الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الحجازية القديمة»

لا يوجد ملخص تحرير
[مراجعة منقحة][مراجعة منقحة]
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٤٠٨: سطر ٤٠٨:


((صحيح أن هذه الرواية لا تثبت أن القرآن كان في الأصل خالياً من الحركات الإعرابية، ولكنها تظهر دورهم في تطبيق الإعراب على التلاوة؛ فدورهم لم يكن أن يقوموا بنقل الإعراب حرفياً كما سمعوه من معلميهم، بل كان دورهم هو استحسان وتبرير الإعراب الذي يختارونه للكلمة. وفي مثل هذه الحالات فإن سبباً متعلقاً بالمظهر الجمالي المحض كالذي ذكره الكسائي هو سبب كافٍ عندهم للتخلي عما تلقوه من معلميهم، حيث أن حمزة، وهو معلم الكسائي، قرأ كلمتي "ثمود" في الآية بالمنع من الصرف. وهكذا فإن استخدام أئمة القراءة للإعراب لا يفيدنا بشيء حول استخدام الإعراب في اللغة الأصلية للقرآن. وبما أن الإعراب عند القراء اعتمد على الرأي المبني على رسم المصحف والمظهر الجمالي بدلاً من أن يعتمد على التلقي الشفهي الذي ينتهي إلى الرسول، يصبح من السهل أن نتخيل أن الإعراب نفسه ليس جزءاً أصيلاً من القرآن، بل تم فرضه في زمنٍ ما بعد جمع عثمان للمصحف.))
((صحيح أن هذه الرواية لا تثبت أن القرآن كان في الأصل خالياً من الحركات الإعرابية، ولكنها تظهر دورهم في تطبيق الإعراب على التلاوة؛ فدورهم لم يكن أن يقوموا بنقل الإعراب حرفياً كما سمعوه من معلميهم، بل كان دورهم هو استحسان وتبرير الإعراب الذي يختارونه للكلمة. وفي مثل هذه الحالات فإن سبباً متعلقاً بالمظهر الجمالي المحض كالذي ذكره الكسائي هو سبب كافٍ عندهم للتخلي عما تلقوه من معلميهم، حيث أن حمزة، وهو معلم الكسائي، قرأ كلمتي "ثمود" في الآية بالمنع من الصرف. وهكذا فإن استخدام أئمة القراءة للإعراب لا يفيدنا بشيء حول استخدام الإعراب في اللغة الأصلية للقرآن. وبما أن الإعراب عند القراء اعتمد على الرأي المبني على رسم المصحف والمظهر الجمالي بدلاً من أن يعتمد على التلقي الشفهي الذي ينتهي إلى الرسول، يصبح من السهل أن نتخيل أن الإعراب نفسه ليس جزءاً أصيلاً من القرآن، بل تم فرضه في زمنٍ ما بعد جمع عثمان للمصحف.))
يوجد دليل آخر على أن الإعراب لم يكن معتمداً على التلقي، وهو الاستخدام الخاطئ للإعراب. يذكر فان بوتن عدة أمثلة على ذلك من أبرزها كلمة "أيَّان" والتي استخدمها القرآن عدة مرات (كالآية 7:187). هذه الكلمة أصلها أي آن، وبالإعراب تصبح أيَّ آنٍ (بتنوين آن). فُقدت همزة "آن" مما سمح باندماج الكلمتين مع بعضهما "أيّان". ولكن من المفترض أن تكون هذه الكلمة منوّنة، ومع ذلك لا نجدها منوّنة في أي قراءة بل هي في كل القراءات مبنية على الفتح "أيّانَ". سبب ذلك هو أن الكلمتين في الأصل لم يكن في آخرهما حركات إعرابية: أيْ آنْ، فلما اندمجتا في كلمة واحدة وتم اعتبار هذه الكلمة على أنها كلمة مستقلة بحد ذاتها قام أئمة القراءة بجعل الكلمة مبنية على الفتح لأنهم ظنوا بأن الكلمة تنتمي لفئة من الكلمات المبنية على الفتح مثل أداة الاستفهام "أين" وظروف الزمان "يومَ" و"حينَ". فالكلمة في لغة القرآن الأصلية كانت تُنطق "أيّانْ"، ولما قام أئمة القراءة بفرض الحركات الإعرابية على القرآن جعلوا الكلمة مبنية على الفتح.
