الفرق بين المراجعتين لصفحة: «القرآن والحديث والعلماء: محمد والجهاد في سبيل الله»

لا يوجد ملخص تحرير
[مراجعة منقحة][مراجعة منقحة]
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٨٦١: سطر ٨٦١:
ثُمَّ إنَّ القَوْمَ تَهَيَّئُوا لِلْخُرُوجِ، فَجاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَواحَةَ إلى رَسُولِ الله ص فَوَدَّعَهُ، ثُمَّ خَرَجَ القَوْمُ، وخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ يُشَيِّعُهُمْ، حَتّى إذا ودَّعَهُمْ وانْصَرَفَ عَنْهُمْ، قالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَواحَةَ:
ثُمَّ إنَّ القَوْمَ تَهَيَّئُوا لِلْخُرُوجِ، فَجاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَواحَةَ إلى رَسُولِ الله ص فَوَدَّعَهُ، ثُمَّ خَرَجَ القَوْمُ، وخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ يُشَيِّعُهُمْ، حَتّى إذا ودَّعَهُمْ وانْصَرَفَ عَنْهُمْ، قالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَواحَةَ:
خَلَفَ السَّلامُ عَلى امْرِئٍ ودَّعْتُهُ … فِي النَّخْلِ خَيْرَ مُشَيِّعٍ وخَلِيلِ
خَلَفَ السَّلامُ عَلى امْرِئٍ ودَّعْتُهُ … فِي النَّخْلِ خَيْرَ مُشَيِّعٍ وخَلِيلِ
ثُمَّ مَضَوْا حَتّى نَزَلُوا مُعانَ مِن أرْضِ الشّامِ، فَبَلَغَ النّاسَ أنَّ هِرَقْلَ قَدْ نَزَلَ مَآبَ مِن أرْضِ البَلْقاءِ فِي مِائَةِ ألْفٍ مِنَ الرُّومِ، وانْضَمَّتْ إلَيْهِ المُسْتَعْرِبَةُ مِن لَخْمٍ وجُذامٍ وبَلْقَيْنَ وبَهْراءَ وبَلِيٍّ فِي مِائَةِ ألْفٍ مِنهُمْ، عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِن بَلِيٍّ، ثُمَّ أحَدُ إراشَةَ، يُقالُ لَهُ: مالِكُ بْنُ رافِلَةَ، فَلَمّا بَلَغَ ذَلِكَ المُسْلِمِينَ أقامُوا عَلى مَعانٍ لَيْلَتَيْنِ، يَنْظُرُونَ فِي أمْرِهِمْ، وقالُوا: نَكْتُبُ إلى رَسُولِ الله ونُخْبِرُهُ بِعَدَدِ عَدُوِّنا، فَإمّا أنْ يُمِدَّنا بِرِجالٍ، وإمّا أنْ يَأْمُرَنا بِأمْرِهِ فَنَمْضِيَ لَهُ فَشَجَّعَ النّاسَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَواحَةَ، وقالَ: يا قَوْمُ، واللَّهِ إنَّ الَّذِي تَكْرَهُونَ لَلَّذِي خَرَجْتُمْ تَطْلُبُونَ الشَّهادَةَ، وما نُقاتِلُ النّاسَ بِعَدَدٍ ولا قُوَّةٍ ولا كَثْرَةٍ، ما نُقاتِلُهُمْ إلا بِهَذا الدِّينِ الَّذِي أكْرَمَنا اللَّهُ بِهِ، فانْطَلِقُوا، فَإنَّما هي إحْدى الحُسْنَيَيْنِ، إمّا ظُهُورٌ، وإمّا شَهادَةٌ، فَقالَ النّاسُ: قَدْ واللَّهِ صَدَقَ ابْنُ رَواحَةَ فَمَضى النّاسُ}}
