الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الحجازية القديمة»

لا يوجد ملخص تحرير
[مراجعة منقحة][مراجعة منقحة]
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٦٠٩: سطر ٦٠٩:


كلمة "يتسنه" هي الفعل المجزوم الوحيد في القرآن الذي وقع في الوقف، وكلمة "اقتده" هي فعل الأمر الوحيد في القرآن الذي وقع في الوقف، وبما أن الكلمتين لحقت بهما هاء السكت فهذا يعني أنه في لغة القرآن فإن الفعل المجزوم وفعل الأمر يكتبان بإضافة هاء السكت إليهما في الوقف، وبما أن ذلك لم يحصل مع بقية أفعال الأمر والأفعال المجزومة التي وردت في القرآن وهي ليست في الوقف فإن هذا يعني أن القرآن لم يُكتب على قاعدة أن كل كلمة تُكتب بصيغة الوقف.
كلمة "يتسنه" هي الفعل المجزوم الوحيد في القرآن الذي وقع في الوقف، وكلمة "اقتده" هي فعل الأمر الوحيد في القرآن الذي وقع في الوقف، وبما أن الكلمتين لحقت بهما هاء السكت فهذا يعني أنه في لغة القرآن فإن الفعل المجزوم وفعل الأمر يكتبان بإضافة هاء السكت إليهما في الوقف، وبما أن ذلك لم يحصل مع بقية أفعال الأمر والأفعال المجزومة التي وردت في القرآن وهي ليست في الوقف فإن هذا يعني أن القرآن لم يُكتب على قاعدة أن كل كلمة تُكتب بصيغة الوقف.
== الهمزة في القراءات القرآنية ==
تختلف القراءات درجة استخدامها للهمزة؛ فالكثير منها، بما فيها قراءة حفص، تفرط في استخدام الهمزة، بينما توجد قراءات تستخدم الهمزة بشكل متوسط. في اللغة الأصلية للقرآن لا وجود للهمزة (باستثناء الكلمات التي تنتهي بهمزة مسبوقة بألف مثل "سماء" حيث تُنطق الهمزة)، وتبين بعض الروايات بوضوح أن الهمزة هي ابتداع دخيل على القرآن، من هذه الروايات:
((عَن الأصمعى قَالَ سَأَلت نَافِعًا (ونافع هو صاحب إحدى القراءات العشر، وعلى قراءته يقرأ أهل المغرب اليوم برواية ورش عن نافع) ، قال سألت نافعا عَن الذِّئْب والبئر فَقَالَ إِن كَانَت الْعَرَب تهمزهما فاهمزهما)) (السبعة في القراءات ص346 المكتبة الشاملة).
معنى الرواية هو أن الذئب والبئر الأصل فيهما عدم الهمز في القرآن، يعني كانتا تُقرآن هكذا: الذيب والبير؛ فالأصمعي سأل نافعا الذي كان إمام المدينة في القراءة، سأله عن همز هاتين الكلمتين في القرآن، فقال له نافع إن كانت العرب تهمزهما فاهمزهما، ولم يقل له إن كانت لديك رواية عن الرسول بالهمز فاهمزهما.
ويقول خلف، وهو إمام إحدى القراءات العشر: ((وقريش لا تهمز، ليس الهمز من لغتها، وإنما همزت القراء بلغة غير قريش من العرب)). (رسم  المصحف لغانم قدوري ص357)
ويقول مختار الغوث في كتابه لغة قريش:
((إن مفردات القرآن كلَّها قرشية بالأصالة أو الاقتراض، أما الظواهر اللغوية كالهمز والإدغام والإمالة فإن وجودها فيه رخصة لمن لا يستطيع سواها، وليس هو الأصل، وإنما الأصل قراءة الرسول التي كانت على لغة قريش. وكانت قراءته عليه الصلاة والسلام وتدوين الصحابة له على حرف واحد، لا تظهر فيه وجوه القراءات المباحة.)) (لغة قريش ص343)
وينقل مختار الغوث روايات تبين أن قراءة القرآن بالهمز كان أمرا مستقبحا لدى أهل المدينة ولدى بعض أهل العلم، فلو كان الهمز مصدره الرسول، فكيف لأهل المدينة ولبعض أهل العلم أن يكرهوا شيئا جاء به الرسول؟ يقول المؤلف:
((وقد حافظ أهل المدينة على التسهيل زمنا طويلا متأسين بقراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان كبار أئمتهم كجعفر بن محمد الصادق وأبيه – يكرهون الهمز في القرآن، وكانوا يقفون بالمرصاد لمن يهمز بالمدينة لأنهم يرون أنه خارج على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما يُروى في قصة حج الكسائي مع المهدي وقدومه المدينة، فقدمه المهدي يصلي بالناس، فهمز، فأنكروا عليه وقالوا: ينبر في مسجد النبي بالقرآن كأنه ينشد الشعر.
