة تقريبًا بين الكنائس البروتستانتية.

تقليد شفهيّ

في حين أنه من المستحيل معرفة التفاصيل الدقيقة لكيفية معرفة مؤلف (مؤلفي) القرآن لقصة النائمين السبعة، فإننا نعلم أنه وفقًا للرواية الإسلامية نفسها، كان لدى محمد فرص كبيرة ليسمعها في خلال حياته الّتي دامت 62 عامًا. وبحسب المصادر التقليدية، سافر محمد إلى سوريا عندما كان تاجر قافلة وربما سمع القصة هناك. وكان من بين زوار مكة المسيحيين السوريين، الذين كانوا سيعرفون هذه القصة الشعبية أيضًا. كان بإمكان أتباع محمد أيضًا أن يرووا هذه القصة بعد الاتصال بالمجتمعات المسيحية بالقرب من البحر الأبيض المتوسط وفي الجزيرة العربية. باختصار، كانت هناك طرق عديدة يمكن من خلالها سرد هذه القصة لمحمد في خلال حياته.

تداخل كبير مع النسخة اليونانية-الفلسطينية من القرن السابع

كما ذُكر أعلاه، حدد الباحث الأكاديمي توماس إيش في العام 2023 نسخة مكتوبة من الحكاية التي تم تداولها في أوائل القرن السابع في مجتمع الرهبنة الفلسطينية والتي تتداخل بشكل كبير مع الحكاية القرآنية. كتب في خلاصة مقالته:

[...] رئيس أساقفة كانتربري، ثيودور طرسوس (ت. 690) [...] تركز السيرة الذاتية على نقل جماعات الراهب اليونانية الفلسطينية والمصرية بما في ذلك الآثار والنصوص إلى إيطاليا وخاصة روما في خلال القرن السابع. وبعد ذلك، تم توضيح أهمية النصوص الباقية من مدرسة كانتربري لدراسة تاريخ الشرق الأوسط في القرن السابع بنسخة من ما يسمى بأسطورة النائمين السبعة في أفسس المسجلة في تفسير ثيودور التوراتي. وتتداخل نسخة ثيودور المحددة من تلك الأسطورة بشكل كبير مع النسخة الواردة في القرآن في سورة 18 (الكهف). لطالما كان واضحًا أن سورة الكهف تشير إلى أسطورة النائمين السبعة المسيحيين. ومع ذلك، نظرًا لأن جميع الإصدارات الأخرى المعروفة حتى الآن من القصة تختلف اختلافًا كبيرًا عن النسخة في القرآن، فإن العلاقة بين الإصدارات عادة ما يتم تخيلها ضمن نموذج «الإرسال الشفوي». النسخة المسجلة من جلسات ثيودور التعليمية في القرن السابع تسمح لنا الآن برسم صورة أكثر دقة حيث يمكن وضع هذه النسخة المحددة من الأسطورة في فلسطين في القرن السابع.
Part of the abstract from journal article by Thomas Eich (2023)

في مقاله (والباقي مكتوب بالألمانية)، يوضح إيش أن ثيودور قضى الفترة من 640 حتى 668 م في روما في دير القديس أناستاسيوس، وهو مجتمع رهباني يوناني بدأ في الانتقال إلى هناك من فلسطين منذ 630، ربما بسبب الفتح البيزنطي لفلسطين في 629-30، وربما بسبب الفتح العربي في وقت لاحق بعدة سنوات. في العام 669، أرسل البابا ثيودور إلى إنجلترا لشغل المقعد الشاغر كرئيس أساقفة كانتربري، حيث استمرّت تعاليمه لتعكس تعاليم مجتمعه الرهباني اليوناني الفلسطيني السابق وأظهر معرفة بآباء الكنيسة السريانية.

إنه في تعليق كتابي من قبل ثيودور عندما كان في إنجلترا (ظهر في مخطوطتين لاتينيتين من القرن التاسع والقرن الحادي عشر) حيث وجدنا نسخة من قصة النائمين السبعة، مقتبسة أدناه، مع تماثلات استثنائية مع النسخة القرآنية. وعلى عكس جميع الإشارات السريانية المسيحية الأخرى إلى الأسطورة (التي تم تخصيصها جميعًا للمجتمعات في فلسطين، وفي حالة واحدة لنجران في جنوب الجزيرة العربية)، في نسخة ثيودور:

يبدو أن نسخة ثيودور لها أصول سريانية. ويشير إيش إلى أن ثيودور ينسب قصته واستخدامها في سياق زوجة لوط إلى «الآباء الشرقيين». بالإضافة إلى ذلك، فإن المصدر اللاتيني الآخر الوحيد الذي ذكر الكنيسة التي بنيت فوق الكهف هو جريجوري أوف تورز الذي ينسب نسخته إلى مترجم من سوريا. أخيرًا، حقيقة استخدام القصة للإجابة على سؤال حول روح زوجة لوط (سواء بقيت في الجسم حتى يوم القيامة أم لا) ستكون ذات أهمية خاصة في منطقة فلسطين، حيث كان عمود معين من الملح مرتبط بمصيرها بعد أن كان تدمير سدوم مشهدًا معروفًا على طرق الحج في ذلك الوقت.

تحدث رواية ثيودور في جزء من تعليقه التوراتي على إنجيل لوقا. وهو مقتبس أدناه (تمت ترجمته آليًا من مقالة إيش الألمانية، والتي تتضمن أيضًا النص اللاتيني الأصلي).