ثُمَّ مَضَوْا حَتّى نَزَلُوا مُعانَ مِن أرْضِ الشّامِ، فَبَلَغَ النّاسَ أنَّ هِرَقْلَ قَدْ نَزَلَ مَآبَ مِن أرْضِ البَلْقاءِ فِي مِائَةِ ألْفٍ مِنَ الرُّومِ، وانْضَمَّتْ إلَيْهِ المُسْتَعْرِبَةُ مِن لَخْمٍ وجُذامٍ وبَلْقَيْنَ وبَهْراءَ وبَلِيٍّ فِي مِائَةِ ألْفٍ مِنهُمْ، عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِن بَلِيٍّ، ثُمَّ أحَدُ إراشَةَ، يُقالُ لَهُ: مالِكُ بْنُ رافِلَةَ، فَلَمّا بَلَغَ ذَلِكَ المُسْلِمِينَ أقامُوا عَلى مَعانٍ لَيْلَتَيْنِ، يَنْظُرُونَ فِي أمْرِهِمْ، وقالُوا: نَكْتُبُ إلى رَسُولِ الله ونُخْبِرُهُ بِعَدَدِ عَدُوِّنا، فَإمّا أنْ يُمِدَّنا بِرِجالٍ، وإمّا أنْ يَأْمُرَنا بِأمْرِهِ فَنَمْضِيَ لَهُ فَشَجَّعَ النّاسَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَواحَةَ، وقالَ: يا قَوْمُ، واللَّهِ إنَّ الَّذِي تَكْرَهُونَ لَلَّذِي خَرَجْتُمْ تَطْلُبُونَ الشَّهادَةَ، وما نُقاتِلُ النّاسَ بِعَدَدٍ ولا قُوَّةٍ ولا كَثْرَةٍ، ما نُقاتِلُهُمْ إلا بِهَذا الدِّينِ الَّذِي أكْرَمَنا اللَّهُ بِهِ، فانْطَلِقُوا، فَإنَّما هي إحْدى الحُسْنَيَيْنِ، إمّا ظُهُورٌ، وإمّا شَهادَةٌ، فَقالَ النّاسُ: قَدْ واللَّهِ صَدَقَ ابْنُ رَواحَةَ فَمَضى النّاسُ}}{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.3، ص.47-45.|ثُمَّ خَرَجَ بُدَيْلُ بْنُ ورْقاءَ فِي نَفَرٍ مِن خُزاعَةَ حَتّى قَدِمُوا عَلى رَسُولِ اللَّهِ المَدِينَةَ، فَأخْبَرُوهُ بِما أُصِيبَ مِنهُمْ، وبِمُظاهَرَةِ قُرَيْشٍ بَنِي بَكْرٍ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ انْصَرَفُوا راجِعِينَ إلى مَكَّةَ [وقَدْ كانَ رسول الله ص قالَ لِلنّاسِ:
كَأنَّكُمْ بِأبِي سُفْيانَ قَدْ جاءَ لِيَشْدُدَ العَقْدَ، ويَزِيدَ فِي المُدَّةِ] ومَضى بُدَيْلُ بْنُ ورْقاءَ وأصْحابُهُ، فَلَقُوا أبا سُفْيانَ بِعُسْفانَ، قَدْ بَعَثَتْهُ قُرَيْشٌ إلى رَسُولِ اللَّهِ لِيَشْدُدَ العَقْدَ ويَزِيدَ فِي المُدَّةِ، وقَدْ رَهَبُوا الَّذِي صَنَعُوا، فَلَمّا لَقِيَ أبُو سُفْيانَ بُدَيْلا، قالَ: مِن أيْنَ أقْبَلْتَ يا بُدَيْلُ؟ وظَنَّ أنَّهُ قَدْ أتى رَسُولَ اللَّهِ، قالَ: سرت في خزاعة في الساحل وفي بطن هذا الوادى.
