الفرق بين المراجعتين لصفحة: «القرآن والحديث والعلماء: محمد والجهاد في سبيل الله»

لا يوجد ملخص تحرير
[مراجعة منقحة][مراجعة منقحة]
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
 
(٥ مراجعات متوسطة بواسطة ٣ مستخدمين غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:
يصور التقليد الإسلامي المبكر مرحلتين متميزتين في سيرة النبي: الفترة المكية ، التي تميزت بالنصائح السلمية لأهل مكة الوثنيين للتخلي عن آلهتهم واعتناق الإسلام ، والفترة المدنية التي تميزت باتساع الصراعات مع القبائل اليهودية المجاورة. ووثنيون مكة. وفقًا للسيرة والعديد من الأحاديث النبوية ، فقد أمر محمد خلال هذه الفترة بالعديد من المواجهات والاغتيالات ضد أعدائه في مكة والمدينة وتغاضى عنها. تشكل هذه العمليات العسكرية الجهاد ، العربية للنضال ، واجب مقدس يقع على عاتق جميع الرجال المسلمين القادرين جسديًا للانخراط في الكفاح المسلح لتوسيع نطاق الإسلام. الرجال الذين يموتون "في سبيل الله" سيكونون شهداء يتمتعون بـ 72 عذراء في الجنة ، والذين يعيشون وينتصرون سينعمون بغنيمة إلهية في هذا العالم. الهدف الأول للجهاد هم الوثنيون في مكة المكرمة ومقامهم المقدس الكعبة ، لكن القرآن والعديد من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم يوضح أن الجهاد واجب على جميع المسلمين حتى "يكون الدين كله لله "(8:39). كان محمد قائد هذه الحملات العسكرية ولعب دور القائد الأعلى. كما شارك في المعارك بنفسه ، فقاتل وحتى أصيب. وهكذا كان الجهاد جزءًا أساسيًا من الإسلام المبكر وفقًا لتعاليمه وأوامر نبيه محمد.
{{القرآن_والحديث_والعلماء}}
يصف التقليد الإسلامي الأوّلي مرحلتين مختلفتين من مسيرة النبي محمد: الحقبة المكيّة التي تتميّز بتحذيرات سلميّة وُجّهت للوثنيين في مكة لكي يتركوا آلهتهم ويعتنقوا الإسلام، والحقبة المدينية التي تتميّز بصراعات واسعة مع القبائل اليهودية المجاورة ووثنيي مكّة. وبحسب أدب السيرة والكثير من الأحاديث، أمر محمد بعدد من المواجهات وعمليات القتل وتغاضى عنها ضدّ أعدائه في مكّة والمدينة. وتكوّن هذه العمليات العسكرية ما يسمّى بالجهاد، أي الواجب الإلهي الذي يقع على عاتق جميع الرجال المسلمين القادرين على خوض المعارك لتوسيع وصول الإسلام. فيكون الرجال الذين يموتون "على سراط الله" شهداء سينعمون بـ 72 حورية في الجنة، أمّا الذين ينجون وينتصرون فسينعمون بغنيمة إلهية في هذا العالم. وكان الوثنيون وضريحهم المقدّس أي الكعبة هم الهدف الأساسي للجهاد، إلّا أنّ القرآن والكثير من أقوال النبي توضّح أنّ الجهاد هو واجب على جميع المسلمين إلى أن "يكون الدين كلّه لله" ({{القرآن|8|39}}). كان محمد قائد تلك الحملات العسكرية واتخذ دور القائد الأعلى. كما أنه شارك في معارك بنفسه مقاتلاً وحتى أنّه أصيب بجروح. بذلك كان الجهاد جزءاً أساسياً من الإسلام الأولي بحسب التقليد نفسه ومركز اهتمامٍ لنبي الإسلام محمد.  