وقال الإمام مالك – وهو مدني – لما سُئل عن النبر في القرآن في الصلاة: إني لأكرهه وما يعجبني.
ومن أطرف ما رُوي عنهم في كراهية الهمز ما روى حماد بن زيد قال: رأيت رجلا يستعدي على رجل بالمدينة، فقلت له: ما تريد منه؟ قال: إنه يتهدد القرآن، قال فإذا المطلوب رجل إذا قرأ يهمز.)) (لغة قريش ص 64)
كما أنه توجد كلمات في القراءات تم إدخال الهمزة عليها بشكل خاطئ مما يثبت أن الهمز تم فرضه على القرآن. يذكر فان بوتن 12 مثالاً على ذلك، ومن بينها كلمة "كأس" والتي أجمعت معظم القراءات على نطقها بالهمزة وصار نطقها بالهمزة من المسلمات في الفصحى الحديثة، يقول فان بوتن:
((بالمقارنة مع اللغات السامية الأخرى فإن الهمزة في "كأس" هي ليست أصيلة؛ ففي العبرية يتم هجاء الكلمة هكذا "كوس" بدون استخدام الألف (والذي يُستخدم في العبرية للهمزة أو الفتحة الطويلة)، وفي الآرامية كاس، وفي الأوغاريتية يتم هجاؤها بالحرفين "ك س"، هذا كله لا يدع مجالاً للشك بأن الكلمة في اللغة السامية الغربية الأم كانت "كاس" وهذا يعني بأن الهمزة في القراءات دخيلة على الكلمة.))
== الهمزة في رسم المصحف ==
يدل رسم المصحف بشكل واضح على أنه كُتب بغير الهمز، ومن هذه الأدلة:
=== 1- الهمزة تخل بالفواصل القرآنية ===
تنزيها للقرآن عن الشعر فإن نهايات الآيات لا يسميها المسلمون بالقافية ولا بالسجع بل تُسمى بالفواصل. الفواصل القرآنية تثبت أن القرآن بالأصل كان خالياً من الهمز، لأن بعض الآيات إذا قُرئت بالهمز تختل الفواصل، ولكن إذا قُرئت نفس الآيات من دون همز تتناغم الفواصل مع بعضها. الأمثلة على ذلك:
'''المثال الأول'''
الفاصلة في سورة الرحمن هي "آن": الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ
أواخر الآيات التالية من نفس السورة هي: تكذبان، شأن، تكذبان
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (28) يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (30)
كلمة شأن بدون همز تصبح: شان، وبذلك نهايات الآيات تصبح: تكذبان، شان، تكذبان. أي أن إزالة الهمزة جعل كلمة شأن متناغمة مع نهايات الآيات الأخرى. والكلمة تُقرأ "شان" في بعض القراءات مثل قراءة أبي جعفر المدني.
'''المثال الثاني'''
الفاصلة في سورة مريم هي ياء مشددة وألف:
ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3)
الآية التاسعة من سورة مريم هي: قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9)
أواخر الآيات من 8 إلى 10 هي: عِتِيّا، شيئا، سويا.
كلمة شيئا أقل تناغما من نهايات الآيات الأخرى. ولكن بتخفيف الهمز تصبح الكلمة "شيَّا" وبذلك تتناغم بشكل كامل مع نهايات الآيات الأخرى. والكلمة تُقرأ "شيَّا" في قراءة حمزة وهي من القراءات العشر.
'''المثال الثالث'''
الآية السابعة والأربعون من سورة مريم تنتهي بـ "رِئيا" في حين أن أواخر الآيات السابقة هي: مقضِيّا، جثِيّا، ندِيّا. الكلمة تُقرأ "رِيَّا" في قراءة حمزة فتتناغم بذلك بشكل تام مع نهايات الآيات الأخرى.