قال: او ما أتَيْتَ مُحَمَّدًا؟ قالَ: لا قالَ: فَلَمّا راحَ بُدَيْلٌ إلى مَكَّةَ قالَ أبُو سُفْيانَ: لَئِنْ كانَ جاءَ المَدِينَةَ لَقَدْ عَلَفَ بِها النَّوى، فَعَمَدَ إلى مَبْرَكِ ناقَتِهِ، فَأخَذَ مِن بَعْرِها فَفَتَّهُ، فَرَأى فِيهِ النَّوى، فَقالَ: أحْلِفُ بِاللَّهِ لَقَدْ جاءَ بُدَيْلٌ مُحَمَّدًا.
ثُمَّ خَرَجَ أبُو سفيان حتى قدم على رسول الله ص المَدِينَةَ، فَدَخَلَ عَلى ابْنَتِهِ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أبِي سُفْيانَ، فَلَمّا ذَهَبَ لِيَجْلِسَ عَلى فِراشِ رسول الله ص طَوَتْهُ عَنْهُ، فَقالَ: يا بُنَيَّةُ، واللَّهِ ما أدْرِي أرَغِبْتِ بِي عَنْ هَذا الفِراشِ، أمْ رَغِبْتِ بِهِ عَنِّي! قالَتْ: بَلْ هُوَ فِراشُ رَسُولِ اللَّهِ، وأنْتَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ نَجِسٌ، فَلَمْ أُحِبَّ أنْ تَجْلِسَ عَلى فِراشِ رَسُولِ اللَّهِ، قالَ:
واللَّهِ لَقَدْ أصابَكِ يا بُنَيَّةُ بَعْدِي شَرٌّ ثُمَّ خَرَجَ حَتّى أتى رَسُولَ اللَّهِ ص، فَكَلَّمَهُ فَلَمْ يَرْدُدْ عَلَيْهِ شَيْئًا، ثُمَّ ذَهَبَ إلى أبِي بَكْرٍ فَكَلَّمَهُ أنْ يُكَلِّمَ لَهُ رَسُولَ اللَّهِ، فَقالَ: ما أنا بِفاعِلٍ ثُمَّ أتى عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ، فَكَلَّمَهُ فَقالَ:
أنا اشفع لكم الى رسول الله! فو الله لَوْ لَمْ أجِدْ إلا الذَّرَّ لَجاهَدْتُكُمْ ثُمَّ خَرَجَ فَدَخَلَ عَلى عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ، وعِنْدَهُ فاطِمَةُ ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ، وعِنْدَها الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، غُلامٌ يَدُبٌّ بَيْنَ يَدَيْها، فَقالَ: يا عَلِيُّ، إنَّكَ أمَسُّ القَوْمِ بِي رَحِمًا، وأقَرَبُهُمْ مِنِّي قَرابَةً، وقَدْ جِئْتُ فِي حاجَةٍ، فَلا أرْجِعَنَّ كَما جِئْتُ خائِبًا، اشْفَعْ لَنا إلى رَسُولِ اللَّهِ! قالَ: ويْحَكَ يا أبا سُفْيانَ! واللَّهِ لَقَدْ عَزَمَ رَسُولُ اللَّهِ عَلى أمْرٍ ما نَسْتَطِيعُ أنْ نُكَلِّمَهُ فِيهِ، فالتَفَتَ إلى فاطِمَةَ، فَقالَ: يا ابْنَةَ مُحَمَّدٍ، هَلْ لَكِ أنْ تَأْمُرِي بُنَيَّكِ هَذا فَيُجِيرُ بَيْنَ النّاسِ، فَيَكُونَ سَيِّدَ العَرَبِ إلى آخِرِ الدَّهْرِ! قالَتْ: واللَّهِ ما بلغ بنيى ذلك أنْ يُجِيرَ بَيْنَ النّاسِ، وما يُجِيرُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ أحَدٌ قالَ: يا أبا الحَسَنِ، إنِّي أرى الأُمُورَ قَدِ اشْتَدَّتْ عَلَيَّ فانْصَحْنِي فَقالَ لَهُ: واللَّهِ ما أعْلَمُ شَيْئًا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا، ولَكِنَّكَ سَيِّدُ بَنِي كِنانَةَ، فَقُمْ فَأجِرْ بَيْنَ النّاسِ، ثُمَّ الحَقْ بِأرْضِكَ.