==حديث==
==حديث==
سطر ٨٨٨: سطر ٨٨٩:
ما رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ كانَ أشَدَّ كَراهِيَةً لِرَسُولِ اللَّهِ حِينَ سمع به منى، اما انا لكنت امْرَأً شَرِيفًا، وكُنْتُ نَصْرانِيًّا أسِيرُ فِي قَوْمِي بِالمِرْباعِ، فَكُنْتُ فِي نَفْسِي عَلى دِينٍ، وكُنْتُ مَلِكًا فِي قَوْمِي، لِما كانَ يُصْنَعُ بِي، فَلَمّا سَمِعْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ كَرِهْتُهُ، فَقُلْتُ لِغُلامٍ كانَ لِي عَرَبِيٌّ وكانَ راعِيًا لإبِلِي: لا ابالك! أعْدِدِ لِي مِن إبِلِي أجْمالا ذُلُلا سِمانًا مسان، فاحْبِسْها قَرِيبًا مِنِّي، فَإذا سَمِعْتَ بِجَيْشٍ لِمُحَمَّدٍ قد وطيء هَذِهِ البِلادَ فَآذِنِّي، فَفَعَلَ ثُمَّ إنَّهُ أتانِي ذاتَ غَداةٍ، فَقالَ: يا عَدِيُّ، ما كُنْتَ صانِعًا إذا غَشِيَتْكَ خَيْلُ مُحَمَّدٍ فاصْنَعْهُ الآنَ، فَإنِّي قَدْ رَأيْتُ راياتٍ، فَسَألْتُ عَنْها، فَقالُوا: هَذِهِ جُيُوشُ مُحَمَّدٍ، قالَ:
ما رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ كانَ أشَدَّ كَراهِيَةً لِرَسُولِ اللَّهِ حِينَ سمع به منى، اما انا لكنت امْرَأً شَرِيفًا، وكُنْتُ نَصْرانِيًّا أسِيرُ فِي قَوْمِي بِالمِرْباعِ، فَكُنْتُ فِي نَفْسِي عَلى دِينٍ، وكُنْتُ مَلِكًا فِي قَوْمِي، لِما كانَ يُصْنَعُ بِي، فَلَمّا سَمِعْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ كَرِهْتُهُ، فَقُلْتُ لِغُلامٍ كانَ لِي عَرَبِيٌّ وكانَ راعِيًا لإبِلِي: لا ابالك! أعْدِدِ لِي مِن إبِلِي أجْمالا ذُلُلا سِمانًا مسان، فاحْبِسْها قَرِيبًا مِنِّي، فَإذا سَمِعْتَ بِجَيْشٍ لِمُحَمَّدٍ قد وطيء هَذِهِ البِلادَ فَآذِنِّي، فَفَعَلَ ثُمَّ إنَّهُ أتانِي ذاتَ غَداةٍ، فَقالَ: يا عَدِيُّ، ما كُنْتَ صانِعًا إذا غَشِيَتْكَ خَيْلُ مُحَمَّدٍ فاصْنَعْهُ الآنَ، فَإنِّي قَدْ رَأيْتُ راياتٍ، فَسَألْتُ عَنْها، فَقالُوا: هَذِهِ جُيُوشُ مُحَمَّدٍ، قالَ:
فَقُلْتُ: قَرِّبْ لِي جِمالِي، فَقَرَّبَها، فاحْتَمَلْتُ بِأهْلِي ووَلَدِي، ثُمَّ قُلْتُ:
فَقُلْتُ: قَرِّبْ لِي جِمالِي، فَقَرَّبَها، فاحْتَمَلْتُ بِأهْلِي ووَلَدِي، ثُمَّ قُلْتُ:
ألْحَقُ بِأهْلِ دِينِي مِنَ النَّصارى بِالشّامِ، فَسَلَكْتُ الحُوشِيَّةَ وخَلَفْتُ ابْنَةَ حاتِمٍ فِي الحاضِرِ، فَلَمّا قَدِمْتُ الشّامَ أقَمْتُ بِها}}
ألْحَقُ بِأهْلِ دِينِي مِنَ النَّصارى بِالشّامِ، فَسَلَكْتُ الحُوشِيَّةَ وخَلَفْتُ ابْنَةَ حاتِمٍ فِي الحاضِرِ، فَلَمّا قَدِمْتُ الشّامَ أقَمْتُ بِها}}{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.3، ص.116.|ثُمَّ جَلَسَ فَقالَ رَسُولُ الله ص لِثابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شِماسٍ أخِي بَلْحارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ: قُمْ فَأجِبِ الرَّجُلَ فِي خُطْبَتِهِ.