'''المثال الرابع'''
الآيات التالية من سورة العلق:
كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18)
حين تُقرأ كلمة "خاطئة" بدون الهمز "خاطية" تتناغم بشكل تام مع نهايات الآيات الأخرى: بالناصية، خاطية، نَادِيَه. وهي تُقرأ كذلك في قراءة أبي جعفر.
ويتكرر نفس المثال في سورة الحاقة:
فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (8) وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (9) فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (10)
=== 2- رسم المصحف يثبت غياب الهمز ===
من أصعب الأمور في الإملاء العربي كتابة الهمزة، فيخطئ فيها أكثر الناس حيث أن للهمزة قواعد معقدة فتارة تُكتب على ياء (ذئب)، وتارة تكتب على واو (مؤمن)، وتارة تكتب على ألف (رأس)، وتارة تكتب على السطر (جزء). فما الذي جعل الهمزة تأخذ هذه الأشكال المختلفة؟
حين قام عثمان بتوحيد المصاحف أرسل نسخة إلى عدة أمصار، هذه النسخ تُسمى بالمصاحف العثمانية، ومصطلح رسم المصحف يعني شكل الخط الذي كتبت به هذه المصاحف حيث كانت خالية من التنقيط والتشكيل وفيها بعض الظواهر الأخرى التي تختلف عن الكتابة العربية الحديثة.
ولأن نساخ المصاحف العثمانية هم حجازيون لا ينطقون الهمزة فإنهم لم يكتبوا الهمزات في المصاحف؛ فحين أرادوا أن يكتبوا كلمة مثل "مؤمن" فهم كتبوها "مومن" كتبوها بالواو لأنهم هكذا كانوا ينطقون الكلمة، وحين أرادوا كتابة كلمة "خاطئة" كتبوها "خاطية" لأنهم هكذا ينطقون الكلمة بالياء، وحين أرادوا كتابة كلمة "ملائكة" كتبوا الهمزة بالياء لأنهم ينطقون الهمزة هنا بالتسهيل فتصبح شبيهة بالياء، ولو أرادوا أن يكتبوا الهمزة لاستطاعوا أن يفعلوا ذلك لأنه كان عندهم حرف يدل على الهمزة وهو حرف الألف، يقول ابن جني وهو من أئمة اللغة:
((اعلم أن الألف التي في أول حروف المعجم هي صورة الهمزة، وإنما كتبت الهمزة واوا مرة وياء أخرى على مذهب أهل الحجاز في التخفيف، ولو أريد تحقيقها البتة(يعني ان تنطق الهمزة دائما) ، لوجب أن تكتب ألفا على كل حال...وعلى هذا وجدت في بعض المصاحف: "يَسْتَهْزِأُون" بالألف قبل الواو.)) (سر صناعة الإعراب لابن جني باب أسماء الحروف ص 55 المكتبة الشاملة)
وكلمة يستهزئون من المفترض أن تكون مكتوبة بالياء، ولكن لأن من كتب المصحف الذي رآه ابن جني ينطق الهمزات في لغته فقد كتب الكلمة بالألف دلالة على نطق الهمزة.
يؤكد أبو عمرو الداني أن المصاحف قد كُتبت على تسهيل الهمز، وأبو عمرو الداني هو الذي أُخذ من كتبه هجاء مصحف المدينة المنورة الشائع اليوم. (انظر في آخر المصحف تحت عنوان "رواية هذا المصحف").
