إذا تحب ويكي إسلام فيمكنك التبرع هنا الرجاء ان تدعم المسلمين السابقين في أمريكا الشمالية فهي المنظمة التي تستضيف وتدير هذا الموقع تبرع اليوم
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «القرآن والحديث والعلماء: محمد والغنيمة»
[مراجعة منقحة] | [مراجعة منقحة] |
لا ملخص تعديل |
|||
(٥ مراجعات متوسطة بواسطة ٣ مستخدمين غير معروضة) | |||
سطر ١: | سطر ١: | ||
{{القرآن_والحديث_والعلماء}} | |||
بحسب التقليد الإسلامي، انخرط المجتمع الإسلاميّ الأوّلي في صراع شبه دائم مع القبائل العربية المجاورة واليهود المحليين ووثنيي مكة. وأول وثيقة مؤرخة بشكل مستقلّ تتحدّث عن محمد نمتلكها هي الوثيقة الإغريقية Διδασκαλία Ἰακώβου ''Didaskalia Iacobou'' (أي تعاليم يعقوب) التي تشير إلى أنّ النبي ورجاله أتوا إلى فلسطين "مسلّحين بالسيف". ودائماً ما صحب النهب والسلب الحروب في تلك الحقبة من التاريخ بالأخص من قبل الجيش الفائز فيها، وإنّ موضوع أخذ الغنيمة يُذكر مراراً وتكراراً في المصادر الإسلامية الأولية، فهو بذلك عامل مهمّ، بل دافع للحركة الإسلامية الأولية. يصور الحديث والسيرة محمداً على أنه قائد معارك عربي نموذجيّ، يهتمّ بشأن الغنيمة وتدفعه حاجته إلى الحصول على المزيد منها إلى القتال. | |||
==أحل الله الغنيمة لمحمد== | ==أحل الله الغنيمة لمحمد== | ||
سطر ٥٤: | سطر ٥٥: | ||
==النهب== | ==النهب== | ||
{{اقتباس|{{البخاري|5|59|541}}|حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ حَدَّثَنِي ثَوْرٌ، قَالَ حَدَّثَنِي سَالِمٌ، مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ـ رضى الله عنه ـ يَقُولُ افْتَتَحْنَا خَيْبَرَ، وَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلاَ فِضَّةً، إِنَّمَا غَنِمْنَا الْبَقَرَ وَالإِبِلَ وَالْمَتَاعَ وَالْحَوَائِطَ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى وَادِي الْقُرَى، وَمَعَهُ عَبْدٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ، أَهْدَاهُ لَهُ أَحَدُ بَنِي الضِّبَابِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ حَتَّى أَصَابَ ذَلِكَ الْعَبْدَ، فَقَالَ النَّاسُ هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا ". فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِشِرَاكٍ أَوْ بِشِرَاكَيْنِ، فَقَالَ هَذَا شَىْءٌ كُنْتُ أَصَبْتُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ ".}}{{اقتباس|{{البخاري|4|52|276}}|حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ ـ رضى الله عنهما ـ يُحَدِّثُ قَالَ جَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ ـ وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلاً ـ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ فَقَالَ " إِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ، فَلاَ تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ هَذَا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا الْقَوْمَ وَأَوْطَأْنَاهُمْ فَلاَ تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ " فَهَزَمُوهُمْ. قَالَ فَأَنَا وَاللَّهِ رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ قَدْ بَدَتْ خَلاَخِلُهُنَّ وَأَسْوُقُهُنَّ رَافِعَاتٍ ثِيَابَهُنَّ، فَقَالَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ الْغَنِيمَةَ ـ أَىْ قَوْمِ ـ الْغَنِيمَةَ، ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ فَمَا تَنْتَظِرُونَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ أَنَسِيتُمْ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّ النَّاسَ فَلَنُصِيبَنَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ. فَلَمَّا أَتَوْهُمْ صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ فَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ، فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ اثْنَىْ عَشَرَ رَجُلاً، فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ أَصَابَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً سَبْعِينَ أَسِيرًا وَسَبْعِينَ قَتِيلاً، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُجِيبُوهُ ثُمَّ قَالَ أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَمَّا هَؤُلاَءِ فَقَدْ قُتِلُوا. فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ فَقَالَ كَذَبْتَ وَاللَّهِ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ، وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوؤُكَ. قَالَ يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي، ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ أُعْلُ هُبَلْ، أُعْلُ هُبَلْ. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " أَلاَ تُجِيبُوا لَهُ ". قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقُولُ قَالَ " قُولُوا اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ ". قَالَ إِنَّ لَنَا الْعُزَّى وَلاَ عُزَّى لَكُمْ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " أَلاَ تُجِيبُوا لَهُ ". قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقُولُ قَالَ " قُولُوا اللَّهُ مَوْلاَنَا وَلاَ مَوْلَى لَكُمْ ".}} | {{اقتباس|{{البخاري|5|59|541}}|حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ حَدَّثَنِي ثَوْرٌ، قَالَ حَدَّثَنِي سَالِمٌ، مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ـ رضى الله عنه ـ يَقُولُ افْتَتَحْنَا خَيْبَرَ، وَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلاَ فِضَّةً، إِنَّمَا غَنِمْنَا الْبَقَرَ وَالإِبِلَ وَالْمَتَاعَ وَالْحَوَائِطَ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى وَادِي الْقُرَى، وَمَعَهُ عَبْدٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ، أَهْدَاهُ لَهُ أَحَدُ بَنِي الضِّبَابِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ حَتَّى أَصَابَ ذَلِكَ الْعَبْدَ، فَقَالَ النَّاسُ هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا ". فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِشِرَاكٍ أَوْ بِشِرَاكَيْنِ، فَقَالَ هَذَا شَىْءٌ كُنْتُ أَصَبْتُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ ".}}{{اقتباس|{{البخاري|4|52|276}}|حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ ـ رضى الله عنهما ـ يُحَدِّثُ قَالَ جَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ ـ وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلاً ـ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ فَقَالَ " إِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ، فَلاَ تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ هَذَا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا الْقَوْمَ وَأَوْطَأْنَاهُمْ فَلاَ تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ " فَهَزَمُوهُمْ. قَالَ فَأَنَا وَاللَّهِ رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ قَدْ بَدَتْ خَلاَخِلُهُنَّ وَأَسْوُقُهُنَّ رَافِعَاتٍ ثِيَابَهُنَّ، فَقَالَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ الْغَنِيمَةَ ـ أَىْ قَوْمِ ـ الْغَنِيمَةَ، ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ فَمَا تَنْتَظِرُونَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ أَنَسِيتُمْ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّ النَّاسَ فَلَنُصِيبَنَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ. فَلَمَّا أَتَوْهُمْ صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ فَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ، فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ اثْنَىْ عَشَرَ رَجُلاً، فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ أَصَابَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً سَبْعِينَ أَسِيرًا وَسَبْعِينَ قَتِيلاً، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُجِيبُوهُ ثُمَّ قَالَ أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَمَّا هَؤُلاَءِ فَقَدْ قُتِلُوا. فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ فَقَالَ كَذَبْتَ وَاللَّهِ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ، وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوؤُكَ. قَالَ يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي، ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ أُعْلُ هُبَلْ، أُعْلُ هُبَلْ. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " أَلاَ تُجِيبُوا لَهُ ". قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقُولُ قَالَ " قُولُوا اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ ". قَالَ إِنَّ لَنَا الْعُزَّى وَلاَ عُزَّى لَكُمْ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " أَلاَ تُجِيبُوا لَهُ ". قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقُولُ قَالَ " قُولُوا اللَّهُ مَوْلاَنَا وَلاَ مَوْلَى لَكُمْ ".}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.1، ص.645.|قالَ ابْنُ إسْحاقَ: وحَدَّثَنِي نُبِيُّهُ بْنُ وهْبٍ، أخُو بَنِي عَبْدِ الدّارِ. أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أقْبَلَ بِالأُسارى فَرَّقَهُمْ بَيْنَ أصْحابِهِ، وقالَ: اسْتَوْصُوا بِالأُسارى خَيْرًا. قالَ: وكانَ أبُو عَزِيزٍ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ هاشِمٍ، أخُو مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ لِأبِيهِ وأُمِّهِ فِي الأُسارى. قالَ: فَقالَ أبُو عَزِيزٍ: مَرَّ بِي أخِي مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ ورَجُلٌ مِن الأنْصارِ يَأْسِرُنِي، فَقالَ: شُدَّ يَدَيْكَ بِهِ، فَإنَّ أُمَّهُ ذاتُ مَتاعٍ، لَعَلَّها تَفْدِيهِ مِنكَ، قالَ وكُنْتُ فِي رَهْطٍ مِن الأنْصارِ حِينَ أقْبَلُوا بِي مِن بَدْرٍ، فَكانُوا إذا قَدَّمُوا غَداءَهُمْ وعَشاءَهُمْ خَصُّونِي بِالخُبْزِ، وأكَلُوا التَّمْرَ، لِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إيّاهُمْ بِنا، ما تَقَعُ فِي يَدِ رَجُلٍ مِنهُمْ كِسْرَةُ خُبْزٍ إلّا نَفَحَنِي بِها. قالَ: فَأسْتَحْيِيَ فَأرُدُّها عَلى أحَدِهِمْ [٢]، فَيَرُدُّها عَلَيَّ ما يَمَسُّها.}}{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.466-465.|حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: قالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ، عَنِ الكَلْبِيِّ، عَنْ أبِي صالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ رَسُولَ الله ص قالَ لِلْعَبّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ حِينَ انْتَهى بِهِ إلى المَدِينَةِ: يا عَبّاسُ، افْدِ نَفْسَكَ وابْنَيْ أخِيكَ عَقِيلَ بْنَ أبِي طالِبٍ ونَوْفَلَ بْنَ الحارِثِ، وحِليَفَك عُتْبَةَ بْنَ عَمْرِو بْنِ جَحْدَمٍ، أخا بَنِي الحارِثِ بْنِ فِهْرٍ، فَإنَّكَ ذو مال فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي كُنْتُ مُسْلِمًا، ولَكِنَّ القَوْمَ اسْتَكْرَهُونِي، فَقالَ: | ||
اللَّهُ أعْلَمُ بِإسْلامِكَ، إنْ يَكُنْ ما تَذْكُرُ حَقًّا فاللَّهُ يُجْزِيكَ بِهِ، فَأمّا ظاهِرُ أمْرِكَ فَقَدْ كانَ عَلَيْنا، فافد نفسك- وكان رسول الله ص قَدْ أخَذَ مِنهُ عِشْرِينَ أُوقِيَةٍ مِن ذَهَبٍ- فَقالَ العَبّاسُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، احْسِبْها لِي فِي فِدائِي، قالَ: لا، ذاكَ شَيْءٌ أعْطاناهُ اللَّهُ ﷿ مِنكَ، قالَ: فَإنَّهُ لَيْسَ لِي مالٌ قالَ: فَأيْنَ المالُ الَّذِي وضَعْتَهُ بِمَكَّةَ حَيْث خَرَجْتَ مِن عِنْدِ أُمِّ الفَضْلِ بِنْتِ الحارِثِ، لَيْسَ مَعَكُما أحَدٌ ثُمَّ قُلْتَ لَها: إنْ أُصِبْتُ فِي سَفَرِي هَذا فَلِلْفَضْلِ كَذا وكَذا، ولِعَبْدِ اللَّهِ كَذا وكَذا، ولِقَثْمٍ كَذا وكَذا، ولِعُبَيْدِ اللَّهِ كَذا وكَذا! قالَ: والَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ ما عَلِمَ هَذا أحَدٌ غَيْرِي وغَيْرَها، وإنِّي لأعْلَمُ أنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَفَدى العَبّاسُ نَفْسَهُ وابْنَيْ أخِيهِ وحَلِيفَهُ. | |||
حَدَّثَنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: حَدَّثَنا سَلَمَةُ بْنُ الفضل، عَنْ مُحَمَّدٍ، قالَ: وحدثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبِي بَكْرِ بن مُحَمَّد بن عمرو بن حَزْمٍ، قالَ: كانَ عَمْرُو بْنُ أبِي سُفْيانَ بْنِ حَرْبٍ- وكانَ لابْنَةِ عُقْبَةَ بْنِ أبِي معيط- أسيرا في يدي رسول الله ص مِن أسارى بَدْرٍ، فَقِيلَ لأبِي سُفْيانَ: | |||
افْدِ عَمْرًا، قالَ: أيُجْمَعُ عَلَيَّ دَمِي ومالِي! قَتَلُوا حَنْظَلَةَ وأفْدِي عَمْرًا! دَعُوهُ فِي أيْدِيهِمْ يَمْسِكُوهُ ما بَدا لَهُمْ}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.100.|(غَسْلُ السُّيُوفِ): | |||
قالَ ابْنُ إسْحاقَ: فَلَمّا انْتَهى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى أهْلِهِ ناوَلَ سَيْفَهُ ابْنَتَهُ فاطِمَةَ، فَقالَ: اغْسِلِي عَنْ هَذا دَمَهُ يا بنيّة، فو الله لَقَدْ صَدَقَنِي اليَوْمَ، وناوَلَها عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ سَيْفَهُ، فَقالَ: وهَذا أيْضًا، فاغْسِلِي عَنهُ دَمه، فو الله لَقَدْ صَدَقَنِي اليَوْمَ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَئِنْ كُنْتُ صَدَقْتَ القِتالَ لَقَدْ صَدَقَ مَعَكَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وأبُو دُجانَةَ. قالَ ابْنُ هِشامٍ: وكانَ يُقالُ لِسَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: | |||
ذُو الفَقارِ [ وكانَ ذُو الفقار سيف العاصِي بن مُنَبّه، فَلَمّا قتل كافِرًا يَوْم بدر صار إلى النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمَّ جاءَ إلى على بن أبى طالب]. | |||
قالَ ابْنُ هِشامٍ: وحَدَّثَنِي بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ، أنَّ ابْنَ أبِي نَجِيحٍ قالَ: نادى مُنادٍ يَوْمَ أُحُدٍ: | |||
لا سَيْفَ إلّا ذُو الفَقارِ، ولا فَتى إلّا عَلِيٌّ | |||
قالَ ابْنُ هِشامٍ: وحَدَّثَنِي بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ: أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ لِعَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ: لا يُصِيبُ المُشْرِكُونَ مِنّا مِثْلَها حَتّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْنا. قالَ ابْنُ إسْحاقَ [٦]: وكانَ يَوْمُ أُحُدٍ يَوْمَ السَّبْتِ لِلنِّصْفِ مِن شَوّالٍ.}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.337.|(مُصالَحَةُ الرَّسُولِ أهْلَ خَيْبَرَ): | |||
وحاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أهْلَ خَيْبَرَ فِي حِصْنَيْهِمْ الوَطِيحِ والسُّلالِمِ، حَتّى إذا أيْقَنُوا بِالهَلَكَةِ، سَألُوهُ أنْ يُسَيِّرَهُمْ [١] وأنْ يَحْقِنَ لَهُمْ دِماءَهُمْ، فَفَعَلَ. وكانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ حازَ الأمْوالَ كُلَّها: الشَّقَّ ونَطاةَ والكَتِيبَةَ وجَمِيعَ حُصُونِهِمْ، إلّا ما كانَ مِن ذَيْنِكَ الحِصْنَيْنِ.}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.324.|(اجْتِماع المُحْتَبَسِينَ إلى أبِي بِصَيْرِ وإيذاؤُهُمْ قُرَيْشًا وإيواءُ الرَّسُولِ لَهُمْ): | |||
