الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الحجازية القديمة»

لا يوجد ملخص تحرير
[مراجعة منقحة][مراجعة منقحة]
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٣٨٩: سطر ٣٨٩:


יהרובו (يهروبو)
יהרובו (يهروبو)
== الحركات الإعرابية والتنوين في القراءات القرآنية ==
كان المصحف الذي جمعه عثمان وألزم الناس به خالياً من النقط والتشكيل، وهذا ما فتح الباب بعد ذلك لظهور الاختلاف في كيفية قراءة العديد من الكلمات، وكذلك الاختلاف في الخصائص الصوتية كالهمز والإمالة.
يتّبع المسلمون اليوم في قراءتهم للقرآن عشر قراءات تُعتبر لديهم هي الصحيحة والثابتة عن الرسول، واليوم قراءة حفص هي الأكثر شهرة بين المسلمين، وتسود قراءة ورش في دول المغرب العربي.
تتفق القراءات العشر على النظام الإعرابي الكامل بما فيه من تنوين وحركات قصيرة في أواخر الكلمات، ولكن هذا الاتفاق لا يعني أن الإعراب الكامل هو جزء أصيل من القرآن؛ حيث أن الدراسة التحليلية واللغوية للقراءات تبين أنها تعرضت للتعديل، ولا توجد قراءة خصائصها تمثل لغة أو لهجة طبيعية بل كل قراءة فيها خليط من الخصائص التي لا يمكن أن تجتمع في لغة واحدة بشكل طبيعي، كما أن القراءات مليئة بالابتداع ولا تلتزم بشكل كامل بالتلقي الشفهي الذي يفترض أنه يرجع في آخره إلى محمد. من الأمثلة على ذلك أن الكسائي، وهو صاحب إحدى القراءات العشر، يعامل كلمة "ثمود" في قراءته على أنها ممنوعة من الصرف إذا كانت الكلمة مرفوعة أو مجرورة، ويعاملها على أنها مصروفة إذا كانت منصوبة لأن كلمة ثمود في القرآن في النصب مكتوبة بألف في آخرها فيلحقها التنوين "ثموداً"، ولكن الكسائي كسر قاعدته هذه في الآية: ﴿أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ﴾ هود/68 (لاحظ أن هذه الآية مكتوبة على قراءة حفص، وهو يقرأ "ثمود" في المكانين على المنع من الصرف، أي أن الألف التي في آخر كلمة "ثمود" الأولى - كما هي موجود في رسم المصحف - يتم تجاهلها من قبل حفص وغيره من القراء فلا يقرأون الكلمة بالتنوين "ثموداً" بل بالمنع من الصرف "ثمودَ".)
ترد كلمة ثمود مرتين في الآية السابقة: في الأولى منصوبة، وفي آخرها الألف في رسم المصحف، وبالتالي يجب أن تكون مصروفة عند الكسائي فتُقرأ "ثموداً" بالتنوين، وفي الثانية مكسورة وبالتالي يجب أن تكون ممنوعة من الصرف فتُقرأ "لثمودَ" بالفتحة. ولكن الكسائي قرأ الكلمتين على أنهما مصروفتان: ﴿أَلَا إِنَّ ثَمُوداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودٍ﴾
يقول الفراء (ت 207) في كتابه "معاني القرآن" ج2 ص20 ، دار المصرية
((ومنهم من أجرى (‌ثمود) فِي النصب لأنّها مكتوبة بالألف فِي كل القرآن إلا فِي موضع واحد (وَآتَيْنا ‌ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً) فأخذ بذلك ‌الْكِسَائي فأجراها فِي النصب ولم يُجرها فِي الخفض ولا فِي الرفع إِلَّا فى حرف واحد: قوله (أَلا إِنَّ ‌ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً ‌لِثَمُودَ) فسألوهُ عَن ذَلِكَ فقال قرئت فِي الخفض من الْمُجْرَى وقبيح أن يَجتمعَ الحرف مرتين فِي موضعين ثُمَّ يَختلف، فأجريته لقربه منه))
ومعنى كلام الكسائي هنا أنه يعتبر وجود الكلمة مرتين في موضعين مختلفين وقريبين وفي نفس الآية، ثم معاملة الأولى كمصروفة لوجود الألف والثانية كممنوعة من الصرف، يعتبر أن هذا الاختلاف في المعاملة لنفس الكلمة في آية واحدة قبيحاً لقرب الكلمتين من بعضهما. وهذا يعني أن الكسائي كان يعتمد على رأيه واستحسانه الشخصي في كيفية القراءة وليس على الرواية والتلقي.
يقول فان بوتن تعليقاً على هذه الرواية:
((صحيح أن هذه الرواية لا تثبت أن القرآن كان في الأصل خالياً من الحركات الإعرابية، ولكنها تظهر دورهم في تطبيق الإعراب على التلاوة؛ فدورهم لم يكن أن يقوموا بنقل الإعراب حرفياً كما سمعوه من معلميهم، بل كان دورهم هو استحسان وتبرير الإعراب الذي يختارونه للكلمة. وفي مثل هذه الحالات فإن سبباً متعلقاً بالمظهر الجمالي المحض كالذي ذكره الكسائي هو سبب كافٍ عندهم للتخلي عما تلقوه من معلميهم، حيث أن حمزة، وهو معلم الكسائي، قرأ كلمتي "ثمود" في الآية بالمنع من الصرف. وهكذا فإن استخدام أئمة القراءة للإعراب لا يفيدنا بشيء حول استخدام الإعراب في اللغة الأصلية للقرآن. وبما أن الإعراب عند القراء اعتمد على الرأي المبني على رسم المصحف والمظهر الجمالي بدلاً من أن يعتمد على التلقي الشفهي الذي ينتهي إلى الرسول، يصبح من السهل أن نتخيل أن الإعراب نفسه ليس جزءاً أصيلاً من القرآن، بل تم فرضه في زمنٍ ما بعد جمع عثمان للمصحف.))
Editor، محررون، recentchangescleanup
١٠٩

تعديل