يقول الداني: ((أكثر الرَّسْم ورد على التَّخْفِيف وَالسَّبَب فِي ذَلِك كَونه لُغَة الَّذين ولوا نسخ الْمَصَاحِف زمن عُثْمَان رَحمَه الله وهم قُرَيْش وعَلى لغتهم اقرت الْكِتَابَة حِين وَقع الْخلاف بَينهم وَبَين الانصار فِيهَا على مَا ورد فِي الْخَبَر الثَّابِت الْمَذْكُور فَلذَلِك ورد تَصْوِير اكثر الْهَمْز على التسهيل اذ هُوَ المستقر فِي طباعهم والجاري على السنتهم)). (المحكم في نقط المصاحف للداني ص151 المكتبة الشاملة)
ويقول الباحث في علوم القرآن غانم قدوري في كتابه "رسم المصحف دراسة لغوية تاريخية":
((والحقيقة هي أن الذي ورد في الرسم العثماني في غير أول الكلمة ليس الهمزة، إنما هو هذه المطايا دون راكبها، لأن الكتبة لم يَدُر في خلدهم أنهم يكتبون همزة بصورة الواو أو الياء. إنما هم يكتبون واواً أو ياء أو شيئا قريبا من ذلك، وهم لا يقصدون بذلك سوى تمثيل هذه الأصوات التي استعملوا لرسمها ما هو معروف من رموزها في الكتابة العربية ولو أرادوا أن يكتبوا الهمزة لأثبتوها ألفاً كما هو أصل رمزها. )) (ص361)
إذاً الهمزة في القرآن كُتبت بأشكال مختلفة لأن كتبة القرآن الحجازيين ما كانوا ينطقون الهمزة، وبعد نسخ المصاحف العثمانية صارت هذه المصاحف هي المرجع ليس في التلاوة فحسب بل وحتى في الإملاء، ولذلك ومن باب التمسك بطريقة كتابة الهمزة في القرآن فإن من كان يهمز صار لا يكتب الهمزة بالألف بل يكتبها كما هي مكتوبة في المصحف فتارة على ألف وتارة على ياء وتارة على واو، فصار الذي يهمز حين يكتب كلمة "بئر" لا يكتبها "بأر" كما كان يفعل العرب قديما، بل يكتبها "بئر" بالياء، ولذلك تُكتب الهمزة اليوم بهذه الأشكال المختلفة لأن الفصحى الحديثة تنطق الهمزات، وفي نفس الوقت تم بناء قواعد الإملاء العربي على الرسم العثماني الذي لا يوجد فيه همز. كل هذا أدى إلى الأشكال المختلفة التي تأخذها الهمزة في الكتابة العربية بدلاً من أن يكون لها شكل واحد كما في العبرية التي تكتب الهمزة بالألف فقط.
يقول غانم قدوري:
((وبعد أن أُرسلت المصاحف العثمانية إلى الأمصار الإسلامية كانت معتمد الأمة في كل الأقطار والأمصار ليس في تحقيق ألفاظ التلاوة وحسب بل في رسم  الكلمات أيضا، وقد مرت الأيام مسرعة وتعرضت اللغة العربية في المجتمعات الجديدة إلى امتزاج لغوي بين اللهجات العربية التي كان يتقاسمها سكان الجزيرة. وكانت ظاهرة الهمز إحدى جوانب ذلك الامتزاج اللغوي، حيث أن العربية أخذت تتبنى ظاهرة الهمز وساعد على ذلك تبني الحركة العلمية اللغوية في العراق له بسبب اتجاه العلماء إلى أخذ اللغة عن قبائل شرق الجزيرة ووسطها – وهم ينطقون الهمزة-  وبسبب أن بلاد العراق مفتوحة على وسط  الجزيرة وعلى اتصال دائم بها وقد نزلت أقوام كثيرة من وسط الجزيرة في العراق. )) (رسم المصحف ص575 بتصرف)
ثم يقول: ((وبذلك صار الناس حين يكتبون في المصاحف وفي الأمور العلمية والحياتية الأخرى صاروا يصورون الهمزة بأحد الحروف الثلاثة (ا ي و) مع العلامة التي تدل على الهمزة فوقه، اقتداء بالرسم العثماني، ونُسي أن الألف هي الأصل في رمز الهمزة، ونُسي أن المصاحف العثمانية كُتبت في الحجاز بلغة الذين يسهلون الهمزة إلا في أوائل الكلمات، لكن حرص الناس على التمسك بما أجمع عليه الصحابة في  المدينة وهو الرسم العثماني جعلهم يحرصون على الاحتفاظ بصور الكلمات كما جاءت في المصحف، وكانت الكلمات المهموزة قد رُسمت على التسهيل أي أن الهمزة كانت تلفظ وترسم واوا أو ياء أو ألفاً، وحين استعملوا صور هجاء الكلمات المهموزة الواردة في الرسم العثماني أبقوا الرسم على حاله واكتفوا بالتعليم على الحروف التي تقع في موقع الهمزة بعلامة توضع فوقها، وكانت نقطة في أول الأمر ثم صارت بعد الخليل رأس عين.)) (رسم المصحف ص577)
Editor، محررون، recentchangescleanup
١٠٩

تعديل