<big>'''الأحرف المقطعة'''</big>
احتفظت القراءات بالكيفية الأصلية لنطق الأحرف المقطعة فلم يدخلوا عليها الحركات الإعرابية، فتجد القراء يقرأون: ألفْ لامْ ميمْ، بدلاً من: ألفُنْ لامُنْ ميم. ومما يدل على أن هذه الأحرف تقبل دخول الإعراب عليها هو أن كتب الحديث قامت بإدخال الإعراب عليها كما في الحديث النبوي: ((مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ)). رواه الترمذي في سننه.
وحين يذكر الشيوخ الحديث السابق فإنهم يقرأون الأحرف المقطعة بالإعراب.
يقول فان بوتن:
من السهل فهم وضع الأحرف المقطعة إذا اعتبرنا بأن القرآن لم يحتوِ في الأصل على إعراب كامل ثم لاحقاً تم فرض الإعراب الكامل عليه؛ فهذه الأحرف المقطعة ليس لها أي دور نحوي واضح وبالتالي كان من الصعب إدخالها ضمن نظام إعرابي- نحوي. ولكن العكس من ذلك هو أمر يصعب فهمه: لا يوجد سبب لغياب الإعراب عن الأحرف المقطعة إذا كانت لغة القرآن الأصلية مبنية على الإعراب.
== رسم المصحف كدليل على الحجازية القديمة ==
يقول فان بوتن:
((حين نبحث عن إجابة على السؤال "ما هي لغة القرآن"، تخفق القراءات القرآنية في تقديم الجواب؛ فهذه القراءات متنوعة في خصائصها اللغوية، ولا توجد واحدة منها تمثل لغة تطورت بشكل طبيعي، ويجب اعتبار هذه القراءات نتاجاً لمجهود من القراء لتجميل التلاوة القرآنية عبر استخدام خصائص لغوية وصوتية مميزة من لهجات متعددة. ولكن هناك مصدراً يحمل معلومات لغوية تعود إلى العقود الأولى للإسلام: رسم المصحف. ))
يُلاحظ على الكتابة العربية أنها غير مطابقة للنطق، ومن أبرز وجوه ذلك:
- عدم كتابة التنوين؛ فجملة مثل "هناك كتاب جديد" تُنطق "هناك كتابن جديد" ومع ذلك لا تُكتب النون.
- التنوين المفتوح يُكتب بالألف "كتابا" ولكن هذه الألف لا تُنطق إلا في الوقف (أي حين تكون الكلمة في آخر الجملة أو آخر ما يُنطق قبل السكوت)، أما في الوصل فتُنطق الكلمة "كتابن":
"قرأتُ كتاباً جديدا" تُنطق: قرأتُ كتابن جديدا. (يشيع اليوم في الفصحى أن ينطق التنوين حتى في كلمة "جديدا" ولكن هذا مخالف لقواعد الفصحى التي تقضي بحذف التنوين والحركة الإعرابية في الوقف).
- هاء الغائب في جملة مثل "كتابه عندي" تُنطق: كتابهو عندي.
- التاء المربوطة في أغلب الأحيان تكتب هاء ولكنها تُنطق تاء: "سمعتُ كلمة طيبة" تُنطق "سمعتُ كلمتَنْ طيبه".
التفسير التقليدي لهذه الظواهر هو أن الكتابة العربية، والتي وُضعت قواعدها في أغلبها بناءً على القرآن، تقوم على مبدأ الوقف؛ أي أن الكلمة تُكتب كما تُنطق في حال الوقف أي إذا كانت الكلمة في آخر الكلام أو عند التوقف لأخذ النفس؛ فمثلاً وفق قواعد الفصحى لا يُقال "كتابٌ جميلٌ" أي بتنوين الكلمة الثانية وإعرابها: كتابُن جميلُن. بل تُقال: كتابُن جميلْ. فكلمة جميل هي في محل وقف ولذلك الكلمة في هذا الموضع تُعامل معاملة مستقلة فتسقط عنها الحركة الإعرابية والتنوين، وقد كُتب القرآن على هذا المبدأ في جميع كلماته أي أن كل كلمة كُتبت كما لو أنها في محل الوقف، ولهذا لا نجد التنوين مكتوباً، ولهذا يُكتب التنوين المفتوح بالألف لأن الوقف عليها يحولها إلى ألف: "قرأتُ كتابَنْ جميلا". ولهذا أيضاً لا تُضاف الحركة الطويلة (الواو أو الياء) إلى هاء الغائب، ولهذا أيضاً التاء المربوطة تُكتب غالباً بالهاء. ولكن التحليل اللغوي لرسم المصحف يظهر أن القرآن لم يُكتب على قاعدة الوقف، وهذا يبين بأن عدم كتابة التنوين سببه أنه التنوين لم يكن موجوداً أصلاً في لغة القرآن، وتنطبق نفس النتيجة على كل الظواهر الأخرى التي تم تبريرها بقاعدة الوقف مثل كتابة التنوين المفتوح بالألف فسبب ذلك ليس الوقف بل هو أن الاسم النكرة المنصوب في لغة القرآن ينتهي بألف في آخره سواء كانت الكلمة في الوصل أو الوقف.