قالَ: او ترى ذَلِكَ مُغْنِيًا عَنِّي شَيْئًا! قالَ: لا واللَّهِ ما أظُنُّ، ولَكِنْ لا أجِدُ لَكَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَقامَ أبُو سُفْيانَ فِي المَسْجِدِ، فَقالَ: أيُّها النّاسُ، إنِّي قَدْ أجَرْتُ بَيْنَ النّاسِ، ثُمَّ رَكِبَ بَعِيرَهُ فانْطَلَقَ.}}{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.3، ص.52.|فَلَمّا نَزَلَ مَرَّ الظَّهْرانِ خَرَجَ أبُو سُفْيانَ بْنُ حَرْبٍ ومَعَهُ حَكِيمُ بْنُ حِزامٍ فَحَدَّثَنا أبُو كُرَيْبٍ، قالَ: أخْبَرَنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ، قالَ: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: لَمّا نَزَلَ رَسُولُ الله ص مَرَّ الظَّهْرانِ، قالَ العَبّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وقد خرج رسول الله ص مِنَ المَدِينَةِ: يا صَباحَ قُرَيْشٍ! واللَّهِ لَئِنْ بغتها رسول الله فِي بِلادِها، فَدَخَلَ مَكَّةَ عَنْوَةً، إنَّهُ لَهَلاكُ قُرَيْشٍ آخِرَ الدَّهْرِ! فَجَلَسَ عَلى بَغْلَةِ رَسُولِ الله ص البَيْضاءَ، وقالَ: أخْرُجُ إلى الأراكِ لَعَلِّي أرى حَطّابًا أوْ صاحِبَ لَبَنٍ، أوْ داخِلا يَدْخُلُ مكة، فيخبرهم بمكان رسول الله، فيأتونه فيستامنونه فخرجت}}{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.3، ص.56.|وحَدَّثَنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قالَ: حَدَّثَنا سَلَمَةُ، قالَ: حدثني محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن ابى نجيح، ان النبي ص حِينَ فَرَّقَ جَيْشَهُ مِن ذِي طُوًى، أمَرَ الزُّبَيْرَ أنْ يَدْخُلَ فِي بَعْضِ النّاسِ مِن كُدًى، وكانَ الزُّبَيْرُ عَلى المُجَنِّبَةِ اليُسْرى، فَأمَرَ سَعْدَ بْنَ عُبادَةَ أنْ يَدْخُلَ فِي بَعْضِ النّاسِ مِن كَداءَ فَزَعَمَ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ أنَّ سَعْدًا قالَ حِينَ وُجِّهَ داخِلا: اليَوْمُ يَوْمُ المَلْحَمَةِ، اليَوْمُ تُسْتَحَلُّ الحُرْمَةُ فَسَمِعَها رَجُلٌ مِنَ المُهاجِرِينَ، [فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، اسْمَعْ ما قالَ سَعْدُ بْنُ عُبادَةَ، وما نَأْمَنُ أنْ تَكُونَ لَهُ فِي قُرَيْشٍ صَوْلَةٌ! فَقالَ رسول الله ص لِعَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ:
أدْرِكْهُ فَخُذِ الرّايَةَ، فَكُنْ أنْتَ الَّذِي تَدْخُلُ بِها]}}{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.3، ص.61-58.