ثُمَّ خَرَجَ أبُو بَصِيرٍ حَتّى نَزَلَ العِيصَ، مِن ناحِيَةِ ذِي المَرْوَةِ، عَلى ساحِلِ البَحْرِ، بِطَرِيقِ قُرَيْشٍ الَّتِي كانُوا يَأْخُذُونَ عَلَيْها إلى الشّامِ، وبَلَغَ المُسْلِمِينَ الَّذِينَ كانُوا اُحْتُبِسُوا بِمَكَّةَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأبِي بِصَيْرِ: «ويْلُ أُمِّهِ مِحَشَّ حَرْبٍ لَوْ كانَ مَعَهُ رِجالٌ!، فَخَرَجُوا إلى أبِي بِصَيْرِ بِالعِيصِ، فاجْتَمَعَ إلَيْهِ مِنهُمْ قَرِيبٌ مِن سَبْعِينَ رَجُلًا، وكانُوا قَدْ ضَيَّقُوا عَلى قُرَيْشٍ، لا يَظْفَرُونَ بِأحَدِ مِنهُمْ إلّا قَتَلُوهُ، ولا تَمُرُّ بِهِمْ عِيرٌ إلّا اقْتَطَعُوها، حَتّى كَتَبَتْ قُرَيْشٌ إلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَسْألُ بِأرْحامِها إلّا آواهُمْ، فَلا حاجَةَ لَهُمْ بِهِمْ. فَآواهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَدِمُوا عَلَيْهِ المَدِينَةَ. | |||
قالَ ابْنُ هِشامٍ: أبُو بِصَيْرِ ثَقَفِيٌّ. | |||
(أرادَ سُهَيْلٌ ودْيَ أبِي بِصَيْرِ وشِعْرُ مَوْهَبٍ فِي ذَلِكَ): | |||
قالَ ابْنُ إسْحاقَ: فَلَمّا بَلَغَ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو قَتْلُ أبِي بَصِيرٍ صاحِبَهُمْ العامِرِيَّ، أسْنَدَ ظَهْرَهُ إلى الكَعْبَةِ، ثُمَّ قالَ: واَللَّهِ لا أُؤَخِّرُ ظَهْرِي عَنْ الكَعْبَةِ حَتّى يُودِيَ هَذا الرَّجُلُ، فَقالَ أبُو سُفْيانَ بْنُ حَرْبٍ: واَللَّهِ إنّ هَذا لَهُوَ السَّفِهُ، واَللَّهِ لا يُودى (ثَلاثًا)}}{{اقتباس|ابن هشام (ت 833). [https://app.turath.io/book/23833 ''سيرة ابن هشام ت السقا'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.488.|(مَنُّ الرَّسُولِ عَلى هَوازِنَ): | |||
ثُمَّ أتاهُ وفْدُ هَوازِنَ بِالجِعْرانَةِ، وكانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِن سَبْيِ هَوازِنَ سِتَّةُ آلافٍ مِن الذَّرارِيِّ والنِّساءِ، ومِن الإبِلِ والشّاءِ ما لا يُدْرى ما عِدَّتُهُ.}}{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.459-458.|ثُمَّ اقبل رسول الله ص قافِلًا إلى المَدِينَةِ، فاحْتَمَلَ مَعَهُ النَّفْلَ الَّذِي أُصِيبَ مِنَ المُشْرِكِينَ، وجَعَل عَلى النَّفْلِ عَبْدَ الله بن كعب بن زيد ابن عَوْفِ بْنِ مَبْذُولِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مازِنِ بن النجار ثم اقبل رسول الله ص حَتّى إذا خَرَجَ مِن مَضِيقِ الصَّفْراءِ، نَزَلَ عَلى كَثِيبٍ بَيْنَ المَضِيقِ وبَيْنَ النّازية- يقال له سير- إلى سرحة به، فَقَسَّمَ هُنالِكَ النفل الَّذِي أفاءَ اللَّهُ عَلى المُسْلِمِينَ مِنَ المُشْرِكِينَ عَلى السَّواءِ، واسْتَقى لَهُ مِن ماءٍ بِهِ يُقالُ لَهُ الأرْواقُ. | |||
ثُمَّ ارْتَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص حَتّى إذا كانَ بِالرَّوْحاءِ، لَقِيَهُ المُسْلِمُونَ يُهَنِّئُونَهُ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ ومَن مَعَهُ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَقالَ سَلَمَةُ بْنُ سَلامَةَ بْنِ وقْشٍ- كما حَدَّثَنا ابْنُ حُمَيْدٍ، فَقالَ: حَدَّثَنا سَلَمَةُ، قالَ: | |||
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ، كَما حَدَّثَنِي عاصم بن عمر بن قتادة، ويزيد بن رومان: وما الذى تهنئون به! فو الله إنْ لَقِينا إلّا عَجائِزَ صُلْعًا كالبُدْنِ المُعْقَلَةِ، فنحرناها فتبسم رسول الله ص، وقال: يا بن أخِي، أُولَئِكَ المَلَأُ قالَ: ومَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص الأُسارى مِنَ المُشْرِكِينَ وكانُوا أرْبَعَةً وأرْبَعِينَ أسِيرًا، وكانَ مِنَ القَتْلى مِثْلَ ذَلِكَ- وفِي الأُسارى عُقْبَةُ بْنُ أبِي مُعَيْطٍ، والنَّضْرُ بْنُ الحارِثِ بْنِ كِلْدَةَ- حَتّى إذا كانَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِالصَّفْراءِ، قُتِلَ النَّضْرُ بْنُ الحارِثِ، قَتَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ ﵁.}}{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.640.|وقالَ الواقدي: فِي هَذِهِ السَّنَةِ- فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الآخِرِ منها- بعث رسول الله ص عُكاشَةَ بْنَ مِحْصَنٍ فِي أرْبَعِينَ رَجُلا إلى الغَمْرِ، فِيهِمْ ثابِتُ بْنُ أقْرَمَ وشُجاعُ بْنُ وهْبٍ، فَأغَذَّ السَّيْرَ، ونَذَرَ القَوْمُ بِهِ فَهَرَبُوا، فَنَزَلَ عَلى مِياهِهِمْ وبَعَثَ الطَّلائِعَ، فَأصابُوا عَيْنًا فَدَلَّهُمْ عَلى بَعْضِ ماشِيَتِهِمْ، فَوَجَدُوا مِائَتَيْ بَعِيرٍ، فَحَدَرُوها إلى المَدِينَةِ}}{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.3، ص.10-9.|الجزء الثالث | |||
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ | |||
ذِكْرُ الأحْداثِ الكائِنَةِ فِي | |||
سَنَةِ سَبْعٍ مِنَ الهِجْرَةِ | |||
غَزْوَةُ خَيْبَرَ | |||
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ، فخرج رسول الله ص فِي بَقِيَّةِ المُحَرَّمِ إلى خَيْبَرَ واسْتَخْلَفَ عَلى المَدِينَةِ سِباعَ بْنَ عُرْفُطَةَ الغِفارِيَّ، فَمَضى حَتّى نَزَلَ بِجَيْشِهِ بِوادٍ يُقالُ لَهُ الرَّجِيعُ، فَنَزَلَ بَيْنَ أهْلِ خَيْبَرَ وبَيْنَ غَطَفانَ- فِيما حَدَّثَنا ابن حميد قال: حَدَّثَنا سلمة، عن ابن إسْحاقَ- لِيَحُولَ بَيْنَهُمْ وبَيْنَ أنْ يُمِدُّوا أهْلَ خَيْبَرَ، وكانُوا لَهُمْ مُظاهِرِينَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ص. | |||
قالَ: فَبَلَغَنِي أنَّ غَطَفانَ لَمّا سَمِعَتْ بِمَنزَلِ رسول الله ص مِن خَيْبَرَ، جَمَعُوا لَهُ، ثُمَّ خَرَجُوا لِيُظاهِرُوا يَهُودَ عَلَيْهِ، حَتّى إذا سارُوا مَنقَلَةً سَمِعُوا خَلْفَهُمْ فِي أمْوالِهِمْ وأهالِيهِمْ حِسًّا، ظَنُّوا أنَّ القوم قد خالفوا إلَيْهِمْ، فَرَجَعُوا عَلى أعْقابِهِمْ، فَأقامُوا فِي أهالِيهِمْ وأمْوالِهِمْ، وخَلَّوْا بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ وبَيْنَ خَيْبَرَ، وبدا رسول الله ص بِالأمْوالِ يَأْخُذُها مالا مالا، ويَفْتَتِحُها حِصْنًا حِصْنًا، فَكانَ أوَّلَ حُصُونِهِمُ افْتُتِحَ حِصْنُ ناعِمٍ، وعِنْدَهُ قُتِلَ مَحْمُودُ بْنُ مَسْلَمَةَ، أُلْقِيَتْ عَلَيْهِ رَحًا مِنهُ فَقَتَلَتْهُ، ثُمَّ القَمُوصُ، حِصْنُ ابْنِ أبِي الحقيق وأصاب رسول الله ص مِنهُمْ سَبايا، مِنهُمْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أخْطَبَ وكانَتْ عِنْدَ كِنانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ أبِي الحُقَيْقِ، وابْنَتَيْ عَمٍّ لَها فاصْطَفى رَسُولُ الله ص صَفِيَّةَ لِنَفْسِهِ، وكانَ دِحْيَةُ الكَلْبِيُّ قَدْ سَألَ رسول الله صَفِيَّةَ، فَلَمّا اصْطَفاها لِنَفْسِهِ أعْطاهُ ابْنَتَيْ عَمِّها، وفَشَتِ السَّبايا مِن خَيْبَرَ فِي المُسْلِمِينَ قال: ثم جعل رسول الله ص يَتَدَنّى الحُصُونَ والأمْوالَ. | |||
حَدَّثَنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قال: حَدَّثَنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرٍ، أنَّهُ حَدَّثَهُ بَعْضُ أسْلَمَ، أنَّ بَنِي سَهْمٍ مِن أسْلَمَ، أتوا رسول الله ص، فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، واللَّهِ لَقَدْ جَهِدْنا وما بِأيْدِينا شَيْءٌ، فَلَمْ يَجِدُوا عِنْدَ رَسُولِ الله شَيْئًا يُعْطِيهِمْ إيّاهُ، [فَقالَ النَّبِيُّ: | |||
اللَّهُمَّ إنَّكَ قَدْ عَرَفْتَ حالَهُمْ، وأنْ لَيْسَتْ بِهِمْ قُوَّةٌ، وأنْ لَيْسَ بِيَدِي شَيْءٌ أُعْطِيهِمْ إيّاهُ، فافْتَحْ عَلَيْهِمْ أعْظَمَ حُصُونِها، أكْثَرَها طَعامًا ووَدَكًا] فَغَدا النّاسُ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ حِصْنَ الصَّعْبِ بْنِ مُعاذٍ، وما بِخَيْبَرَ حِصْنٌ كانَ أكْثَرَ طَعامًا ووَدَكًا مِنهُ. | |||