زوجة (لوط). يعتقد بعض الآباء الشرقيين أن روحها ستبقى فيها حتى يوم الدين. ويستشهدون بمثال الإخوة السبعة الذين فروا من اضطهاد الإمبراطور ديسيوس وجاءوا إلى كهف معين كان على بعد أربعين ميلاً من مدينة أفسس، وكانوا متعبين في المساء، واستسلموا للنوم وكلبهم معهم. وبعد مائتي عام استيقظوا في زمن الإمبراطور ثيودوسيوس الأصغر، جلسوا وناقشوا فيما بينهم حول الذهاب إلى المدينة لشراء الطعام لأنفسهم. ظنوا أنهم ناموا لليلة واحدة. وانطلق اثنان منهم إلى المدينة، وأخذوا الكلب معهم، وأظهروا عملاتهم المعدنية ؛ وقال رجال المدينة، «انظر: هؤلاء الرجال عثروا على كنز وحفروا هذه العملات» - لأن مدخل ديسيوس ظهر على العملات المعدنية. لكنهم أنكروا ذلك وأخبروهم بكل شيء بالترتيب. عندما لم يصدقهم رجال المدينة، أخذوا بعض رجال المدينة معهم كشهود. وعندما عادوا إلى الكهف ودخلوه، سقط فجأة جميع الإخوة السبعة ميتين. ذهب رجال المدينة الذين شهدوا هذه الأحداث مباشرة إلى الإمبراطور ثيودوسيوس وأبلغوه بما حدث بالترتيب الصحيح. جاء ورأى أن الأمر حدث على هذا النحو، وعلى الفور غطاهم بعباءته الأرجوانية، ومن الآن فصاعدًا لم يشك في القيامة، وبنى عليهم بإخلاص كنيسة.
Theodore's Biblical commentary quoted by Thomas Eich

[٤]

توازٍ مع النسخة السريانيّة من قصّة أهل الكهف

قبل تحديد النسخة الفلسطينية المذكورة أعلاه، تم بالفعل تحديد عدد من أوجه التشابه الواضحة بين القصة القرآنية وأسطورة النائمين السبعة في أفسس، على الرغم من وجود الاختلافات أيضًا.

ومن الواضح أن الروايتين تشتركان في الكثير من السمات التي من شأنها أن تشير إلى أنهما في الواقع متماثلتان. وإنها متطابقتان تقريبًا في الأحداث التي تصفانها وكلتاهما تحتويان على أوجه تشابه مذهلة في التفاصيل الرئيسية. تذكر كلتا القصتين الشباب، والكهف، والنوم الطويل، وشراء الخبز بالعملات المعدنية، ويوم الدين. ونظرًا لأن الأسطورة السورية تسبق القصة القرآنية بقرنين تقريبًا، فيجب أن يكون واضحًا أن مؤلف القرآن يعيد سرد القصة السريانية ببساطة. حتى أن القرآن يشير في الآية 18 :9 إلى أن الجمهور على دراية بالقصة كما كان ينبغي أن يكونوا قد «فكّروا» بها، ويشير القرآن ‏سورة الكَهۡفِ:22 إلى أنّ تمّ تداول وجهات نظر مختلفة حول تفاصيل القصة.

مشكلة

تبدأ كلتا القصتين بالقول إن مجموعة من الشباب وقعوا في مشكلة. وبينما يعطي القرآن القليل من التفاصيل حول طبيعة مشكلتهم، تحكي الأسطورة السريانية على وجه التحديد عن إمبراطور يُدعى ديسيوس، كان يجبر المسيحيين على تقديم تضحيات للآلهة الوثنية أو مواجهة الموت.

ولد النيام السبعة في مدينة أفسس. وعندما جاء ديسيوس الإمبراطور إلى أفسس لاضطهاد الرجال المسيحيين، أمر بتحرير المعابد في وسط المدينة، لكي يأتي الجميع معه ليقوموا بالتضحية للأصنام والبحث عن جميع المسيحيين، وإلزامهم بأن يقدموا لهم التضحية، أو أن يموتوا ؛ من الحكمة القول إن كلّ الرجال كانوا خائفين من الآلام التي وعد بها، وأن الصديق تخلى عن صديقه، ونكر الابن والده، والأب ابنه.
The Seven Sleepers (par 1)
إِذْ أَوَى ٱلْفِتْيَةُ إِلَى ٱلْكَهْفِ فَقَالُوا۟ رَبَّنَآ ءَاتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا
وَإِذِ ٱعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا ٱللَّهَ فَأْوُۥٓا۟ إِلَى ٱلْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِۦ وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا

النقش في الكهف

في الرواية القرآنية، يسأل المؤلف عما إذا كان القارئ قد تأمل في أصحاب الكهف ونقوشهم. وإن إدراج كلمة «نقش» (الرقيم في القرآن) هو تفصيل مهم يربط قصة القرآن بقصة النيام السبعة. ففي الأسطورة السريانية، لدينا سرد أكثر تفصيلاً يذكر أن قصة استشهاد الشاب كُتبت ووضعت بالقرب من مدخل الكهف.

أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَٰبَ ٱلْكَهْفِ وَٱلرَّقِيمِ كَانُوا۟ مِنْ ءَايَٰتِنَا عَجَبًا
ثم فكر ديسيوس في ما يجب أن يفعله بهم، وكما كان ليفعل الرب، فقد أغلق باب الكهف حيث كانوا بالحجارة، وذلك بهدف أن يموتوا فيه بسبب الجوع ونقص اللحوم. ثم كتب الخادمان ورجلان مسيحيان، هما ثيودوروس وروفينوس، قصّة استشهادهما ووضعوها بكلّ دقّة بين الحجارة.
The Seven Sleepers (par 2)

فيما لم يذكر القرآن النقش مرة أخرى، إلّا أن النقش يؤدّي دورًا مهمًا في القصة السريانية. فالأشخاص الذين يكتشفون النائمين يستخدمون النقوش للتحقق من صحة قصة الرجال السبعة. ويساعد لك في فهم سبب ذكر مؤلف القرآن لهذه التفاصيل كجزء مما يجب على القارئ «التفكير فيه» (أو "حسبانه").