|وكانَ رَسُولُ الله ص قَدْ عَهِدَ إلى أُمَرائِهِ مِنَ المُسْلِمِينَ حِينَ امرهم ان يدخلوا مكة، الا يَقْتُلُوا أحَدًا إلا مَن قاتَلَهُمْ إلا أنَّهُ قَدْ عَهِدَ فِي نَفَرٍ سَمّاهُمْ، أمَرَ بِقَتْلِهِمْ وان وجدوا تحت استار الكعبه منهم عبد الله بن سعد ابن أبِي سَرْحِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ جُذَيْمَةَ بْنِ نَصْرِ بْنِ مالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عامِرِ ابن لؤي- وانما امر رسول الله ص بِقَتْلِهِ، لأنَّهُ كانَ قَدْ أسْلَمَ فارْتَدَّ مُشْرِكًا، فَفَرَّ إلى عُثْمانَ، وكانَ أخاهُ مِنَ الرَّضاعَةِ، فغيبه حتى اتى به رسول الله ص بَعْدَ أنِ اطْمَأنَّ أهْلُ مَكَّةَ، فاسْتَأْمَنَ لَهُ رسول الله، فذكر ان رسول الله ص صَمَتَ طَوِيلا، ثُمَّ قالَ: نَعَمْ، فَلَمّا انْصَرَفَ بِهِ عُثْمانُ، [قالَ رَسُولُ اللَّهِ لِمَن حَوْلَهُ مِن أصْحابِهِ: أما واللَّهِ لَقَدْ صَمَتُّ لِيَقُومَ إلَيْهِ بَعْضُكُمْ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ! فَقالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ: فَهَلا أوْمَأْتَ إلَيَّ يا رَسُولَ اللَّهِ! قالَ: إنَّ النَّبِيَّ لا يَقْتُلُ بِالإشارَةِ]- وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ، رَجُلٌ مِن بَنِي تَيْمِ بن غالب- وانما امر بقتله لأنه كان مسلما، فبعثه رسول الله ص مُصَّدِّقًا، وبَعَثَ مَعَهُ رَجُلا مِنَ الأنْصارِ، وكانَ مَعَهُ مَوْلًى لَهُ يَخْدِمُهُ، وكانَ مُسْلِمًا، فَنَزَلَ مَنزِلا، وأمَرَ المَوْلى أنْ يَذْبَحَ لَهُ تَيْسًا، ويَصْنَعَ لَهُ طَعامًا، ونامَ فاسْتَيْقَظَ ولَمْ يَصْنَعْ لَهُ شَيْئًا، فَعَدا عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ ارْتَدَّ مُشْرِكًا، وكانَتْ لَهْ قَيْنَتانِ: فَرْتَنى وأُخْرى مَعَها، وكانتا تغنيان بهجاء رسول الله ص، فَأمَرَ بِقَتْلِهِما مَعَهُ- والحُوَيْرِثُ بْنُ نُقَيْذِ بْنِ وهْبِ بْنِ عَبْدِ بْنِ قُصَيٍّ، وكانَ مِمَّنْ يُؤْذِيهِ بِمَكَّةَ، ومِقْيَسُ بْنُ صُبابَةَ- وإنَّما أمَرَ بِقَتْلِهِ لِقَتْلِهِ الأنْصارِيَّ الَّذِي كانَ قَتَلَ أخاهُ خَطَأً، ورُجُوعِهِ إلى قُرَيْشٍ مُرْتَدًّا- وعِكْرِمَةُ بْنُ أبِي جَهْلٍ، وسارَةُ مَوْلاةٌ كانَتْ لِبَعْضِ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، وكانَتْ مِمَّنْ يُؤْذِيهِ بِمَكَّةَ فَأمّا عِكْرِمَةُ بْنُ أبِي جَهْلٍ فَهَرَبَ إلى اليَمَنِ، وأسْلَمَتِ امْرَأتُهُ أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ الحارِثِ بْنِ هشام، فاستامنت له رسول الله فَأمَّنَهُ، فَخَرَجَتْ فِي طَلَبِهِ حَتّى أتَتْ بِهِ رسول الله ص، فَكانَ عِكْرِمَةُ يُحَدِّثُ- فِيما يَذْكُرُونَ- أنَّ الَّذِي رَدَّهُ إلى الإسْلامِ بَعْدَ خُرُوجِهِ إلى اليَمَنِ أنَّهُ كانَ يَقُولُ: أرَدْتُ رُكُوبَ البَحْرِ لألْحَقَ بِالحَبَشَةِ، فَلَمّا أتَيْتُ السَّفِينَةَ لأرْكَبَها قالَ صاحِبُها: يا عَبْدَ اللَّهِ، لا تَرْكَبْ سَفِينَتِي حَتّى تُوَحِّدَ اللَّهَ، وتَخْلَعَ ما دُونَهُ مِنَ الأنْدادِ، فَإنِّي أخْشى إنْ لَمْ تَفْعَلْ أنْ نَهْلِكَ فِيها، فَقُلْتُ: وما يَرْكَبُهُ أحَدٌ حَتّى يُوَحِّدَ اللَّهَ ويَخْلَعَ ما دُونَهُ! قالَ: نَعَمْ، لا يَرْكَبُهُ أحَدٌ إلا أخْلَصَ.