قالَ: ولَمّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِن حُصُونِهِمْ ما افْتَتَحَ، وحازَ مِنَ الأمْوالِ ما حازَ، انْتَهَوْا إلى حِصْنِهِمْ الوَطِيحِ والسَّلالِمِ- وكانَ آخِرَ حُصُونِ خَيْبَرَ افْتُتِحَ- حاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً.}}{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.3، ص.70.|ذكر الخبر عن غزوه رسول الله ص هَوازِنَ بِحُنَيْنٍ | |||
وكانَ مِن أمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ص وأمْرِ المُسْلِمِينَ وأمْرِ هَوازِنَ ما حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيُّ وعَبْدُ الوارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الوارِثِ- قالَ عَلِيٌّ: حَدَّثَنا عَبْدُ الصَّمَدِ، وقالَ عَبْدُ الوارِثِ: حَدَّثَنا أبِي- قالَ: حَدَّثَنا أبانُ العَطّارُ، قالَ: حَدَّثَنا هِشامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، قالَ: | |||
اقام النبي ص بِمَكَّةَ عامَ الفَتْحِ نِصْفَ شَهْرٍ، لَمْ يَزِدْ على ذلك، حتى جاءت هوازن وثقيف، فنزلوا بِحُنَيْنٍ- وحُنَيْنٌ وادٍ إلى جَنْبِ ذِي المَجازِ- وهم يومئذ عامدون يريدون قتال النبي ص، وكانُوا قَدْ جَمَعُوا قَبْلَ ذَلِكَ حِينَ سَمِعُوا بِمَخْرَجِ رَسُولِ اللَّهِ مِنَ المَدِينَةِ، وهُمْ يَظُنُّونَ أنَّهُ إنَّما يُرِيدُهُمْ حَيْثُ خَرَجَ مِنَ المَدِينَةِ، فَلَمّا أتاهُمْ أنَّهُ قَدْ نَزَلَ مَكَّةَ، أقْبَلَتْ هوازن عامدين الى النبي ص، وأقْبَلُوا مَعَهُمْ بِالنِّساءِ والصِّبْيانِ والأمْوالِ- ورَئِيسُ هَوازِنَ يَوْمَئِذٍ مالِكُ بْنُ عَوْفٍ أحَدُ بَنِي نَصْرٍ- واقبلت معهم ثقيف، حتى نزلوا حنينا يريدون النبي ص، فَلَمّا حُدِّثَ النَّبِيُّ وهُوَ بِمَكَّةَ أنْ قَدْ نَزَلَتْ هَوازِنُ وثَقِيفٌ بِحُنَيْنٍ، يَسُوقُهُمْ مالِكُ بْنُ عَوْفٍ أحَدُ بَنِي نَصْرٍ- وهُوَ رَئِيسُهُمْ يَوْمَئِذٍ- عمد النبي ص حَتّى قَدِمَ عَلَيْهِمْ، فَوافاهُمْ بِحُنَيْنٍ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ ﷿، وكانَ فِيها ما ذَكَرَ اللَّهُ ﷿ فِي الكِتابِ، وكانَ الَّذِي ساقُوا مِنَ النِّساءِ والصِّبْيانِ والماشِيَةِ غَنِيمَةً غَنَمَها اللَّهُ ﷿ رَسُولَهُ، فَقَسَمَ أمْوالَهُمْ فِيمَن كانَ أسْلَمَ مَعَهُ مِن قُرَيْشٍ.}}{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.465-464.|قالَ: وكانَ فِي الأُسارى أبُو وداعَةَ بْنُ ضُبَيْرَةَ السَّهْمِيُّ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: إنَّ لَهُ ابْنًا تاجِرًا كَيِّسًا ذا مالٍ، وكَأنَّكُمْ بِهِ قَدْ جاءَكُمْ فِي فِداءِ أبِيهِ! قالَ: فَلَمّا قالَتْ قُرَيْشٌ: لا تَعْجَلُوا فِي فِداءِ أُسَرائِكُمْ لا يَتَأرَّبُ عَلَيْكُمْ مُحَمَّدٌ وأصْحابُهُ، قالَ المُطَّلِبُ بْنُ أبِي وداعَةَ- وهُوَ الَّذِي كان رسول الله ص عَنى-: صَدَقْتُمْ، لا تَعْجَلُوا بِفِداءِ أُسَرائِكُمْ ثُمَّ انْسَلَّ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَدِمَ المَدِينَةَ، فَأخَذَ أباهُ بِأرْبَعَةِ آلافِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِ، ثُمَّ بَعَثَتْ قُرَيْشٌ فِي فِداءِ الأُسارى، فَقَدِمَ مكرز بن حفص ابن الأخْيَفِ فِي فِداءِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وكانَ الَّذِي أسَرَهُ مالِكُ بْنُ الدُّخْشُمِ، أخُو بَنِي سالِمِ بْنِ عَوْفٍ، وكانَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو أعْلَمَ مِن شَفَتِهِ السُّفْلى.}}{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.592.|ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ص سَعْدَ بْنَ زَيْدٍ الأنْصارِيَّ، خا بَنِي عَبْدِ الأشْهَلِ بِسَبايا مِن سَبايا بَنِي قُرَيْظَةَ إلى نَجْدٍ، فابْتاعَ لَهُ بِهِمْ خيلا وسلاحا، وكان رسول الله ص قَدِ اصْطَفى لِنَفْسِهِ مِن نِسائِهِمْ رَيْحانَةَ بِنْتَ عمرو بن خنافه إحْدى نِساءِ بَنِي عَمْرِو بْنِ قُرَيْظَةَ، فَكانَتْ عند رسول الله ص حَتّى تُوُفِّيَ عَنْها وهِيَ فِي مِلْكِهِ، وقَدْ كان رسول الله ص عَرَضَ عَلَيْها أنْ يَتَزَوَّجَها، ويَضْرِبَ عَلَيْها الحِجابَ، فَقالَتْ: يا رَسُولَ اللَّهِ، بَلْ تَتْرُكَنِي فِي مِلْكِكَ فَهُوَ أخَفُّ عَلَيَّ وعَلَيْكَ فَتَرَكَها، وقَدْ كانت حين سباها رسول الله ص قَدْ تَعَصَّتْ بِالإسْلامِ، وأبَتْ إلا اليَهُودِيَّةَ، فَعَزَلَها رسول الله ص ووَجَدَ فِي نَفْسِهِ لِذَلِكَ مِن أمْرِها، فَبَيْنا هُوَ مَعَ أصْحابِهِ إذْ سَمِعَ وقْعَ نَعْلَيْنِ خَلْفَهُ، فَقالَ: إنَّ هَذا لَثَعْلَبَةُ بْنُ سَعْيَةَ يُبَشِّرُنِي بِإسْلامِ رَيْحانَةَ، فَجاءَهُ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أسْلَمَتْ رَيْحانَةُ، فَسَرَّهُ ذَلِكَ.}} | |||
===محمد يأخذ عشيرته في الأسر=== | |||
{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.2، ص.475-474.|فَلَمّا انْقَضى أمْرُ بَدْرٍ، أنْزَلَ اللَّهُ ﷿ فِيهِ مِنَ القُرْآنِ الأنْفالَ بِأسْرِها حَدَّثَنا أحْمَدُ بْنُ مَنصُورٍ، قالَ: حَدَّثَنا عاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، قالَ: | |||
حَدَّثَنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمّارٍ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو زَمِيلٍ، قالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الله بن عباس، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ، قالَ: لَمّا كانَ يَوْمُ بَدْرٍ التَقَوْا، فَهَزَمَ اللَّهُ المُشْرِكِينَ، فَقُتِلَ مِنهُمْ سَبْعُونَ رَجُلا، وأُسِرَ سَبْعُونَ رَجُلا، فَلَمّا كان يومئذ شاور رسول الله ص أبا بَكْرٍ وعَلِيًّا وعُمَرَ، فَقالَ أبُو بَكْرٍ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، هَؤُلاءِ بَنُو العَمِّ والعَشِيرَةِ والإخْوانِ، فَإنِّي أرى أنْ تَأْخُذَ مِنهُمُ الفِدْيَةَ، فَيَكُونُ ما أخَذْنا مِنهُمْ قُوَّةً، وعَسى اللَّهُ ان يهديهم، فيكونوا لنا عضدا فقال رسول الله ص: ما ترى يا بن الخَطّابِ؟ قالَ: قُلْتُ: لا واللَّهِ، ما أرى الَّذِي رَأى أبُو بَكْرٍ، ولَكِنِّي أرى أنْ تُمَكِّنَنِي مِن فُلانٍ فَأضْرِبُ عُنُقَهُ، وتُمَكِّنَ حَمْزَةَ مِن أخٍ لَهُ فَيَضْرِبُ عُنُقَهُ، وتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِن عَقِيلٍ فَيَضْرِبُ عُنُقَهُ، حَتّى يَعْلَمَ اللَّهُ أنْ لَيْسَ فِي قُلُوبِنا هَوادَةٌ لِلْكُفّارِ، هَؤُلاءِ صَنادِيدُهُمْ وقادَتُهُمْ وأئِمَّتُهُمْ.}} | |||
==مصادر دخل محمد== | ==مصادر دخل محمد== | ||
{{اقتباس|1=[https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&idfrom=5302&idto=5303&bk_no=52&ID=1860 البخاري 2757 (حديث معلق)]|2=عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم جعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري}} | {{اقتباس|1=[https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&idfrom=5302&idto=5303&bk_no=52&ID=1860 البخاري 2757 (حديث معلق)]|2=عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم جعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري}} | ||
[[en:Qur'an,_Hadith_and_Scholars:Muhammad_and_Booty]] |
المراجعة الحالية بتاريخ ٠٨:٠٥، ٢٩ يناير ٢٠٢٣
بحسب التقليد الإسلامي، انخرط المجتمع الإسلاميّ الأوّلي في صراع شبه دائم مع القبائل العربية المجاورة واليهود المحليين ووثنيي مكة. وأول وثيقة مؤرخة بشكل مستقلّ تتحدّث عن محمد نمتلكها هي الوثيقة الإغريقية Διδασκαλία Ἰακώβου Didaskalia Iacobou (أي تعاليم يعقوب) التي تشير إلى أنّ النبي ورجاله أتوا إلى فلسطين "مسلّحين بالسيف". ودائماً ما صحب النهب والسلب الحروب في تلك الحقبة من التاريخ بالأخص من قبل الجيش الفائز فيها، وإنّ موضوع أخذ الغنيمة يُذكر مراراً وتكراراً في المصادر الإسلامية الأولية، فهو بذلك عامل مهمّ، بل دافع للحركة الإسلامية الأولية. يصور الحديث والسيرة محمداً على أنه قائد معارك عربي نموذجيّ، يهتمّ بشأن الغنيمة وتدفعه حاجته إلى الحصول على المزيد منها إلى القتال.