ودخل مالشوس أولاً إلى الكهف إلى زملائه، وتبعه الأسقف. ووجدوا بين الحجارة الرسائل مختومة بختمين من الفضة. ثم ناداهم الأسقف وجاءوا إلى هناك، وقرأها أمامهم جميعًا، حتى شعروا لدى سماعهم كل ذلك بالخجل والاندهاش.
The Seven Sleepers (par 3)

بين المعلقين القرآنيين الأوائل، يبدو أن هناك قدرًا كبيرًا من الخلاف حول المعنى الدقيق لكلمة "الرقيم" التي ترجمها جميع المترجمين الإنجليز الأساسيين على أنها تعني "نقش". أمّا سعيد بن جبير، الذي يحظى بأعلى تقدير من قبل علماء التقاليد الإسلامية الشيعية والسنية، سجل رأيه في تفسير ابن كثير الكلاسيكي. ويروي ابن كثير أن سعيد بن جبير قال إن «الرقيم» كان بالفعل نقشًا موضوعًا عند مدخل الكهف. وهذا يؤكد الصلة المباشرة بالأسطورة السريانيّة.

وَأَمَّا "الرَّقِيمُ"](٩) فَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ وَادٍ قَرِيبٌ مِنْ أيلَة. وَكَذَا قَالَ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ، وَقَتَادَةُ.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: أَمَّا "الْكَهْفُ" فَهُوَ: غَارُ الْوَادِي، وَ "الرَّقِيمُ": اسْمُ الْوَادِي. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: "الرَّقِيمُ": كَانَ(١٠) بُنْيَانَهُمْ(١١) وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: هُوَ الْوَادِي الَّذِي فِيهِ كَهْفُهُمْ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ سِمَاك، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: "الرَّقِيمُ"، قَالَ: يَزْعُمُ كَعْبٌ أَنَّهَا الْقَرْيَةُ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "الرَّقِيمُ" الْجَبَلُ الَّذِي فِيهِ الْكَهْفُ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ [مُجَاهِدٍ عَنِ](١٢) ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اسْمُ ذَلِكَ الْجَبَلِ بَنْجَلُوسُ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي وَهْبُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ شُعَيْبٍ الْجَبَّائِيِّ: أَنَّ اسْمَ جَبَلِ الْكَهْفِ بَنْجَلُوسُ، واسم الكهف حيزم، والكلب حمران. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْقُرْآنُ أَعْلَمُهُ إِلَّا حَنَانًا، وَالْأَوَّاهَ، وَالرَّقِيمَ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا أَدْرِي مَا الرَّقِيمُ؟ أَكِتَابٌ أَمْ بُنْيَانٌ؟

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الرَّقِيمُ: الْكِتَابُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: [الرَّقِيمُ](١٣) لَوْحٌ مِنْ حِجَارَةٍ، كَتَبُوا فِيهِ قِصَصَ أَصْحَابِ الْكَهْفِ(١٤) ثُمَّ وَضَعُوهُ عَلَى بَابِ الْكَهْفِ.

[٥]

خلاف حول الوقت في الكهف

في إعادة سرد الأسطورة السريانية، هناك بعض الخلاف حول الوقت الذي كان فيه النائمون في الكهف. على ما يبدو، كان هذا الخلاف بين المسيحيين كان لا يزال يمثل مشكلة في القرن السابع عندما تم سرد هذه القصة لأول مرة للمجتمع المؤمن الإسلامي الأوّلي. ويروي القرآن أن الله قد أيقظ النائمين كوسيلة لاختبار من يمكنه حساب طول إقامتهم [في الكهف] بشكل أفضل.

فَضَرَبْنَا عَلَىٰٓ ءَاذَانِهِمْ فِى ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ثُمَّ بَعَثْنَٰهُمْ لِنَعْلَمَ أَىُّ ٱلْحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُوٓا۟ أَمَدًا
ومن المشكوك فيه أن يقال أنهم ناموا ثلاثمائة واثنين وستين عاما، لأنهم نشأوا سنة ربنا أربعمائة وثمانية وسبعين، وديسيوس حكم سنة وثلاثة أشهر فقط، وكان ذلك في عام ربنا مائتين وسبعين، وهكذا يكونون قد ناموا مائتين وثمانية أعوام فقط.
The Seven Sleepers (par 4)

فتية

من التفاصيل المهمة الأخرى بين القصتين أن الأصحاب يطلق عليهم اسم «فتية». كان هذا على الأرجح أداة أدبية في القصة الأصلية لإظهار أن الشباب كانوا أكثر ورعًا وحماسة في إيمانهم من المؤمنين الأكبر سنًا. وبالمثل، تؤكد القصة القرآنية على أنّ عمرهم جدال ضد أولئك العالقين في الاعتقاد نفسه مثل أسلافهم.