فَقامَ ثابِتٌ، فَقالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي السَّمَواتُ والأرْضُ خَلْقُهُ، قَضى فِيهِنَّ أمْرَهُ، ووَسِعَ كُرْسِيَّهُ عِلْمُهُ، ولَمْ يَكُ شَيْءٌ قَطُّ إلا مِن فَضْلِهِ ثُمَّ كانَ مِن قُدْرَتِهِ أنْ جَعَلَنا مُلُوكًا واصْطَفى مِن خَيْرِ خَلْقِهِ رَسُولا أكْرَمَهُمْ نَسَبًا، وأصْدَقَهُمْ حَدِيثًا، وأفْضَلَهُمْ حَسَبًا، فَأنْزَلَ عَلَيْهِ كِتابَهُ، وائْتَمَنَهُ عَلى خَلْقِهِ، فَكانَ خِيَرَةَ اللَّهِ مِنَ العالَمِينَ، ثُمَّ دَعا النّاسَ إلى الإيمانِ، فَآمَنَ بِرَسُولِ اللَّهِ المُهاجِرُونَ مِن قَوْمِهِ وذَوِي رَحِمِهِ، أكْرَمُ النّاسِ أنْسابًا، وأحْسَنُ النّاسِ وُجُوهًا، وخَيْرُ النّاسِ فِعالا، ثُمَّ كانَ أوَّلُ الخَلْقِ إجابَةً- واسْتَجابَ لِلَّهِ حِينَ دَعا رَسُولُ اللَّهِ ص- نَحْنُ، فَنَحْنُ أنْصارُ اللَّهِ ووُزَراءُ رَسُولِهِ، نُقاتِلُ النّاسَ حَتّى يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ، فَمَن آمَنَ بِاللَّهِ ورَسُولِهِ مُنِعَ مالُهُ ودَمُهُ، ومَن كَفَرَ جاهَدْناهُ فِي اللَّهِ أبَدًا، وكانَ قَتْلُهُ عَلَيْنا يَسِيرًا، أقُولُ قَوْلِي هَذا وأسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِلْمُؤْمِنِينَ ولِلْمُؤْمِناتِ، والسلام عليكم.}}{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.3، ص.122-121.|أمّا بَعْدُ، فَإنَّ مُحَمَّدًا يَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللَّهُ وأنَّهُ عَبْدُهُ ورَسُولُهُ، ثُمَّ إنَّ مالِكَ بْنَ مُرَّةَ الرَّهاوِيَّ قَدْ حَدَّثَنِي أنَّكَ أسْلَمْتَ مِن أوَّلِ حِمْيَرَ، وقَتَلْتَ المُشْرِكِينَ فَأبْشِرْ بِخَيْرٍ، وآمُرُكَ بِحِمْيَرَ خَيْرًا، ولا تَخُونُوا ولا تَخْذِلُوا فَإنَّ رَسُولَ اللَّهِ مَوْلى غَنِيِّكُمْ وفَقِيرِكُمْ، وإنَّ الصَّدَقَةَ لا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ ولا لأهْلِهِ، إنَّما هِيَ زَكاةٌ يُتَزَكّى بِها عَلى فُقَراءِ المُؤْمِنِينَ وأبْناءِ السَّبِيلِ، وإنَّ مالِكًا قَدْ بَلَّغَ الخَبَرَ وحَفِظَ الغَيْبَ، وآمُرُكُمْ بِهِ خَيْرًا، وإنِّي قَدْ بَعَثْتُ إلَيْكُمْ مِن صالِحِي أهْلِي وأُولِي دِينِي، وأُولِي عِلْمِهِمْ، فَآمُرُكُمْ بِهِمْ خَيْرًا فَإنَّهُ مَنظُورٌ إلَيْهِمْ، والسَّلامُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكاتُهُ.}}{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.3، ص.124-123.|قالَ أبُو جَعْفَرٍ: وفِي هَذِهِ السَّنَةِ فُرِضَتِ الصدقات، وفرق فيها رسول الله ص عُمّالَهُ عَلى الصَّدَقاتِ وفِيها نَزَلَ قَوْلُهُ: «خُذْ مِن أمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ»، وكانَ السَّبَبَ الَّذِي نَزَلَ ذَلِكَ بِهِ قِصَّةُ أمْرِ ثَعْلَبَةَ بْنِ حاطِبٍ، ذَكَرَ ذَلِكَ أبُو أُمامَةَ الباهِلِيُّ.}}{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.3، ص.126.|سنه عشر
سريه خالد بن الوليد الى بنى الحارث بن كعب واسلامهم
قالَ أبو جعفر: فبعث فيها رَسُول اللَّهِ ص خالد بن الوليد فِي شهر ربيع الآخر- وقيل فِي شهر ربيع الأول، وقيل فِي جمادى الاولى- سريه في أربعمائة إلى بني الحارث بْن كعب.