أحل الله الغنيمة لمحمد
قالَ ابْنُ إسْحاقَ: ثُمَّ عاتَبَهُ اللَّهُ تَعالى فِي الأُسارى، وأخْذِ المَغانِمِ [١]، ولَمْ يَكُنْ أحَدٌ قَبْلَهُ مِن الأنْبِياءِ يَأْكُلُ مَغْنَمًا مِن عَدُوٍّ لَهُ.
قالَ ابْنُ إسْحاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ أبُو جَعْفَرِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وجُعِلَتْ لِي الأرْضُ مَسْجِدًا [٢] وطَهُورًا، وأُعْطِيتُ جَوامِعَ الكَلِمِ، وأُحِلَّتْ لِي المَغانِمُ ولَمْ تُحْلَلْ لِنَبِيٍّ كانَ قَبْلِي، وأُعْطِيتُ الشَّفاعَةَ، خَمْسٌ لَمْ يُؤْتَهُنَّ نَبِيٌّ قَبْلِي. قالَ ابْنُ إسْحاقَ: فَقالَ: ما كانَ لِنَبِيٍّ ٨: ٦٧: أيْ قَبْلَكَ أنْ يَكُونَ لَهُ أسْرى ٨: ٦٧ مِن عَدُوِّهِ حَتّى يُثْخِنَ فِي الأرْضِ ٨: ٦٧، أيْ يُثْخِنَ [٣] عَدُوَّهُ، حَتّى يَنْفِيَهُ مِن الأرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا ٨: ٦٧: أيْ المَتاعَ، الفِداءَ بِأخْذِ الرِّجالِ والله يُرِيدُ الآخِرَةَ ٨: ٦٧: أيْ قَتْلَهُمْ لِظُهُورِ الدِّينِ الَّذِي يُرِيدُ إظْهارَهُ، واَلَّذِي تُدْرَكُ بِهِ الآخِرَةُ لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أخَذْتُمْ ٨: ٦٨: أيْ مِن الأُسارى والمَغانِمِ عَذابٌ عَظِيمٌ ٨: ٦٨: أيْ لَوْلا أنَّهُ سَبَقَ مِنِّي أنِّي لا أُعَذِّبُ إلّا بَعْدَ النَّهْيِ ولَمْ يَكُ نَهاهُمْ، لَعَذَّبْتُكُمْ فِيما صَنَعْتُمْ، ثُمَّ أحَلَّها لَهُ ولَهُمْ رَحْمَةً مِنهُ، وعائِدَةٌ مِن الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقالَ فَكُلُوا مِمّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّبًا واتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٨: ٦٩.(قالَ) [٣]: وحاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسًا وعِشْرِينَ [٤] لَيْلَةً، حَتّى جَهَدَهُمْ الحِصارُ، وقَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ.
وقَدْ كانَ حُيَيُّ بْنُ أخْطَبَ دَخَلَ مَعَ بَنِي قُرَيْظَةَ فِي حِصْنِهِمْ، حِينَ رَجَعَتْ عَنْهُمْ قُرَيْشٌ وغَطَفانُ، وفاءً لِكَعْبِ بْنِ أسَدٍ بِما كانَ عاهَدَهُ عَلَيْهِ. فَلَمّا أيْقَنُوا بِأنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ مُنْصَرِفٍ عَنْهُمْ حَتّى يُناجِزَهُمْ، قالَ كَعْبُ ابْن أسَدٍ لَهُمْ: يا مَعْشَرَ يَهُودَ، قَدْ نَزَلَ بِكُمْ مِن الأمْرِ ما تَرَوْنَ، وإنِّي عارِضٌ عَلَيْكُمْ خِلالًا ثَلاثًا، فَخُذُوا أيَّها شِئْتُمْ، قالُوا: وما هِيَ؟ قالَ: نُتابِعُ هَذا الرجل ونصدّقه فو الله لَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ أنَّهُ لَنَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وأنَّهُ لَلَّذِي تَجِدُونَهُ فِي كِتابِكُمْ، فَتَأْمَنُونَ عَلى دِمائِكُمْ وأمْوالِكُمْ وأبْنائِكُمْ ونِسائِكُمْ [٥]، قالُوا: لا نُفارِقُ حُكْمَ التَّوْراةِ أبَدًا، ولا نَسْتَبْدِلُ بِهِ غَيْرَهُ، قالَ: فَإذا أبَيْتُمْ عَلَيَّ هَذِهِ، فَهَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ أبْناءَنا ونِساءَنا، ثُمَّ نَخْرُجُ إلى مُحَمَّدٍ وأصْحابِهِ رِجالًا مُصْلِتِينَ السُّيُوفَ، لَمْ نَتْرُكْ وراءَنا ثَقَلًا، حَتّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا وبَيْنَ مُحَمَّدٍ، فَإنْ نَهْلِكْ نَهْلِكُ، ولَمْ نَتْرُكْ وراءَنا نَسْلًا نَخْشى عَلَيْهِ، وإنْ نَظْهَرْ فَلَعَمْرِي لِنَجِدَنَّ [١] النِّساءَ والأبْناءَ، قالُوا: نَقْتُلُ هَؤُلاءِ المَساكِينِ! فَما خَيْرُ العَيْشِ بَعْدَهُمْ؟ قالَ: فَإنْ أبَيْتُمْ عَلَيَّ هَذِهِ، فَإنَّ اللَّيْلَةَ لَيْلَةُ السَّبْتِ، وإنَّهُ عَسى أنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ وأصْحابُهُ قَدْ أمَّنُونا [٢] فِيها، فانْزِلُوا لَعَلَّنا نُصِيبُ مِن مُحَمَّدٍ وأصْحابِهِ غِرَّةً، قالُوا: نُفْسِدُ سَبْتَنا عَلَيْنا، ونُحْدِثُ فِيهِ ما لَمْ يُحْدِثْ مَن كانَ قَبْلَنا إلّا مَن قَدْ عَلِمْتُ، فَأصابَهُ ما لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ مِن المَسْخِ! قالَ: ما باتَ رَجُلٌ مِنكُمْ مُنْذُ ولَدَتْهُ أُمُّهُ لَيْلَةً واحِدَةً مِن الدَّهْرِ حازِمًا.قسمة الغنيمة
كيفيىة تقسيم الغنيمة
(نَهى الرَّسُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ أشْياءَ):
وأكَلَ المُسْلِمُونَ لُحُومَ الحُمُرِ الأهْلِيَّةِ مِن حُمُرِها، فَقامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَهى النّاسَ عَنْ أُمُورٍ سَمّاها لَهُمْ.(الشِّقُّ ونَطاةُ والكَتِيبَةُ):
قالَ ابْنُ إسْحاقَ: وكانَتْ المَقاسِمُ عَلى أمْوالِ خَيْبَرَ، عَلى الشِّقِّ ونَطاةَ والكَتِيبَةِ فَكانَتْ الشِّقُّ ونَطاةُ فِي سُهْمانِ المُسْلِمِينَ، وكانَتْ الكَتِيبَةُ خُمُسَ اللَّهِ، وسَهْمَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وسَهْمَ ذَوِي القُرْبى واليَتامى والمَساكِينِ، وطُعْمَ أزْواجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وطُعْمَ رِجالٍ مَشَوْا بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وبَيْنَ أهْلِ فَدَكَ بِالصُّلْحِ، مِنهُمْ مُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، أعْطاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاثِينَ وسْقًا [٥] مِن شَعِيرٍ، وثَلاثِينَ وسْقًا مِن تَمْرٍ، وقُسِمَتْ خَيْبَرُ عَلى أهْلِ الحُدَيْبِيَةِ، مَن شَهِدَ خَيْبَرَ، ومَن غابَ عَنْها، ولَمْ يَغِبْ عَنْها إلّا جابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرامٍ، فَقَسَمَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَسَهْمِ مَن حَضَرَها، وكانَ وادِياها، وادِي السُّرَيْرَةِ، ووادِي خاصٍّ [٦]، وهُما اللَّذانِ قُسِمَتْ عَلَيْهِما خَيْبَرُ، وكانَتْ نَطاةُ والشِّقُّ ثَمانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، نَطاةُ مِن ذَلِكَ خَمْسَةُ أسْهُمٍ، والشِّقُّ ثَلاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا، وقُسِمَتْ الشِّقُّ ونَطاةُ عَلى ألْفِ سهم، وثمان مائَة سَهْمٍ.