وعندما أخذوا تصفيتهم وجلسوا في البكاء والنحيب، فجأة، كما شاء الله، ناموا، وعندما جاء في الصباح تم البحث عنهم ولم يتم العثور عليهم. لذلك كان ديسيوس حزينا لأنه فقد هؤلاء الشبان.
The Seven Sleepers (par 2)
نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِٱلْحَقِّ ۚ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ ءَامَنُوا۟ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَٰهُمْ هُدًى وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا۟ فَقَالُوا۟ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَا۟ مِن دُونِهِۦٓ إِلَٰهًا ۖ لَّقَدْ قُلْنَآ إِذًا شَطَطًا

إدراك الوقت

على الرغم من أن الشباب ناموا في الكهف لمئات السنين، إلا أنهم اعتقدوا أنهم ناموا يومًا واحدًا فقط.

ثم استيقظ هؤلاء القديسون، الذين كانوا في الداخل، وقاموا وصافحوا بعضهم البعض، وكانوا يعتقدون حقًا أنهم ناموا ليلة واحدة فقط، وتذكروا الثقل الذي كان لديهم في اليوم السابق.
The Seven Sleepers (par 3)
وَكَذَٰلِكَ بَعَثْنَٰهُمْ لِيَتَسَآءَلُوا۟ بَيْنَهُمْ ۚ قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ ۖ قَالُوا۟ لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۚ قَالُوا۟ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَٱبْعَثُوٓا۟ أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَٰذِهِۦٓ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا

مال من أجل الخبز

تشابه آخر بين القصتين هو أن كلتاهما تذكران أن أحد الأصحاب يذهب إلى المدينة لشراء الخبز بالعملات المعدنية. وتقول الأسطورة السريانية أن اسم الشخص الذي يشتري الخبز هو مالخوس.

أمر مالخوس بالذهاب وشراء الخبز في المدينة، ودفعه لإحضار أكثر مما فعل بالأمس، وكذلك للاستفسار والمطالبة بما أمر به الإمبراطور. ثم أخذ مالشوس خمسة شلنات، وخرج من الكهف، وعندما رأى البنائين والحجارة قبل الكهف، بدأ يباركه، وكان مندهشًا كثيرًا.
The Seven Sleepers (par 3)
...فَٱبْعَثُوٓا۟ أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَٰذِهِۦٓ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا

الخوف من الأسر

في أثناء محاولته شراء الخبز في المدينة، تم اعتقال مالخوس من قبل سكان المدينة الذين اندهشوا من أن لديه عملة قديمة بحوزته. وكان يخشى أن يكون الإمبراطور وسكان البلدة وثنيين سيعاقبونه. وفي القصة القرآنية، يحذر أحد الأصحاب الآخر من أن يقبضوا عليه خوفًا من إجباره على العودة إلى الشرك.

وعندما رآهم مالخوس يتحدثون معًا، لم يشك في أنهم سيقودونه إلى الإمبراطور، وكان خائفًا، وطلب منهم أن يسمحوا له بالرحيل، وأن يحتفظوا بالمال والخبز، لكنهم أوقفوه، وقالوا له: من أين أنت ؟ لأنك وجدت كنزًا للأباطرة القدامى، أظهره لنا، وسنكون رفقاء معك ونبقيه سراً.
The Seven Sleepers (par 3)
إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا۟ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِى مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوٓا۟ إِذًا أَبَدًا

يوم القيامة

تقول كلٌ من الأسطورة السريانية والقصة القرآنية أن الشباب استيقظوا كوسيلة لتقوية إيمان المؤمنين في يوم القيامة الأخير.

وبمجرد أن رأى قديسي ربنا المباركين الإمبراطور يأتي، أشرقت رؤيتهم مثل الشمس. ودخل الإمبراطور حينها، ومجد ربنا واحتضنهم، باكيًا على كل منهم، وقال: أراك الآن كما يجب أن أرى ربنا يرفع لعازر. ثم قال له ماكسيميان: صدقنا، لأن ربنا رفعنا قبل يوم القيامة العظيمة. وحتى النهاية أنك تؤمن إيمانًا راسخًا بقيامة الموتى، نقوم حقًا كما ترى هنا، ونعيش.
The Seven Sleepers (par 4)
وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوٓا۟ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَآ إِذْ يَتَنَٰزَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا۟ ٱبْنُوا۟ عَلَيْهِم بُنْيَٰنًا ۖ رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُوا۟ عَلَىٰٓ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا

مكان عبادة في الكهف

يذكر القرآن أنه تم بناء مكان للعبادة في موقع الكهف بعد الأحداث التي يصفها. ومن المثير للاهتمام أن كنيسة بنيت على المكان المزعوم للمعجزة في أفسس. وكان هذا الكهف وجهة للحجاج لما يقرب الألف عام. وبحلول أواخر القرن السادس، احتوت هذه الكنيسة على هياكل رخامية وضريح كبير مقبب[٦]. كانت هذه المعلومات معروفة للمسيحيين في سوريا ومن المحتمل أنها انتقلت إلى مؤلف الآيات القرآنية أيضًا.

ثم أمر بصنع قبوراً ثمينة من الذهب والفضة، ودفن أجسادهم فيها. وفي نفس الليلة ظهروا للإمبراطور، وقالوا له إنه يجب أن يستلقوا على الأرض كما كانوا قد استلقوا حتى ذلك الوقت الذي قوّمهم فيه ربنا، وحتى الوقت الذي يجب أن ينهضوا فيه مرة أخرى. وم أمر الإمبراطور بأن المكان يجب أن يزين بنبل وغني بالأحجار الكريمة، ويجب أن يتم الغفران لجميع الأساقفة الذين يعترفون بالقيامة.
The Seven Sleepers
وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوٓا۟ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَآ إِذْ يَتَنَٰزَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا۟ ٱبْنُوا۟ عَلَيْهِم بُنْيَٰنًا ۖ رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُوا۟ عَلَىٰٓ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا

عدد النيام

لم يقدم صاحب هذه الآيات في القرآن إجابة قاطعة عن عدد النائمين، مشيرًا إلى احتمال وجود ثلاثة أو خمسة أو سبعة. وتقول الأسطورة السريانيّة بوضوح وبشكل قاطع في الجملة الأولى أن القصة تدور حول سبعة أشخاص نائمين.