فَحَدَّثَنا ابْنُ حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، قال: بعث رسول الله ص خالد ابن الوَلِيدِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الآخِرِ- أوْ فِي جُمادى الأُولى- مِن سَنَةَ عَشْرٍ، إلى بَلْحارِثِ بْنِ كَعْبٍ بِنَجْرانَ، وأمَرَهُ أنْ يَدْعُوَهُمْ إلى الإسْلامِ قَبْلَ أنْ يُقاتِلَهُمْ ثَلاثًا، فَإنِ اسْتَجابُوا لَكَ فاقْبَلْ مِنهُمْ، وأقِمْ فِيهِمْ، وعَلِّمْهُمْ كِتابَ اللَّهِ وسُنَّةَ نَبِيِّهِ، ومَعالِمَ الإسْلامِ، فَإنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَقاتِلْهُمْ.
فَخَرَجَ خالِدٌ حَتّى قَدِمَ عَلَيْهِمْ، فَبَعَثَ الرُّكْبانَ يَضْرِبُونَ فِي كُلِّ وجْهٍ، ويَدْعُونَ النّاسَ إلى الإسْلامِ، ويَقُولُونَ: يا أيُّها النّاسُ أسْلِمُوا تَسْلَمُوا فَأسْلَمَ النّاسُ، ودَخَلُوا فِيما دَعاهُمْ إلَيْهِ، فَأقامَ خالِدٌ فِيهِمْ، يُعَلِّمُهُمُ الإسْلامَ وكِتابَ اللَّهِ وسُنَّةَ نَبِيِّهِ.}}{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.3، ص.131-130.|قدوم وفد الأزد
وفيها قدم وفد الأزد، رأسهم صرد بْن عبد الله فِي بضعة عشر فَحَدَّثَنا ابْنُ حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، قال: قدم على رسول الله ص صرد ابن عَبْدِ اللَّهِ الأزْدِيُّ فَأسْلَمَ فَحَسُنَ إسْلامُهُ، فِي وفْدٍ مِنَ الأزْدِ، فَأمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ عَلى مَن أسْلَمَ مِن قَوْمِهِ، وأمَرَهُ أنْ يُجاهِدَ بِمَن أسْلَمَ مِن أهْلِ بَيْتِهِ المُشْرِكِينَ مِن قَبائِلِ اليَمَنِ، فَخَرَجَ صُرَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَسِيرُ بِأمْرِ رَسُولِ اللَّهِ فِي جَيْشٍ حَتّى نَزَلَ بِجُرَشَ، وهِيَ يَوْمَئِذٍ مَدِينَةٌ مُغْلَقَةٌ، وفِيها قَبائِلُ اليَمَنِ، وقَدْ ضَوَتْ إلَيْهِمْ خَثْعَمٌ، فَدَخَلُوا مَعَهُمْ حِينَ سَمِعُوا بِمَسِيرِ المُسْلِمِينَ، فَحاصَرُوهُمْ بِها قَرِيبًا مِن شَهْرٍ، وامْتَنَعُوا مِنهُمْ فِيها ثُمَّ إنَّهُ رَجَعَ عَنْهُمْ قافِلا، حَتّى إذا كانَ إلى جَبَلٍ يُقالُ لَهُ كُشَرَ ظَنَّ أهْلُ جُرَشَ أنَّهُ إنَّما ولّى عَنْهُمْ مُنْهَزِمًا، فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِ، حَتّى إذا أدْرَكُوهُ عَطَفَ عَلَيْهِمْ فَقَتَلَهُمْ قَتْلا، وقَدْ كانَ أهْلُ جُرَشَ قَدْ بعثوا رجلين منهم الى رسول الله ص وهُوَ بِالمَدِينَةِ يَرْتادانِ ويَنْظُرانِ، فَبَيْنا هُما عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ عَشِيَّةً بَعْدَ العَصْرِ، إذْ قالَ رسول الله ص: بِأيِّ بِلادِ اللَّهِ شُكَرُ؟ فَقامَ الجُرَشِيّانِ فَقالا: يا رَسُولَ اللَّهِ، بِبِلادِنا جَبَلٌ يُقالُ لَهُ جَبَلُ كُشَرَ، وكَذَلِكَ تُسَمِّيهِ أهْلُ جُرَشَ، فَقالَ: إنَّهُ لَيْسَ بِكُشَرَ، ولَكِنَّهُ شُكَرُ [قالا: فماله يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: إنَّ بُدْنَ اللَّهِ لَتُنْحَرَ عِنْدَهُ الآنَ] قالَ فَجَلَسَ الرَّجُلانِ إلى ابى بكر والى عُثْمانَ، فَقالَ لَهُما: ويْحَكُما! إنَّ رَسُولَ اللَّهِ الآنَ لَيَنْعِي لَكُما قَوْمَكُما، فَقُوما إلى رَسُولِ اللَّهِ فاسْألاهُ أنْ يَدْعُوَ اللَّهَ فَيَرْفَعَ عَنْ قَوْمِكُما، فَقاما إلَيْهِ فَسَألاهُ ذَلِكَ، فَقالَ: اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنْهُمْ، فَخَرَجا مِن عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ راجِعَيْنِ إلى قَوْمِهِما، فَوَجَدا قَوْمَهُما أُصِيبُوا يَوْمَ أصابَهُمْ صُرَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي اليَوْمِ الذى قال فيه رسول الله ص ما قالَ، وفِي السّاعَةِ الَّتِي ذَكَرَ فِيها ما ذَكَرَ، فَخَرَجَ وفْدُ جُرَشَ حَتّى قَدِمُوا على رسول الله ص فَأسْلَمُوا، وحَمى لَهُمْ حِمًى حَوْلَ قَرْيَتِهِمْ عَلى أعْلامٍ مَعْلُومَةٍ لِلْفَرَسِ، ولِلرّاحِلَةِ، ولِلْمُثِيرَةِ تُثِيرُ الحَرْثَ، فَمَن رَعاها مِنَ النّاسِ سِوى ذَلِكَ فَمالُهُ سُحْتٌ، فَقالَ رَجُلٌ مِنَ الأزْدِ فِي تِلْكَ الغَزْوَةِ- وكانَتْ خَثْعَمٌ تُصِيبُ مِنَ الأزْدِ فِي الجاهِلِيَّةِ}}{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.3، ص.152.|ذكر جمله الغزوات
قالَ أبُو جَعْفَرٍ: وكانَتْ غَزَواتُهُ بِنَفْسِهِ سِتًّا وعِشْرِينَ غَزْوَةً، ويَقُولُ بَعْضُهُمْ: هُنَّ سَبْعٌ وعِشْرُونَ غَزْوَةً، فَمَن قالَ: هِيَ سِتٌّ وعِشْرُونَ، جَعَلَ غزوه النبي ص خَيْبَرَ وغَزْوَتُهُ مِن خَيْبَرَ إلى وادِي القُرى غَزْوَةً واحِدَةً، لأنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ مِن خَيْبَرَ حِينَ فَرَغَ مِن أمْرِها إلى مَنزِلِهِ، ولَكِنَّهُ مَضى مِنها إلى وادِي القُرى، فَجَعَلَ ذَلِكَ غَزْوَةً واحِدَةً ومَن قالَ: هِيَ سَبْعٌ وعِشْرُونَ غَزْوَةً، جَعَلَ غَزْوَةَ خَيْبَرَ غَزْوَةً، وغَزْوَةَ وادِي القُرى غَزْوَةً أُخْرى، فَيَجْعَلُ العَدَدَ سَبْعًا وعِشْرِينَ.}}{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.3، ص.157-156.|وقد كان رسول الله ص بَعَثَ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ وأصْحابَهُ- فِيما بَيْنَ بَدْرٍ وأُحُدٍ- إلى كَعْبِ بْنِ الأشْرَفِ فَقَتَلُوهُ، وبعث رسول الله ص عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ إلى خالِدَ بْنَ سُفْيانَ بْنِ نُبَيْحٍ الهُذَلِيِّ- وهُوَ بِنَخْلَةٍ أوْ بِعُرَنَةَ- يَجْمَعُ لِرَسُولِ اللَّهِ لِيَغْزُوَهُ، فَقَتَلَهُ.