قالَ: فَقُلْتُ: فَفِيمَ أُفارِقُ مُحَمَّدًا! فَهَذا الَّذِي جاءَنا به، فو الله إنَّ إلَهَنا فِي البَحْرِ لإلَهُنا فِي البَرِّ، فَعَرَفْتُ الإسْلامَ عِنْدَ ذَلِكَ، ودَخَلَ فِي قَلْبِي واما عبد الله ابن خَطَلٍ، فَقَتَلَهُ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ المَخْزُومِيُّ وأبُو بَرْزَةَ الأسْلَمِيُّ، اشْتَرَكا فِي دَمِهِ، وأمّا مِقْيَسُ بْنُ صُبابَةَ فَقَتَلَهُ نُمَيْلَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، رَجُلٌ مِن قَوْمِهِ، فَقالَتْ أُخْتُ مِقْيَسٍ:
لَعَمْرِي لَقَدْ أخَزى نُمَيْلَةُ رَهْطَهُ … وفَجَّعَ أضْيافَ الشِّتاءِ بِمِقْيَسِ
فَلِلَّهِ عَيْنا مَن رَأى مِثْلَ مِقْيَسٍ … إذا النُّفَساءُ أصْبَحَتْ لَمْ تُخَرَّسِ!
وأمّا قَيْنَتا ابْنِ خَطَلٍ فَقُتِلَتْ إحْداهُما، وهَرَبَتِ الأُخْرى حَتّى استؤمن لها رسول الله ص بَعْدُ، فَأمَّنَها وأمّا سارَةُ، فاسْتُؤْمِنَ لَها فَأمَّنَها، ثُمَّ بَقِيَتْ حَتّى أوْطَأها رَجُلٌ مِنَ النّاسِ فَرَسًا لَهُ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ بِالأبْطَحِ، فَقَتَلَها وأمّا الحُوَيْرِثُ بْنُ نُقَيْذٍ، فَقَتَلَهُ عَلِيّ بن أبي طالب ﵁.
وقال الواقدى: امر رسول الله ص بِقَتْلِ سِتَّةِ نَفَرٍ وأرْبَعِ نِسْوَةٍ، فَذَكَرَ مِنَ الرِّجالِ مَن سَمّاهُ ابْنُ إسْحاقَ، ومِنَ النِّساءِ هند بنت عتبة ابن رَبِيعَةَ، فَأسْلَمَتْ وبايَعَتْ، وسارَةَ مَوْلاةَ عَمْرِو بْنِ هاشم بن عبد المطلب ابن عَبْدِ مَنافٍ، قُتِلَتْ يَوْمَئِذٍ، وقَرِيبَةَ، قُتِلَتْ يَوْمَئِذٍ، وفَرْتَنى عاشَتْ إلى خِلافَةِ عُثْمانَ.