ولد النيام السبعة في مدينة أفسس.
The Seven Sleepers (par 1)
سَيَقُولُونَ ثَلَٰثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًۢا بِٱلْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُل رَّبِّىٓ أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَآءً ظَٰهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا

النوم لمئات السنين

تشير كلتا الروايتين إلى أن الشباب ناموا لمئات السنين. وجاء في القرآن أنّ المدّة بلغت 300 عام والنسخة السريانيّة تشير إلى أن المدّة كانت أقرب إلى 200 عام. هناك تباين كبير في الإصدارات المختلفة من أسطورة أصحاب الكهف في ما يتعلق بالإطار الزمني الذي ناموا لمدّته. ذلك على الرغم من أن كلّها أطول من 200 عام.

وَلَبِثُوا۟ فِى كَهْفِهِمْ ثَلَٰثَ مِا۟ئَةٍ سِنِينَ وَٱزْدَادُوا۟ تِسْعًا
...وناموا لمدّة مئتين وثمانية أعوام.
The Seven Sleepers (par 4)

تعرف الرواية السريانية ان الامبراطور الذي اضطهد الشبان السبعة هو تراجان ديسيوس، الذي حكم من سنة ٢٤٩ - ٢٥١ م. منذ أن نشأت القصة لأول مرة في منتصف القرن الخامس (حوالي 450 الميلادي)، سيكون النوم لمدة 200 سنوات هو الرقم الأكثر دقة. بالنظر إلى هذا الارتباط، قام بعض العلماء والمدافعين الإسلاميين في العصر الحديث بالترويج لعدد 300 في القرآن، وأعادوا تفسيره على أنه رقم أعطاه الناس في ذلك الوقت وليس رقمًا نهائيًا قدمه الله.

اختلافات مع النسخة السريانيّة

في حين أن هناك الكثير من أوجه التشابه وهي تصف بوضوح الأحداث نفسها، إلا أن هناك أيضًا بعض الاختلافات الرئيسية بين الإصدارين القرآني والسرياني.

غموض القرآن

يبدو أن مؤلف الرواية القرآنية غير واضح في بعض التفاصيل. فهو يرفض إعطاء عدد دقيق من النائمين، وبدلاً من ذلك يعطي مجموعة غامضة من الأرقام ويقول إن الله وحده هو الذي يعرف الرقم الصحيح. كما أنه ليس محددًا في الإطار الزمني، حيث يقدم عددًا من السنوات ولكن لا شيء نهائي. ولم يذكر أي أسماء، ولم يذكر مكان وقوع هذه الأحداث، ولم يذكر متى حدثت هذه القصة. وتشير هذه الأدلة إلى أن صاحب البلاغ كان على دراية غامضة بالقصة وربما لم يكن بإمكانه الحصول على نسخة مكتوبة كاملة ؛ وربما تم نقل القصة إليه شفهيًا .

الهدف من القصّة والشرك

يبدو أن الغرض من القصة السريانية هو تأكيد القيامة الجسدية في يوم القيامة.[٧] وبينما تشير القصة القرآنية إلى يوم القيامة، فإنها لا تذكر القيامة. في الواقع، الغرض المعلن للقصة هو "وَيُنذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُوا۟ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدًا"[٨](أي المسيحيين الثالوثيين). والموقف الإسلامي السائد فيما يتعلق بالعقيدة المسيحية في الثالوث هو أنه يشكل فعل «شرك» (خطيئة ممارسة عبادة الصنم أو الشرك) ويجعل المرء «مشركًا».[٩][١٠] لذلك، أخذ القرآن قصة كتبها المسيحيون وأعاد صياغتها في مهاجمة ضدّ المسيحيين.


الدقّة التاريخيّة

منذ وجودها في القرآن، دافع العلماء والمدافعون الإسلاميون عن الدقة التاريخية للقصة.[١١] ومع ذلك، هناك أسباب مهمة للشك في صحتها التاريخية. فليس من المستحيل علميًا أن يعيش جسم الإنسان ثلاثمائة عام فحسب، بل هناك أدلة جيدة على أن هذه القصة ربما تم اختراعها كجدل سياسي ولاهوتي داخل الكنيسة المسيحية السريانيّة. وتشير هذه الحقائق، جنبًا إلى جنب مع الروابط مع الكثير من الأساطير الموجودة مسبقًا حول الأبطال النائمين، بقوة إلى أنه يجب وضع قصة أصحاب الكهف هذه في فئة الأسطورة.