الأدلة على بطلان قاعدة الكتابة على الوقف
ينبه المتخصصان في اللسانيات فان بوتن وفيليب ستوكس في كتابهم عن لغة القرآن، ينبهان إلى أن قاعدة الكتابة على الوقف هي قاعدة غير موجودة في أي لغة أخرى، كما يبيّنان أن رسم المصحف يقدم الأدلة التالية على أنه لم يُكتب على قاعدة الوقف بل كُتب مطابقاً للنطق:
'''1- السجع الداخلي.'''
السجع بمعناه المعروف يكون بين كلمة في محل وقف وأخرى في محل وقف كنهايات الآيات ونهايات الأبيات الشعرية، أما السجع الداخلي فهو سجع يحصل داخل الآية الواحدة أو العبارة الواحدة دون أن تكون كلتا الكلمتين في محل وقف؛ ويحصل السجع الداخلي في أكثر حالاته بين كلمات متتابعة. كماثل على ذلك المثل العامي: "اللي فات مات"؛ فالسجع في هذا المثل حصل داخل عبارة واحدة بين كلمتي "فات" و"مات"، وكلمة "فات" هي في محل وصل وكلمة "فات" في محل وقف، أي أن السجع لم يحصل بين كلمتين كلتاهما في الوقف بل ممكن أن يحصل بين كلمتين في محل وصل أو بين كلمة في محل وصل وأخرى في محل وقف.
حين تتم قراءة القرآن بدون الحركات الإعرابية والتنوين ينتج عن ذلك ظهور المئات من حالات السجع الداخلي مما يثبت أن القرآن كان في الأصل خالياً من الإعراب الكامل، ولكن فرض الإعراب الكامل عليه أدى إلى اختفاء السجع الداخلي.
أمثلة  السجع الداخلي
من أبرز أمثلة السجع الداخلي وأكثرها تكراراً هي خواتم الآيات التي تتكون من صفتين لله مثل "عليم حكيم" والتي تكررت في القرآن 15 مرة مثل 9:15. تُنطق "عليم حكيم" هكذا: عليمُن حكيمْ، حيث أن كلمة "حكيم" هي في نهاية الآية ولذلك لا يلحقها الإعراب. ولكن إذا قُرأت الكلمتان بدون إعراب يظهر السجع بين الكلمتين: عليمْ حكيمْ. وهكذا دواليك في العديد من خواتم الآيات:
النطق بالفصحى: عليمَن حكيما.
الحجازية القديمة: عليما حكيما.
النطق بالفصحى: غفورُن شكور.
الحجازية القديمة: غفورْ شكور.
النطق بالفصحى: عليمُنْ حليم.
الحجازية القديمة: عليمْ حليم.
النطق بالفصحى: خبيرُن بصير.
الحجازية القديمة: خبيرْ بصير.
يُلاحظ من الأمثلة السابقة أنها إذا قُرأت كما هي مكتوبة في رسم المصحف، أي بلا تنوين، يظهر السجع الداخلي، مما يثبت أن رسم المصحف كُتب في أغلبه بشكل مطابق للنطق.
من الأمثلة الأخرى على السجع الداخلي:
﴿وَيْلٌ لِكُلِّ ‌هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ۝﴾
النطق بالفصحى: همزَتَنْ لمزَهْ.
بالحجازية القديمة: همزَهْ لمزَهْ.
﴿‌وَأَنْزَلْنَا ‌الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾  الحديد/25
النطق بالفصحى: الحديدَ... شديدُن...
بالحجازية القديمة: ‌وَأَنْزَلْنَا ‌الْحَدِيدْ فِيهْ بَاسْ شَدِيدْ وَمَنَافِعْ لِلنَّاسْ.
يوجد عدد كبير من الأمثلة المشابهة تستطيع أن تقرأها [[:en:All_Examples_of_Old_Hijazi_Internal_Rhymes_in_the_Quran_and_Hadith|هنا]].
Editor، محررون، recentchangescleanup
١٠٩

تعديل