قالَ ابْنُ هِشامٍ [٥]: قَمْحٌ وشَعِيرٌ وتَمْرٌ ونَوًى وغَيْرُ ذَلِكَ، قَسَمَهُ عَلى قَدْرِ حاجَتِهِمْ وكانَتْ الحاجَةُ فِي بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ أكْثَرَ، ولِهَذا أعْطاهُمْ أكْثَرَ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم (عَهْدُ الرَّسُولِ إلى نِسائِهِ بِنَصِيبِهِنَّ فِي المَغانِمِ): ذِكْرُ ما أعْطى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِساءَهُ مِن قَمْحِ خَيْبَرَ [٦]: قسم [٧] لهنّ مائَة وسْقٍ وثَمانِينَ وسْقًا، ولِفاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسَةً وثَمانِينَ وسْقًا، ولِأُسامَةَ بْنِ زَيْدٍ أرْبَعِينَ وسْقًا، ولِلْمِقْدادِ بْنِ الأسْوَدِ خَمْسَةَ عَشَرَ وسْقًا، ولِأُمِّ رُمَيْثَةَ [١] خَمْسَةَ أوْسُقٍ. شَهِدَ عُثْمانُ بْنُ عَفّانَ وعَبّاسٌ وكَتَبَ. (ما أوْصى بِهِ الرَّسُولُ عِنْدَ مَوْتِهِ): قالَ ابْنُ إسْحاقَ: وحَدَّثَنِي صالِحُ بْنُ كَيْسانَ، عَنْ ابْنِ شِهابٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، قالَ: لَمْ يُوصِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ مَوْتِهِ إلّا بِثَلاثِ [٢]، أوْصى للرّهاويين [٣] بجادّ مائَة وسْقٍ مِن خَيْبَرَ، وللداريين [٤] بجادّ مائَة وسْقٍ [٥] مِن خَيْبَرَ، ولِلسَّبائِيِّينَ، وللأشعريين بجادّ مائَة وسْقٍ مِن خَيْبَرَ.
وأوْصى بِتَنْفِيذِ [٦] بَعْثِ أُسامَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ حارِثَةَ، وألّا يُتْرَكَ بِجَزِيرَةِ العَرَبِ دِينانِ.قالَ ابْنُ إسْحاقَ: وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبِي بَكْرٍ، أنَّهُ حُدِّثَ عَنْ أبِي قَتادَةَ الأنْصارِيِّ قالَ: وحَدَّثَنِي مَن لا أتَّهِمُ مِن أصْحابِنا، عَنْ نافِعٍ مَوْلى بَنِي غِفارٍ أبِي مُحَمَّدٍ عَنْ أبِي قَتادَةَ، قالا [٣]: قالَ أبُو قَتادَةَ: رَأيْتُ يَوْمَ حُنَيْنٍ رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ: مُسْلِمًا ومُشْرِكًا، قالَ: وإذا رَجُلٌ مِن المُشْرِكِينَ يُرِيدُ أنْ يُعِينَ صاحِبَهُ المُشْرِكَ عَلى المُسْلِمِ. قالَ: فَأتَيْتُهُ، فَضَرَبْتُ يَدَهُ، فَقَطَعْتُها، واعْتَنَقَنِي بِيَدِهِ الأُخْرى، فو الله ما أرْسَلَنِي حَتّى وجَدْتُ رِيحَ الدَّمِ- ويُرْوى: رِيحَ المَوْتِ، فِيما قالَ ابْنُ هِشامٍ [٤]- وكادَ يَقْتُلُنِي، فَلَوْلا أنَّ الدَّمَ نَزَفَهُ [٥] لَقَتَلَنِي، فَسَقَطَ، فَضَرَبْتُهُ فَقَتَلْتُهُ، وأجْهَضَنِي عَنْهُ القِتالُ [٦]، ومَرَّ بِهِ رَجُلٌ مِن أهْلِ مَكَّةَ فَسَلَبَهُ، فَلَمّا وضَعَتْ الحَرْبُ أوْزارَها [٧] وفَرَغْنا مِن القَوْمِ، قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَن قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبَهُ، فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، واَللَّهِ لَقَدْ قَتَلْتُ قَتِيلًا ذا سَلَبٍ، فَأجْهَضَنِي عَنْهُ القِتالُ، فَما أدْرِي مَن اسْتَلَبَهُ؟ فَقالَ رَجُلٌ مِن أهْلِ مَكَّةَ: صَدَقَ يا رَسُولَ اللَّهِ، وسَلَبُ ذَلِكَ القَتِيلِ عِنْدِي، فَأرْضِهِ عَنِّي مِن سَلَبِهِ، فَقالَ أبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ﵁: لا واَللَّهِ، لا يُرْضِيهِ مِنهُ، تَعْمِدُ إلى أسَدٍ مِن أُسْدِ اللَّهِ، يُقاتِلُ عَنْ دِينِ اللَّهِ، تُقاسِمُهُ سَلَبَهُ! اُرْدُدْ عَلَيْهِ سَلَبَ قَتِيلِهِ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: صَدَقَ اُرْدُدْ عَلَيْهِ سَلَبَهُ. فَقالَ أبُو قَتادَةَ: فَأخَذْتُهُ مِنهُ، فَبِعْتُهُ، فاشْتَرَيْتُ بِثَمَنِهِ مَخْرَفًا [١]، فَإنَّهُ لَأوَّلُ مالٍ اعْتَقَدْتُهُ [٢]. قالَ ابْنُ إسْحاقَ: وحَدَّثَنِي مَن لا أتَّهِمُ، عَنْ أبِي سَلَمَةَ، عَنْ إسْحاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْن أبِي طَلْحَةَ، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ، قالَ: لَقَدْ اسْتَلَبَ أبُو طَلْحَةَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وحْدَهُ عِشْرِينَ رَجُلًا. (نُصْرَةُ المَلائِكَةِ):
قالَ ابْنُ إسْحاقَ: وحَدَّثَنِي أبِي إسْحاقُ بْنُ يَسارٍ، (أنَّهُ حُدِّثَ) [٣] عَنْ جُبَيْرِ ابْن مُطْعِمٍ، قالَ: لَقَدْ رَأيْتُ قَبْلَ هَزِيمَةِ القَوْمِ والنّاسُ يَقْتَتِلُونَ مِثْلَ البِجادِ [٤] الأسْوَدِ، أقْبَلَ مِن السَّماءِ حَتّى سَقَطَ بَيْنَنا وبَيْنَ القَوْمِ، فَنَظَرْتُ، فَإذا نَمَلٌ أسْوَدُ مَبْثُوثٌ [٥] قَدْ مَلَأ الوادِيَ، لَمْ أشُكَّ أنَّها المَلائِكَةُ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ [٦] إلّا هَزِيمَةُ القَوْمِ.حَدَّثَنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: حَدَّثَنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال:
وحدثني عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الحارِثِ وغَيْرُهُ مِن أصْحابِنا، عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ موسى الأشْدَقِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أبِي أُمامَةَ الباهِلِيِّ، قالَ: سَألْتُ عُبادَةَ بْنَ الصّامِتِ عَنِ الأنْفالِ، فَقالَ: فِينا مَعْشَرَ أصْحابِ بَدْرٍ نَزَلَتْ، حِينَ اخْتَلَفْنا فِي النَّفْلِ، وساءَتْ فِيهِ أخْلاقُنا، فَنَزَعَهُ اللَّهُ مِن أيْدِينا، فجعله الى رسوله، فقسمه رسول الله ص بَيْنَ المُسْلِمِينَ عَنْ بُواءٍ- يَقُولُ عَلى السَّواءِ- فَكانَ فِي ذَلِكَ تَقْوى اللَّهِ، وطاعَةُ رَسُولِهِ، وصَلاحُ ذاتِ البَيْنِ.وما كانَ لَنا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ قالَ الأقْرَعُ بْنُ حابِسٍ: أمّا أنا وبَنُو تَمِيمٍ فَلا، وقالَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ: أمّا أنا وبَنُو فَزارَةَ فلا، وقال عَبّاسُ بْنُ مِرْداسٍ: أمّا أنا وبَنُو سُلَيْمٍ فَلا، قالَتْ بَنُو سُلَيْمٍ: ما كانَ لَنا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ.