حَدَّثَنا ابْنُ حميد، قال: حَدَّثَنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عمر بن موسى ابن الوَجِيهِ، عَنْ قَتادَةَ السَّدُوسِيِّ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قامَ قائِمًا حِينَ وقَفَ عَلى بابِ الكَعْبَةِ، ثُمَّ قالَ: لا إلَهَ إلا اللَّهُ وحْدَهُ، لا شَرِيكَ لَهُ، صَدَقَ وعْدَهُ، ونَصَرَ عَبْدَهُ، وهَزَمَ الأحْزابَ وحْدَهُ ألا كُلُّ مَأْثَرَةٍ، أوْ دَمٍ، أوْ مالٍ يُدَّعى، فَهُوَ تَحْتَ قَدَمَيَّ هاتَيْنِ إلا سِدانَةَ البَيْتِ وسِقايَةَ الحاجِّ.
ألا وقَتِيلُ الخَطَأ مِثْلُ العمد، السوط والعصا، فيهما الدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ مِائَةٌ مِنَ الإبِلِ، مِنها أرْبَعُونَ فِي بُطُونِها أوْلادُها.
يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إنَّ اللَّهَ قَدْ أذْهَبَ عَنْكُمْ نَخْوَةَ الجاهِلِيَّةِ وتَعَظُّمَها بِالآباءِ النّاسُ مِن آدَمَ، وآدَمُ خُلِقَ مِن تراب ثم تلا رسول الله ص:
«يا أيُّها النّاسُ إنّا خَلَقْناكُمْ مِن ذَكَرٍ وأُنْثى وجَعَلْناكُمْ شُعُوبًا وقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أتْقاكُمْ» الآيَةَ.
يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، ويا أهْلَ مَكَّةَ، ما تَرَوْنَ أنِّي فاعِلٌ بِكُمْ؟ قالُوا:
خَيْرًا، أخٌ كَرِيمٌ وابْنُ أخٍ كَرِيمٍ ثُمَّ قالَ: اذهبوا فأنتم الطلقاء. فاعتقهم رسول الله ص، وقَدْ كانَ اللَّهُ أمْكَنَهُ مِن رِقابِهِمْ عَنْوَةً، وكانُوا لَهُ فَيْئًا، فَبِذَلِكَ يُسَمّى أهْلُ مَكَّةَ الطُّلَقاءَ ثُمَّ اجْتَمَعَ النّاسُ بِمَكَّةَ لِبَيْعَةِ رَسُولِ الله ص عَلى الإسْلامِ، فَجَلَسَ لَهُمْ- فِيما بَلَغَنِي- عَلى الصَّفا وعُمَرُ بْنُ الخَطّابِ تَحْتَ رَسُولِ اللَّهِ أسْفَلَ مِن مَجْلِسِهِ يَأْخُذُ عَلى النّاسِ فَبايَعَ رسول الله ص عَلى السَّمْعِ والطّاعَةِ لِلَّهِ ولِرَسُولِهِ- فِيما اسْتَطاعُوا- وكَذَلِكَ كانَتْ بَيْعَتُهُ لِمَن بايَعَ رَسُولَ اللَّهِ ص مِنَ النّاسِ عَلى الإسْلامِ فَلَمّا فَرَغَ رَسُولُ الله ص مِن بَيْعَةِ الرِّجالِ بايَعَ النِّساءَ، واجْتَمَعَ إلَيْهِ نِساءٌ مِن نِساءِ قُرَيْشٍ، فِيهِنَّ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ، مُتَنَقِّبَةً مُتَنَكِّرَةً لِحَدَثِها وما كانَ مِن صَنِيعِها بِحَمْزَةَ، فَهِيَ تَخافُ أنْ يَأْخُذَها رَسُولُ الله ص بِحَدَثِها ذَلِكَ، فَلَمّا دَنَوْنَ مِنهُ لِيُبايِعْنَهُ}}
Editor، محررون، recentchangescleanup
٢٨٨

تعديل