العلم

الشخص الذي بقي على قيد الحياة لأطول مدّة، تم التحقق من تواريخ ميلاده ووفاته وفقًا للمعايير الحديثة لكتاب غينيس للأرقام القياسية العالمية ومجموعة أبحاث علم الشيخوخة، وكانت جين كالمينت، وهي امرأة فرنسية عاشت حتى سن 122. وقد زاد العمر الأقصى المسجل للبشر من أقل من 100 بقليل في القرن الثامن عشر إلى 122 سنة في القرن الحادي والعشرين ؛ إذا عدنا إلى القرن السابع كان الحد الأقصى للعمر أقل بكثير. لذلك، ينبغي النظر الى اي سرد للبشر الذين يعيشون بعد قرن من الزمان بتشكك شديد. ويقول الدكتور مايك ستراود، كبير المحاضرين في الطب والتغذية في جامعة ساوثهامبتون في إنجلترا، إن «جسم الإنسان العاديّ في حالة الراحة، الذي لا يفعل شيئًا على الإطلاق، ينتج حوالي 100 واط من حرارة الجسم، والتي يمكن أن تشغّل مصباحاً كهربائياً».[١٢] بدون هذه الحرارة والطاقة، ستبدأ الخلايا في التحلل وستفشل الأعضاء. ومن أجل الحفاظ على هذه الطاقة، يحتاج البشر إلى الغذاء والماء ؛ بعد شهرين من عدم وجود طعام وماء، سيتوقف جسم الإنسان عن العمل.[١٣] حتى في نوم يشبه السبات، سيكون من المستحيل الوصول إلى عمر ثلاثمائة عام.


أساطير البطل النائم

هناك تقليد طويل في الثقافات القديمة من الأساطير حول الحفاظ على الأبطال المهمين. وأحد هذه الأمثلة على هذا الفولكلور يأتي من بلاد فارس. وفي اساطيرهم، كان الخالدون ابطالا قدامى ظلوا ينامون نوما عميقا حتى يوم القيامة، عندما يستيقظون ليساعدوا المنتظر المعين على انقاذ عالم من القسوة والظلم[١٤]. وكثير من القصص صورت هؤلاء المنقذين على أنهم سبعة شخصيات من الذكور[١٥].

يمكن العثور على هذا الفكرة الأسطورية في الكثير من الثقافات الشرق أوسطية أيضًا، بما في ذلك التقاليد اليهودية والمسيحية. فيحتوي كتاب المكابيين، وهو كتاب ملفق يفصل أفعال المتمردين اليهود الذين عارضوا الحكم الروماني من 164 قبل الميلاد إلى 63 قبل الميلاد، على قصة أم تقية وسبعة أشقاء. وكانت هذه العائلة مضطهدة من قبل ملك شرير يجبرهم على أكل لحم الخنزير. وكانوا يرفضون ويتعرضون للتعذيب حتى الموت بدلاً من التخلي عن عقيدتهم وعاداتهم اليهودية.[١٦] تم تبجيل هؤلاء الإخوة السبعة كقديسين لأجيال عديدة، مما أدى إلى تفريخ طوائف مكرسة للحفاظ على قصتهم. ومع ذلك، نظرًا لأن اليهود تعرضوا للاضطهاد ولم يحظوا بشعبية بحلول القرن الرابع، بدأت الاختلافات المسيحية لهذه الأسطورة في الانتشار، بما في ذلك قصة القديسة فيليسيتاس وأبنائها السبعة. ويؤكد الدكتور ألبريخت بيرغر، أستاذ الدراسات البيزنطية في جامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونيخ، أن هناك علاقة واضحة بين هذه الاختلافات في القصة المكابية لسبعة إخوة والأسطورة المسيحية للنائمين السبعة، حيث تم تكييف القصة اليهودية لاحقًا. [١٧]

واستمر تقليد الأبطال النائمين إلى ما بعد القرن السابع. يمكن العثور على عشرات الأمثلة على هذه الأنواع من القصص في أدب العصور الوسطى[١٨]. في العصور الحديثة، تصوّر قصة «ريب فان وينكل» للكاتب الأمريكي واشنطن إيرفينغ (1819) رجلاً يتسلق إلى جبل، ويقع في نوم سحري لمدة عشرين عامًا، ويعتقد أن يومًا واحدًا فقط قد مر، ويعود إلى بلدته ليدرك أنه لا يتعرف على أحد، ويكتشف أن المجتمع قد تغير بشكل كبير.

أصول الأسطورة

في حين أن القصة الكاملة للنائمين السبعة لم تكتب لأول مرة حتى القرن السادس، كانت القصة معروفة في سوريا بحلول منتصف القرن الخامس. وقد ذكرها لأول مرة الأسقف ستيفن من أفسس (ج. 448-451 م) [١٩] كما أشار إليه الأسقف زكريا من ميتيلين (ج. 465-536 م).[٢٠] وفي خلال هذه الفترة الزمنية، كان هناك عدد من الخلافات اللاهوتية في المجتمعات المسيحية السريانيّة[٢١][٢٢]. وكانت طبيعة قيام الجسد من بين هذه الخلافات. أطلق عليه اسم الجدل الأوريجيني، على اسم الكاتب المسيحي المهرطق ورجل الدين أوريجانوس، وبدأ هذا الخلاف اللاهوتي في مصر خلال أواخر القرن الرابع وبحلول منتصف القرن الخامس انتشر في آسيا الصغرى. فادعى الأوريجينيون أن جسد المؤمن المقام لم يكن نفس الجسد الذي كان لديه خلال الحياة. يسجل ستيفن أن الأساقفة في عصره اعتبروا معجزة النائمين السبعة إجابة إلهية للجدل. وفي عمله، يستخدم زكريا من ميتيلين قضية النائمين السبعة كدليل للدفاع عن الموقف الأرثوذكسي من القيامة:

سأضع هنا حقيقة القيامة، التي حدثت في أيام ثيودوسيوس الملك، لجثث الأحداث السبعة الذين كانوا في كهف في قضاء أفسس، وسجلات السريان؛ لإبقائهم في ذكرى القديسين ولمجد الله القادر على فعل كل شيء.
Zachariah of Mitylene, Syriac Chronicle: Book II, Ch. 1

يبدو من الملائم جدًا أن تحدث معجزة الحفظ الجسدي هذه فجأة في ذروة جدل لاهوتي حول قيامة الجسد المادي. ويؤدي هذا بطبيعة الحال إلى الشك في الطبيعة التاريخية لهذه الأحداث، بدلاً من الإشارة إلى القصة التي يتم اختراعها فقط كجدال لجانب واحد في نقاش لاهوتي.