قالَ: يَقُولُ العَبّاسُ لِبَنِي سليم: وهنتمونى! [فقال رسول الله ص: أمّا مَن تَمَسَّكَ بِحَقِّهِ مِن هَذا السَّبْيِ مِنكُمْ فَلَهُ بِكُلِّ إنْسانٍ سِتُّ فَرائِضَ مِن أوَّلِ شَيْءٍ نُصِيبُهُ، فَرُدُّوا إلى النّاسِ أبْناءَهُمْ ونِساءَهُمْ].ضمان الغنيمة للمجاهدين المسلمين
الخداع
حالات الخداع
منع الخداع والمعاقبة عليه
النهب
اللَّهُ أعْلَمُ بِإسْلامِكَ، إنْ يَكُنْ ما تَذْكُرُ حَقًّا فاللَّهُ يُجْزِيكَ بِهِ، فَأمّا ظاهِرُ أمْرِكَ فَقَدْ كانَ عَلَيْنا، فافد نفسك- وكان رسول الله ص قَدْ أخَذَ مِنهُ عِشْرِينَ أُوقِيَةٍ مِن ذَهَبٍ- فَقالَ العَبّاسُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، احْسِبْها لِي فِي فِدائِي، قالَ: لا، ذاكَ شَيْءٌ أعْطاناهُ اللَّهُ ﷿ مِنكَ، قالَ: فَإنَّهُ لَيْسَ لِي مالٌ قالَ: فَأيْنَ المالُ الَّذِي وضَعْتَهُ بِمَكَّةَ حَيْث خَرَجْتَ مِن عِنْدِ أُمِّ الفَضْلِ بِنْتِ الحارِثِ، لَيْسَ مَعَكُما أحَدٌ ثُمَّ قُلْتَ لَها: إنْ أُصِبْتُ فِي سَفَرِي هَذا فَلِلْفَضْلِ كَذا وكَذا، ولِعَبْدِ اللَّهِ كَذا وكَذا، ولِقَثْمٍ كَذا وكَذا، ولِعُبَيْدِ اللَّهِ كَذا وكَذا! قالَ: والَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ ما عَلِمَ هَذا أحَدٌ غَيْرِي وغَيْرَها، وإنِّي لأعْلَمُ أنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَفَدى العَبّاسُ نَفْسَهُ وابْنَيْ أخِيهِ وحَلِيفَهُ. حَدَّثَنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: حَدَّثَنا سَلَمَةُ بْنُ الفضل، عَنْ مُحَمَّدٍ، قالَ: وحدثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبِي بَكْرِ بن مُحَمَّد بن عمرو بن حَزْمٍ، قالَ: كانَ عَمْرُو بْنُ أبِي سُفْيانَ بْنِ حَرْبٍ- وكانَ لابْنَةِ عُقْبَةَ بْنِ أبِي معيط- أسيرا في يدي رسول الله ص مِن أسارى بَدْرٍ، فَقِيلَ لأبِي سُفْيانَ:
افْدِ عَمْرًا، قالَ: أيُجْمَعُ عَلَيَّ دَمِي ومالِي! قَتَلُوا حَنْظَلَةَ وأفْدِي عَمْرًا! دَعُوهُ فِي أيْدِيهِمْ يَمْسِكُوهُ ما بَدا لَهُمْقالَ ابْنُ إسْحاقَ: فَلَمّا انْتَهى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى أهْلِهِ ناوَلَ سَيْفَهُ ابْنَتَهُ فاطِمَةَ، فَقالَ: اغْسِلِي عَنْ هَذا دَمَهُ يا بنيّة، فو الله لَقَدْ صَدَقَنِي اليَوْمَ، وناوَلَها عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ سَيْفَهُ، فَقالَ: وهَذا أيْضًا، فاغْسِلِي عَنهُ دَمه، فو الله لَقَدْ صَدَقَنِي اليَوْمَ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَئِنْ كُنْتُ صَدَقْتَ القِتالَ لَقَدْ صَدَقَ مَعَكَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وأبُو دُجانَةَ. قالَ ابْنُ هِشامٍ: وكانَ يُقالُ لِسَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ذُو الفَقارِ [ وكانَ ذُو الفقار سيف العاصِي بن مُنَبّه، فَلَمّا قتل كافِرًا يَوْم بدر صار إلى النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمَّ جاءَ إلى على بن أبى طالب]. قالَ ابْنُ هِشامٍ: وحَدَّثَنِي بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ، أنَّ ابْنَ أبِي نَجِيحٍ قالَ: نادى مُنادٍ يَوْمَ أُحُدٍ: لا سَيْفَ إلّا ذُو الفَقارِ، ولا فَتى إلّا عَلِيٌّ
قالَ ابْنُ هِشامٍ: وحَدَّثَنِي بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ: أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ لِعَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ: لا يُصِيبُ المُشْرِكُونَ مِنّا مِثْلَها حَتّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْنا. قالَ ابْنُ إسْحاقَ [٦]: وكانَ يَوْمُ أُحُدٍ يَوْمَ السَّبْتِ لِلنِّصْفِ مِن شَوّالٍ.ثُمَّ خَرَجَ أبُو بَصِيرٍ حَتّى نَزَلَ العِيصَ، مِن ناحِيَةِ ذِي المَرْوَةِ، عَلى ساحِلِ البَحْرِ، بِطَرِيقِ قُرَيْشٍ الَّتِي كانُوا يَأْخُذُونَ عَلَيْها إلى الشّامِ، وبَلَغَ المُسْلِمِينَ الَّذِينَ كانُوا اُحْتُبِسُوا بِمَكَّةَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأبِي بِصَيْرِ: «ويْلُ أُمِّهِ مِحَشَّ حَرْبٍ لَوْ كانَ مَعَهُ رِجالٌ!، فَخَرَجُوا إلى أبِي بِصَيْرِ بِالعِيصِ، فاجْتَمَعَ إلَيْهِ مِنهُمْ قَرِيبٌ مِن سَبْعِينَ رَجُلًا، وكانُوا قَدْ ضَيَّقُوا عَلى قُرَيْشٍ، لا يَظْفَرُونَ بِأحَدِ مِنهُمْ إلّا قَتَلُوهُ، ولا تَمُرُّ بِهِمْ عِيرٌ إلّا اقْتَطَعُوها، حَتّى كَتَبَتْ قُرَيْشٌ إلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَسْألُ بِأرْحامِها إلّا آواهُمْ، فَلا حاجَةَ لَهُمْ بِهِمْ. فَآواهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَدِمُوا عَلَيْهِ المَدِينَةَ. قالَ ابْنُ هِشامٍ: أبُو بِصَيْرِ ثَقَفِيٌّ. (أرادَ سُهَيْلٌ ودْيَ أبِي بِصَيْرِ وشِعْرُ مَوْهَبٍ فِي ذَلِكَ):
قالَ ابْنُ إسْحاقَ: فَلَمّا بَلَغَ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو قَتْلُ أبِي بَصِيرٍ صاحِبَهُمْ العامِرِيَّ، أسْنَدَ ظَهْرَهُ إلى الكَعْبَةِ، ثُمَّ قالَ: واَللَّهِ لا أُؤَخِّرُ ظَهْرِي عَنْ الكَعْبَةِ حَتّى يُودِيَ هَذا الرَّجُلُ، فَقالَ أبُو سُفْيانَ بْنُ حَرْبٍ: واَللَّهِ إنّ هَذا لَهُوَ السَّفِهُ، واَللَّهِ لا يُودى (ثَلاثًا)ثُمَّ ارْتَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص حَتّى إذا كانَ بِالرَّوْحاءِ، لَقِيَهُ المُسْلِمُونَ يُهَنِّئُونَهُ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ ومَن مَعَهُ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَقالَ سَلَمَةُ بْنُ سَلامَةَ بْنِ وقْشٍ- كما حَدَّثَنا ابْنُ حُمَيْدٍ، فَقالَ: حَدَّثَنا سَلَمَةُ، قالَ:
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ، كَما حَدَّثَنِي عاصم بن عمر بن قتادة، ويزيد بن رومان: وما الذى تهنئون به! فو الله إنْ لَقِينا إلّا عَجائِزَ صُلْعًا كالبُدْنِ المُعْقَلَةِ، فنحرناها فتبسم رسول الله ص، وقال: يا بن أخِي، أُولَئِكَ المَلَأُ قالَ: ومَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص الأُسارى مِنَ المُشْرِكِينَ وكانُوا أرْبَعَةً وأرْبَعِينَ أسِيرًا، وكانَ مِنَ القَتْلى مِثْلَ ذَلِكَ- وفِي الأُسارى عُقْبَةُ بْنُ أبِي مُعَيْطٍ، والنَّضْرُ بْنُ الحارِثِ بْنِ كِلْدَةَ- حَتّى إذا كانَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِالصَّفْراءِ، قُتِلَ النَّضْرُ بْنُ الحارِثِ، قَتَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ ﵁.بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ذِكْرُ الأحْداثِ الكائِنَةِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ مِنَ الهِجْرَةِ غَزْوَةُ خَيْبَرَ ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ، فخرج رسول الله ص فِي بَقِيَّةِ المُحَرَّمِ إلى خَيْبَرَ واسْتَخْلَفَ عَلى المَدِينَةِ سِباعَ بْنَ عُرْفُطَةَ الغِفارِيَّ، فَمَضى حَتّى نَزَلَ بِجَيْشِهِ بِوادٍ يُقالُ لَهُ الرَّجِيعُ، فَنَزَلَ بَيْنَ أهْلِ خَيْبَرَ وبَيْنَ غَطَفانَ- فِيما حَدَّثَنا ابن حميد قال: حَدَّثَنا سلمة، عن ابن إسْحاقَ- لِيَحُولَ بَيْنَهُمْ وبَيْنَ أنْ يُمِدُّوا أهْلَ خَيْبَرَ، وكانُوا لَهُمْ مُظاهِرِينَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ص. قالَ: فَبَلَغَنِي أنَّ غَطَفانَ لَمّا سَمِعَتْ بِمَنزَلِ رسول الله ص مِن خَيْبَرَ، جَمَعُوا لَهُ، ثُمَّ خَرَجُوا لِيُظاهِرُوا يَهُودَ عَلَيْهِ، حَتّى إذا سارُوا مَنقَلَةً سَمِعُوا خَلْفَهُمْ فِي أمْوالِهِمْ وأهالِيهِمْ حِسًّا، ظَنُّوا أنَّ القوم قد خالفوا إلَيْهِمْ، فَرَجَعُوا عَلى أعْقابِهِمْ، فَأقامُوا فِي أهالِيهِمْ وأمْوالِهِمْ، وخَلَّوْا بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ وبَيْنَ خَيْبَرَ، وبدا رسول الله ص بِالأمْوالِ يَأْخُذُها مالا مالا، ويَفْتَتِحُها حِصْنًا حِصْنًا، فَكانَ أوَّلَ حُصُونِهِمُ افْتُتِحَ حِصْنُ ناعِمٍ، وعِنْدَهُ قُتِلَ مَحْمُودُ بْنُ مَسْلَمَةَ، أُلْقِيَتْ عَلَيْهِ رَحًا مِنهُ فَقَتَلَتْهُ، ثُمَّ القَمُوصُ، حِصْنُ ابْنِ أبِي الحقيق وأصاب رسول الله ص مِنهُمْ سَبايا، مِنهُمْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أخْطَبَ وكانَتْ عِنْدَ كِنانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ أبِي الحُقَيْقِ، وابْنَتَيْ عَمٍّ لَها فاصْطَفى رَسُولُ الله ص صَفِيَّةَ لِنَفْسِهِ، وكانَ دِحْيَةُ الكَلْبِيُّ قَدْ سَألَ رسول الله صَفِيَّةَ، فَلَمّا اصْطَفاها لِنَفْسِهِ أعْطاهُ ابْنَتَيْ عَمِّها، وفَشَتِ السَّبايا مِن خَيْبَرَ فِي المُسْلِمِينَ قال: ثم جعل رسول الله ص يَتَدَنّى الحُصُونَ والأمْوالَ. حَدَّثَنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قال: حَدَّثَنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرٍ، أنَّهُ حَدَّثَهُ بَعْضُ أسْلَمَ، أنَّ بَنِي سَهْمٍ مِن أسْلَمَ، أتوا رسول الله ص، فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، واللَّهِ لَقَدْ جَهِدْنا وما بِأيْدِينا شَيْءٌ، فَلَمْ يَجِدُوا عِنْدَ رَسُولِ الله شَيْئًا يُعْطِيهِمْ إيّاهُ، [فَقالَ النَّبِيُّ: اللَّهُمَّ إنَّكَ قَدْ عَرَفْتَ حالَهُمْ، وأنْ لَيْسَتْ بِهِمْ قُوَّةٌ، وأنْ لَيْسَ بِيَدِي شَيْءٌ أُعْطِيهِمْ إيّاهُ، فافْتَحْ عَلَيْهِمْ أعْظَمَ حُصُونِها، أكْثَرَها طَعامًا ووَدَكًا] فَغَدا النّاسُ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ حِصْنَ الصَّعْبِ بْنِ مُعاذٍ، وما بِخَيْبَرَ حِصْنٌ كانَ أكْثَرَ طَعامًا ووَدَكًا مِنهُ.
قالَ: ولَمّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِن حُصُونِهِمْ ما افْتَتَحَ، وحازَ مِنَ الأمْوالِ ما حازَ، انْتَهَوْا إلى حِصْنِهِمْ الوَطِيحِ والسَّلالِمِ- وكانَ آخِرَ حُصُونِ خَيْبَرَ افْتُتِحَ- حاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً.وكانَ مِن أمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ص وأمْرِ المُسْلِمِينَ وأمْرِ هَوازِنَ ما حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيُّ وعَبْدُ الوارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الوارِثِ- قالَ عَلِيٌّ: حَدَّثَنا عَبْدُ الصَّمَدِ، وقالَ عَبْدُ الوارِثِ: حَدَّثَنا أبِي- قالَ: حَدَّثَنا أبانُ العَطّارُ، قالَ: حَدَّثَنا هِشامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، قالَ:
اقام النبي ص بِمَكَّةَ عامَ الفَتْحِ نِصْفَ شَهْرٍ، لَمْ يَزِدْ على ذلك، حتى جاءت هوازن وثقيف، فنزلوا بِحُنَيْنٍ- وحُنَيْنٌ وادٍ إلى جَنْبِ ذِي المَجازِ- وهم يومئذ عامدون يريدون قتال النبي ص، وكانُوا قَدْ جَمَعُوا قَبْلَ ذَلِكَ حِينَ سَمِعُوا بِمَخْرَجِ رَسُولِ اللَّهِ مِنَ المَدِينَةِ، وهُمْ يَظُنُّونَ أنَّهُ إنَّما يُرِيدُهُمْ حَيْثُ خَرَجَ مِنَ المَدِينَةِ، فَلَمّا أتاهُمْ أنَّهُ قَدْ نَزَلَ مَكَّةَ، أقْبَلَتْ هوازن عامدين الى النبي ص، وأقْبَلُوا مَعَهُمْ بِالنِّساءِ والصِّبْيانِ والأمْوالِ- ورَئِيسُ هَوازِنَ يَوْمَئِذٍ مالِكُ بْنُ عَوْفٍ أحَدُ بَنِي نَصْرٍ- واقبلت معهم ثقيف، حتى نزلوا حنينا يريدون النبي ص، فَلَمّا حُدِّثَ النَّبِيُّ وهُوَ بِمَكَّةَ أنْ قَدْ نَزَلَتْ هَوازِنُ وثَقِيفٌ بِحُنَيْنٍ، يَسُوقُهُمْ مالِكُ بْنُ عَوْفٍ أحَدُ بَنِي نَصْرٍ- وهُوَ رَئِيسُهُمْ يَوْمَئِذٍ- عمد النبي ص حَتّى قَدِمَ عَلَيْهِمْ، فَوافاهُمْ بِحُنَيْنٍ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ ﷿، وكانَ فِيها ما ذَكَرَ اللَّهُ ﷿ فِي الكِتابِ، وكانَ الَّذِي ساقُوا مِنَ النِّساءِ والصِّبْيانِ والماشِيَةِ غَنِيمَةً غَنَمَها اللَّهُ ﷿ رَسُولَهُ، فَقَسَمَ أمْوالَهُمْ فِيمَن كانَ أسْلَمَ مَعَهُ مِن قُرَيْشٍ.