حَدَّثَنا ابن حميد، قال: حَدَّثَنا سلمة، عن مُحَمَّدِ بْنِ إسْحاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بن الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، قالَ: دعانى رسول الله ص، فَقالَ: إنَّهُ بَلَغَنِي أنَّ خالِدَ بْنَ سُفْيانَ بْنِ نُبَيْحٍ الهُذَلِيَّ يَجْمَعُ لِيَ النّاسَ لِيَغْزُوَنِي- وهُوَ بِنَخْلَةٍ أوْ بَعُرْنَةَ- فَأْتِهِ فاقْتُلْهُ، قالَ:
قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، انْعَتْهُ لِي حَتّى أعْرِفَهُ، قالَ: إذا رَأيْتَهُ أذْكَرَكَ الشَّيْطانَ! إنَّهُ آيَةٌ ما بَيْنَكَ وبَيْنَهُ أنَّكَ إذا رَأيْتَهُ وجَدْتَ لَهُ قَشْعَرِيرَةً قالَ: فَخَرَجْتُ مُتَوَشِّحًا سَيْفِي حَتّى دَفَعْتُ إلَيْهِ وهُوَ فِي ظُعُنٍ يَرْتادُ لَهُنَّ مَنزِلا حَيْثُ كانَ وقْتُ العَصْرِ، فَلَمّا رَأيْتُهُ وجَدْتُ ما وصَفَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ص مِنَ القَشْعَرِيرَةِ، فَأقْبَلْتُ نَحْوَهُ، وخَشِيتُ أنْ تَكُونَ بَيْنِي وبَيْنَهُ مُجاوَلَةٌ تَشْغَلُنِي عَنِ الصَّلاةِ، فَصَلَّيْتُ وأنا أمْشِي نَحْوَهُ، أُومِئُ بِرَأْسِي إيماءً، فَلَمّا انْتَهَيْتُ إلَيْهِ قالَ: مَنِ الرَّجُلُ؟ قُلْتُ: رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ سَمِعَ بِكَ وبِجَمْعِكَ لِهَذا الرَّجُلِ، فَجاءَكَ لِذَلِكَ، قالَ: أجَلْ، أنا فِي ذَلِكَ، فَمَشَيْتُ مَعَهُ شَيْئًا حَتّى إذا أمْكَنَنِي حَمَلْتُ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ حَتّى قَتَلْتُهُ، ثُمَّ خَرَجْتُ وتَرَكْتُ ظَعائِنَهُ مُكِبّاتٍ عَلَيْهِ.
فَلَمّا قَدِمْتُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ وسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ورَآنِي، قالَ: أفْلَحَ الوَجْهُ! قالَ:
قُلْتُ: قَدْ قَتَلْتُهُ قالَ: صَدَقْتَ! ثُمَّ قامَ رَسُولُ اللَّهِ فَدَخَلَ بَيْتَهُ، فَأعْطانِي عَصًا، فَقالَ: أمْسِكْ هَذِهِ العَصا عِنْدَكَ يا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ قالَ:
فَخَرَجْتُ بِها عَلى النّاسِ، فَقالُوا: ما هَذِهِ العَصا؟ قُلْتُ: أعْطانِيها رَسُولُ اللَّهِ، وأمَرَنِي أنْ أمْسِكَها عِنْدِي، قالُوا: أفَلا تَرْجِعُ إلى رَسُولِ اللَّهِ فَتَسْألَهُ لِمَ ذَلِكَ؟ فَرَجَعْتُ إلى رَسُولِ اللَّهِ، فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ أعْطَيْتَنِي هَذِهِ العَصا؟ قالَ: آيَةُ ما بَيْنِي وبَيْنَكَ يَوْمَ القِيامَةِ، إنَّ أقَلَّ النّاسِ المُتَخَصِّرُونَ يَوْمَئِذٍ، فَقَرَنَها عَبْدُ اللَّهِ بِسَيْفِهِ، فَلَمْ تَزَلْ مَعَهُ حَتّى إذا ماتَ أمَرَ بِها فَضُمَّت مَعَهُ فِي كَفَنِهِ، ثُمَّ دُفِنا جَمِيعًا}}{{اقتباس|الطبري، أبو جعفر (ت 923). [https://app.turath.io/book/9783 ''تاريخ الرسل والملوك'']. المكتبة الشاملة. ج.3، ص.158.|حَدَّثَنِي الحارِثُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قالَ: حَدَّثَنا ابْنُ سعد، قالَ: قالَ محمد ابن عمر: كانت سرايا رسول الله ص ثمانيا وأربعين سرية.}}
[[en:Qur'an,_Hadith_and_Scholars:Muhammad_and_Jihad]]
Editor، محررون، recentchangescleanup
١٬٢٢٢

تعديل