كهف النيام السبعة

يقع الكهف خارج مدينة أفسس القديمة في تركيا، وهو عبارة عن شبكة من سراديب الموتى والمقابر والقبور حول كهف على المنحدر الشرقي لتل باناييرداغ. وأثبتت الأدلة الأثرية التي تم جمعها في عشرينيات القرن الماضي أن بعض المقابر في الموقع في أفسس تعود إلى منتصف القرن الخامس، لكنها أظهرت أيضًا أن الكهف كان قيد الاستخدام قبل قرنين على الأقل. ومن بين العناصر التي تم جمعها شظايا فخارية عليها رموز مسيحية إلى جانب نقوش على الجدران مخصصة للنيام السبعة. واحتوت قطع أخرى من الفخار على صور للآلهة اليونانية والرومانية.[٢٣]

في حين أن هذه الأدلة تؤكد أن الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من أفسس ربطوا المدفونين في هذا الموقع بأسطورة النائمين إلّا أنها لا تؤكد الأحداث الفعلية للقصة. وما تظهره هو أن الأسطورة بدأت في وقت ما في منتصف القرن الخامس وكان هذا الموقع مرتبطًا بالقصة في الوقت نفسه تقريبًا. يشير المؤرخ إرنست هونيجمان:

في ضوء الأدلة الأثرية، يبدو الآن أنه لا جدال على أن في منتصف القرن الخامس، كان سبعة شباب من أفسس يؤمنون حقًا أو يحاولون جعل الآخرين يؤمنون أنهم تعرضوا للاضطهاد في وقت ديسيوس، وأن شخصية كنسية رفيعة المستوى، في نوع من خداع الذات الحماسي، أخذت تأكيدهم الغريب كأمر مسلّم به، وزوّده بذلك بالأسلحة التي يحتاجها لدحض بعض الزنادقة وتحقيق انتصار الأرثوذكسية.
Stephen of Ephesus and the Legend of the Seven Sleepers, p. 168

لا تزال مسألة ما إذا كانت هذه القصة لها جوهر تاريخي أم لا موضوعاً للنقاش. ومع ذلك، يبدو أن الأدلة تشير إلى قبول سريع للأسطورة بناءً على الرغبة في أن تكون صحيحة بدلاً من تقييم محسوب للأدلة.

أبو علندا في عمّان، الأردن

يقع هذا الموقع بالقرب من عمان في الأردن، وقد تم تحديده على أنه الموقع المذكور في سورة الكهف. واكتشفه عالم الآثار الأردني رفيق وفاء الدجاني عام 1963م.[٢٤] وأصبح الكهف والمقبرة وجهة سياحية ويشير إليها السكان المحليون باسم الرقيم أو (كهف) النقش. ومع ذلك، بخلاف التقاليد المحلية، يبدو أن هناك القليل الذي يربط هذا الموقع بقصة أصحاب الكهف.

يبدو أن الموقع هو موقع دفن بيزنطي روماني قديم، ولكن هناك الآلاف من هذه المواقع في جميع أنحاء المنطقة مع ما يقرب من 750 في منطقة وادي الأردن الشمالي إربد وحدها.[٢٥] غالبًا ما كانت هذه المقابر تحتوي على بقايا عدة أشخاص وكانت تقع عادةً في سفوح التلال والكهوف أو حولها. في الواقع، هناك عدد من المقابر المقطوعة بالصخور المماثلة في المنطقة القريبة من هذا الكهف في أبو علندا.[٢٦] وبدون أي نوع من النقوش أو سمات التعريف الأخرى، لا يوجد سبب يُذكر لتمييز هذا الموقع بالذات باعتباره الموقع المذكور في القرآن. وحتى ادعاءات كنيسة قديمة صغيرة، تم تحويلها لاحقًا إلى مسجد في الموقع، تقدم القليل من الأدلة الداعمة حيث تم بناء الكنائس والكنائس الصغيرة بالقرب من مواقع القبور.

ادعاءات أخرى زائفة أنه تم العثور على رفات سبعة أفراد وهيكل عظمي لكلب في الكهف، إلى جانب اكتشاف العملات النحاسية، لا يمكن التحقق منها لأن العمل الأثري الذي تم في الستينيات لم يؤرخ بشكلٍ مؤكّد العناصر الموجودة في الموقع[٢٧]. وإنّ البقايا البشرية، والعملات المعدنية والمجوهرات شائعة جدًا في جميع المقابر البيزنطية في المنطقة.[٢٨] بدون تأريخ مناسب، ليس لدينا طريقة للتحقق مما إذا كانت الرفات في هذا الموقع تسبق تاريخ القصة القرآنية أو إذا كانت قد وُضعت هناك في وقت ما خلال الـ1400 عام السابقة. ويحتوي الكهف على أربعة توابيت فقط، مما يعني أنه لم يكن من المفترض أبدًا أن تحمل رفات سبعة أشخاص.

كما تم تقديم الكثير من المواقع الأخرى، في البلدان الإسلامية، كأماكن محتملة للكهف المذكور في القصة القرآنية. في تركيا (Ammuriyag Hadj Hamza: كهف تحت الأرض لدير يوناني قديم، وطرسوس ؛ مغارة)، وسوريا (دمشق: مسجد أهل الكهف، مع سبع قبلة في القبو)، مصر (القاهرة: مغارة المغواري في المقطم)، وفي شمال إفريقيا هناك الكثير من المواقع. وهذا يشهد فقط على مدى سهولة العثور على كهف ومقبرة ومبنى ديني يقع في نفس الموقع.

المراجع

  1. Eich, Thomas. Muḥammad und Cædmon und die Siebenschläferlegende. Zur Verbindung zwischen Palästina und Canterbury im 7. Jahrhundert (abstract in English), Der Islam, vol. 100, no. 1, 2023, pp. 7-39. https://doi.org/10.1515/islam-2023-0003
  2. Reynolds, Gabriel Said. "Seven Sleepers" in Medieval Islamic Civilization, ed Josef W. Meri, Routledge, 2004, p. 720, ISBN 9780415966900
  3. Jacobus de Voragine, Archbishop of Genoa, 1275 First Edition Published 1470. "Seven Sleepers" in The Golden Legend: Volume IV (archived).
  4. The Latin text from M. Bischoff and M. Lapidge (eds.) (1994) "Biblical Commentaries from the Canterbury School of Theodore and Hadrian. Cambridge: Cambridge Univesity Press, pp. 416-419 is also quoted in Eich's article as a footnote to his German translation.
  5. Ibn Kathir, "The Story of the People of Al-Kahf" in Quran Tafsir Ibn Kathir, accessed December 3, 2013 (archived).
  6. Holly Hayes, "Cave of the Seven Sleepers, Ephesus", Sacred-Destinations, accessed December 4, 2013 (archived)
  7. For instance, one of the youths states, "Believe us, for forsooth our Lord hath raised us tofore the day of the great resurrection. And to the end that thou believe firmly the resurrection of the dead people, verily we be raised as ye here see, and live." (The Seven Sleepers: par 4) ↑
  8. القرآن ‏سورة الكَهۡفِ:4
  9. Is the trinity that the Christians believe in mentioned in Islam?", Islam Q&A, Fatwa No. 12713 (archived).
  10. "The difference between the mushrikeen and the kuffaar, and to which category do the Jews and Christians belong?", Islam Q&A, Fatwa No. 67626 (archived).
  11. Joseph A Islam, "The Sleepers of the Cave - The Quran, Historical Sources and Observations", The Quran and its Message, January 25, 2013 (archived)
  12. Lauren Everitt, Chi Chi Izundu, "Who, What, Why: How long can someone survive without food?", BBC News Magazine, February 20, 2012 (archived). ↑
  13. Dr. Alan D. Lieberson, "How long can a person survive without food?", Scientific American, November 8, 2004 (archived)
  14. Mahvash Vahed Doost, "Mythological phenomena in Ferdowsi's Shahnameh", Toos Publications, p. 389, 1989.
  15. Ibrahim Pour Davood, "Yashts. Ed. & Interpretation. 2nd vol.", Tehran: Asatir Publications, p. 77, 1998.
  16. http://www.biblegateway.com/passage/?search=2+Maccabees+7&version=GNT
  17. Albrecht Berger, Gabriela Signori (ed.), "Dying for the Faith, Killing for the Faith: Old-Testament Faith-Warriors (1 and 2 Maccabees) in Historical Perspective", BRILL, 2012, pp. 114-118, ISBN 9789004211056, 2012
  18. D. L. Ashliman, "Sleeping Hero Legends", University of Pittsburgh, August 2, 2013 (archived)
  19. Clive Foss, "Ephesus after Antiquity: A Late Antique, Byzantine and Turkish City", Cambridge University Press, p. 43, 1979. ↑ Jump up to:20.0 20.1
  20. F. J. Hamilton, D.D. and E. W. Books (trans.), "Zachariah of Mitylene, Syriac Chronicle: Book II Chapter 1", M.A. Methuen & Co, 1899 (archived)
  21. Peter L’Huillier, "The Church of the Ancient Councils", Crestwood, New York: St. Vladimir’s Seminary Press, pp. 199-201, 1996.
  22. Richard Price and Michael Gaddis, "The Acts of the Council of Chalcedon vol. 3", Liverpool University Press, pp. 1-3, 2007.
  23. Ernest Honigmann, “Stephen of Ephesus and the Legend of the Seven Sleepers,” in Patristic studies (Studi e testi), Biblioteca apostolica vaticana, 1953 ↑
  24. "Kahf Ahl Al-Kahf (Cave of the Cavemen)", Greater Amman Municipality, accessed December 5, 2013 (archived)
  25. Palumbo, G., 1994. Jordan Antiquities Database and Information System. Amman: American Center for Oriental Research. Cited in: Jerome C. Rose & Dolores L. Burke, "Making Money from Buried Treasure", Culture Without Context, Issue 14, Spring 2004 (archived)
  26. Matthew Teller, "Jordan", Rough Guides, p. 106, ISBN 9781858287409, 2002
  27. Ghassan Taha Yaseen, "Qur’an and Archeological Discoveries: Evidence from the Near East", World Journal of Islamic History and Civilization, 1 (3): 201-212, 2011. ISSN 2225-0883 (archived)
  28. Jerome C. Rose & Dolores L. Burke, "Making Money from Buried Treasure", Culture Without Context, Issue 14, Spring 2004 (archived)